استهلاك الطاقة هو جزء أساسي من الحياة؛ إذ إن الحركة تتطلب حرق السعرات الحرارية، وكذلك الأمر بالنسبة لضخ الدم والتنفس وأداء الوظائف الأساسية الأخرى. يؤدي جسمك وظائفه في الخلفية عندما تقرأ أو تشاهد التلفاز، ويحرق نحو 100 سعرة حرارية في الساعة. ولكن ماذا لو أردت تسريع عملية الاستقلاب والتعرّق وزيادة كمية السعرات الحرارية التي يستهلكها جسمك؟ عندها، يجب عليك أن تزيد مستوى نشاط جسمك.
تنص إحدى القواعد العامة على أن التمارين القلبية الوعائية والهوائية هي التي تحرق الكمية الأكبر من السعرات الحرارية. يقول الأستاذ المساعد في البحث الذي يدير برنامج إدارة الوزن في جامعة كانساس، ويشرف على ملخّص الأنشطة البدنية، وهو دليل مرجعي صحي يلخّص التمارين والنشاطات المختلفة وما تستهلكه من طاقة، ستيف هيرمان (Steve Herrmann): "عموماً، سيؤدي أي نشاط يزيد معدل ضربات القلب إلى حرق المزيد من السعرات الحرارية". لن تمثّل ممارسة النشاطات التي تحرق أكبر كمية من السعرات الحرارية في القائمة نهجاً يناسب الجميع للحفاظ على اللياقة. ويقول هيرمان إنه إذا بدأت للتو الحفاظ على لياقتك، فأهم ما يجب فعله هو "الاعتياد على النشاط".
يمثّل المشي عدة مرات في الأسبوع أساساً مفيداً يمكنك البناء عليه. يمكنك بعد ذلك إضافة تمارين القوة إلى روتينك والتوصل في النهاية إلى روتين تمارين تستمتع بممارسته بانتظام ويحافظ على مستوى لياقتك. يقول هيرمان: "إذا كانت التدريبات المتقطعة العالية الكثافة هي التي تناسبك، فمن المحتمل ألّا تتمكن من إجرائها على نحو متسق دائماً". يدرك بعض الأشخاص أنهم يفضّلون الجري أو ركوب الدراجات وحدهم، بينما يحفّز الآخرون أنفسهم من خلال ممارسة التمارين مع الأصدقاء.
ما وراء مبدأ حرق السعرات الحرارية
نظرياً، السعرات الحرارية ليست أكثر من مقياس للطاقة. عُرّفت السعرات الحرارية لأول مرة على أنها الطاقة اللازمة لتسخين غرام واحد من الماء بمقدار درجة مئوية واحدة، ثم ربطها العلماء فيما بعد رسمياً بالجول، وهي وحدة أخرى لقياس الطاقة. تساوي كل سعرة حرارية غذائية أو كيلو كالوري، ألف سعرة حرارية. يحتوي كل غرام من الكربوهيدرات أو البروتين على 4 سعرات حرارية غذائية، بينما يحتوي كل غرام من الدهون على 9 سعرات حرارية غذائية.
في الواقع، وخصوصاً ضمن الآلية الحيوية في أمعاء البشر، تصبح حسابات السعرات الحرارية البسيطة غير دقيقة. على الرغم من أن كلَّ ملصق غذائي يتضمن مقياساً معيارياً للسعرات الحرارية، تعتمد كمية السعرات الحرارية الفعلية التي تتناولها على عوامل متعددة تتعلق بالجسم، والميكروبات التي تعيش في الأمعاء هي مثال على ذلك. نتيجة لذلك، قد يستهلك البعض كمية أكبر من السعرات الحرارية في أثناء هضم الطعام، بينما يخزّن البعض كمية أكبر على شكل دهون، ويفرّز البعض سعرات حرارية أكثر عند طرح الفضلات.
يمكن أن يتأثر معدل حرق السعرات الحرارية أيضاً بالعديد من العوامل، مثل العمر وتوتّر العضلات والعوامل الوراثية. يشرح هيرمان قائلاً إن الطاقة التي يستهلكها الجسم في إجراء النشاطات المختلفة تزداد بازدياد الوزن عموماً، وذلك لأن الجسم عندها سيضطر لتحريك كتلة أكبر. وعندما يفقد الناس الوزن، يجب عليهم زيادة مدة التمرين أو شدّته لحرق الكمية نفسها من السعرات الحرارية.
