هل سينتشر لحم الثعبان على قائمة المطاعم قريباً؟

4 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Bigc Studio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما زال قسم كبير من البشر يعيشون اليوم في أمن غذائي معقول إن صح التعبير؛ فهم يأكلون ما يطيب لهم ويشتهون، لذلك تراهم يستغربون إذا سمعوا عن تناول يرقات الحشرات أو الجراد أو العناكب أو غيرها. لكن قد يأتي يوم على هذه الأرض تكون فيه الخيارات الغذائية أقل بكثير مما يتمنى البشر، وقد يبحثون عن خيارات ما كانت لتخطر على بالهم سابقاً، خصوصاً مع أزمة المناخ التي تهدد الأمن الغذائي العالمي. لذلك وانطلاقاً من هذه النقطة، سنتطرق إلى فكرة لحوم الأفاعي وهل من الممكن أن تصبح اتجاهاً غذائياً بديلاً للحوم، وما فوائدها وأضرارها.

اقرأ أيضاً: 6 خرافات في التغذية عليك ألّا تصدقها

التحدي القادم: كيف يمكن تأمين البروتين الكافي للبشر في ظل تفاقم أعدادهم دون ترك بصمة بيئية كبيرة؟

يُعدّ العثور على مصادر بروتينية تغطي حاجة نحو 8 مليارات شخص على كوكب الأرض اليوم دون إلحاق ضرر كبير في البيئة، خصوصاً في ظل تفاقم أزمة المناخ، أمراً بالغ الأهمية، لكن كيف؟ فمن المعروف أن لتربية الماشية عواقب وخيمة على البيئة، إذ تسهم هذه الحيوانات، خصوصاً الأبقار، بقرابة 10% من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.

بالإضافة إلى أنها تتطلب مساحات واسعة من الأراضي للرعي وإنتاج الأعلاف، ما يