ما هو الأكل اليقظ؟ وكيف يساعد على تخفيف مخاطر الإصابة بالبدانة؟

ما هو الأكل اليقظ؟ وكيف يساعد على تخفيف مخاطر الإصابة بالبدانة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrii Zastrozhnov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل كنت على دراية بأن الالتزام ببعض الاستراتيجيات مثل الانتباه لما تأكله وتناول حصص أصغر واحتساب السعرات الحرارية يؤدي دوراً في إبطال تأثيرات ودور الجينات المرتبطة بالبدانة؟

هذا ليس تخميناً وإنما نتائج دراسة حديثة نُشرت في الدورية الدولية لعلم الأوبئة في السادس من يوليو/ تموز 2023، وقد أجريت الدراسة لتقييم ما إذا كان العامل الجيني يتحكم حقاً باكتسابنا الوزن الزائد أمْ أن نمط حياتنا وسلوكياتنا الغذائية لها الدور الأكبر؟

اقرأ أيضاً: من يقرر إن كنا جائعين أم لا؟ أهي المعدة أم الدماغ؟

الجينات مسؤولة عن اختلاف الوزن ولكن إلى حدٍ ما

لا شك أن العامل الوراثي والجينات يؤديان دوراً في زيادة خطر إصابة الشخص بالبدانة، حيث يعتبران مسؤولين عن 50-90% من اختلاف الوزن بين الأفراد الذي يعد رقماً عظيماً. وقد يبدو لنا أن قابلية ازدياد الوزن، وإن كانت زيادة بسيطة لا تتجاوز بضعة كيلوغرامات، حتمية إن كنا نمتلك الجينات تلك، ولكن ذلك غير صحيح.

إذ بيّنت الدراسة أن اتباع بعض الاستراتيجيات مثل الأكل اليقظ وتناول حصص أصغر وحساب السعرات الحرارية، يمكن أن يُعارض بعض تأثيرات الجينات المرتبطة بالبدانة. جمّع الباحثون بيانات أكثر من 3700 بالغ في المملكة المتحدة، كما تم حساب مؤشر كتلة الجسم وقياس وزن وطول المشاركين وأخذ عينة دم من كلٍّ منهم لاستخدامها للكشف عن وجود أي تأهب جيني لحدوث البدانة.

من جهةٍ أخرى، طُلب من المشاركين أن يملؤوا استبياناً حول سلوكيات الطعام الخاصة بهم، وتضمن الاستبيان أسئلة حول الميل إلى الانخراط العاطفي في تناول الطعام أو تناول الطعام بسبب الجوع، والطريقة التي يفكر بها المشاركون حول الطعام وتناوله.

ممارسو الأكل اليقظ أكثر ضبطاً للوزن

بعد مقارنة النتائج، تبين أن للأفراد ذوي المخاطر الوراثية الأعلى للإصابة بالبدانة مؤشر كتلة الجسم أعلى، كما وجِدت أرقام مرتفعة لمؤشر كتلة الجسم عند الأفراد ممن يتبعون سلوكيات غذائية غير صحية، مثل التناول العاطفي للطعام حتى في ظل غياب وجود أي تأهب وراثي لزيادة الوزن.

أمّا بالنسبة للأفراد الذين يتّبعون سياسات غذائية مرنة كالأكل اليقظ والتحكم بالحصص الغذائية أو الصارمة كعد السعرات الحرارية، التي أطلق عليها الباحثون مُسمى “ضبط تناول الطعام المعرفي”، فكانت مؤشرات كتلة الجسم لديهم ضمن الحدود الطبيعية وحتى عند المؤهبين وراثياً منهم لتطوير البدانة، ما يعني أن اتباع الأكل اليقظ قد أسهم في تقليل تأثير التأهب الوراثي للبدانة ما انعكس على مؤشر كتلة الجسم.

اقرأ أيضاً: ما أفضل وقت تتناول فيه الطعام لتخفّض وزنك؟ دراسة سعودية تجيب

وبحسب كبيرة مؤلفي الدراسة “شاهينا بيغوم“، وهي طالبة دكتوراة في علم النفس من جامعة إكستر في الولايات المتحدة، فإن التدخلات القائمة على ضبط النفس يمكن أن تكون مفيدة في استهداف مشكلة التأهب الوراثي للبدانة، وما تم اكتشافه لأول مرة هو أن زيادة كلا نوعي ضبط النفس؛ المرن والصلب، يمكن أن يحسّن مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص المعرضين للخطر وراثياً.

