كيف يعمل مولنوبيرافير العلاج الجديد لكوفيد-19؟

مولنوبيرافير
حقوق الصورة: ميرك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أظهر عقار «مولنوبيرافير»، الذي تصنعه شركة «ميرك» الدوائية بالشراكة مع شركة «ريدجباك بيوثيربيوتيكس»، نتائج واعدة في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أواخر الشهر الماضي. إذا حصل الدواء على موافقة إدارة الأغذية والدواء والمنظمين العالميين الآخرين، فسيوفر طريقة أسهل لعلاج الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا إذا ما أعطي في مرحلةٍ مبكرة من الإصابة ولم يدخلوا المستشفى بعد. يمكن أن ينقذ ذلك حياة المصابين ويقلل من العبء على أجنحة العناية المركزة، ولكن نظراً لأن الدواء عبارةٌ عن علاج وليس وقائياً، يمكنه فقط التخفيف من الوباء، وليس إيقافه كلياً.

شملت الدراسة 775 مريضاً شُخصت لديهم الإصابة بكوفيد-19 حديثاً، وجميعهم معرضون لخطر الإصابة بالمرض الشديد. تناول المشاركون حبتين يومياً لمدة أربعة أيام، ثم خضعوا للمراقبة لمدة شهر تقريباً.

وفقاً لبيانٍ صحفي لشركة ميرك، فإن هذا العقار على ما يبدو قد قلل بشكل كبير من حالات الإصابة بأمراض خطيرة بين المشاركين. كان احتمال دخول المرضى الذين تلقوا الدواء الحقيقي إلى المستشفى -7.3%- نصف احتمال دخول المشاركين الذين تلقوا دواءً وهمياً -14.1%. توفي ثمانية مرضى تلقوا العلاج الوهمي، بينما لم يتوفَّ أي شخص تناول مولنوبيرافير.

وتقول شركة الأدوية إنّ التأثير كان واضحاً لدرجة أن لجنة خبراء مستقلة أوصت بإنهاء التجربة والتقدم بطلب للحصول على موافقة الجهات التنظيمية.

يعد تطوير عقاقير لمكافحة الفيروسات أصعب بكثير من تطوير المضادات الحيوية المخصصة لمكافحة البكتيريا، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن الفيروسات تعتمد بشكلٍ كبير على خلايا المضيف لنسخ نفسها. حتى الآن، انتهى الأمر بعلاجات كوفيد-19 الأخرى، مثل بلازما النقاهة أو الإيفرمكتين، إلى الفشل.

اقرأ أيضاً: يوفر حماية 12 شهراً: هل يغير دواء أسترازينيكا لعلاج كورونا قواعد اللعبة؟

ما هي آلية عمل مولنوبيرافير؟

وفقاً لريتشارد بليمبر، والذي يدرس الأدوية المضادة للفيروسات في جامعة ولاية جورجيا، فإن المكوّن الرئيسي لعقار مولنوبيرافير كان قيد التجريب كدواءٍ للإنفلونزا منذ أكثر من خمس سنوات، وقد أظهر فعاليةً في القوارض. ثم تحوّل فريقه إلى اختبار الدواء على فيروس كورونا عندما انتشر الوباء.

يقول بليمبر: «يعمل الدواء كبديلٍ لأحد الجزيئات التي يتكون منها الحمض الريبي النووي للفيروس. عندما يتكاثر الفيروس، سوف يدمج أجزاء من مولنوبيرافير في شفرته الجينية. ولكن عندما يحاول التكاثر مرةً أخرى، يقوم الدواء بتشويش الشيفرة إلى حدّ ما. بكلامٍ آخر، نقوم بإدخال طفراتٍ عشوائية على جينوم الفيروس، الأمر الذي يحبط عملية تكاثر الفيروس ويخفّض تعداده سريعاً. لا نحتاج في الواقع إلى مئات أو آلاف الطفرات كي يطفر الفيروس ويتوقف تكاثره ونتخلّص منه بالتالي».

ولكن هناك بعض التحفظات. بالرغم من أن شركة ميرك تقول أنها تخطط للحصول على إذن الاستخدام الطارئ من إدارة الأغذية والعقاقير بأسرع وقتٍ ممكن، إلا أنها لم تنشر بيانات تجربتها بشكل كامل حتى الآن، أي ما لدينا حتى الآن مجرد بيانٍ صحفي. وقد حدث ذلك سابقاً مع شركات الأدوية الأخرى عندما أعلنت عن نتائج دراساتها على لقاحاتها، الأمر الذي كان يُصعّب تقييم النتائج وقت النشر.

اقرأ أيضاً: تُصلح لعلاج كورونا: تقنية تدفع الأورام السرطانية للقضاء على نفسها

مولنوبيرافير: للمصابين حديثاً فقط

إذا تمت الموافقة على الدواء الجديد، سيُستخدم خلال فترةٍ قصيرة من الإصابة، ولكن قبل أن تتطور إلى مرضٍ شديد. كانت دورية «ساينس» قد ذكرت ربيع العام أن شركة ميرك تجري اختباراتٍ على دواء مولنوبيرافير على المرضى في المستشفى، لكنها أوقفت التجربة بعد نتائج مخيبة للآمال.

