يخضع الكثيرون للعمليات الجراحية؛ سواء البسيطة منها أو المعقدة، وتحتاج جميعها إلى تخدير، يختلف نوع هذا التخدير حسب عدة عوامل، ويعاني الكثيرون من آثاره الجانبية المختلفة، ويبحثون عن طرق للتخلص من آثار البنج بعد العملية.
أنواع التخدير
توجد عدة أنواع للتخدير، ويعتمد إجراء أي منها قبل العمل الجراحي على عدة عوامل؛ هي نوع العمل الجراحي الذي سيخضع له المريض، وحالته الصحية، وطول مدة العملية، أضف إلى ذلك رأي طبيب التخدير والطبيب الذي سيجري العملية. أما أنواع التخدير فهي:
- التخدير العام: وهو أكثر الأنواع شيوعاً، يلجأ إليه الأطباء في العمليات الكبرى؛ مثل استبدال الركبة وجراحة القلب المفتوح، ويؤدي إلى فقدان الوعي وعدم الشعور بالألم.
- التخدير النصفي: يخدَّر الجزء السفلي من الجسم؛ وذلك عبر حقن الدواء المخدر في المنطقة المحيطة بالنخاع الشوكي، ويُستخدم في عمليات الجراحة أسفل البطن؛ مثل الولادة القيصرية، وعمليات الأطراف السفلية. ويظل المريض واعياً أثناء الجراحة.
- التخدير الموضعي: يُستخدم للعمليات الجراحية البسيطة، ويكون الدواء المخدر بشكل مرهم أو بخاخ أو حقنة في منطقة العمل الجراحي؛ مثل إبرة تخدير الأسنان والمخدر المستخدَم لإجراء القطب.
الآثار الجانبية للبنج بعد العملية
بعد انتهاء الجراحة، يُجري طبيب التخدير بعض الإجراءات ليوقظ المريض؛ الذي سيشعر بالدوار والارتباك قليلاً، وقد يعاني من آثار جانبية عديدة يحدث معظمها بعد التخدير العام. تُقسم الآثار الجانبية لنوعين:
الآثار الجانبية قصيرة المدى للبنج
- الغثيان والإقياء؛ وهي من الآثار الجانبية الشائعة التي تحدث بعد العمل الجراحي مباشرةً، وقد تستمر ليوم أو يومين، ويمكن أخذ الأدوية المضادة للغثيان لتخفيفها.
- جفاف الفم والشعور بالعطش عند الاستيقاظ، فإن شرب الماء يمكن أن يساعد في العناية بفمك الجاف.
- التهاب الحلق بسبب أنبوب التنفس الذي يوضع في الحلق أثناء الجراحة.
- القشعريرة والرجفة والشعور بالبرد؛ التي تحدث بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء التخدير العام، وقد تستمر القشعريرة من بضع دقائق إلى عدة ساعات.
- الارتباك والنعاس؛ وخاصةً عند الاستيقاظ من التخدير لأول مرة، ويستمر هذا عادةً لبضع ساعات فقط؛ ولكن بالنسبة لبعض الأشخاص وكبار السن، فيمكن أن يستمر الارتباك لأيام أو أسابيع.
- آلام في العضلات بسبب المرخيات العضلية التي تُعطى أثناء الجراحة.
- حكة في حال استخدام الأدوية الأفيونية أثناء العملية أو بعدها.
- صعوبة في التبول لفترة قصيرة بعد التخدير العام.
- الدوار عند الوقوف لأول مرة.
الآثار الجانبية طويلة المدى للبنج
لا يعاني معظم الأشخاص من أية آثار جانبية طويلة المدى؛ لكن من المرجح أن يعاني كبار السن من آثار جانبية تستمر لأكثر من يومين، وقد تشمل:
- الهذيان و الارتباك أو الصعوبة في تذكر الأشياء بعد الجراحة، وعادةً ما تختفي هذه الأعراض بعد حوالي أسبوع.
- الخلل الإدراكي أو مشاكل مستمرة في الذاكرة بعد الجراحة؛ لكن على الأغلب يكون هذا العرَض نتيجة الجراحة نفسها، ويعاني منه الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً؛ خاصةً إذا أصيبوا بسكتة دماغية، أو كان لديهم مرض قلبي أو رئوي، أو أنهم مصابون بمرض ألزهايمر أو الشلل الرعاشي.
اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن مرض الزهايمر
التخلص من آثار البنج بعد العملية
توجد عدة طرق للتخلص من آثار البنج بعد العملية؛ يمكن اختصارها بما يلي:
اعتماد نظام غذائي مناسب للتخلص من آثار البنج
تسمح أنواع معينة من الطعام بطرد المخدر بسرعة، فهو عبارة عن سم قابل للذوبان في الدهون. تساعد الأطعمة الغنية بالكبريت؛ مثل القرفة والكركم والثوم والبصل وصفار البيض، على التخلص من السموم، كما أن الألياف القابلة للذوبان في الماء تعزز إفراز الصفراء. توجد الألياف بكثرة في الكمثرى ونخالة الشوفان والتفاح والفاصوليا والبقوليات، بالإضافة إلى بعض الخضروات التي تحتوي مركبات تساعد الجسم على التخلص من السموم؛ من هذه الخضراوات الملفوف والبروكلي والخرشوف والبنجر والجزر.
توجد أنواع أخرى تُبقي المخدر عالقاً في الجسم؛ أهمها السكر المكرر والكحول والدهون المشبعة؛ خاصةً مصادر البروتين من اللحوم ومنتجات الألبان، وتزيد هذه الأطعمة من خطر الإصابة بالركود الصفراوي؛ وهو تباطؤ أو منع تدفق الصفراء؛ مما يُصعّب على الجسم التخلص من المخدر.
شرب الكثير من الماء
إن عدم شرب كمية كافية من الماء يجعل من المستحيل تقريباً على الجسم التخلص من السموم. يُنصح بشرب 8 أكواب من الماء كل يوم لجميع الأشخاص، أو كوب من الماء كل ساعتين تقريباً، أما بعد الجراحة فيجب شرب كوب واحد من الماء كل ساعة. يمكن شرب ماء الصنبور؛ لكن يفضل شرب المياه المعبأة من الينابيع، لأنها عادةً ما تحتوي على شوائب أقل.
اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة شرب المياه غير المعالجة؟
تناول الفيتامينات
ابدأ بتناول أقراص الفيتامينات المتعددة التي توفر مجموعةً متنوعةً من الفيتامينات والمعادن؛ بما في ذلك فيتامين سي، وبيتا كاروتين، وفيتامين هـ، ومجموعة فيتامينات ب، والمعادن الرئيسية؛ مثل الزنك والمغنيزيوم والسيلينيوم، ويُفضل أخذ حبة واحدة كل يوم لمدة أسبوعين على الأقل قبل وبعد التخدير. العديد من هذه العناصر لها خصائص مضادة للأكسدة؛ تلعب دوراً مهماً في مساعدة الكبد على إزالة السموم والمعادن الثقيلة ومواد التخدير من الجسم.
العوامل الموجهة للشحوم
تعمل العوامل الموجهة للشحوم على تعزيز تدفق الدهون والصفراء من وإلى الكبد، وتُستخدم في المقام الأول كعلاج لالتهاب وتليف الكبد، وأمراض الكبد الناتجة عن المواد الكيميائية، فهي تزيد من مستويات مادتين مهمتين في الكبد؛ هما «الغلوتاثيون» و مادة «إس أدينوسيلميتيونين»، وعادةً ما تكون هذه التركيبات غنيةً «بالكولين والميثيونين»؛ وهما عنصران مغذيان مهمان للكبد، إلى جانب العناصر الغذائية الداعمة و / أو الأعشاب، ويمكن تناولها قبل أسبوع واحد وبعد أسبوعين على الأقل من الجراحة.
اقرأ أيضاً: بروتين نباتي أم حيواني وما الفرق بينهما؟
التخلص من آثار البنج بعد العملية بالأعشاب
يمكن لبعض الأعشاب مساعدة الجسم على التخلص من الآثار الجانبية للبنج؛ خاصةً الأعشاب التي تساعد الكبد على إزالة السموم، وترميم الأنسجة، ويُنصح باستشارة الطبيب قبل تناول أي منها.
شوك الحليب
يُعرف شوك الحليب أو السلبين المريمي باسم «Silybum marianum»؛ وهو من النباتات المستخدَمة كعلاج منذ ألفَي عام، له القدرة على حماية الكبد من السموم، وإزالة آثار التخدير؛ من خلال زيادة إحدى مضادات الأكسدة التي تُسمى الغلوتاثيون بنسبة 35%، توجد هذه المادة في الكبد، وتقل نسبتها بعد التخدير؛ مما قد يؤدي إلى تلف خلايا الكبد. لا يجب أن يتناوله الأشخاص الذين لديهم حساسية من النباتات، أو لديهم تاريخ من السرطان المرتبط بالهرمونات؛ مثل سرطان الثدي أو الرحم أو البروستات.
