ها هو اسم المليونير الأميركي رائد الأعمال "المهووس" بالشباب الأبدي البالغ من العمر قرابة الخمسين، براين جونسون (Bryan Johnson)، يعود إلى واجهة الأخبار مجدداً؛ لكنه يطلّ علينا هذه المرة بوجه متورّم أحمر اللون وعينين يكاد لا يستطيع فتحهما، معلناً أن مشروع بيبي فيس (Baby Face) قد فشل في أولى محاولاته فشلاً ذريعاً. فما هو مشروع بيبي فيس؟ وما أسباب فشله؟ إليك التفاصيل.
"وجه طفل" لا يبدو كوجه طفل على الإطلاق!
لقد كتبنا مقالاً سابقاً عن محاولات جونسون وفريقه الطبي لعكس الشيخوخة وإطالة العمر البيولوجي للأعضاء، فهو يطمح لجعل أعضائه الرئيسية جميعها، مثل الدماغ والكبد والكلى والأسنان والجلد والشعر والقضيب والمستقيم، تعمل كما لو كان في أواخر سن المراهقة، وهو مستعد لدفع 2 مليون دولار سنوياً في سبيل نيل مراده.
وقد وظّف جونسون لتحقيق ذلك فريقاً من عشرات الأطباء والخبراء الصحيين، وأطلق على مشروعه هذا اسم مشروع بلوبرينت (Project Blueprint)، الذي يتضمن نظاماً غذائياً صارماً يزوّده بـ 1,950 سعرة حرارية بالضبط، وروتيناً رياضياً، وإجراءات طبية عديدة.
اقرأ أيضاً: ما هي تمارين الميوينغ؟ وهل يمكن أن تُغيِّر ملامح وجهك حقاً؟
لكن، وبسبب عدد السعرات الحرارية المضبوطة هذه والتمارين الرياضية التي يمارسها، يقول جونسون في منشوره على إنستغرام إنه أصبح نحيلاً، وخسر الكثير من الدهون، وخصوصاً في وجهه، وعلى الرغم من أن مؤشراته الحيوية كانت تتحسن، فإن وجهه يبدو هزيلاً، حتى ظنّ الناس أنه على شفير الموت، على حدّ تعبيره.
وقد اكتشف مع أعضاء فريقه أن الوجه المكتنز يحظى بأهمية كبيرة في كيفية إدراك الناس للشباب، فليست جودة المؤشرات الحيوية التي يتمتع بها مهمة فعلاً (يقصد في إدراك الناس لمدى شبابه) إن لم يمتلك دهوناً في الوجه.
لذلك وفي محاولة لاستعادة حجم الوجه المفقود، عمَد جونسون إلى عملية حقن الدهون في الوجه، وهو إجراء يتم عادة باستخدام دهون الجسم نفسه؛ لكن وبما أن جسمه لا يحتوي على ما يكفي من الدهون؛ فقد احتاج إلى حقن دهون من متبرّع.
وبالفعل، تم الأمر. لكن وبعد الحقن مباشرة، بدأ وجهه بالانتفاخ، وازداد سوءاً تدريجياً حتى وصل إلى درجة لم يستطع فيها فتح عينيه، لقد عانى رد فعل تحسسي مفرط، ولم يعد وجهه إلى حالته الطبيعية إلا بعد انقضاء 7 أيام على الإجراء، وهو الآن يعيد مع فريقه صياغة الخطط مجدداً تجهيزاً لمحاولته التالية. فماذا عن حقن الدهون في الوجه؟ هل هي عملية بسيطة أم خطرة؟ لنرَ.
اقرأ أيضاً: هل ينافس الدواء الجديد ماريتايد عقار أوزمبيك وغيره من أدوية تخفيض الوزن؟
حقن الدهون في الوجه: استعادة لمظهر الشباب أم مخاطرة كبيرة؟
هو إجراء تجميلي غير جراحي، قد تجده تحت مسميات عديدة مثل "تطعيم الدهون في الوجه" (Facial fat grafting) أو حقن الدهون الذاتية في الوجه (Fat injections) أو (Lipofilling). عموماً، يتم فيه شفط الدهون الذاتية من جسم الشخص نفسه (عادةً من البطن أو الفخذين أو الخاصرة)، ومعالجة هذه الدهون لإزالة الشوائب والسوائل الزائدة والخلايا التالفة، ثم حقنها في مناطق محددة من الوجه، مثل الخدين والتجاعيد تحت العينين وطيّات الأنف الشفوية (خطوط الابتسامة) والشفتين وخط الفك، بهدف استعادة الحجم أو تقليل علامات الشيخوخة أو تحسين الملامح وترميم الندبات.
