في إفريقيا، حيث الفقر والجوع، تنتشر العدوى والأمراض بسبب نقص المغذيات اللازمة لعمل الجهاز المناعي. من أجل أن يكون جسم الكائن الحي متأهباً بشكل دائم للعمل ومواجهة المسببات المرضية، يحتاج إلى منظم لأوامر الدفاع، وهو ما تؤديه العناصر الغذائية الأساسية كالبروتينات والكربوهيدرات والدهون، ولكن هل للعناصر الصُغرى، كالفيتامينات والمعادن، ذات الأهمية؟ وما الدور الذي تؤديه لتعزيز وظيفة الجهاز المناعي؟
كيف تساعد الفيتامينات جهاز المناعة على القيام بوظيفته؟
في دراسة نُشرت في دورية "المغذيات" (Nutrients)، أثبت الباحثون أنه يمكن للفيتامينات والمعادن أو ما تُعرف بالعناصر الصغرى، أن تُعزز عمل الجهاز المناعي. نحن نتعرض يومياً وفي كل مكان للميكروبات وعوامل المرض، التي قد تتطور إذا ما وجدت طريقها إلينا لتصيبنا بالعدوى. وبينما يمكن لكوب من الشاي الساخن مع بعض العسل والليمون أن يكوّن وصفة مناسبة لدرء الزكام. فإن ما يحدث في الواقع هو تأثير العناصر الغذائية فيها على الجهاز المناعي، من خلال تقوية الحواجز المادية كالجلد والغشاء المخاطي، وزيادة إنتاج الأجسام المضادة، وتحسين التواصل ما بين الخلايا، بالإضافة لتأثير العوامل الأخرى؛ مثل الاستعداد الجيني والعمر والحالة الصحية والنفسية.
الفيتامينات والمعادن الضرورية للجهاز المناعي
قد تميل بعض العناصر الغذائية إلى أن تكون أفضل في تعزيز ودعم الجهاز المناعي، ومن أهمها:
1. فيتامين سي
فيتامين سي أو حمض الأسكوربيك، فيتامين ذواب في الماء، ولا يمكن للجسم تصنيعه. عُرف عنه لقب فيتامين المناعة، ولهذه التسمية سبب وجيه، فما دوره في دعم جهاز المناعة؟ وفقاً لبحث نشره معهد لينوس بولينج في جامعة ولاية أوريغون، يمكن لفيتامين سي أن يدعم الجهاز المناعي بشكل مباشر بعدة آليات، بما في ذلك:
- تحفيز إنتاج خلايا الدم البيضاء في الجهاز المناعي بمختلف أنواعها وأدائها لوظائفها.
- إنتاج الأجسام المضادة التي ترتبط بالمواد الغريبة التي تدخل الجسم، لمنعها من مهاجمة خلاياه.
- حماية خلايا الدم البيضاء من مركبات الأوكسجين التفاعلي التي تنتجها بعد مهاجمتها للأجسام الغريبة.
- مضاد أكسدة قوي نظراً لقدرته على التبرع بالإلكترونات التي توقف هجوم الجذور الحرة الناتجة عن التمثيل الغذائي على مكونات الخلية؛ كالبروتينات والدهون والكربوهيدرات والأحماض النووية.
- بالإضافة إلى ذلك، يؤدي فيتامين سي دوراً داعماً للجهاز المناعي بشكل غير مباشر من خلال تأثيره على بعض وظائف وأعضاء الجسم الأخرى. على سبيل المثال، يحفّز إنتاج كولاجين البشرة، وبذلك يساعد على التئام جروح الجلد الذي يعدّ الخط الدفاعي الأول ضد المسببات المرضية، ويدخل في التخليق الحيوي لعدد من الهرمونات، وينظم عمل الغدة الكظرية المسؤولة عن إفراز هرمون التوتر كاستجابة للإجهاد.
