كيف تؤثّر نوعية وجبة الإفطار في تركيزك طوال اليوم؟

كيف تؤثّر نوعية وجبة الإفطار في تركيزك طوال اليوم؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Marys Poly
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل استغربت من قبل كيف لتركيزك أن يكون أفضل عندما تكون صائماً مقارنة بيوم آخر بدأت فيه يومك بوجبة إفطار مليئة بالأغذية الغنية بالسكر؟ كيف ذلك وفي السيناريو الأول يضج الصخب بخلاياك بحثاً عن الطعام بينما في السيناريو الثاني قُدمت المتطلبات كلها لخلاياك للعمل بشكلٍ فعّال، ومع ذلك لم تحصد أي نتائج إيجابية على صعيد التركيز؟

الإجابة تكمن في نتائج دراسة نُشرت في دورية “ساينس دايركت” (ScienceDirect)، أشارت إلى أن الامتناع عن تناول الطعام أو تناول الأغذية منخفضة المؤشر الغلايسيمي كالبروتين، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإفراز هرمون “أوريكسين” أو “هيبوكريتين” المسؤول عن اليقظة والتركيز، وترأس الدراسة فابيان ريلينغ، وهو أخصائي في علوم التغذية من جامعة لا فرونتيرا الإسبانية.

اقرأ أيضاً: تحسين الجودة الغذائية: دليلك لخطط غذائية متوازنة وملائمة بعد سن الأربعين

ما هو الأوريكسين؟

على الرغم من أن الهرمونات المشاركة في تنظيم تناول الطعام تُفرَز بشكلٍ أساسي عن طريق الجهاز الهضمي، فإن إفراز الأوريكسين متعدد المهام، الذي يُدعى أيضاً الهيبوكريتين، يتم بشكلٍ أساسي عن طريق الخلايا العصبية الأوركسينية في الأجزاء الجانبية لما تحت المهاد. 

لهذا الهرمون أدوارٌ متعددة على مستوى كلٍّ من الجهاز الهضمي والعصبي، فمن جهةٍ يعزز الأوريكسين الرغبة في تناول الطعام وصرف الطاقة، كما يحفّز إفراز الإنسولين. ومن جهةٍ أخرى، يشارك الأوريكسين في تنظيم السلوكيات المحفزة والنوم والاستيقاظ ووظائف الغدد الصم العصبية والحركية، بالإضافة إلى الإشراف على نظام المكافآت الدماغية والوظائف المعرفية وتنظيم عمل القلب والأوعية الدموية.

ودور هرمون الأوريكسين ليس داخلياً بالمطلق؛ أي أن الوظائف التي يقوم بها، كتنظيم سلوكيات الأكل على سبيل المثال، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعوامل الخارجية كالإجهاد أو مستوى سكر الدم، وتتحفز أو تتثبط في ظل ظروف معينة، كما أنها تتعلق بعمل الهرمونات الأخرى كهرمون الغريلين وهرمون الليبتين

اقرأ أيضاً: هل يؤثّر نمط التمارين الرياضية في فقدان الوزن؟ دراسة حديثة تُجيب

دراسة توضّح العلاقة بين نوعية الغذاء وإفراز الأوريكسين 

في هذه الدراسة، تمت معايرة مستويات الأوريكسين عند 668 من المشاركين اليافعين قبل تناول الطعام وبعده، وذلك بعد قياس مؤشر كتلة الجسم لديهم وتحديد معدل الاستقلاب ومعدل استهلاك الطاقة ومعدل التركيز، وقد قُسّمت إلى مجموعة تتناول وجبة إفطار متكاملة ومنخفضة المؤشر الغلايسيمي، بينما قدمت الوجبة نفسها للمجموعة الثانية وأُرفقت بوجبة خفيفة عالية السكر والسعرات الحرارية بعد 20 دقيقة من وجبة الإفطار.

كان هناك تفاعل كبير بين تناول الإفطار ومستويات الأوريكسين، حيث كانت مستويات الأوريكسين أعلى عند المجموعة التي لم تختتم إفطارها بوجية خفيفة، وكان معدل استهلاك الطاقة أعلى لديها، ما عزز أداء أفرادها وتركيزهم. وبالمقابل، أبدت المجموعة التي تناول أفرادها وجبة خفيفة تثبيطاً متزايداً لإفراز الأوريكسين وكان استهلاك الطاقة ضعيفاً لدى هذه المجموعة ما انعكس على تركيزهم.

ومن هذه النقطة، نستنتج أن مستوى سكر الدم يحدد إفراز هرمون الأوريكسين من الخلايا الدماغية، والعلاقة بينهما عكسية، فكلما كان مستوى سكر الدم أخفض كان إنتاج الأوريكسين أفضل والعكس صحيح.

اقرأ أيضاً: ما الأغذية التي تساعد على علاج انخفاض سكر الدم؟

نقص إفراز الأوريكسين يرتبط باضطرابات النوم

على الرغم من أن تأثير هرمون الأوريكسين غير معروف بشكلٍ تام لدى البشر، فإنه لوحظ من خلال هذه الدراسة زيادة البدانة وضعف الاستجابة لهرمونات الشبع وزيادة الشهية لدى المشاركين الذين يعانون نقص الأوريكسين.

كما ارتبطت البدانة والسلوكيات غير الصحية التي تُنقص من الأوريكسين بزيادة خطر الإصابة بمرض التغفيق أو الخدار، الذي يشتمل على الشعور بالتعب والنعاس طوال اليوم، ويتخلل ذلك حدوث نوب مفاجئة من الضعف العضلي، كما تبين أنه كلما كانت مستويات الأوريكسين أكثر انخفاضاً كان الشخص ذا استعدادٍ أكبر للإصابة.

وهذا ما يُفسِّر إلى حد ما شعورنا بالنعاس والتعب بعد تناول وجبة دسمة وغنية بالسكريات، إذ يتثبط إفراز الأوريكسين وتنخفض مستوياته في الدم ما يجعلنا أقل يقظة وأكثر ميلاً للنوم، وهذا ما يُفسِّر أيضاً كيف تنخفض مستويات الطاقة ويضعف التركيز طوال اليوم اعتماداً على وجبة الإفطار.

ما هي وجبة الإفطار المثالية التي تُعزز التركيز خلال اليوم؟

من غير الدقيق أن نقول إن مستويات الأوريكسين ترتبط بعدد السعرات الحرارية المتناولة، والأصح أن مستوياته ترتبط بشدة ارتفاع سكر الدم التالي للوجبة، ومنه نستنتج أن الأطعمة التي ترفع السكر بسرعة، كما يحدث عند تناول الأطعمة عالية المؤشر الغلايسيمي، تتسبب بنقص أوريكسين الدم أكثر من الأطعمة منخفضة المؤشر الغلايسيمي التي ترفع سكر الدم بوتيرة أخفض. 

اقرأ أيضاً: فاكهة وخضار وبذور: هذه الأطعمة تخفض السكر في الدم

لهذا السبب ولتعزيز التركيز طوال اليوم، يُنصح باحتواء وجبة الإفطار على كلٍّ من الخضار والفاكهة الطازجة والبقوليات كالعدس والحمص والفاصولياء والأطعمة الغنية بالبروتين كالبيض وصدور الدجاج لمَن يفضّل ذلك والأفوكادو والشوفان، كما تُعزز الأطعمة المخمرة مثل المخلل من إنتاج الأوريكسين، حيث يمنع حمض اللاكتيك الموجود فيها من إنتاج الغلوكوز وهذا بدوره يحفّز إنتاج الأوريكسين.