بذور العنب
يمكن لمستخلص بذور العنب تسريع الشفاء بعد الجراحة، فهو غني بمادة «البروسيانيدين» المفيدة، ويعزز الشفاء عن طريق حماية «الكولاجين والإيلاستين» في جدران الأوعية الدقيقة، ويحسن الوظيفة الوريدية، ويساعد في تقليل التورم في أكثر من 80% من المرضى الذين يعانون من القصور الوريدي، كما قد يساعد في منع مشاكل ما بعد الجراحة؛ مثل تجلط الأوردة العميقة.
غوتو كولا
يُعرف غوتو كولا -أو سرة الأرض- باسم «Centella asiatica»؛ وهو نبات معمر يشبه البقدونس، يمكن تناول أوراقه وسيقانه. يدعم الشفاء بعد الجراحة والتخدير، ويعزز نمو النسيج الضام الجديد، ويحسن دوران الأوعية الدقيقة، ويسرع التئام الجروح، فضلاً عن المساعدة في منع تكوين الندبات.
جذور الشمندر
يُعتبر الشمندر/ البنجر من أقوى مزيلات السموم الطبيعية، ويحتوي على نسبة عالية جداً من فيتامينات ب وفيتامين سي وبيتا كاروتين، بالإضافة إلى الحديد والمغنيزيوم والزنك والكالسيوم، ونسبة عالية من الألياف، وكلها لها دور كبير في التخلص من البنج، كما يدعم البنجر صحة الكبد والمرارة.
شاي الأعشاب
يُعتبر شاي الأعشاب مطهراً طبيعياً معروفاً؛ خاصةً الحاوي على نبات الهندباء، فهي من مضادات الأكسدة القوية التي تدعم وظائف الكبد وتنظيف الجهاز الهضمي، كما أن شاي الأعشاب الحاوي على الكركم، يعالج اضطرابات الكبد والجهاز الهضمي.
تجنب الباذنجانيات
المركبات الموجودة في الأطعمة الباذنجانية؛ مثل البطاطس والباذنجان والطماطم، تؤخر تكسير الأدوية المخدرة، وحتى لو تناولتها بكميات صغيرة، فهي تحتوي على مادة «غليكو ألكالويدس»؛ التي تبطئ من تحلل العديد من أدوية التخدير الشائعة ومرخيات العضلات.
اقرأ أيضاً: توجد العديد من الاختلافات بين العلاجات الطبيعية والمعالجة المثلية وواحدة منها لا تفي بالغرض
مدة خروج البنج من الجسم
يصحو معظم الناس من البنج بعد العمل الجراحي مباشرةً، لأن مفعوله ينتهي بانتهاء الجراحة؛ لكنهم يعانون من آثاره لبضع ساعات بعد ذلك. يبدأ البنج بالخروج من الجسم بعد انتهاء الجراحة مباشرة؛ لكن يحتاج الجسم بشكل عام إلى حوالي أسبوع للتخلص من أدوية التخدير نهائياً؛ على الرغم من أن معظم الناس لا يلاحظون تأثيراً كبيراً للبنج بعد حوالي 24 ساعة. قد يكون وقت الاستيقاظ أطول عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية خطيرة أو عمليات جراحية معقدة أو طويلة أو أنهم كبار في السن.
تعتمد مدة خروج البنج من الجسم على النوع المستخدَم:
مدة خروج البنج العام من الجسم
تختلف مدة خروج البنج العام من الجسم حسب نوعه، فالبنج الذي يُعطى في الوريد يبدأ في الخروج من الجسم بعد 8 ساعات، وتوجد أنواع أخرى تحتاج من 12-48 ساعة، أما البنج فوق الجافية يحتاج حوالي أسبوع تقريباً.
مدة خروج البنج الموضعي من الجسم
يحتاج الجسم للتخلص من البنج الموضعي حوالي 12 -24 ساعة تقريباً.
أعراض خروج البنج من الجسم
بمجرد أن يبدأ مفعول التخدير بالزوال، ويصحو المريض، تبدأ أعراض زوال البنج وخروجه من الجسم في الظهور؛ من هذه الأعراض:
- الغثيان.
- الدوخة والصداع.
- التهاب الحلق.