أظهر المرضى الذين تلقوا مولنوبيرافير في التجربة أعراض كوفيد-19 في غضون 5 أيام من بدء العلاج. لذلك من المرجّح أن توافق إدارة الغذاء والدواء على إعطاء الدواء للمصابين حديثاً فقط، أي يجب على الأطباء تشخيص الإصابة بكوفيد-19 مبكراً لاستخدام مولنوبيرافير لعلاجه، وليس بعد دخوله إلى المستشفى.

تقول آني لوتيكير، أستاذة الطب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، للإذاعة الوطنية العامة (NPR) خلال: «ستقع علينا مسؤولية ضمان اختبار الأشخاص بسرعة، وأن نتصرف بسرعة في حال كانت النتيجة إيجابية ومترافقةً مع الأعراض».

لكن بليمبر يعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك. يقول في هذا الصدد: «يمكننا تحديد المرضى قبل ظهور الأعراض السريرية من خلال نظام تتبع المخالطين والاعتماد على البنية التحتية التي توسعنا بها بشكلٍ كبير خلال الجائحة. آمل بشدة أن يؤدي ذلك إلى تحسين الحالة الصحية للكثيرين».

في الواقع، يمكن إدراج هذا الدواء إلى حدّ ما في نفس فئة العلاج التي تشمل العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة، وهو علاجٌ تمت الموافقة عليه في الخريف الماضي لعلاج الأشخاص الذين كانوا يعانون من الأعراض لمدة عشر أيامٍ كحدّ أقصى. تعمل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، مثل دواء مولنوبيرافير، على تقليل الحمل الفيروسي وتقلل بالتالي من خطر الدخول إلى المستشفى.

لكن العلاج بالأجسام المضادة باهظ الثمن، إذ تبلغ تكلفة دورة العلاج الواحدة أكثر من 2000 دولار، ويجب أن تُعطى من خلال الحقن. تتحمل الحكومة الفيدرالية ثمن الدواء بحد ذاته، لكن قد يتعين على المرضى دفع تكاليف إدارته. أنشأت بعض الولايات مراكز لتوزيع الأجسام المضادة أحادية النسيلة لتجاوز هذه المشكلة، لكنها فرضت قيوداً جديدة على العلاج بسبب الطلب الكبير عليه.

يقول بليمبر: «ميزة الدواء أنه يُعطى عن طريق الفم ولسنا بحاجةٍ لحقنه وريدياً. وبالتالي يمكننا إيصاله إلى أكبر عدد ممكن من المرضى».

لا يزال مولنوبيرافير، مثل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، باهظ الثمن في الوقت الحالي وقد تكون إمداداته محدودة حالياً. وافقت حكومة الولايات المتحدة على شراء 1.7 مليون دورة علاج من الدواء بتكلفةٍ إجمالية بلغت أكثر من مليار دولار. يقدر مركز السيطرة على الأمراض أن أكثر من 40 مليون أمريكي أصيبوا بكوفيد-19 في العام ونصف العام الماضيين، ويمكن أن تستهلك أي موجةٍ لمتغير دلتا هذا الشتاء هذه الإمدادات بسرعة.

اقرأ أيضا: علاج حبوب القيح في الوجه.

شركات التأمين تدلي بدلوها أيضاً

وبالرغم من أن العديد من شركات التأمين قد غطت سابقاً تكلفة علاج كوفيد-19 بالكامل، إلا ذلك قد يتغير الآن. فوفقاً لبحث نشره مركز «بيترسون» للرعاية الصحية في أغسطس/آب، بدأت معظم شركات التأمين الكبرى في كل ولاية في فرض رسوم على دخول المصابين بكوفيد إلى المستشفى، وربما يصبح الحصول على وصفةٍ طبية لعلاج كوفيد أكثر كلفةً في القريب العاجل.

خارج البلدان الغنية، من المحتمل أن يكون الوصول إلى مولنوبيرافير أصعب بعض الشيء رغم أن شركة ميرك قالت في بيانٍ صحفي أنها عقدت صفقات مع العديد من شركات الأدوية خارج الولايات المتحدة لزيادة وتسريع إنتاج مولنوبيرافير ليتوفّر في أكثر من 100 دولة متوسطة ومنخفضة الدخل. ولكن من غير المعروف بعد ما إذا كان الدواء سيتوفر بسعرٍ رخيص في تلك البلدان أم لا.

قد يكون دواء مولنوبيرافير مناسباً لعلاج الحالات الفردية الإيجابية عندما تكون قليلة. لكن على المستوى الوطني والعالمي، لا تزال اللقاحات الأداة الأساسية لدينا للخروج من الجائحة، إذ لا يزال سعر الجرعة الواحدة بين 5 إلى 20 دولاراً، وتقي الناس من الإصابة في المقام الأول أو على الأقل من الإصابة الخطيرة. يقول بليمبر: «أفضل شيء يمكن القيام به هو التطعيم، وتلقيح أكبر عدد ممكن من الناس. لكننا رأينا، مع ظهور العديد من المتغيرات المثيرة للقلق، أنه من غير المضمون الخروج من الجائحة تماماً. نحن بحاجة إلى التطعيم ونحتاج إلى علاج فعال، وأعتقد أن الاعتماد عليهما معاً يوفر أفضل فرصةٍ لتجاوز المحنة الحالية».