ما هو العلاج بالأوكسجين عالي الضغط الذي يستخدمه كريستيانو رونالدو؟

ما هو العلاج بالأوكسجين عالي الضغط الذي يستخدمه كريستيانو رونالدو؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Sergey Ryzhov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي، علاج من شأنه أن يساعد على استعادة الكلام والحركة لدى الأشخاص الذين عانوا من سكتة دماغية أو إصابات دماغية، بل وأصبح وسيلة يتبعها العديد من النجوم؛ مثل كريستيانو رونالدو، المهاجم البرتغالي الذي لجأ إليها عندما تعرض لإصابة خطيرة في الركبة هددت مسيرته الكروية خلال نهائي أبطال أوروبا عام 2016. لم يقتصر الأمر على رونالدو، بل حتى محمد صلاح ومادونا وجينيفر لوبيز وغيرهم، قد اتبعوا هذا العلاج. فماذا تعرف عن العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي؟

ما هو العلاج بالأوكسجين العالي الضغط؟

العلاج بالأوكسجين عالي الضغط (Hyperbaric oxygen therapy)  أو اختصاراً (HBOT)، هو إجراء علاجي غير جراحي، يتضمن تنفس الأوكسجين النقي 100% (مقابل 21% أوكسجين من كمية الهواء العادي الذي نتنفسه) داخل حجرة شفافة من الأكريليك، وذات ضغط جوي أعلى بنحو 1.5- 3 أضعاف من المتوسط. يهدف العلاج إلى تزويد الدم بكمية من الأوكسجين تفوق الحالة العادية، لإصلاح الأنسجة واستعادة وظائف الجسم الطبيعية.

اقرأ أيضاً: لأول مرة: العلاج المناعي يقود إلى الشفاء التام لمريضين من سرطان الدم

كيف يعمل العلاج بالأوكسجين العالي الضغط؟

نحن نتنفس هواءً جوياً يحتوي على الأوكسجين بنسبة 21%. ينتقل الأوكسجين إلى الأنسجة والأعضاء في الجسم عبر خلايا الدم الحمراء. أثناء العلاج بالأوكسجين تحت الضغط، يتم تنفس الأوكسجين النقي بنسبة 100% فقط، وتحت ضغوط جوية عالية، ما يسمح بإذابته مباشرة في بلازما الدم. تشكل بلازما الدم المكون السائل للدم، وأكثر من نصف حجمه الكلي، وتنقل معها البروتينات والهرمونات والمغذيات.

تنقل البلازما الأوكسجين النقي إلى أنسجة الجسم العميقة، بما في الجهاز اللمفاوي والسائل النخاعي المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. بالنتيجة، يزيد تركيز الأوكسجين داخل الجسم عن النسبة الطبيعية بنحو 1000%.

في حالات طبية معينة، تساعد زيادة التروية الدموية بالأوكسجين في تعزيز قدرة الجسم على الشفاء كما يلي:

  • التئام الجروح: تتسبب الجروح في تلف الأوعية الدموية، وتسرب سائل منها إلى الأنسجة المجاورة، ثم التورم. يعيق التورم وصول الأوكسجين إلى الخلايا التالفة، ويعرض النسيج لخطر الموت. يساعد وصول العلاج بالأوكسجين إلى الخلايا التالفة في كسر حلقة التورم، وعكس خطر موت النسيج.
  • عكس ضرر إعادة التروية (reperfusion injury): هو الضرر الذي يلحق بالأنسجة بعدما تتعرض لنقص الأوكسجين لفترة من الزمن، كما يحدث في حالات معينة، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وزرع الأعضاء، وإصابات السحق. ينتج عن انقطاع الأوكسجين إطلاق الجذور الحرة، فتهاجم خلايا الأنسجة ملحقة الضرر بها. يمكن للأوكسجين عالي الضغط أن يحفز المواد المضادة للجذور الحرة لإيقاف نشاط الجذور الحرة، ومواصلة عملية الشفاء.
  • محاربة بعض أنواع العدوى: يعزز الأوكسجين عالي الضغط قدرة خلايا الدم البيضاء على التعرف على الخلايا الغريبة وتدميرها. كما أنه يساعد في تعطيل بعض السموم البكتيرية.
  • مقاومة التجاعيد: يشجع الأوكسجين عالي الضغط تكوين الكولاجين وخلايا جلد جديدة، من خلال تحفيز نمو أوعية دموية جديدة. كما أنه يساعد الخلايا على إنتاج مواد مثل عامل نمو بطانة الأوعية الدموية، والتي تجذب وتحفز الخلايا البطانية اللازمة للشفاء.
  • علاج آثار الجلطات الدماغية: تحدث الجلطات إما بسبب خثرة دموية تسبب انسداد شريان في الدماغ، أو عندما تنفجر الأوعية الدموية في الدماغ. في الحالتين، تصاب الأنسجة داخل الدماغ بنقص الأوكسجين والموت، ما قد يؤدي لمجموعة واسعة من الآثار الثانوية، مثل:
    • الشلل النصفي.
    • صعوبة البلع.
    • هبوط القدم.
    • التشنجات.
    • صعوبة النطق.
    • ضعف الذاكرة.
    • الخرف الوعائي.
    • الاكتئاب والقلق.
    • اضطرابات بصرية.