يمكن الحصول على فيتامين سي من معظم الفواكه والخضروات، بحيث من النادر أن يحتاج الجسم لمكملات فيتامين سي، مثل الفواكه الحمضية، والطماطم والفراولة والفلفل والكيوي وغيرها.
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكن للفيتامين سي القيام به؟ وما هي حدود فعاليته وتأثيراته؟
2. فيتامين د
هو من الفيتامينات الذوابة في الدهون والتي يمكن للجسم تصنيعها في الجلد بوجود ضوء الشمس، أو من النظام الغذائي أو المكملات. وبالإضافة إلى الدور التقليدي الذي يؤديه فيتامين د للجسم بتثبيته للكالسيوم والفوسفور، فإن له وظيفة أساسية في تعزيز الاستجابة المناعية، وذلك بحسب الدراسة التي نُشرت في دورية "علم المناعة" (Immunology)، من خلال تعزيز عمل الخلايا المناعية، كالخلايا التائية والضامة. وفي دراسة أخرى نُشرت في دورية "المغذيات" (Nutrients)، تبين للباحثين أن نقص فيتامين د يزيد من فرص الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض السكري من النوع 1، ومرض التهاب الأمعاء.
3. فيتامين ب12
فيتامين ب12 أو الميثيل كوبالامين، هو أحد الفيتامينات الذوابة في الماء، التي لا يمكن للإنسان تصنيعها، فيحصل عليه من النظام الغذائي، كما في اللحوم ومنتجات الألبان. يؤدي فيتامين ب12 مجموعة من الوظائف الحيوية المهمة لوظائف الجسم، بما في ذلك عمل الجهاز المناعي. يمكن للفيتامين أن يدخل بشكل مباشر في عملية تصنيع خلايا الدم الحمراء والبيضاء، وتخليق الحمض النووي، ويحافظ على الوظيفة الإدراكية، ويحسن المزاج.
اقرأ أيضاً: نقص فيتامين ب 12: ما هي أسبابه والأعراض والأمراض المرتبطة به؟
4. الحديد
أحد العناصر الغذائية الصغرى التي يحتاجها الجسم بشكل أساسي لأداء عملياته الحيوية، فقد يتسبب نقص الحديد في الجسم بالعديد من المشكلات الصحية. في الدراسة التي نُشرت في موقع "ببميد الطبي" ، تبين أن للحديد دوراً حيوياً مهماً في تطور الجهاز المناعي، حيث يساهم الحديد في تكاثر الخلايا المناعية ونضجها، كالخلايا الليمفاوية المرتبطة بالاستجابات المناعية. يمكن الحصول على الحديد بشكله القابل للامتصاص من الأغذية كاللحوم الحمراء والدواجن والسمك.
5. الزنك
الزنك أحد المعادن التي يحتاجها الجسم لعمل وتطور أجهزته العصبية والتناسلية والمناعية أيضاً. أشارت الدراسة التي نُشرت في دورية "وقائع جمعية التغذية" (Proceedings of the Nutrition Society)، إلى أن للزنك دوراً مباشراً في إنتاج خلايا الدم البيضاء وعملها، وكمحفز للاستجابة المناعية. علاوة على ذلك، يمكن للزنك أن يحارب السرطان، عبر حماية وإصلاح الحمض النووي. للحصول على الزنك يجب تناول الحبوب الكاملة ومنتجات الألبان واللحوم والعدس والمكسرات، أو يمكن الحصول عليه من المكملات الغذائية.
اقرأ أيضاً: للحامل وللرجال: أعراض وعلاج نقص الزنك
لدعم الجهاز المناعي بالفيتامينات والمعادن، لا يمكن أن تتناول وجبة غذائية صحية واحدة، أو حبة من المكمل الغذائي وانتظار النتائج الفورية، لا بُدّ من اتباع النظام الغذائي الصحي والمتكامل بشكل دائم، للحصول على كافة العناصر الغذائية الأساسية والصغرى.