لا شك في أن أفضل علاج للحروق الشمسية هو تجنب التعرض لها في المقام الأول. ارتد ثياباً واقية، ولا تبق تحت وهج الشمس لفترة طويلة، وادهن نفسك بكميات محترمة من الواقي الشمسي (أكثر مما تعتقد أنه كافٍ) بشكل متكرر. ولكن، وعلى الرغم من كل الاحتياطات، يصاب الكثير منا بهذه الحروق التي تجعل شكلك أقرب للكركند المسلوق. يوجد في الأسواق الكثير من العلاجات، إضافة إلى الكثير من الأساليب التقليدية التي يُعتقد أنها أكثر فعالية. غير أن الجواب العلمي أكثر بساطة بكثير، حيث يكفي أن تبرد البشرة المصابة وترطبها.
كيف تقلي نفسك
تقع الإصابة بالحرق الشمسي عندما تتسبب الأشعة فوق البنفسجية الواردة من الشمس بالضرر للدنا الموجود في خلايا البشرة، ما يتسبب بموت هذه الخلايا في عملية تعرف باسم الموت الخلوي المبرمج. يستثير هذا الضرر الفادح وموت الخلايا النظام المناعي لإطلاق فيض من البروتينات الالتهابية والدم إلى المنطقة المصابة. وبالتالي، تصبح الطبقة الخارجية من البشرة حارة ومتهيجة وحمراء.
لا يمكن ملاحظة الحروق الشمسية فورياً في بعض الأحيان، وغالباً ما تظهر بعد التعرض للشمس بساعات كاملة، ما يصعّب من تحديد وجودها قبل أن تتفاقم الإصابة. ولكن إذا تعرضت للشمس لفترة طويلة من الزمن، فقد تستطيع معالجة الحرق قبل أن يسوء وضعه إذا تفقدت بشرتك بين الحين والآخر.
إذا لاحظت تغيراً في لون البشرة، اتجه فوراً إلى مكان ظليل، كما تقول ميجان فيلي، وهي طبيبة حاصلة على شهادة البورد ومختصة بالأمراض الجلدية في نيويورك. أيضاً، إذا وجدت أنك مصاب بالحروق بعد يوم طويل في الشمس، لا تعد إلى الخارج قبل أن يحل الظلام.
شفاء الحروق
يتسبب الحرق الشمسي باحتباس الحرارة داخل البشرة، تماماً في حالة الحروق العادية الناتجة عن شراب ساخن أو طنجرة تلتهب بالحساء. وبالتالي، فإن الخطوة الأولى الهامة لمعالجة الحرق الشمسي هي إطلاق هذه الحرارة. تنصح فيلي بوضع كمادة باردة لمدة 15 دقيقة لعدة مرات خلال ما تبقى من اليوم، أو أخذ دش بارد.
إذا كان الحرق شديداً، فقد تبدأ البثور بالظهور خلال الساعات أو الأيام اللاحقة، وهي ترافق الإصابة بالحروق الشمسية من الدرجة الثانية. تقول فيلي: "لا تفقأ هذه البثور، لأنها تساعد على شفاء البشرة". يجب أن تترك هذه البثور تشفى بشكل طبيعي لأن هذا سيساعدك على تجنب الالتهابات. وحتى تمنع نفسك من فقئها بالخطأ، حاول أن تستحم بغمر نفسك بالمياه في الحوض بدلاً من الدش. وإذا كانت البثور مؤلمة، فقد تشعر بتحسن بعد أخذ أحد أنواع الأدوية الشائعة، مثل إيبوبروفين أو أسبرين، أو استخدام مرهم كورتيكوستيرويد موضعي، مثل هايدروكورتيزون.
بعد الاستحمام، تقول فيلي أنه يجب ألا تجفف بشرتك بشكل كامل، حيث يمكن للحرق الشمسي أن يجفف الطبقة الخارجية، وبالتالي يجب أن تترك بعض الماء حتى تتيح لأدمة البشرة امتصاصه وتعويض ما فقدته. ادهن بشرتك بكريم مرطب وهي ما تزال رطبة، وذلك حتى تحتبس المزيد من الماء وتتيح لخلايا البشرة امتصاصه. يوجد عدد لا يحصى من المنتجات في الأسواق، بل إن بعضها على ما يبدو مخصص للبشرة المحروقة. تقول فيلي أنه يفضل استخدام أي كريم مرطب يحتوي على فيتامينات C و E. وهي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على شفاء البشرة، وتقلل من مقدار التقشر الذي سيحصل لاحقاً.
