أين تذهب الخلايا الشحمية بعد إنقاص الوزن؟

4 دقيقة
أين تذهب الخلايا الشحمية بعد إنقاص الوزن؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ UGREEN 3S
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعتقد العديد من الناس عندما يحاولون فقدان الوزن أن الخلايا الدهنية تختفي عن طريق تمارين حرق الدهون أو تقييد السعرات الحرارية، لكن الحقيقة أن هذه الخلايا لا تتحرك من مكانها، فالوظيفة الرئيسية لها هي الاحتفاظ بالجزيئات الدهنية التي تشكّل احتياطي الجسم من الطاقة. إذاً، ما الذي يحدث للخلايا الشحمية بعد فقدان الوزن؟

اقرأ أيضاً: ما أسباب ثبات الوزن على الرغم من اتباع الصيام المتقطع؟

ماذا يحدث للخلايا الشحمية بعد فقدان الوزن؟

حسناً، في حال إنقاص الوزن عن طريق الرياضة أو تقييد السعرات الحرارية وبغض النظر عن الوزن الذي يفقده الشخص، فإن عدد الخلايا الدهنية (الخلايا الشحمية Adipocytes) لا ينخفض في جسمه أبداً؛ وإنما ما يحدث هو تقلص حجم هذه الخلايا، حيث تبقى في الأنسجة جاهزة للانتفاخ مرة أخرى في حال تناول الشخص سعرات حرارية أكثر مما يحرق الجسم.

في الواقع، تبين أن أعداد الخلايا الدهنية تُحدد خلال مرحلة الطفولة والمراهقة وتظل ثابتة طوال فترة البلوغ في حال كان وزن الجسم مستقراً. ومثل معظم خلايا الجسم، تموت الخلايا الدهنية وتُستبدَل بخلايا شحمية جديدة بمعدل نحو 10% سنوياً لدى البالغين، وذلك بغض النظر عن العمر أو مؤشر كتلة الجسم، ثم تُفقد القدرة على إنتاج خلايا دهنية جديدة مع التقدم في السن لدى معظم الناس في نهاية المطاف. إذاً، يمكن القول إن العدد الإجمالي للخلايا الدهنية في الجسم يبقى ثابتاً مع مرور الوقت لأن عدد الخلايا الدهنية التي تتكون يساوي عدد الخلايا التي تتحلل بسبب الموت.

اقرأ أيضاً: 25 من المأكولات والمشروبات تساعدك على خسارة الوزن

 وفي حين أن انخفاض وزن الجسم لا يؤدي إلّا إلى تغيير حجم الخلايا الدهنية فقط، فإن الإفراط في تناول الطعام، أو السمنة، يؤدي في المقابل إلى زيادة حجم الخلايا الدهنية وعددها أيضاً عند البالغين؛ حيث وُجِد أن أجسام الأشخاص ممن يعانون السمنة تنتج سنوياً ضعف عدد الخلايا الشحمية مقارنة بالأشخاص معتدلي الوزن، لكن موت الخلايا الشحمية في أجسام الأشخاص الذين يعانون السمنة يحدث بمعدل الضعف أيضاً.

يُذكر أن الزيادة في عدد الخلايا الدهنية الناتجة عن الإفراط في التغذية غالباً ما تحدث في الجزء السفلي من الجسم (ما تحت الخصر)، في حين تستجيب الخلايا الدهنية الموجودة في الجزء العلوي بزيادة الحجم فقط. في المقابل، فإن العمليات الجراحية لشفط الدهون تستطيع إنقاص عدد الخلايا الدهنية في الجسم، إلّا أن تناول الطعام بإفراط على نحو يفوق ما يحرقه الجسم، سوف يؤدي إلى زيادة الوزن مرة أخرى. 

اقرأ أيضاً: ما الآلية التي تفقد فيها أجسامنا الوزن عند الالتزام بحمية قليلة السعرات الحرارية؟

لماذا تحدث استعادة الوزن بسرعة بعد فقدانه؟

عندما يفقد الشخص وزناً بسرعة نتيجة اتباع نظام غذائي قاسٍ أو برنامج مكثّف لإنقاص الوزن، فإن خلاياه الدهنية تتقلص. لا يؤثّر هذا الانكماش في المظهر الجسدي فحسب، بل يغيِّر سلوك هذه الخلايا الدهنية على نحو كبير أيضاً؛ إذ تُظهِر الخلايا الدهنية المتقلصة تغيرات في خصائصها الأيضية والالتهابية، فتصبح أكثر ميلاً نحو تخزين الطاقة الواردة من الطعام بدلاً من استخدامها الفوري بوساطة الجسم.