ونظراً لأن الدهون تأتي من جسم المريض نفسه، لذا فإن الإجراء ينطوي على خطر ضئيل فيما يتعلق بحدوث رد فعل تحسسي، مثل الذي حدث مع جونسون. وهي جراحة آمنة عموماً، وتتم تحت التخدير الموضعي؛ لكنها تنطوي على بعض المخاطر، مثل التورّم المؤقت والألم والكدمات في مناطق الشفط والحقن.
وعلى الرغم من أن النتائج تكون طويلة الأمد، لكن الجسم قد يمتص خلال الأسابيع الستة الأولى جزءاً من الدهون المحقونة، لذا فقد لا يحصل الشخص على الحجم الذي يريده، وقد يتطلب إجراءات متكررة للحصول على نتائج أفضل. فضلاً عن النتائج النهائية تحتاج قرابة الـ 6 أشهر للظهور تماماً. علاوة على أنه ومثل أي إجراء تجميلي، فثمة خطر ضئيل للإصابة بالعدوى أو التكتلات أو المظهر غير المتجانس في حال لم تستقر الدهون في أماكن حقنها.
لمزيد من التفاصيل، إليك بعض الأرقام التي توصلت إليها مراجعة منشورة في مجلة الطب السريري (Journal of clinical medicine) عام 2022، التي تناولت موضوع المضاعفات المتعلقة بحقن الدهون الذاتية في الوجه؛ حيث وجدت أن المعدل العام الإجمالي لحدوث المضاعفات يبلغ نحو 2% بين الأشخاص على مستوى العالم، لكنها أردفت أن المعدل غير معروف بدقة بسبب نقص الإبلاغ عن المضاعفات، وغياب التعريفات الموحدة للآثار الجانبية الناتجة عن الإجراء، وقد تصل في بعض الحالات إلى 81.4% مثلما تبيَّن في بعض الدراسات.
اقرأ أيضاً: ما هي عملية شد الوجه باستخدام الخيوط الذهبية؟
عموماً، وجدت أن نسِب المضاعفات المبلغ عنها، أي في حال حدثت، تكون على النحو التالي:
- مضاعفات طفيفة: نسبتها من بين المضاعفات المبلغ عنها نحو 48.3%، وتشمل مشكلات مؤقتة مثل التورم أو الاحمرار أو مشكلات جلدية خفيفة (مثل حب الشباب)، وعادة ما تختفي هذه المشكلات دون علاج. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة المضاعفات البسيطة قد تكون أعلى من ذلك بكثير ولكن لا يتم الإبلاغ عنها، إذ تُعد حالات متوقعة مؤقتة تزول بعد 14-24 يوماً.
- مضاعفات متوسطة: وتكون نسبتها من بين المضاعفات نحو 38.3%، وتشمل مشكلات مثل تضخُّم الدهون، أو التنخُّر (موت الخلايا الالتهابي)، أو عدم تناسق وعدم انتظام في الشكل. وغالباً ما تتطلب هذه المشكلات جراحات إضافية لإصلاحها.
- مضاعفات شديدة: تكون نسبة حدوثها من بين المضاعفات جميعها نحو 13.4%، وتشمل حقن الدهون داخل الأوعية الدموية، الأمر الذي قد يسبب إعاقة دائمة أو حتى الوفاة. وتتطلب هذه الحالات رعاية طبية عاجلة وعمليات جراحية.
في الأحوال جميعها، يعد الإجراء آمناً وفعالاً عموماً في إعطاء مظهر طبيعي وفتيّ في حال تم بوساطة جرّاح تجميل مدرب وذي خبرة واسعة، وحتى المضاعفات الشديدة، مثل حقن الدهون في الأوعية الدموية، فهي حالة نادرة جداً وتصيب نحو شخص واحد من بين 5 ملايين شخص. الجدير بالذكر أن هذه العملية مناسبة للأفراد الذين يمتلكون كمية كافية من الدهون، ويتمتعون بصحة جيدة، وغير مدخنين أو يستطيعون الإقلاع عنه.