التوابل الحارة وفصل الشتاء: دور الزنجبيل والقرفة والكمون في مكافحة نزلات البرد

4 دقيقة
التوابل الحارة وفصل الشتاء: دور الزنجبيل والقرفة والكمون في مكافحة نزلات البرد
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Africa Studio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لطالما اقترن بعض المشروبات بنزلات البرد في الشتاء، فما أن يعطس الشخص عطسته الأولى حتى تسرع الجدات إلى تحضير كأس من شاي الزنجبيل والقرفة، أو القرفة والعسل أو غيرها، بغية تخفيف الأعراض وتحسين المناعة. فهل تستطيع هذه المشروبات المصنوعة من التوابل، المعروفة بـ”التوابل الحارة”، فعلاً محاربة أمراض الشتاء مثل نزلات البرد؟ وما المقصود بالتوابل الحارة أساساً؟

اقرأ أيضاً: حقائق غريبة حول تأثير الطعام الحار في صحتك

ما هي التوابل الحارة؟

يشير مصطلح “التوابل الحارة أو الدافئة” (Warm spices) إلى مجموعة من التوابل العطرية المرتبطة عادة بإثارة إحساس بالدفء والحرارة عند تناولها. تشمل هذه التوابل عادةً القرفة والزنجبيل وجوزة الطيب وغيرها. ولا يشير مصطلح “حارة أو دافئة” إلى درجة حرارة المشروب الذي يحضّر من هذه التوابل؛ وإنما يصف الإدراك الحسي الذي تثيره عند الاستهلاك، على نحو مشابه للإحساس بالبرودة الذي يثيره تناول النعناع الناتج عن محتواه من المنثول.

يُعزى الدفء المرتبط بالتوابل الحارة إلى مركبات معينة موجودة فيها. على سبيل المثال، تحتوي القرفة على مركب كيميائي يُسمى “سينمالدهيد” (Cinnamaldehyde)؛ هو المسؤول عن إعطائها طعمها ورائحتها المميزتين، اللذان يحفِّزان المستقبلات العصبية التي تستشعر الدفء على نحو يخدع الجهاز العصبي للشعور بالدفء. وبالمثل، يسهم الجينجيرول (Gingerol) الموجود في الزنجبيل في منح الإحساس بالحرارة، وفقاً لعالمة النبات في جامعة إلينوي الأميركية، سيرينا دي سالفيو (Serina DeSalvio).

اقرأ أيضاً: 7 فوائد صحية للجوز البرازيلي

هل تفيد التوابل الحارة في مكافحة أمراض الشتاء مثل نزلات البرد؟

بغض النظر عن خداع أجهزتنا العصبية للشعور بالدفء، فإن التوابل الحارة غالباً ما تحتوي على العديد من المركبات التي قد تسهم في تعزيز الصحة ودعم جهاز المناعة، الأمر الذي قد يخفف بعض أعراض نزلات البرد، وإليك أهم هذه التوابل وفوائدها:

الزنجبيل

نبات مزهر تُستخدم جذوره الطازجة أو اليابسة في الطب الشعبي منذ مئات السنين. يحتوي الزنجبيل على أكثر من 400 مركب طبيعي والعديد من المركبات النشطة بيولوجياً، لكن المركب النشط الأساسي هو الجينجيرول، وهو المسؤول عن العديد من الخصائص الطبية له؛ إذ يتمتع بفعالية عالية ضد العديد من الأمراض الالتهابية، وخصائص قوية مضادة للأكسدة، وفقاً لمراجعة منشورة في دورية الجزيئات (Molecules) عام 2022.

علاوة على ذلك، يتمتّع الزنجبيل بخصائص مضادة للميكروبات، ما يجعله مفيداً في مكافحة الالتهابات البكتيرية والفطرية الضارة ويقلل خطر الإصابة بالعدوى، وغالباً ما يستخدم أيضاً في تهدئة التهاب الحلق، أحد أكثر الأعراض شيوعاً لنزلات البرد.

كما قد يساعد الزنجبيل في إنقاص الوزن؛ إذ وجدت مراجعة منشورة في دورية “مراجعات نقدية في علوم الأغذية والتغذية” (Critical Reviews in Food Science and Nutrition) عام 2019، أن مكملات الزنجبيل تقلل على نحو كبير كلاً من وزن الجسم، ونسبة الخصر إلى الورك، ونسبة الورك، عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. وقد يُعزى هذا التأثير إلى قدرة الزنجبيل على تقليل الالتهاب.

فضلاً عن العديد من الفوائد الأخرى، مثل خفض مستويات السكر في الدم، وإدارة الغثيان، وتسريع إفراغ المعدة ما يفيد الأشخاص الذين يعانون من عسر الهضم، بالإضافة إلى تخفيض نسبة الكوليسترول الضار، وتسكين آلام الدورة الشهرية عند الإناث، وحماية الدماغ من التلف المرتبط بالتقدم في السن، وتقليل خطر الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي.

يذكر أن الزنجبيل آمن بالنسبة لمعظم الناس عند تناوله على نحو معتدل، ولا يوجد دليل على أنه غير آمن للاستخدام في أثناء الحمل أو في أثناء الرضاعة الطبيعية، ولكن يُفضَّل استشارة أخصائي الصحة أولاً.