يمكن للدماغ أن يشفي نفسه من خلال عملية تعرف بـ “المرونة العصبية” (neuroplasticity). في هذه العملية تعيد الأجزاء المحيطية من الدماغ تشكيل روابط جديدة بين خلايا الدماغ، وهو ما يتطلب المزيد من الأوكسجين. يوفر العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي أوكسجيناً إضافياً للدماغ، ما يسرّع عملية المرونة العصبية.

اقرأ أيضاً: هل توجد صلة بين فقدان حدة البصر والإصابة بالخرف؟

ما الحالات التي يتم علاجها بالأوكسجين عالي الضغط؟

تعرض العلاج بالأوكسجين عالي الضغط لشكوك حول فعاليته، حتى وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) في يوليو/ تموز من عام 2021، على استخدامه لمجموعة واسعة من الأمراض والحالات الصحية، وهي:

  • التسمم بأول أوكسيد الكربون، والذي يصاب به غالباً عمال المناجم ورجال الإطفاء.
  • إصابات السحق الناتج عن صدمة من القوة أو الضغط على جزء من الجسم.
  • تقرحات القدم السكرية.
  • ترقيع الجلد.
  • الغرغرينا.
  • التهابات الأنسجة الرخوة الناخرة، والتي تنتج عن موت الخلايا في منطقة معينة بسبب الإصابة أو نقص إمدادات الدم.
  • فقاعات الهواء والغاز في الأوعية الدموية.
  • فقر الدم الشديد عندما لا يمكن استخدام نقل الدم.
  • الحروق الشديدة والكبيرة.
  • تخفيف مخاطر الغوص (داء الغوّاص).
  • فقدان السمع (فقدان السمع الكامل الذي يحدث فجأة وبدون أي سبب معروف).
  • إصابة الجلد والعظام.
  • إصابة الإشعاع.
  • فقدان البصر.

اقرأ أيضاً: اعتلال الكلى السكري وكيف يحافظ مريض السكري على الكلى

ماذا يحدث خلال جلسة العلاج بالأوكسجين عالي الضغط؟

قبل بدء العلاج بالأوكسجين تحت الضغط العالي، عليك أن تأخذ في اعتبارك أن قرار العلاج بالأوكسجين يجب أن يتم بمشورة من الطبيب المختص بشكل حصري، بعد مراجعة ملفك الطبي. يحدد لك الطبيب لاحقاً خطة العلاج المناسبة لك، من حيث عدد الجلسات وشدة الضغط، بناء على وضعك الصحي وشدة الأعراض.

يختلف عدد أيام العلاج في الأسبوع، ولكن للحصول على أفضل النتائج، يجب أن يحدث العلاج لخمسة أيام في الأسبوع. قد يصل عدد جلسات العلاج إلى 40 جلسة، بحيث تستمر كل منها ما بين 90-120 دقيقة. في بداية كل جلسة، يتحقق الفني من علاماتك الحيوية، بما في ذلك ضغط الدم والنبض، والأذنين ونسبة السكر في الدم. يراجع بعد ذلك قائمة السلامة، ثم يبدأ برفع الضغط تدريجياً.

داخل الحجرة، عليك أن ترتدي ملابس قطنية، وتجنب الألياف الاصطناعية، لأنها على عكس الملابس القطنية، تحمل كهرباء ساكنة، ما قد يشكل خطراً بسبب سرعة اشتعال الأوكسجين المركز.

قد تشعر بانسداد أذنيك مع ارتفاع الضغط، وهو ما يمكن تشبيهه بالشعور الذي ينتابك على متن الطائرة أثناء ارتفاعها في الجو. للتخفيف من هذا الإحساس وعودة الأذنين إلى وضعهما الطبيعي، قد يساعد مضغ العلكة أو شرب الماء.

في نهاية الجلسة، سيعيد المخبري فحص علاماتك الحيوية مرة أخرى. وحالما يقرر مقدم الرعاية أن وضعك الصحي بخير، وأنك لست بحاجة للمراقبة، يمكنك تغيير ملابسك والخروج.

اقرأ أيضاً: الباحثون يستخدمون بكتيريا غازيةً متفجّرةً لقتل الخلايا السرطانية

مخاطر ومضاعفات العلاج بالأوكسجين العالي الضغط

نادراً ما يسبب العلاج بالأوكسجين العالي الضغط مشاكل صحية خطيرة، إلا أن من المخاطر المحتمل حدوثها:

  • آلام الأذن والجيوب الأنفية.
  • إصابات الأذن الوسطى، بما في ذلك تمزق الغشاء الطبلي.
  • تغيرات مؤقتة في الرؤية.
  • انهيار الرئة.
  • انخفاض نسبة السكر في الدم.

إذاً، يعتبر العلاج بالأوكسجين عالي الضغط خياراً علاجياً واعداً للعديد من الحالات الطبية، ومع ذلك، إذا كنت تفكر باتباعه، فمن المهم التحدث مع طبيبك لتحديد ما إذا كان هو العلاج المناسب لك.