اقرأ أيضاً: ما هي الآلية التي تفقد فيها أجسامنا الوزن عند الالتزام بحمية قليلة السعرات الحرارية؟
هل يجب عليك عدّ السعرات الحرارية؟
يمكن أن يكون أخذ السعرات الحرارية في الاعتبار مفيداً في التخطيط لكلٍّ من الوجبات والتمارين الرياضية. تقول اختصاصية التغذية والمدرّبة الشخصية في المركز الطبي في جامعة روتشستر، أبريل هو (April Ho): "عموماً، إن طريقة التفكير المعتمدة على عدّ الكمية الداخلة والخارجة من السعرات الحرارية مفيدة. يجب أن يحرق جسمك كمية من السعرات الحرارية أكبر من التي يتناولها إذا أردت أن تخفّف وزنك".
مع ذلك، يعاني هذا النظام من العيوب؛ إذ تحذّر هو من أن الاعتماد على أدوات حساب السعرات الحرارية قد يوهمك بأن هذه العملية دقيقة، وهي ليست كذلك بسبب الكم الهائل من المتغيرات التي تؤثر في عدد السعرات الحرارية التي يمتصها الجسم أو يستهلكها. تقول هو إنه يجب عليك ألّا ترهق نفسك في محاولة "تقدير الأرقام الدقيقة، لأنك ستكون مخطئاً على أي حال على الأرجح".
قد يكون قياس السعرات الحرارية في الدراسات صعباً ومكلفاً. تتمثل إحدى الطرق في جعل الأشخاص يشربون المياه المضاعفة الوسم، التي تحتوي على أشكال مشعّة غير ضارة من الهيدروجين والأوكسجين تنتشر في الجسم. تُتيح مراقبة العناصر الموسومة في البول أو السوائل الأخرى للعلماء حساب كمية الطاقة التي يستهلكها الجسم في التمرين على مدار اليوم.
ولكن الطريقة الأكثر دقة لتقييم معدل الاستقلاب هي استخدام مقياس السعرات الحرارية المباشر (أو المِسعر المباشر). تراقب هذه الغرفة الصغيرة المليئة بأجهزة الاستشعار الحرارة التي يولّدها الأشخاص في أثناء تحرّكهم داخلها. هذه الأداة ليست للاستخدام اليومي؛ إذ يكلّف بناؤها نحو مليون دولار. لذلك، يقول هيرمان إنه لا يعرف بوجود سوى نحو 10 منها في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: الحقيقة حول حساب السعرات الحرارية
التمارين التي تحرق الكمية الأكبر من السعرات الحرارية
سنستعرض التمارين التي تحرق الكمية الأكبر من السعرات الحرارية بناء على حاسبة السعرات الحرارية في موقع جامعة روتشستر. تقابل القيم جميعها ساعة واحدة من النشاط ومتوسط وزن الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 20 عاماً أو أكثر، الذي يساوي 77 كيلوغراماً للنساء ونحو 91 كيلوغراماً للرجال وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها.
الجري بسرعة تبلغ 9.6 كيلومترات في الساعة: 1,400-1,600 سعرة حرارية
البشر هم عدّاؤون لمسافات طويلة بفضل قدرتهم على المشي على قدمين، وهم يتحرّكون غالباً بالسرعات الأكثر كفاءة من ناحية استهلاك الطاقة للحفاظ على السرعة نفسها عبر عدة كيلومترات. (يفترض بعض العلماء أن جنسنا البشري طوّر القدرة على الجري بكفاءة لمطاردة الفرائس لمسافات طويلة). يستهلك الجري بسرعات أقل كمية أقل من السعرات الحرارية أقل في الساعة، وكلما زادت المسافة التي تقطعها، ستزيد كمية الطاقة المستهلكة. عموماً، يحرق استخدام جهاز المشي (أو جهاز الجري) كمية أقل من السعرات الحرارية مقارنة بالجري في الهواء الطلق.