وقد افترض بعض الباحثين في محاولة لتفسير ذلك أن الخصائص الخلوية للأنسجة الدهنية هي المسؤولة عن إرسال بعض الإشارات التي تتعلق بجانبين مهمين لحالة الجسم إلى الدماغ؛ إشارات تتعلق باحتياطات الطاقة المُخزَّنة على المدى الطويل، وأخرى تتعلق بتوافر العناصر الغذائية على المدى القصير. تُعالَج هذه الإشارات وتُفسَّر في مناطق الدماغ الرئيسية المسؤولة عن تنظيم الجوع والشبع ووظائف التمثيل الغذائي؛ مثل منطقة ما تحت المهاد والدماغ الخلفي.

تنشأ المشكلة عندما ترسل الخلايا الشحمية المتقلصة إشارات غير دقيقة إلى الدماغ؛ إذ يتلقى الدماغ إشارات تشير إلى أن الجسم لديه طاقة مُخزَّنة أقل مما لديه بالفعل، وأخرى تشير إلى نقصٍ في العناصر الغذائية المتاحة. تربك هذه المعلومات الخاطئة فهم الدماغ لمخزونات الطاقة الفعلية في الجسم وحالته الغذائية الحالية، ما يدفعه إلى توليد إشارات تزيد الشهية والرغبة في تناول المزيد. يحاول الجسم، الذي ضُلل بهذه الإشارات، تعويض النقص الملحوظ في الطاقة عن طريق الإفراط في تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، وُجِد أن مستويات هرمون الليبتين المسؤول عن تنظيم الجوع تنخفض مع انخفاض وزن الجسم، ما يسهم في زيادة الشهية.

اقرأ أيضاً: هل يؤثّر نمط التمارين الرياضية في فقدان الوزن؟ دراسة حديثة تُجيب

ماذا يحدث للدهون عند فقدان الوزن؟

ثمة نوعان مختلفان من الأنسجة الدهنية في الجسم؛ الأنسجة الدهنية البيضاء المسؤولة عن تخزين الدهون وإطلاق الأحماض الدهنية عندما تكون الطاقة منخفضة، والأنسجة الدهنية البنية التي تساعد على تنظيم درجة حرارة الجسم.  

يحتوي الجسم على مليارات الخلايا الشحمية البيضاء التي تخزِّن الدهون بداخلها، حيث تمتلئ كل خلية بقطرة دهنية كبيرة محاطة بالماء والأملاح والبروتين. وتتكون القطرة الدهنية غالباً من الغليسريدات الثلاثية، حيث يتألف كل جزيء غليسريد من جزيء واحد من الغليسرين و3 أحماض دهنية. 

في أثناء عملية حرق الدهون، تُكسّر الأحماض الدهنية المُخزنة في الخلايا الشحمية بوساطة مجموعة من الإنزيمات والخطوات البيوكيميائية، وبالإضافة إلى الطاقة التي يحصل عليها الجسم من عملية استقلاب الدهون، فإن ثمة نواتج ثانوية أخرى هي غاز ثاني أوكسيد الكربون (يمثّل نحو 84% من النواتج الثانوية) وماء (يمثل نحو 16% من النواتج الثانوية). ويتخلص من ثاني أوكسيد الكربون عن طريق الزفير، أما الماء فيتخلص منه عن طريق التعرق والتبول.

لإنقاص الوزن بنجاح، يوصى عموماً بتخفيض 500 سعرة حرارية يومياً، مع الحرص على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن ومليء بالأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، بالتزامن مع ممارسة التمارين الرياضية؛ إذ تزيد التمارين الرياضية عملية التمثيل الغذائي (معدل استخدام الطاقة)، وترفع معدل ضربات القلب، وتزيد كمية الأوكسجين التي يستهلكها الجسم، ما يساعد على تعزيز فقدان الدهون. يوصى عادة بـ 150 دقيقة على الأقل من التمارين المتوسطة الشدة أسبوعياً، بالإضافة إلى يومين على الأقل من تدريبات القوة لتعزيز فقدان الوزن وإدارته.

اقرأ أيضاً: هل يمكن الاستفادة من ممارسة الرياضة دون اتباع نظام غذائي صحي؟

بالإضافة إلى ذلك، يذكر أن النوم الجيد والكافي أمر ضروري للحفاظ على الوظائف المثلى لأنظمة تنظيم الغدد الصم والشهية، في حين أن ترديّ نوعية النوم يُعد سبباً شائعاً لزيادة الوزن، كما أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم قد يؤثِّر سلباً في القدرة على إنقاص الوزن. ومن الأمور التي قد تساعد على إدارة الوزن ومنع اكتسابه مرة أخرى بعد فقدانه هي الانتباه إلى المحفزات التي تدفعك إلى الإفراط في تناول الطعام أساساً والتخلص منها. فتغيير البيئة المحيطة مثل الأطعمة الموجودة في المنزل أو المطاعم التي تقصدها، قد يسهم في تغيير عادات تناول الطعام.