المصادر: ويكيبيديا؛ التعديلات: جيسون تيترو
كيف تتجنب القرود العواقب الخطيرة للعدوي المشتركة فخلال حياة أي شخص، هناك دائماً خطر الموت. وقد لا يحدث ذلك من خلال تدهور الصحة الطبيعية في بعض الحالات، بل بسبب الوجود غير المرغوب فيه لكيان بديل يسعى للاستيلاء على الجسم لمصلحته. ويمكن لهذا الاستيلاء أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على الشخص والتي ينجم عنها فترة من المواجهة قد تؤدي إلى زيادة الأعراض بل وربما الموت المفاجئ.
ولكن ماذا يحدث عندما يكون هناك أكثر من مهاجم؟ إذ يمكن للهجمات المتعددة أن تكون كارثية وتتطلب المزيد من الموارد للمواجهة ويحدث فيها نفاذ أسرع للطاقة. ففي العدوى المشتركة - مثل فيروس الانفلونزا وبكتيريا العقدية الرئوية - يمكن أن تكون النتائج مهددة للحياة خلال تطوّر الالتهاب الرئوي. وفي حالات أخرى، مثل الإصابة بالعدوى عن طريق بكتيريا أخرى قاتلة - المطثية العسيرة - فإن الفرصة تنشأ خلال مواجهة الإسهال المُعدي باستخدام المضادات الحيوية. كما أن هناك حالة فيروس الإيدز. حيث أن إنهاك الجهاز المناعي بهذا الفيروس يوفر فرصة لعدد كبير من العوامل الممرضة الأخرى لتغزو الشخص وتستنزف طاقته بسرعة.
وفي حين أن الآثار المترتبة على هذه المواجهات المُعدية معروفة بشكل جيد على مستوى الأفراد، إلا أن السؤال يبقى حول الآثار - إن وجدت – التي تحدثها عمليات العدوى المتعددة على البيئة. وظل هذا السؤال في معظم الحالات دون إجابة بسبب التواتر المنخفض نسبياً لهذه الأحداث في التجمعات السكانية الكبيرة. ولكن ما نعرفه يشير إلى أن هذا المجال من أبحاث الأمراض المُعدية قد يحتاج إلى مزيد من الاهتمام.
ويذكر بأن المثال الأكثر سوءاً كان قد حدث في عام 1918 خلال جائحة الإنفلونزا الإسبانية. إذ سمح تأثير فيروس الإنفلونزا على الجسم بالإصابة بالعدوى البكتيرية الثانوية. وكان المرضى عاجزين تقريباً عن مواجهة الهجوم المزدوج واستسلم الكثير منهم للموت ببساطة. وتشير بعض التقديرات إلى أن معظم الوفيات لم تكن بسبب انتشار الإنفلونزا ولكن بسبب كل من الفيروس والبكتيريا.
وبين عامي 2002 و2003 في كندا، تم تحليل وباء المطثية العسيرة للكشف عن أي عوامل مساهمة. وأظهرت البيانات أن عدداً من الأفراد كانوا يقاومون عدداً من أنواع العدوى باستخدام أدوية الفلوروكينولونات. وبسبب هذا العامل الوحيد، فقد كان خطر الإصابة بالعدوى أعلى بثلاثة أضعاف، وتوافقت النتائج مع زيادة معدلات الأمراض والوفيات.
وأهم مثال في العصر الحديث هو العلاقة بين الإصابة بفيروس الإيدز وبداية مرض السل. إذ أن المصابين بفيروس الإيدز هم أكثر عرضة للإصابة بعدوى المتفطرة السلية بـ 26-31 مرة. وتحدث العدوى المشتركة أكثر من مليون مرة كل عام، وتسبب أكثر من ربع الوفيات المرتبطة بفيروس الإيدز. واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن هذه المشكلة تمثل أولوية، ولا تزال تدرس طرق الوقاية من حدوثها.
