يتجه العالم نحو استهلاك الطعام الصحي والغذاء المُنتَج بطرق صديقة للبيئة بعيداً عن المبيدات الكيميائية والهرمونات. توفر الأغذية العضوية هذه المتطلبات، لذلك يرغب الكثيرون بشرائها وتناولها. لكن هل الغذاء العضوي هو الأفضل للصحة؟ وبماذا يختلف عن الغذاء العادي؟ وهل بالفعل يرغب الجميع باستهلاكه؟ تقدم هذه المقالة إجابة عن جميع هذه التساؤلات.
ما هو الغذاء العضوي؟
الغذاء العضوي هو الغذاء الذي يُنتج دون استخدام مواد كيماوية صناعية أو إضافات غذائية اصطناعية مثل المُحليات الصناعية والملونات والمنكهات والغلوتامات أحادية الصوديوم، ولم تُضَف إليه المواد الحافظة، ولم يتعرض للإشعاعات المؤذية، ولا يشمل الغذاء العضوي الكائنات المعدّلة وراثياً.
يُقال عن المحاصيل إنها عضوية عند تسميدها طبيعياً دون أسمدة كيميائية، والمنتجات الحيوانية العضوية هي المنتجات المأخوذة من حيوانات لم تُعط هرمونات النمو أو المضادات الحيوية.
تشمل الأغذية العضوية كلاً من الفواكه والخضروات والحبوب ومنتجات الألبان واللحوم، ومنها أيضاً المشروبات الغازية والبسكويت وبدائل اللحوم.
اقرأ أيضاً: هل تناول الأطعمة المعدّلة وراثياً آمن؟
العناصر الغذائية في الأغذية العضوية
تشير غالبية الدراسات إلى أن الأغذية العضوية تحتوي على عناصر غذائية أكثر من غير العضوية منها:
- نسبة أعلى من فيتامين C والزنك والحديد.
- غنية بمضادات الأكسدة، فنسبة مضادات الأكسدة فيها أعلى من الأغذية غير العضوية بـ69%. يعود سبب ارتفاع هذه النسبة لأن المحاصيل العضوية لا تُرش بالمبيدات الكيميائية وتنتج المزيد من مضادات الأكسدة لتحمي نفسها.
- مستويات أقل من النترات بنسبة 30%. تزيد المستويات العالية من النترات خطر الإصابة بالسرطان، وترتبط بحالة تسمى ميتهيموغلوبينية الدم، وهي عدم قدرة الدم على نقل الأوكسجين إلى الجسم عند حديثي الولادة.
- يحتوي الحليب العضوي ومشتقاته على مستويات أعلى من أحماض أوميغا 3 الدهنية والحديد وفيتامين هـ وبعض الكاروتينات. وفي المقابل، فهي تحتوي على كمية أقل من السيلينيوم واليود.
- تحتوي اللحوم العضوية على نسبة أعلى من أحماض أوميغا 3 الدهنية ومستويات أقل قليلاً من الدهون المشبعة مقارنة باللحوم غير العضوية.
أيهما أفضل: الأغذية العضوية أم غير العضوية؟
على الرغم من أن نتائج الدراسات السابقة جاءت لصالح الأغذية العضوية، فإن العديد من الدراسات الأخرى لم تجد فرقاً بينهما، ولم تجد أدلة كافية للتوصية بها على حساب الأغذية غير العضوية. وعن زيادة حصول الأشخاص الذين يتناولون طعاماً عضوياً على نسبة أكبر من العناصر الغذائية، يقول البعض إن السبب هو زيادة استهلاك الخضروات والفواكه.
عموماً، لم تجزم الدراسات بأفضلية الأغذية العضوية أو غير العضوية، لأن المحتوى الغذائي للأطعمة يتعلق بعدة عوامل تختلف عن تلك التي تُصنف الغذاء على أنه عضوي. من هذه العوامل بالنسبة للمحاصيل النباتية: جودة التربة والظروف الجوية ووقت حصاد المحاصيل. أمّا المنتجات الحيوانية من ألبان ولحوم تعتمد على عوامل مثل الاختلافات الوراثية الحيوانية وسلالة الحيوانات وما تأكله والوقت من العام ونوع المزرعة.
