طوال 40 أسبوعاً، تحمل الأم طفلها الصغير في أحشائها حتى يكتمل نموه، ويصبح قادراً على الاعتماد على نفسه. تواجه خلالها قواعد جديدة تتعلق بنظامها الغذائي، وقد تحاول تطبيق القول القديم: "عليك الأكل عن شخصين الآن" فهل هذا صحيح؟ وما احتياجات المرأة الحامل من العناصر الغذائية؟ إن موضوع التغذية مهم للحوامل، لأن أسلوب الحياة الصحي قبل الحمل وأثناءه مهم لكل من الأم وطفلها.
العناصر الغذائية التي تحتاجها المرأة الحامل
تحتاج الأم الحامل إلى زيادة مدخولها من العناصر الغذائية بشكل عام، إلا أن هناك عناصر رئيسية لا بُدّ من الحرص على تأمينها لأهميتها للجنين، وهي وفقاً للكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد (ACOG):
حمض الفوليك أو الفولات
هو الفولات في المواد الغذائية الطبيعية، وحمض الفوليك في المكملات الغذائية الاصطناعية، أو فيتامين ب9. يؤدي حمض الفوليك دوراً مهماً في الحماية من إصابة الجنين بالعيوب الخلقية في نمو دماغ الطفل والحبل الشوكي، والتي تُعرف بعيوب الأنبوب العصبي. حيث توصي (ACOG) بتناول 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يومياً لمدة شهر قبل الحمل، و600 ميكروغرام في اليوم أثناء الحمل. يمكن الحصول على الفولات من بعض المصادر الغذائية الطبيعية كالخضروات الورقية والحبوب المدعمة والخبز والمعكرونة والفول والحمضيات.
الكالسيوم
تحتاج الحامل للكالسيوم لأنه يدخل في تكوين عظام الطفل وأسنانه، فإذا لم تستهلك ما يكفي منه سيتم سحب المعدن من مخازنه في عظام الأم لتلبية احتياجات الطفل، حيث يحتوي الهيكل العظمي للطفل على 30 غراماً من الكالسيوم يراكم معظمها خلال الثلث الأخير من الحمل. غالباً ما تحتاج الحامل فوق سن الـ19 عاماً إلى 1000 ملليغرام من الكالسيوم يومياً، وتزيد الكمية للحوامل المراهقات ما بين 14-18 عاماً إلى 1300 ملليغرام في اليوم. من أهم مصادر الكالسيوم: الحليب والزبادي والجبن والعصائر والأغذية المدعمة بالكالسيوم، والسردين أو السلمون، وبعض الخضروات الورقية كاللفت والبروكلي والكرنب.
فيتامين د
يتعاون فيتامين د مع الكالسيوم لبناء عظام الطفل وأسنانه، إذ تحتاج الحامل إلى نحو 600 وحدة دولية من فيتامين د يومياً، ومن أهم مصادره الأسماك الدهنية كالسلمون، والحليب المدعم وعصير البرتقال.
الحديد
يدخل الحديد في تكوين بروتين الدم الهيموغلوبين، ويساعد على نقل الأوكسجين إلى الخلايا. خلال الحمل يزداد احتياج المرأة من الحديد لتكوين مزيد من الدم وتزويد الطفل باحتياجاته، لتبلغ 27 ملليغراماً من الحديد يومياً. فإذا لم تحصل المرأة الحامل على احتياجاتها ستصاب بفقر الدم، وتضعف مناعتها وتصبح عرضة للإصابة بالأمراض. يمكن الحصول على الحديد من بعض المصادر الطبيعية كاللحوم الخالية من الدهون ولحوم الدواجن والأسماك، والبقوليات كالفاصولياء والبازلاء المجففة، والحبوب المدعمة بالحديد.
البروتين
يساهم البروتين في بناء أنسجة الجسم وأعضائه كالمخ والقلب، ولحسن الحظ تتعدد مصادر البروتين الغذائية حيث لا تعاني معظم النساء أثناء الحمل من نقصه. ويوصي أطباء (ACOG) الحامل بتناول نحو 60 غراماً على الأقل من البروتين يومياً. ومن أهم الأغذية الغنية بالبروتين اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والبيض والمكسرات والبقوليات.
اقرأ أيضاً: ما الأشياء التي على الحامل للمرة الأولى معرفتها؟ وما الأغذية التي يُنصح بها؟
ما عدد السعرات الحرارية التي يجب أن تتناولها المرأة الحامل؟
على الرغم من القول المأثور إن المرأة الحامل تأكل عن شخصين في الحمل، فإن هذا غير دقيق، فنحن نتحدث عن جنين صغير بحجم حبة البازلاء في الشهر الأول من الحمل، يتزايد وزنه تدريجياً حتى يزن بضعة كيلوغرامات في نهاية الحمل. لذا، قد تحتاج المرأة المزيد من المغذيات الدقيقة والأساسية، والأكل الصحي والمتوازن، لكنها لا تحتاج إلى سعرات حرارية مضاعفة. إن المدخول اليومي الموصى به من السعرات الحرارية للمرأة هو 2000 سعرة حرارية، وخلال شهور الحمل تزداد احتياجاتها من السعرات الحرارية وفقاً للكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) كما يلي:
- في الثُلث الأول من الحمل: لا تحتاج الحامل إلى أي سعرات حرارية إضافية، بل هي نوعية الغذاء فقط ما يجب التركيز عليها، إذ تحتاج إلى تناول الأغذية التي تحافظ على طاقتها وتضيف المزيد من العناصر الغذائية.
- الثُلث الثاني من الحمل: يمكن زيادة السعرات الحرارية بمقدار 300-350 سعرة حرارية يومياً، أي ما يعادل كأسين من الحليب الخالي من الدسم ووعاء من دقيق الشوفان.
- الثُلث الثالث من الحمل: يجب إضافة نحو 450-500 سعرة حرارية يومياً.
- إذا كانت الأم حاملاً بتوأم يجب إضافة 300 سعرة حرارية لكل طفل.
قد تزداد هذه الأرقام بالنسبة للحوامل المراهقات، أو لمَن يعانين من نقص في الوزن، بينما يمكن أن تقل إذا كانت الأم مصابة بالسمنة، مع المحافظة على تلبية احتياجاتها من المغذّيات الضرورية. لذا يجب مراجعة الطبيب لتحديد الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية. وبشكل عام يمكن مراقبة وزن الأم لمعرفة ما إذا كانت تحصل على الكمية المناسبة من السعرات الحرارية، حيث يجب أن يزداد الوزن نحو 0.3 كيلوغرام في الثُلث الأول من الحمل، ثم نحو 0.5 كيلوغرام في الأسبوع خلال الثُلثين الأخيرين من الحمل.
اقرأ أيضاً: ما أسباب الجوع المستمر عند الحامل؟ وكيف تتعاملين مع هذه الحالة؟
نصائح للمرأة الحامل في الأسابيع الأولى
في الأسابيع الـ13 الأولى للحمل، وبينما تستعد الأم لنمو حياة جديدة داخلها، يتحول الطفل من بويضة مخصبة إلى جنين مكتمل، ويخضع جسم الأم لبعض التغييرات، إذ تُفرز هرمونات تؤثر على كل عضو تقريباً. تعاني بعض النساء خلال هذه الفترة من بعض الأعراض، مثل:
- التعب.
- تشنجات في الأطراف.
- اضطراب المعدة والقيء.
- الإمساك.
- حرقة المعدة.
- الصداع.
- الرغبة في تناول الطعام أو النفور منه.
بعض النصائح والإرشادات يمكنها حماية الأم وجنينها خلال أسابيع الحمل الأولى، ومنها:
- إذا كانت الأم تخطط للحمل في الفترة القادمة يُفضّل تناول فيتامينات ما قبل الحمل بعدة أشهر.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام مثل تمارين قاع الحوض، وتجنب التمارين الشاقة أو التي تضغط على المعدة.
- اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات ومنتجات البروتين الخالي من الدهون، والألياف.
- شرب الكثير من الماء.
- تجنب السوتشي وأي مأكولات بحرية نيئة أو مدخنة.
- الابتعاد عن فضلات القطط لأنها قد تنقل عدوى داء المقوسات.
- الألبان والأجبان غير المبسترة.
اقرأ أيضاً: هل تضر المشروبات الغازية بصحة الحامل؟
كما قدمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" بعض النصائح للتخفيف من حدة الأعراض في بداية الحمل:
- لإدارة الغثيان والقيء يمكن شرب الزنجبيل والبابونج وفيتامين ب6.
- يخفف معدنا المغنزيوم والكالسيوم من الإصابة بتشنجات الساق.
- لعلاج الإمساك يمكن تناول نخالة القمح أو مكملات الألياف.
في الختام، لا تتجاهلي ما يحاول جسمك إخبارك به، فهما كان ما تشعرين به خلال الحمل فقد يكون مؤشراً لحالة صحية معينة، لذا عليك زيارة الطبيب المختص بشكل دوري، والتأكد من تناول نظام غذائي يوفر جميع احتياجاتك من المواد الغذائية لك ولطفلك.