وتشير هذه الأمثلة إلى أن العدوى المزدوجة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على السكان وتزيد من انتشار الوباء. ولكن أهمية ذلك تقتصر على الهجمات المتتالية. إذ لا يوجد حتى الآن أدلة كافية لتكشف عما إذا كانت العدوى المشتركة المتزامنة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوباء أو حتى ظهور الجائحة.
وفي بداية عام 2015، حاول فريق أوروبي من الباحثين الإجابة على هذا السؤال باستخدام نموذج سكاني أكثر مرونة، ألا وهو النباتات. حيث قام الفريق بفحص العدوى المشتركة لإحدى النباتات الشائعة في المملكة المتحدة - لسان الحمل السهمي - والنتائج المحتملة. وكانت العوامل الممرضة التي تم اختيارها هي سلالتين من الأنواع الفطرية والمعروفة بأنها تؤثر على هذا النبات، وهي البياض الدقيقي.
ولم يتم إجراء التجارب في المختبر وإنما في الحديقة. إذ قام الفريق أولاً بزرع قطع من النبات ثم تحديد قدرتها على مقاومة الفطريات. وقاموا بعد ذلك بإصابة النباتات بإحدى السلالتين أو كلتيهما. وكانوا يأملون بأن يؤثر الهجوم المزدوج على قدرة النبات على المواجهة ويؤدي إلى زيادة انتشار العوامل الممرضة من خلال الأبواغ.
وكانت النتائج كما توقعوا بالضبط. فالنباتات المعروفة بمقاومة الفطر لم تتغير قدرتها على مواجهة المرض. ولكن النباتات المعرضة لخطر الإصابة واجهت زيادة كبيرة في عدد الأوراق المصابة. وكما كان متوقعاً أيضاً، فقد ازداد عدد الأبواغ التي نشرت العدوى بشكل كبير مما يعني فرصة أكبر للانتشار وتطور الوباء.
وجاءت أهم النتائج من خلال مراقبة الأوبئة. إذ قام الفريق بمراقبة عدد النباتات المصابة بعد شهرين من النمو العشوائي الواسع. وكان عدد النباتات المصابة بسلالة فطرية واحدة فقط أعلى بقليل. ولكن عدد النباتات المصابة بأكثر من 60٪ من العدوى المشتركة كان أعلى بـ 10 أضعاف مما كان عليه في بداية التجربة. وكشفت هذه النتيجة بأن الأوبئة يمكن أن تتطور بشكل أسرع وتسبب المزيد من الضرر في حال حدوث العدوى المشتركة.
وتسلط نتائج هذه الدراسة الضوء حول كيف يمكن للعدوى المشتركة أن تؤدي إلى عواقب وخيمة ضمن التجمعات السكانية. كما أنها تكشف عن البيئة الحيوية للوباء. وفي حين أن الإصابات الأولية كانت متزامنة، إلا أن الانتشار الطبيعي أدى إلى حدوث إصابات مفردة ومزدوجة، حيث تسبب العدوى المزدوجة النسبة الأكبر. وهذا يشير إلى أن العدوى لا تنتقل بشكل موحد، وقد يصاب الأفراد بعدوى واحدة أو اثنتين أو قد لا يصابون بأي منها على الإطلاق.
وفي سياق الصحة العامة، تؤكد هذه الدراسة ديناميكية انتشار العدوى وكيف يمكن للعدوى المشتركة أن تفاقم تفشي المرض. وتشير النتائج أيضاً إلى أن الوقاية من العدوى المشتركة المتزامنة ليست بأهمية الوقاية من العدوى المشتركة بغض النظر عن التوقيت. والأكيد أن الأمر المثالي هو الوقاية من الإصابة بأي عدوى. ولكن عندما تحدث إحداها، مثل الإنفلونزا أو التهاب المعدة والأمعاء أو فيروس الإيدز، فيجب أن نفعل كل ما بوسعنا للوقاية من العدوى الثانوية. وإن لم نتمكن من ذلك، فقد نشهد تحول الوباء بسرعة إلى مرض لا يمكن السيطرة عليه.