اقرأ أيضاً: تعرف على فوائد الزنجبيل ودوره في علاج سرطان البروستاتا وغيره

القرفة

هي نوع من أنواع التوابل المُصنعة من لحاء بعض أنواع الأشجار، تُستخدم تقليدياً لنكهتها العطرية وفوائدها الصحية المحتملة. في سياق نزلات البرد، يُعتقد أن القرفة تتمتع بالعديد من الخصائص العلاجية بسبب خصائصها المضادة للأكسدة والالتهابات والفيروسات والبكتيريا، وقد وُجد أن القرفة قد تعمل بمثابة مقشع يحلّ البلغم ويخفِّف السعال، وتفتح المسالك الهوائية فتخفف أعراض ضيق التنفس، وتقلل أيضاً من الحمى والقشعريرة، وتظهِر تأثيرات مضادة للفيروسات.

ومع ذلك، لا تزال الحاجة مستمرة إلى المزيد من الأبحاث والتجارب السريرية لدعم هذه الفوائد المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن القرفة تعتبر آمنة عموماً، فإن على الأفراد توخي الحذر عند تناول القرفة على نحو مبالغ فيه، وخصوصاً أولئك المعرضين لردود الفعل التحسسية، كما أن أنواعاً معينة من القرفة، مثل قرفة كاسيا (Cassia) وهي القرفة الأكثر شيوعاً في الأسواق، قد تزيد تميّع الدم، ما يستلزم الحذر بالنسبة للأفراد الذين يتناولون مميعات الدم أو أولئك الذين يعانون من اضطرابات التخثر.

عموماً، ونتيجة أن الفرقة من المواد الطبيعية الآمنة عموماً، فلن يضر إذا كنت تعاني من سعال أو التهاب في الحلق أو نزلة برد أن تخلط ملعقة كبيرة من القرفة مع ربع كوب من العسل، ثم تتناول ملعقة صغيرة منها 3 مرات في اليوم، أو أن تحضر كأساً من شاي الزنجبيل والقرفة مع العسل.

اقرأ أيضاً: ما هو النظام الغذائي المضاد للالتهاب؟ وما فوائده؟

جوزة الطيب

جوزة الطيب هي نوع من التوابل المشتقة من بذور شجرة استوائية، قد تكون على شكل بذور كاملة أو  مطحونة، وتتمتع بفوائد كثيرة قد تجعلها إحدى المشروبات المفيدة في فصل الشتاء، خصوصاً وأن رائحتها لذيذة ومحببة. تحتوي جوزة الطيب على مضادات أكسدة تحمي الخلايا من التلف الذي تسببه الجذور الحرة، ومن أهم هذه المضادات أصباغ السيانيدين (Cyanidin) والزيوت الأساسية والمركبات الفينولية والكافيين.

بالإضافة الى ذلك يعتقد أن جوزة الطيب تقلل الالتهابات عبر تثبيط بعض الإنزيمات الالتهابية؛ وذلك بسبب غناها ببعض المركبات المضادة للالتهابات؛ مثل السابينين (Sabinene) والتيربينول (Terpineol) والبينين (Pinene). ومع ذلك، فثمة حاجة إلى المزيد من الدراسات للتحقيق في آثارها المضادة للالتهابات لدى البشر.  

ويُذكر أن تناول جوزة الطيب بكميات صغيرة لا يسبب ضرراً، لكن تناولها بجرعة عالية قد يسبب آثاراً جانبية مضرة؛ مثل الهلوسة وسرعة ضربات القلب والغثيان والقيء، كما أُبلِغ عن حالات تسمم بجوزة الطيب عند تناول 1-2 غرام لكل 1 كيلوغرام من وزن الجسم. لكن من المهم ملاحظة أن هذه التأثيرات السامة ترتبط بابتلاع كميات كبيرة من جوزة الطيب وليس عند تناول كميات صغيرة مثل تلك المستخدمة عادة في الطبخ.

اقرأ أيضاً: 8 فوائد صحية لحبة البركة

الكمّون 

توابل الكمّون عبارة عن بذور نبات الكمون مجففة أو مسحوقة. من أشيع استخداماته المساعدة على الهضم، لكنه يحتوي بالإضافة إلى ذلك على العديد من العناصر الغذائية والمركبات المضادة للأكسدة والالتهابات، كما يحتوي على بعض المركبات، مثل الميغالوميسين (Megalomicin)، التي تحدّ من نمو البكتيريا والفطريات المعدية التي تنتقل عبر الأغذية. بالإضافة إلى أنه قد يعزِّز الجهاز المناعي، وهو ما قد يجعله يخفِّف بعض الأعراض المرتبطة بنزلات البرد.

ومع ذلك، لا يوجد دليل علمي قاطع يثبت أن الكمون يمنع أو يعالج الإنفلونزا على نحو مباشر. يمكن أن يكون إضافة لذيذة للوجبات وقد يوفر بعض الفوائد الصحية عند استخدامه بكميات صغيرة في إعدادات المشروبات أو تتبيل الطعام، ولكنه ليس بديلاً عن علاجات الإنفلونزا.

اقرأ أيضاً: ما هو شاي الورد وما فوائده؟

على الرغم من أن هذه التوابل الحارة قد توفر فوائد صحية محتملة، وتدعم جهازك المناعي، وتخفف بعض أعراض نزلات البرد، فإن الاستخدام المعتدل والراحة والترطيب والرعاية الطبية المناسبة عند الضرورة أمور حاسمة أيضاً للتعافي من الأمراض. ومن الضروري أيضاً استشارة أخصائي الرعاية الصحية قبل الاعتماد على أي علاجات عشبية اعتماداً كبيراً، خصوصاً في حال وجود حساسية ما، أو حالات صحية سابقة، أو تناول أي نوع من الأدوية، وذلك تجنباً للتفاعلات المحتملة أو الآثار الضارة.