تمثل الأنظمة الغذائية الصارمة نسخة أخرى من تحدي اللياقة البدنية ذي الثلاثين يوماً. وقد جرب الجميع تقريباً هذه الأنظمة بدرجة أو بأخرى، ولكنها لم تغير حياته بشكل جذري.
إن تناول كمية أكبر من الخضار الغنية بالألياف وكمية أقل من السكريات البسيطة لا يبدو أنه السبيل لخسارة 20 كيلوجراماً. ويبدو أنه من الأفضل اتباع أسلوب صارم، كالتحول إلى نظام غذائي يلغي 70 -80% من السعرات الحرارية من الدهون، أو التوقف التام عن تناول الدهون. ولكن هناك شكوك حول إمكانية الالتزام بهذه الأنماط الجديدة من الأنظمة الغذائية. يرغب كل منا أن يكون مسار اللياقة البدنية وخسارة الوزن سريعاً قبل كل شيء. ونحن نفترض أننا سنكون سعداء إن أصبنا بأي ألم نفسي أو مادي لمجرد أننا استطعنا أن نخسر وزننا بسرعة.
ولكن عقوداً من الأبحاث في مواضيع تتعلق بخسارة الوزن تقول العكس تماماً. إن الالتزام بالتغييرات المفاجئة في عاداتنا، خاصة المتعلقة بالأكل، هو أمر صعب التحقيق. وفي دراسة بعد أخرى، يجد الباحثون أنه وبغض النظر عن نوع النظام الغذائي، فإن معظم الناس يخسرون 2 إلى 3 كيلوجرامات فقط في السنة، وأن أغلبهم يسترجعون جزءاً من الوزن الذي خسروه لاحقاً. وهذه الحقيقة ثابتة سواء كان هؤلاء الناس يتبعون نظاماً يعتمد على الدهون المنخفضة أو السكريات المنخفضة أو على السعرات الحرارية المنخفضة.
ولهذا السبب، فإنه عندما تقوم وكالة إخبارية مثل "يو إس نيوز أند وورلد ريبورت" بتصنيف أفضل الأنظمة الغذائية اعتماداً على آراء الخبراء، فإن أنماط الأنظمة الغذائية نفسها تفوز في كل مرة، وهي الأنظمة التي تعتمد على تناول عناصر غذائية متوازنة مع تغييرات طفيفة في العادات الغذائية. وشهد تصنيف هذه السنة تعادلاً في المركز الأول بين نظام "المقاربة الغذائية لوقف ارتفاع ضغط الدم" المعروف اختصاراً بحمية داش، وحمية البحر المتوسط. وبإمكانك أن تطلع على توجيهات هذين النظامين بدون أي بحث، لأنهما يعتمدان فقط على "تناول الأطعمة التي يطلب منك تناولها باستمرار". ركّز على الفاكهة، والخضار، والسمك، واللحوم الحمراء، والحبوب الكاملة، وقلّل من السكر والنشاء.
وتمثل الأنطمة الأربعة التالية في التصنيف –وهي النظام النباتي المرن، ونظام مراقبي الوزن، ونظام مايند، ونظام تغييرات نمط الحياة العلاجية- اختلافاً في هذه الفكرة. فنظام مايند والذي يعني: "النظام الغذائي الذي يجمع بين حمية البحر المتوسط وحمية داش لتأخير تَخرُّب الخلايا العصبية" يقوم تماماً بما يوحي به اسمه بالإنكليزية.
ثم إذا وصلنا إلى النظام الغذائي التاسع في القائمة سنجد نظاماً يعتمد على عنصر غذائي معين. فنظام أورنيش يفرض قيوداً صارمة على الدهون، الأمر الذي سيعود بالنفع على القلب. ولكن الخبراء انتقدوه لصعوبة اتباعه. وقد تم تصنيف معظم حميات الدهون الأخرى مثل أتكينز وكيتو، ضمن الأنظمة الخمسة الأخيرة من أصل 40 نظاماً غذائياً لأسباب مشابهة. بل لقد حذر الخبراء من اتباع نظام كيتو بدون إشراف أخصائي تغذية أو طبيب لأنه نظام غير متوازن.
وإذا كانت هذه النتائج مخالفة للضجة التي تقرأ عنها على شبكة الإنترنت، فهذا يعود إلى أن الخبراء الذين قاموا بوضع هذا التصنيف قد تم توجيههم للتركيز على جوانب رئيسية محددة:
- مدى سهولة اتباع النظام
- قدرته على تحقيق خسارة في الوزن على المدى القصير
- قدرته على تحقيق خسارة في الوزن على المدى البعيد
- تكامل العناصر الغذائية
- السلامة
- قدرته على الوقاية من داء السكري
- قدرته على الوقاية من أمراض القلب
ومن المهم أيضاً أن نلاحظ أن هذه الفئات ليس لها تأثير متساو. فنتائج خسارة الوزن على المدى البعيد تكون ضعف نتائج خسارة الوزن قصيرة المدى، حيث تركز الكثير من الأنظمة الغذائية على مدى سرعة خسارة الوزن. ويلحظ هذا التصنيف أنك حتى لو كنت قادراً على خسارة وزنك بسرعة فائقة، فإن هذا الأمر لا يعني شيئاً إذا لم تكن قادراً على الحفاظ على هذه الخسارة. كما أن التصنيف يولي عناية خاصة بالسلامة، لأن الفشل في الحصول على بعض العناصر الغذائية يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحتك. ولهذا السبب، فإن الأنظمة الغذائية التي تفرض قيوداً شديدة على الدهون والسكريات جاءت في مؤخرة التصنيف.
النظام الغذائي المكثف وحده غير ناجع. وقد يكون هذا مخيباً لآمالك، خاصة إن كنت قد قررت أن تفقد وزنك مع بداية العام الجديد. جميعنا يرغب بأن تحدث هذه التغييرات بسرعة وسهولة. ولكن بطريقة أو بأخرى، فهو يعد خبراً ساراً لك. فالأمر لا يتعلق بكونك لست ملزماً باتباع نظام غذائي صارم وحسب، ولكن يجب ألا تتبع هذا النظام الصارم أصلاً. حرر نفسك من سطوة الشطائر الملفوفة بالخس والسلطات الخالية من الدهون، واستمتع بحلوى المناسبات، وبالجبن الأبيض مع مربى التين على خبز التوست. كن واقعياً في عاداتك الغذائية، واطمح إلى تحقيق تغييرات صغيرة وثابتة. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها إنقاص وزنك.
للمزيد عن الأنظمة الغذائية الضارة، شاهد هذا الفيديو من بوبيولار ساينس العربية.