يعد النظام الغذائي المتوسطي، الذي يضم الخضروات والفاكهة والألبان والأجبان وزيت الزيتون والسمك والمكسرات، من أفضل الأنظمة الغذائية الصحية في العالم، وينصح معظم الأطباء باتباعه للحصول على صحة جيدة، وتأخير الشيخوخة، وتحسين حالة أمراض القلب والأوعية الدموية. فما هي المركبات في هذا النظام الغذائي التي تساعد القلب على العمل بصورة أفضل وتقيه من الأمراض؟ دراسة حديثة تجيب.
اقرأ أيضاً: ما العلامات المنذرة للإصابة بالاحتشاء القلبي؟
كيف تساعد مكونات النظام الغذائي المتوسطي على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية؟
تعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفيات على مستوى العالم، حيث بلغت نسبتها 32% من الوفيات في عام 2019، وتشكل الأدوية المشتقة من المنتجات النباتية نحو 30% من إجمالي الأدوية المتاحة اليوم، واستخدم البشر نباتات عديدة تجريبياً في الطب التقليدي لعلاج أمراض القلب وغيرها من الحالات نظراً لفوائدها الملموسة لكن دون مراعاة وجود مركبات سامة بها أو الآثار الصحية الضارة على المدى الطويل، ومن دون معرفة المركبات النشطة التي تسهم في توفير الأثر الطبي العلاجي.
يكمن التحدي الأساسي في تحديد المركبات النشطة في العلاج ضمن النظام الغذائي المتوسطي بأن هناك مجموعة متنوعة من الأغذية الموجودة مع آلاف المركبات الموجودة فيها، ما يجعل دراسة كل واحدة على حدة صعبة، وبالتالي فإن استخلاص هذه المركبات وصناعة أدوية منها، يمثل مهمة تحتاج إلى إمكانات تقنية وأبحاث على مستوى واسع.
حاول الباحثون في دراسة من جامعة برشلونة المستقلة (UAB) منشورة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن يجمعوا بين أبرز مكونات الطب التقليدي والدراسات الكيميائية الحيوية والدوائية لإثبات فعالية هذه المركبات، وتوصيف الجزيئات الكيميائية المحددة التي يمكن أن تعمل بصفتها أدوية، والقدرة على إجراء عملية إنتاج موحدة وقابلة للتكرار. إذا ثبتت النتائج الإيجابية، فيجب إجراء تجارب سريرية شاملة للتأكد من السلامة السريرية والفعالية للمستخلصات النباتية. وقد يؤدي الجمع بين الطب التقليدي وعلم الأدوية والطب الحديث إلى اكتشاف أدوية جديدة بأسعار أقل وفي متناول شريحة أوسع من الناس.
اقرأ أيضاً: لماذا يرتفع ضغط الدم بأقل كمية من الملح؟
لماذا يعد إيجاد علاج لأمراض القلب والأوعية الدموية أولوية صحية؟
ركز الباحثون في الدراسة على الآثار العلاجية لأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال مكونات عناصر النظام الغذائي المتوسطي، نظراً لارتباط الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بالحالات التالية:
- ارتفاع ضغط الدم.
- السمنة.
- سوء التغذية.
- السكري.
- التدخين.
- استهلاك الكحول.
- الشيخوخة.
- الخمول البدني.
- الإجهاد.
وترتبط هذه الحالات بخلل وظيفي في الخلايا المبطنة للأوعية الدموية والالتهاب والإجهاد التأكسدي وفرط شحميات الدم، ويزيد ارتفاع ضغط الدم خطر الإصابة بتصلب الشرايين وتطوره، ما قد يسبب الإصابة بالجلطات الدموية والوفاة.
ما هي المكونات الأساسية التي تسهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في النظام الغذائي المتوسطي؟
شملت الأنواع النباتية التي اعتمدتها الدراسة لتحليل مكوناتها النشطة ما يلي:
- الثوم (Allium sativum): حيث يضم مركب ثنائي أليل ثلاثي الكبريتيد، والأليسين، وسيستين أليل.
- شجيرة الزعرور (Crataegus monogyna): تحتوي على الكيرسيتين، والأبيجينين، وحمض الكلوروجينيك.
- الزعفران (Crocus sativus): يحتوي على مركبي الكروسين والسافرانال.
- الزيتون (Olea europaea): يوجد فيه على نحو خاص حمض الأوليك، والأوليوروبين، وهيدروكسي تيروسول، وأولياسين.