- ألم في العضلات.
- فقدان القدرة على التركيز.
- النعاس.
- جفاف الفم.
أسباب الوفاة من البنج
يندر حدوث الوفاة بسبب إجراءات التخدير، 1-4 وفيات لكل 10000 حالة، ويختلف سبب الوفاة حسب كل حالة. لم تحدد أية دراسة عوامل خطر الوفاة المرتبطة بالتخدير؛ لكن يبدو أن المريض الذي يعاني من حالة حرجة مع خلل في وظائف أعضاء متعددة معرض لخطر الموت المرتبط بالتخدير أكثر من المريض الذي يتمتع بصحة جيدة. ومن الأسباب الأكثر شيوعاً للوفيات المرتبطة بالتخدير هي:
- اختلال في الدورة الدموية بسبب نقص حجم الدم المصاحب للجرعة الزائدة من مواد التخدير؛ مثل ثيوبينتون، أو المواد الأفيونية، أو البنزوديازيبينات.
- نقص الأكسجة ونقص التهوية بعد التنبيب المريئي الذي يحدث أثناء العمل الجراحي، أو صعوبة التنبيب، أو الفشل الفني في معدات التخدير، أو شفط محتوى المعدة.
- حدوث تفاعلات تأقية بما في ذلك ارتفاع الحرارة الخبيث.
- أخطاء بشرية مثل عدم الانتباه، أو الأخطاء في إدارة الأدوية وصيانة أجهزة التخدير ومراقبتها.
أسئلة شائعة تتعلق بالبنج
متى ييفك البنج النصفي؟
تستمر العمليات التي تتم حد التخدير الموضعي لمدة ساعتين كحدٍ أقصى، ويستمر مفعول إبرة التخدير لمدة من 4-6 ساعات؛ وبالتالي لا يشعر المريض بأي ألم بعد العملية لمدة تزيد عن الساعتين، بعد ذلك ينفك البنج النصفي.
ما سبب الرعشة بعد البنج النصفي؟
يرتبط حدوث الارتعاش بعد التخدير النصفي بعدة عوامل:
- انخفاض درجة الحرارة؛ لكن من الممكن حدوث الارتعاش رغم كون درجة حرارة المريض في المستوى الطبيعي.
- استخدام أدوية التخدير الاستنشاقية؛ مثل ايزوفلوران أو هالوثان.
- استخدام مضادات الكولين قبل التخدير؛ مثل الأتروبين.
متى يصحو المريض من البنج؟
تختلف المدة التي يحتاجها المريض للإفاقة من البنج؛ وذلك حسب جرعة التخدير ودرجة تأثيرها على المريض وحالة المريض الصحية وتاريخه المرضي. عند انتهاء الجراحة، يعمل اختصاصي التخدير على إزالة تأثير التخدير حتى يصحو المريض، لذلك يصحو معظم الناس من البنج بعد العمل الجراحي مباشرةً كون مفعوله ينتهي بانتهاء الجراحة؛ لكنهم يعانون من آثاره لبضع ساعات بعد ذلك.
ما هو الشيء الذي يفك البنج؟
عند انتهاء الجراحة يعمل طبيب التخدير على إزالة مفعول البنج، لذا لا داعٍ لاستخدام شيء يفك البنج؛ لكن يمكن التخلص من آثار البنج بتناول بعض الأطعمة الغنية بالكبريت والألياف والخضراوات، وشرب الكثير من الماء وتناول الفيتامينات، كما تساعد بعض الأعشاب على ذلك؛ خاصةً بذور العنب وجذور الشمندر؛ لكن يجب تجنّب تناول الباذنجانيات.
كيف تتجنب الكلام أثناء البنج؟
إن الكلام أثناء البنج -إن حدث- يحدث بلا وعي من المريض، لذا لا يمكن تجنبه، مع العلم أنه من النادر جداً أن يتحدث المرضى تحت التخدير؛ لكن يتحدث البعض قليلاً عند استخدام إحدى أدوية التخدير (ثيوبنتون الصوديوم أو بنتوثال)، وذلك لمدة ثوانٍ ريثما يفقد المريض وعيه. ولا يتحدث المرضى أثناء التخدير وهم فاقدون للوعي؛ ولكن ليس من النادر أن يفعلوا ذلك أثناء زوال مفعول التخدير، ولن يتذكر المريض ما تفوّه به في هذه اللحظات. الجيد في الأمر أن هذه المرحلة تنتهي داخل غرفة العمليات.