اقرأ أيضاً: ما هو تأثير المواد الحافظة؟ وما هي أضرارها وفوائدها في الأغذية؟
فوائد الأغذية العضوية
يعود استهلاك الأغذية العضوية بفوائد عديدة على صحة البشر والحيوانات والبيئة:
- تجنب المواد الكيميائية الاصطناعية.
- تقليل التعرض للسموم وبقايا المبيدات ومعدن الكادميوم شديد السمية الموجود فيها.
- إضعاف خطر الإصابة بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
- تحسين جودة التربة والحفاظ على المياه الجوفية.
- خفض مستويات التلوث، فهي بذلك أفضل للبيئة.
- تربية حيوانات المزرعة في بيئة أفضل.
- حماية الخلايا من التلف وتعزيز صحة الجهاز المناعي.
- تقليل خطر الإصابة بالحساسية والإكزيما وزيادة الوزن لدى الأطفال والرضع.
بالنسبة للسرطان، لم تجد الدراسات فرقاً في خطورة الإصابة به بين الأشخاص الذين يتناولون طعاماً عضوياً أو غير عضوي. على الرغم من ذلك، يتطلب تأكيد فوائد الأغذية العضوية المزيد من الدراسات.
اقرأ أيضاً: ما حقيقة الارتباط بين تناول الأطعمة العضوية والإصابة بالسرطان؟
هل توجد أضرار للأغذية العضوية؟
لا توجد أضرار للأغذية العضوية، لكن بعض أنواعها غنية بالسعرات الحرارية وقليلة بالعناصر الغذائية، أي أنه ليست كل الأطعمة العضوية مغذية.
بعض الأغذية العضوية معالَجة وعالية السعرات الحرارية، ويضاف إليها السكر والملح والدهون. على سبيل المثال، الكعك والمشروبات الغازية والمثلجات، كلها أغذية عضوية لكنها فقيرة بالعناصر الغذائية.
بناءً على ما سبق، من الأفضل أن تختار طعاماً يحتوي على العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن التي تحتاجها، وألّا تعتمد على الأغذية العضوية.
هل يرغب الجميع بالتوجه نحو تناول الأغذية العضوية؟
هل كنت تعرف هذه الفوائد والأضرار من قبل؟ أو هل تبحث عن الأغذية العضوية لشرائها بدلاً من الأغذية غير العضوية؟ وهل تعتقد أن الجميع يعرفون ما هي الأغذية العضوية وفوائدها؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، سنلقي نظرة على دراسة من جامعة تشرين السورية، درس فيها الباحثون توجه المستهلكين من طلاب وخريجي الماجستير نحو الأغذية العضوية.
ركز الباحثون على 4 عوامل قد تؤثر في توجه المستهلكين نحو الأغذية العضوية:
- الخصائص الديموغرافية (العمر، الجنس، الدخل، عدد الأولاد).
- الاهتمام بالصحة.
- الاهتمام بحماية البيئة.
- مدى المعرفة بالأغذية العضوية.
وجد البحث أن نسبة كبيرة من المستهلكين على دراية بمصطلح الغذاء العضوي، إلا أن نسبة قليلة منهم تقدم على شرائه، والاهتمام بالصحة لم يكن عاملاً كافياً لاستهلاك الأغذية العضوية. أما العمر، فكان كبار السن هم المقبلون على الأغذية العضوية مقارنة بالشباب، وبشكل عام كان للخصائص الديموغرافية الأثر الواضح على توجهات المستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون درجة ضعيفة من الاهتمام بالبيئة الطبيعية من قبل المستهلكين، وهو ما انعكس سلباً على ربط ذلك باتجاههم نحو شراء الأغذية العضوية التي تُنتج بطرق صديقة للبيئة. في المقابل، كانت لدى أغلب المستهلكين خلفية جيدة عن ماهية الأغذية العضوية، وكان ذلك كفيلاً بتشجيعهم على استهلاكها.