عادة ما توصف الكريمات المرطبة التي تحتوي على خلاصة الألوفيرا (نبات صباري) –أو حتى هلام عصير هذه النبتة- بأنها أفضل شيء لمعالجة الحروق الشمسية. تقول فيلي أن هذه الخلاصة تستخدم على نطاق واسع لشفاء وترطيب البشرة، والتخفيف من التهيج، كما أنها تحتوي على بروتينات معينة تشفي البشرة وتساعد على تجنب الالتهابات. غير أن الميزة الأساسية لهذه الخلاصة في شفاء الحروق الشمسية، والتي تميزها عن باقي المواد المرطبة، ليست واضحة تماماً. تقول بعض الدراسات أن الإحصاءات تظهر تفوقاً واضحاً للألوفيرا، ولكن توجد أيضاً أبحاث أخرى لم تتوصل إلى نفس هذه النتيجة. وفي المحصلة، توجد فقط بضع دراسات واسعة حول معالجة الحروق الشمسية تتضمن مقارنة بين الألوفيرا والدواء الوهمي (البلاسيبو).
صحيح أن الكثير من المنتجات المتوافرة في الأسواق، خصوصاً التي تحوي على فيتامينات C و E، تحقق المطلوب بشكل جيد، غير أن فيلي تقول أنه يجب تجنب بعض المنتجات بالتحديد، حيث أن الكريمات التي تحوي على أدوية ليدوكين أو بينزوكين ستتسبب بتهيج البشرة، ما سيطيل من عملية الشفاء. كما أن الكريمات ذات الأساسي البترولي، مثل الفازلين، تحتبس الحرارة داخل البشرة، وتجعل التخلص منها صعباً للغاية.
إياك والتقشير
كم سيدوم الحرق الشمسي؟ تقول فيلي: "يمكن أن يدوم الاحمرار من بضعة أيام إلى أسابيع، حسب شدة الإصابة". ومع مرور الوقت، يمكنك أيضاً أن تتوقع ظهور تقشر في البشرة في حالة الحروق الشديدة. وعلى الرغم من أن البعض يشعر بلذة غريبة في إزالة قطعة كبيرة من القشرة برفق عن البشرة، فإن هذه اللذة لا توازي الضرر الذي سيصيب البشرة. إياك وشد البشرة المتقشرة، وفي الواقع، يجب أن تحاول ارتداء ملابس فضفاضة في الفترة التي تلي الإصابة بحرق شمسي، حتى لا يحتك القماش بالمنطقة المتهيجة ويزيد الأمور سوءاً.
حتى بعد زوال الحرق الشمسي، قد ترى بعض الآثار الدائمة على البشرة، مثل الخطوط الدقيقة، أو التجاعيد، أو النمش الشمسي، المعروف باسمه الشائع: البقع الشمسية. تتطور جميع هذه العلامات على البشرة بشكل عام بعد التعرض المتكرر للشمس. وإذا لاحظت هذه التغيرات، استخدم كريماً موضعياً راتينياً (نوع من المركبات الكيميائية المشتقة من الفيتامين A) مثل ريتين – أ، كما تقول فيلي. يعيد هذا المرهم تشكيل الكولاجين في البشرة، ويثبط إنتاج صباغ البشرة المعروف باسم الميلانين، ما يساعد على إزالة البقع الشمسية.
الهجوم أفضل وسيلة للدفاع
تعتبر الوقاية من الحروق الشمسية أفضل على الدوام من رعاية البشرة حتى تشفى. إضافة إلى هذا، تقول فيلي أن الحروق الشمسية تزيد من احتمال إصابتك بسرطان الجلد، كما أن الحروق ذات البثور تضاعف هذا الاحتمال.
إذا كنت تخطط للبقاء في الشمس لفترات طويلة، تنصح فيلي بتدعيم حماية الواقي الشمسي بارتداء الملابس المناسبة. وعلى سبيل المثال، تؤمن الأقمشة الاصطناعية مثل البوليستر او النايلون حماية من الأشعة فوق البنفسجية بشكل أفضل من القطن. تقول فيلي: "يمتص الكتان الأشعة فوق البنفسجية، على حين أن الأقمشة الاصطناعية مثل النايلون تعكسها".
اخرج إلى الهواء الطلق واستمتع بالشمس، ولكن لا تسمح لها بأن تعتدي على بشرتك.