يُقسّم محبو الرياضة إلى مجموعتين؛ الأولى تمارس التمارين المتقطعة عالية الكثافة (High-Intensity Intermittent Exercise) كالركض، والثانية يمارس أفرادُها التمارينَ المستمرة المتوسطة الكثافة (Moderate Intensity Continuous Training) كالسباحة، فلمَ هذا التباين؟ هل السبب ببساطة أن البعض يتفرغ لممارسة الرياضة أكثر من الآخر أمْ لأن لأحد أشكال التمارين هذه فوائد وإيجابيات تتفوق فيها على الأخرى؟
تُجيبك عن ذلك دراسة نُشرت في دورية المكتبة الوطنية للعلوم الطبية ترأس البحث فيها جيمس ستيل، وهو أستاذ مشارك في علوم الرياضة والتمرين في جامعة سولنت الإنجليزية. اهتمت الدراسة بالبحث في التأثيرات متعددة المستويات لكلٍّ من التدريب المتقطع العالي الكثافة والتدريب المستمر المتوسط الكثافة على مقاييس تكوين الجسم وكتلة الدهون والصحة القلبية والتنفسية.
اقرأ أيضاً: هل تقدّم ممارسة الرياضة لمدة 15 دقيقة يومياً فوائد ممارستها نفسها لمدة أطول؟
كيف يتغير الجسم بين التمارين المتقطعة العالية الكثافة والتمارين المستمرة المتوسطة الكثافة؟
باستخدام مقاييس معتمدة لدى كل البالغين، تمت مراقبة التغيرات والتبدلات الجسدية لمجموعة من المشاركين ممن تراوحت أعمارهم بين 18-45 عاماً، وذلك بعد تقسيمهم إلى مجموعتين، حيث مارست أول مجموعة تمارين متقطعة عالية الكثافة بينما مارس أفرادُ المجموعة الثانية تمارين مستمرة متوسطة الكثافة، بمعدل 3-4 جلسات تدريب أسبوعية لكل مجموعة. تمت متابعة المشاركين لمدة 4 أسابيع وبعد ذلك قُورن وزن الجسم ونسبة كتلة دهونه، بالإضافة إلى مقاربة اللياقة القلبية التي أُخذت قبل البدء بالتدريب وبعد الانتهاء منه.
عند مقارنة النتائج بين المجموعتين، تبين أنه لا يوجد أي فارق ملحوظ بين أفراد كلتا المجموعتين بما يتعلق بمعدل فقدان وزن الجسم، كما لم يتم العثور على فرق في إجمالي كتلة الدهون في الجسم عند ممارسي نمطي الرياضة المختلفين.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تقدم حلاً لمن ليس لديه وقت لممارسة الرياضة
أي لم ينجح التدريب المتقطع العالي الكثافة في تعديل إجمالي كتلة الدهون في الجسم بشكلٍ أكثر فاعلية من ممارسة التمارين متوسطة الكثافة المستمرة، على الرغم من أن معظم الدراسات يميلُ إلى تفضيل التمارين المتقطعة العالية الكثافة على المستمرة المتوسطة الكثافة بما يتعلق بحرق الدهون، لأنها ترفع من معدل ضربات القلب وتُحفّز معدل الاستقلاب، إلّا أن هذا لم يكن حاسماً في الدراسة.
ويبدو أن لممارسة التمارين المستمرة المتوسطة الكثافة فوائد أخرى تتفوق فيها على التمارين المتقطعة عالية الكثافة حتى حققت النتائج نفسها، ويُعتقد أن استمرار ممارسة التمرين لمدة أطول مرتبط بخفض سكر الدم وتحفيز استهلاك مخازن الغليكوجين في الكبد، ما يؤدي بدوره إلى تقليل مقاومة الإنسولين على المدى الطويل الذي بدوره يحافظ على الوزن.
التمارين المتقطعة العالية الكثافة حسّنت من اللياقة القلبية
من جهةٍ أخرى، حسّنت التمارين المتقطعة العالية الكثافة من اللياقة القلبية التنفسية مقارنة بالتمارين المستمرة متوسطة الكثافة، وذلك يعود لارتباطها برفع معدل نبضات القلب، بكلمات أخرى تُمرّن التمارين عالية الكثافة عضلة القلب بالطريقة نفسها التي تُمرّن فيها عضلات الجسم الأخرى أكثر من التمارين متوسطة الكثافة، وبذلك تكون فعّالة في تعزيز اللياقة البدنية أكثر من أنها فعّالة في حرق الدهون.
ومع ذلك، تطلبت ممارسة التمارين المتقطعة عالية الكثافة التزاماً أقل بالتمرين بنسبة 40% مقارنةً بالتمارين المستمرة المتوسطة الكثافة التي تطلبت التزاماً ووقتاً أكثر، وأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار مهم في ظل أن كلا شكلي التمرين قد أنتج درجة التغييرات الجسدية نفسها.
اقرأ أيضاً: العواقب الخطيرة للإفراط في ممارسة التمارين الرياضية
إذاً يمكننا القول إن كلاً من التمارين المتقطعة العالية الكثافة والمستمرة المتوسطة الكثافة يؤدي إلى تحسينات متواضعة في تكوين الجسم لدى الأفراد دون أن يصاحب ذلك تغيرات جوهرية في وزن الجسم بصورة متماثلة إلى حدٍ ما. وبينما يتميز التمرين المتقطع العالي الكثافة بأنه يُحسّن من اللياقة البدنية ويعتبر أكثر فاعلية في إدارة الوقت من التمارين المستمرة المتوسطة الكثافة، إلّا أن التمرين المستمر المتوسط الكثافة يُحسّن من مستويات سكر الدم على المدى الطويل، ما يجعله خياراً صحيّاً أفضل لمَن يعاني زيادة الوزن.