مع انتهاء شهر رمضان المبارك، يتّجه المسلمون حول العالم نحو الاحتفالات المبهجة بعيد الفطر. إنه وقتٌ للاحتفال والتواصل والتجمعات العائلية، وبالطبع للاستمتاع بالأطعمة والحلويات الشهية. ومع ذلك، خلال شهر الصيام يتكيف الجسم مع فترات طويلة من عدم تناول الطعام والشراب، من خلال تباطؤ النشاط الأيضي للحفاظ على الطاقة، ما قد يسبب شعوراً بانخفاض الطاقة والنشاط لدى بعض الأشخاص. فكيف نوازن بين كل هذه المتعة واستعادة النشاط والحيوية؟
تغذية جسمك بعد الصيام
لتكن البداية مع نظامنا الغذائي. بعد شهر من الصيام، يتكيف جسمك مع وجبتين غذائيتين في اليوم فقط، لكن في العيد، نعود إلى نظام الوجبات الثلاث يومياً، وما بينهما من وجبات خفيفة. علاوة على ذلك، غالباً ما تمتلئ موائد العيد بالحلويات التقليدية الغنية بالسكريات المكررة والدسمة.
يمكن أن تسهم السكريات في الشعور بالخمول، من خلال ما يُعرف بـ "انهيار السكر". فعند تناول الحلويات، تتحلل السكريات بسرعة إلى غلوكوز، ما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم. يستجيب الجسم لهذا الارتفاع بإفراز هرمون الإنسولين المنظم لدخول سكر الدم إلى الخلايا، ما يسبب انخفاضاً في مستويات السكر "انهيار السكر"، يترافق بشعور بالتعب أو الخمول أو الانفعال.
لتجنّب مثل هذه المشكلات يمكنك أخذ ما يلي بعين الاعتبار:
- تجنب إرهاق جهازك الهضمي بتناول وجبات دسمة دفعة واحدة. ابدأ يومك بوجبة فطور خفيفة ومتوازنة صباح العيد، مثل التمر، مع خيارات غنية بالبروتين مثل البيض أو الزبادي أو حفنة من المكسرات. أضف بعض الحبوب الكاملة للحصول على طاقة مستدامة.
- تناول وجبات أصغر حجماً ومتوازنة كل بضع ساعات (3-4 ساعات)، ما يساعد جسمك على الانتقال بسلاسة من روتين الصيام إلى أنماط الأكل المنتظمة.
- تناول وجبات إفطار صباحية أكبر من الوجبات المسائية بحيث تقلل كمية السعرات الحرارية بعد الساعة 7 مساءً قدر المستطاع.
- تجنب المأكولات المقلية وذات المحتوى العالي من الدهون والمشروبات المحتوية على الكافيين والمشروبات الغازية، واستبدل بها الفواكه والخضروات التي تمد الجسم بمعظم احتياجاته من الفيتامينات والمعادن الأساسية، بالإضافة إلى الألياف التي تمنح المعدة شعوراً بالامتلاء.
- احرص على التوازن في وجباتك، بإضافة مصادر البروتين مثل البيض والدجاج والفاصولياء لتشعر بالشبع، والكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة أو البقوليات للحصول على طاقة مستدامة.
- اضبط كميات الطعام، لتجنب الوقوع في فخ مغريات وفرة الطعام في العيد وما يسببه من خمول، وذلك من خلال تناول حصص صغيرة، ومضغ الطعام جيداً قبل بلعه.
اقرأ أيضاً: كيف تجعل صومك مختلفاً هذا العام؟
ممارسة التمارين الرياضية
يمكن أن تحسّن التمارين الرياضية المنتظمة جودة النوم وتساعد على إعادة تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية، بعد التغييرات التي طرأت عليهما خلال شهر رمضان. تنصح أخصائية التغذية الطبيبة شيري رزق بممارسة التمارين الرياضية لمدة تتراوح ما بين 30-45 دقيقة كل صباح، سواء بممارسة المشي الصباحي، أو بعض التمارين الرياضية في صالات الألعاب الخاصة، أو حتى في المنزل.
عموماً، يمكنك خلال عيد الفطر اعتماد المشي بدلاً من القيادة في زياراتك للأصدقاء والأقارب القريبين،
واعتماد المشي في جولات قصيرة مع أفراد العائلة بعد وجبات الطعام. ولا تنس الأطفال، إذ يمكنك مشاركتهم ألعابهم؛ سواءً كانت لعبة المطاردة، أو الغميضة، أو الرياضات الخارجية.
اقرأ أيضاً: سلوكيات وعادات غذائية عليك تجنبها في العيد
تنظيم أنماط النوم
مع وجود وجبة السحور التي تسبق الفجر، وطقوس شهر الصيام التي تتضمن السهر للعبادة أو لقضاء وقت لطيف مع العائلة أو حتى لإنجاز مهام عمل أو دراسة يصعب إنجازها خلال فترة الصيام، غالباً ما تتغير أنماط النوم خلال رمضان، ما قد يسبب صعوبة الاستيقاظ في وقت مبكر صباحاً، وشعوراً عاماً بالخمول على مدار اليوم، وتراجع كفاءة العمل خلال النهار. على سبيل المثال، أشارت دراسة أجريت على طلاب في المغرب، ونُشرت في دورية النوم والنوم المغناطيسي (Sleep and Hypnosis)، إلى زيادة حالات النوم خلال الفصل الدراسي في الأسبوع الأول من رمضان، وانخفاض مدة النوم ليلاً على نحو ملحوظ.
لاستعادة أنماط النوم وتنظيمه بعد رمضان، يمكنك اتباع النصائح التالية:
- عدّل جدول النوم تدريجياً عبر ضبط موعد نومك واستيقاظك قبل موعدهما في اليوم السابق أو بعده بنحو 15-30 دقيقة يومياً، حتى تستعيد نمط النوم الصحي.
- تجنب القيلولة النهارية، بحيث يصبح الليل هو الوقت المناسب للنوم.
- تجنب الكافيين والسكر قبل النوم بمدة 4-6 ساعات على الأقل؛ لأن استهلاكهما يمكن أن يتداخل مع جودة النوم ويجعله أكثر صعوبة.
- أنشئ روتيناً مريحاً لوقت النوم من أجل إعلام جسمك بأن الليل هو الوقت المناسب للاسترخاء. على سبيل المثال، يمكن أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب أو ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل.
- تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية مدة ساعة على الأقل قبل النوم، إذ يمكن للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية أن يوقف إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ.
- تجنّب ممارسة الرياضة قبل النوم بمدة لا تقل عن 3 ساعات.
- حاول ألا تأكل قبل موعد النوم بـ 2-3 ساعات، وبصورة خاصة الأطعمة السكرية والدهنية والحارة، لكن يمكن تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي لتجديد بكتيريا الأمعاء.
اقرأ أيضاً: كيف تُعيد تنظيم نومك ونظامك الغذائي بعد رمضان؟
الترطيب الكافي
بعد صيام شهر، يمكن أن يستنزف الجفاف طاقتك ويتركك تشعر بالخمول، لذا اجعل الترطيب أولوية خلال العيد:
- احمل زجاجة ماء معك إلى التجمعات وتناول رشفات صغيرة طوال اليوم.
- قلل الكافيين، إذ يُعدّ الشاي والقهوة من أساسيات احتفالات العيد، لكن الإفراط في تناول الكافيين قد يُسبب الجفاف. استبدل الماء أو شاي الأعشاب بالمشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- اختر أطعمة مُرطبة وغنية بالماء، مثل البطيخ والبرتقال والخيار.