ركوب الدراجات الهوائية بسرعة 32 كيلومتراً في الساعة: 1,400-1,600 سعرة حرارية
مثل الجري، ركوب الدراجة هو تمرين يرفع معدل ضربات القلب ويتطلب نشاط العديد من المجموعات العضلية. يستهلك ركوب الدراجات الثابتة طاقة أقل من ركوب الدراجات على الطريق. وتتراوح هذه الكمية بين نحو 900 و1000 سعرة حرارية في الساعة بالسرعات القصوى. يقول هيرمان: "عند استخدام الدراجات الثابتة، تكون الأكتاف مسترخية بسبب غياب الحاجة لتوجيه الدراجة والانعطاف". بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد هواء يصطدم بالراكب. يمكنك زيادة درجة المقاومة أو حمل أوزان خفيفة لزيادة كمية السعرات الحرارية المحروقة عند استخدام الدراجة الثابتة.
التمارين الهوائية العالية التأثير: 960-800 سعرة حرارية
توصي هو بممارسة نوعين من التمارين لزيادة معدل الاستقلاب والحفاظ على هذه الزيادة بعد الانتهاء من التمرين. يتضّمن النوع الأول، وهو التمارين التي تتألف من دورات، "تمارين التقوية والتمارين القلبية في الوقت نفسه"، مثل الانتقال بسرعة من تمرين القرفصاء إلى تمارين عضلات البطن. تقول هو إن النوع الثاني، وهو التدريب المتقطع العالي الكثافة، يمكن أن يزيد معدل الاستقلاب (مثل النوع الأول) لعدة ساعات مقارنة بأنواع التمارين الأخرى". يتضمن هذا النوع التمارين القلبية التي تتخللها فترات قصيرة من التمارين القاسية، مثل ممارسة العدو لدقيقة، ثم ممارسة الأنشطة الأكثر اعتدالاً لمدة 3 دقائق.
دورات السباحة: 1,000-800 سعرة حرارية
يساعد التحرّك في الماء على تمرين الأطراف ويرفع معدل ضربات القلب من دون تطبيق الإجهاد على المفاصل الناجم عن اصطدام الأقدام بالأرض. لكن ماذا عن غمر الجسم لفترة طويلة في المياه شديدة البرودة؟ وجدت دراسة مراجعة نُشرت عام 2022، أن السباحة في الماء المثلّج قد تقلل خطر الإصابة بمرض السكري وغيره من الاضطرابات. أما بالنسبة للفوائد الأخرى، مثل تخفيف الوزن، فإن الأدلة لم تكن حاسمة وفقاً لمؤلفي الدراسة.
رفع الأوزان: 580-500 سعرة حرارية
كما قد تظن، كلما زادت الأوزان التي ترفعها، ستزداد كمية السعرات الحرارية التي ستحرقها. يمكن أن يؤدي تعزيز توتّر العضلات أيضاً إلى جعل المهام اليومية والحركات العادية أسهل على جسمك. لكن من المهم أن تتذكر أنه يجب عليك زيادة الأوزان التي ترفعها (مثل الأثقال والقضبان والأثقال الإبريقية) تدريجياً؛ إذ إن رفع الأوزان الكبيرة مباشرة يزيد من خطر حدوث التمزقات والإصابات الأخرى.
الرياضات: ما يصل إلى 960 سعرة حرارية
هناك قول مأثور بين بعض خبراء اللياقة ينص على أن "أفضل تمرين هو التمرين الذي تكون مستعداً لإجرائه". على الرغم من أن هذا القول مبتذل قليلاً، فإنه واقعي. إذا كنت تستمتع بالمشاركة في الألعاب الرياضية (علماً أن هذا يمنحك الفرصة لتستفيد من روح التمرين المجتمعي التي يشجّعها هيرمان)، كن على دراية بأنك تحرق السعرات الحرارية في أثناء اللعب.
اقرأ أيضاً: هل ممارسة الرياضة دون الالتزام بحمية غذائية استراتيجية فعّالة لفقدان الوزن؟
تؤدي ممارسة فنون الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه والكيك بوكسينغ لمدة ساعة إلى حرق 840-960 سعرة حرارية. أمّا ممارسة رياضة كرة الماء تحرق 800-960 سعرة حرارية. ويمكنك حرق 670-770 سعرة حرارية في ممارسة كرة السلة. حتى ممارسة بعض ألعاب الفيديو يمكن أن تحرق سعرات حرارية أكثر (فكر بالحركات الحماسية مثل المراوغة وتدوير الذراعين التي تجريها في الألعاب مثل وي تينس، Wii Tennis، أو ألعاب الواقع الافتراضي مثل بيت سيبر، Beat Saber)، ما أقنع هيرمان بتضمين الألعاب في مراجعة قادمة لملخّص الأنشطة البدنية.