ما هو الأكل اليقظ؟

يُعرف الأكل اليقظ بـ “الأكل الحدسي” وجوهره يدور حول الانتباه الحاضر والوعي لما نأكله دون إصدار أي أحكام، تماماً مثل ممارسة اليقظة. إذ يحدث الأكل اليقظ عندما نكون حاضرين حسيّاً مع طعامنا مستغرقين كل الوقت الذي نحتاج إليه لتذوق كل قضمة. يركّز نهج تناول الطعام هذا على وعي الأفراد الحسي بالطعام ويُحسّن من تجربتهم وعلاقتهم مع الطعام، بالأخذ بعين الاعتبار العوامل الجسدية التي تتحكم بالجوع والانتباه إلى الإشارات الهرمونية التي يُخبرنا الجسم من خلالها عن حالتي الجوع والشبع.

وبشكلٍ عام، هدف الأكل اليقظ إلى أن تكون أفضل إدراكاً لسلوكياتك الغذائية وأكثر انسجاماً مع جسمك، حيث يساعد على تغيير طريقة تناولنا للطعام، ولكنه قد يكون صعباً في البداية بالنسبة لبعض الأفراد، ما قد يدفعهم لخطر الوقوع في الاستراتيجيات المتطرفة مثل اضطرابات الأكل كرد فعل عكسي. لهذا من المهم أن نكون على إدراك تام لطريقة تفاعل أجسامنا مع الأكل اليقظ، إذ يجب أن يحقق شعوراً جيداً لا أن يبدو وكأننا نمنع أنفسنا عن تناول الطعام كما يجب.

اقرأ أيضاً: 15 سبباً تجعلك تشعر بالجوع حتى بعد تناول الطعام

كيف يمكن دمج الأكل اليقظ في عاداتنا الغذائية؟

“ما يصلح لشخصٍ مَا قد لا يصلح لآخر”، يجب الاقتداء بهذه المقولة عند البدء بالالتزام بأي عادة جديدة، فمهما كانت فوائد النظام الغذائي عظيمة، فقد لا يكون مناسباً لك إن لم تجد الراحة فيه وإن لم يُشعرك بأنه يصلح كنمط مستدام بالنسبة لك.

تطبيق الأكل اليقظ بسيط ويشتمل على البدء بنظام غذائي متوازن مليء بالأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، بما في ذلك الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة ومصادر البروتينات الخالية من الدهون.

ويشتمل أيضاً على التخطيط للوجبات الرئيسية والخفيفة وإدراك أننا سنتناول الطعام في ساعة معينة، بالإضافة إلى طهي الطعام وإعداده مسبقاً كلما أمكن، فهذا يساعد الدماغ أيضاً على الانخراط بالطعام بشكلٍ أفضل من جهةٍ، ويجعلنا أقل انجذاباً لمطاعم الوجبات السريعة عند الشعور بالجوع من جهةٍ أخرى.

وأثناء تناول الطعام، ينبغي تناول الوجبة بهدوء وبوعي مستمتعين بكل قضمة ومتحسسين ماهية ملمسها ومذاقها في الفم، آخذين الوقت الذي نحتاج إليه في مضغ الطعام، كما ينبغي إبعاد أي مصدر تشويش كالحاسوب أو الهاتف المحمول، والتركيز فقط على ما هو أمامنا؛ على طبق طعامنا والذي نعرف ماذا يتضمن من مكونات وسعرات حرارية، أي أن نعي جيداً ما سندخله إلى سبيلنا الهضمي.

اقرأ أيضاً: هوَسُ الطعام: لماذا الفرنسيون نحفاء؟

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن نعي الإشارات الخارجية المحيطة بنا التي تُحفّز وتُثير الرغبة داخلنا في تناول الطعام، مثل القيادة بجوار المقهى أو الخروج مع الأصدقاء أو العمل على الحاسوب أو مشاهدة برنامجنا المفضل، ومحاولة إضعاف الرغبة في تناول الطعام التي تُثيرها فينا هذه الإشارات. وفي كل مرة تُحفّزك مثل هذه العوامل حاول ممارسة الرياضة كنشاط بديل عن تناول الطعام أو مارس الامتنان كطريقة لإبعاد الذهن عن التفكير بالطعام.