إذا كان حبك لشرائح لحم أضلاع البقر لا حد له، فربما أنك مهتم باتباع النظام الغذائي الخاص بمن يتناولون اللحوم. القواعد بسيطة: تناول اللحوم فقط، وستحصل على فوائدَ مزعومة لا حدود لها - المزيد من الطاقة، دهون أقل في الجسم، ويمكنك حتى علاج مرض لايم والاكتئاب والتهاب المفاصل الروماتويدي.
أو على الأقل هذا ما يقوله مؤيدو حمية اللحوم - ومنهم «شون بيكر»؛ جراح عظام سابق وأحد أكبر المدافعين عن تناول اللحوم فقط. من بين الأعضاء البارزين الآخرين في نادي آكلي اللحوم (أو «القبيلة» كما يسمون أنفسهم) عالم النفس الكندي «جوردان بيترسون» وابنته «ميكايلا». يمكنك أن تقرأ عن جميع الفوائد العجيبة؛ والتي لا يمكن تصديقها حقاً، المتمثلة في التهام قطع لحم الخنزير يومياً على عدد من مواقع الويب المؤيدة للحوم؛ ولكنها تنتشر أيضاً إلى مناطق أخرى من وسائل الإعلام: «انستغرام»، «ميديوم»، «فيسبوك». الإنترنت يعج بالترويج للحوم أكثر من المعتاد.
تدّعي كل هذه المنشورات وجود أساس علمي للمعلومات التي تحتوي عليها، لذلك اعتقدنا أننا يجب أن نلقي نظرةً على ما تبيّنه الأدلة بالفعل. في النهاية، تم إلغاء ترخيص شون بيكر الطبي في عام 2017 جزئياً بسبب «عدم الكفاءة في ممارسة المهنة كطبيب مرخص»، ولا تتمتع ميكايلا بيترسون بأية مؤهلات علمية أو طبية، وعلى الرغم من أن والدها قد يكون طبيباً نفسياً؛ إلا أنه لم يتلقَّ أي تدريب في مجال التغذية.
ما يجعل شهادات هؤلاء مقنعة ليست مؤهلاتهم؛ بل إنها قناعتهم. هؤلاء أناس حقيقيون يقولون بجدية أن اتباع نظام غذائي لاحم ساعدهم على عيش حياة أفضل. أفادت التقارير أن ميكايلا بيترسون كانت مصابةً بالتهاب المفاصل، وهي ليست كذلك الآن (أو على الأقل تعتقد أنها لا تعاني منها، وهذا حقاً عامل يهم عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الألم). يقول شون بيكر أنه كان مصاباً بالتهاب الأوتار والآن شُفي، ويقول كلاهما أنهما يشعران بخمول أقل، كما يقول كلاهما أن أدائهما في التمارين قد تحسن. من المغري تصديق هؤلاء؛ إذ أنهم يقولون أشياء مثل: «اللحوم تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها»، و«الكربوهيدرات نضر بك» - وهذه ادّعاءات قد تكون صحيحة.
ولكن هل هذه الادعاءات صحيحة فعلاً؟ لنبدأ بموضوع المحتوى الغذائي.
هناك بعض المغذّيات التي لا يمكنك الحصول عليها من اللحوم
البشر بحاجة إلى 13 نوعاً من الفيتامينات لكي يعيشوا، وعلى الرغم من أنه يمكنك في الواقع الحصول على معظمها من تناول مجموعة متنوعة من اللحوم؛ إلا أنك ستفقد بعضاً منها إذا امتنعت عن تناول النبات تماماً. حمض الفوليك، إلى جانب الفيتامينات «ج» و «ه»، هي مغذّيات موجودة بشكل أساسي في الخضار، وبشكل خاص الخضار الورقية والحمضيات. هذا هو السبب وراء إصابة البحّارين بالإسقربوط عادةً؛ وهو نقص فيتامين ج في وجباتهم الغذائية التي تعتمد على الأسماك واللحوم بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك؛ إذا لم تحصل على كمية كافية من فيتامين هـ، فلن يتمكن جسمك من استخدام فيتامين ك أيضاً، لذلك على الرغم من أنك تحصل على كمية كافية من فيتامين ك من الأسماك ولحم الكبد ولحم البقر، فلن تتمكن في الواقع من الاستفادة منه.
اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن فيتامين د
ثم هناك مسألة الألياف. لا تحتوي اللحوم على ألياف؛ لكننا نعلم أن الألياف مكونات ضرورية في النظام الغذائي الصحي. تعزز الألياف الميكروبيوم المتنوع والصحّي في الأمعاء، ويبدو أن الميكروبيوم يؤثر على كل شيء من الهضم إلى نظام المناعة إلى المزاج. أنت بحاجة إلى تناول الألياف، واللحوم لا توفّرها لك.
يشير العديد من مؤيدي الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين مثل هذا إلى المجتمعات التي كانت تأكل اللحوم بشكل كامل أو في الغالب عبر التاريخ. إذا كان بإمكانهم أن يكونوا أصحاء، فلماذا لا نستطيع نحن؟ خذ شعوب «الإنيويت» كمثال، والذين يأكلون على وجه الحصر اللحوم مرتفعة الدسم (على الرغم من أنهم يتناولون التوت في الصيف القصير). إنهم يتمتعون بصحة جيدة باتّباع نظام غذائي يتألف من الدهون ولحم الكبد؛ لكن كما اتضح - يحافظ هؤلاء على صحة جيدة لأنهم يأكلون مجموعة متنوعة من اللحوم لا يتناولها مؤيدو حمية اللاحمين. تتجنب شعوب الإنيويت داء الاسقربوط من خلال تناول جلد الحوت الغني بالكولاجين وفيتامين ج، وتناول اللحوم الطازجة الأخرى غير المطبوخة. اللحم الذي يستهلكونه غالباً لا يتألف من البروتين في أغلبه؛ إذ أنه يحتوي على الدهون بنسبة 50%، والكثير من هذه الدهون هي من الأنواع الصحية وغير المشبعة. اللحوم التي تشتريها من متجر البقالة تحتوي على دهون مشبعة بأغلبها، لأن هذا هو النوع الذي ينمو في أجسام الحيوانات التي تمارس القليل من التمارين الرياضية وتأكل الذرة في الغالب.