- إكليل الجبل (Salvia rosmarinus): يحتوي على حمض الروزمارينيك وحمض الكارونسيك.
- العنب (Vitis vinifera): الذي يضم مركب الريسفيراترول.
ركزت الدراسة على الآليات الدوائية التي تسهم بها المركبات الموجودة داخل النباتات الشائعة بالنظام الغذائي المتوسطي، وعلى نحو أساسي الآليات التالية:
- التأثيرات المضادة للأكسدة: ما يقي من تشكل الجذور الحرة، التي تنشأ عند أكسدة المركبات الحيوية في الجسم وتسهم في تلف الخلايا.
- الالتهابات: يسبب الالتهاب تنشيط جهاز المناعة الذي يفرز مواد قد تسبب تلف الأنسجة.
- توسع الأوعية الدموية: ما يزيد سهولة دوران الدم، ويقلل خطر الإصابة بجلطة دموية.
- تنظيم عملية التمثيل الغذائي للدهون: وهي حالة مرتبطة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
أظهرت نتائج الدراسة أن هذه المكونات النشطة قد تسهم على نحو ملموس في علاج تصلب الشرايين، ويمكن أن تقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
اقرأ أيضاً: ما هي أعراض ارتفاع الكوليسترول في الدم؟
المجالات المستقبلية لدراسة مركبات النظام الغذائي المتوسطي الفعالة
أشارت الدراسة إلى أهمية إجراء المزيد من الأبحاث المستقبلية التي تهدف لردم الفجوات المعرفية، وتقديم توصيات مناسبة للدراسات السريرية في هذا المجال، وتشمل المجالات المستقبلية الرئيسية التي اقترحها الباحثون في الدراسة ما يلي:
- دراسة سلامة تناول هذه المركبات على المدى الطويل.
- تقييم تأثيرات هذه المركبات عند استهلاكها بصفتها جزءاً من النظام الغذائي المتوسطي أو عند أخذها وحدها.
- تصميم تجارب موحدة خاضعة للرقابة لقياس فعالية هذه المركبات.
- التخطيط لاستخدام هذه المركبات النشطة باعتبارها مكونات صيدلانية فعالة وتطوير الأدوية النباتية الطبيعية المشتقة منها في المستقبل.
التحديات التي تواجه استخدام المستخلصات الطبيعية ضمن النظام الغذائي المتوسطي في العلاجات
خلص الباحثون في الدراسة إلى أن استخدام هذه المستخلصات الطبيعية واعد في علاج أمراض القلب، ولكن تناولها مجتمعة قد يؤثر على النتائج العلاجية بسبب "تأثير المصفوفة"، والذي يعني أن المكونات الغذائية الأخرى الموجودة داخل النبات ومكونات الغذاء الأخرى يمكن أن تغير فاعلية كل مستخلص، إما بتعزيز فوائده الفردية وإما بتقليلها. ويعد فهم هذا التفاعل ضرورياً لتحسين الاستخدام العلاجي لهذه المستخلصات النباتية في سياق غذائي.
حذر الباحثون في الدراسة من أن كلمة "طبيعي" في المستخلصات والمكملات النباتية الصيدلانية لا تضمن السلامة، فهناك سموم في الطبيعة، ويمكن للخطأ في تناول الجرعات من المستخلصات الطبيعية أن يسبب ظهور حالة مرضية أو تفاقم حالة مرضية سابقة، هذا يؤكد الحاجة إلى إعطاء الأولوية للدراسات الدوائية والسمومية والسريرية لهذه المركبات لتقييم فعاليتها وسلامتها وكفاءتها بالمقارنة مع الأدوية الموجودة.
اقرأ أيضاً: لماذا تحدث السكتة القلبية عند الرياضيين؟
يشارك الطبيب الاستشاري الأول في طب الأسرة، الدكتور العماني صالح بن سيف الهنائي، عبر منصة إكس منشوراً يتحدث عن فوائد الثوم في تحسين حالة ارتفاع ضغط الدم من خلال زيادة توسيع الأوعية الدموية.
السؤال: هل يخفض الثوم من ضغط الدم؟ وكيف يفعل ذلك؟
الإجابة:
الثوم له دور في زيادة مستويات أكسيد النيتريك، مما يؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية، وكلما كانت الأوعية الدموية أكثر استرخاءً، قل ضغط القلب لضخ الدم من خلالها. يساعد ذلك في الحفاظ على انخفاض ضغط الدم. شاهد على إكس— د. صالح بن سيف الهنائي (@SsAlhinai) August 20, 2020