يمكنك أن تتناول المكملات الغذائية التي تحتوي على جميع النواقص التي تنتج من تناول الحيوانات التي تربى في المزارع فقط. العديد من مؤيدي هذا النظام الغذائي؛ ومنهم جميع الأشخاص المذكورين سابقاً في هذه المقالة، لا يشجّعون تناول المكملات لأنهم يعتقدون أن اللحوم مكتملة من الناحية التغذوية. ولكن إذا كنت ذكياً، فيمكنك بالتأكيد دعم هذا النظام الغذائي عن طريق تناول حبوب الفيتامينات ومساحيق الألياف. لا يُعتبر أي من هذين الأمرين بجودة الحصول على هذه المغذّيات من أطعمة حقيقية وكاملة؛ ولكنه أفضل من لا شيء.
اقرأ أيضاً: تفاصيل نظام مايند الغذائي ومايحتويه من أطعمة.
اللحوم الحمراء خطيرة على القولون والقلب
رُبط تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء بسرطان القولون والمستقيم منذ زمن طويل، كما رُبط أيضاً بسرطان البنكرياس والبروستات ولكن بدرجة أقل. أيّد تقرير منظمة الصحة العالمية عن اللحوم الحمراء هذا الارتباط ودعمه بالأدلة التي تبيّن أنه عند طهي اللحوم الحمراء على درجات حرارة تتجاوز 148 درجة مئوية، فإنها تنتج بعض المواد الكيميائية المسببة للسرطان.
تميل لحوم الحيوانات أيضاً إلى التسبب باضطراب توازن نَوعيّ الكولسترول، «إل دي إل» (البروتين الدهني منخفض الكثافة) و«إتش دي إل» (البروتين الدهني مرتفع الكثافة) -واللذين يُطلق عليها اسما الكولسترول السيئ والجيد على الترتيب - بطريقة تزيد نسب الكوليسترول السيء. يجب أن تزيد نسبة الـ أتش دي أل وتنخفض نسبة الـ أل دي أل مع انخفاض نسب الدهون الثلاثية أيضاً. تعمل اللحوم الحمراء الدهنية على عكس ذلك، فهي ترفع نسب الكولسترول السيء والدهون الثلاثية بينما تخفض نسب الكولسترول الجيد.
إن خبراء التغذية مثل «تيريزا فونغ»؛ والتي عملت أيضاً ضمن لجنة من الخبراء في تقييم الأنظمة الغذائية في مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت»، يقلقون من مستويات الدهون الحيوانية حتى في الأنظمة الغذائية التي لا تقتصر على تناول اللحوم؛ مثل حمية «كيتو». ترتفع مستويات الكوليسترول في الدم بسرعة؛ لكن تقول فونغ: «إن مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لا ترتفع في غضون أشهر فقط». بدلاً من ذلك؛ ترتفع هذه المخاطر بشكل تراكمي على مدى فترة طويلة من الزمن؛ مما قد يمثل مشكلة بشكل خاص إذا كنت تتناول اللحوم فقط. تقول فونغ: «ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم لبضعة أشهر ليس مشكلةً - خاصة إذا كان لديك شرايين صحية؛ ولكن بالنسبة لشخص مصاب بالفعل بتصلب الشرايين، فليس من الحكمة المخاطرة».
مجدداً؛ يمكنك محاولة مكافحة ذلك عن طريق تناول كميات أقل من اللحوم الحمراء واختيار الخيارات الصحية - مثل الدواجن والأسماك الخالية من الدهون؛ وهي خيارات تحتوي على كمية أكبر من المغذّيات مقارنة بلحم البقر، ويبدو أنها أفضل بالنسبة للصحة بشكل عام. تحتوي لحوم أعضاء مختلف أنواع الحيوانات على الكثير من الفيتامينات؛ والتي يمكن أيضاً أن تلعب دور مكمّلات غذائية لنظامك الغذائي. لكن إذا كان كل ما تأكله هو اللحوم، فإن تناول السمك والدجاج فقط قد يصبح مملاً للغاية.
إذا تناولت اللحوم فقط، فغالباً أنت لا تتناول عدداً أقل من السعرات الحرارية
هذا هو سبب تخفيف الوزن نتيجة اتباع أي نظام غذائي على الأرجح. إذا اتّبع الأشخاص قواعداً تغيّر عاداتهم الغذائية - خاصةً إذا كانت القواعد صارمة تمنع تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية، فمن المرجّح أن يستهلكوا كميةً أقل من الطعام في النهاية. البروتين هو طعام مُشبِع بشكل خاص، لذا فإن السعرات الحرارية في هذه الوجبات ستكون أقل بكثير من أية سعرات من الوجبات التي تتناول فيها الكربوهيدرات.
اقرأ أيضاً: تُطال حمية الكيتو: الإفراط في اللحوم الحمراء يسبب سرطان الأمعاء
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً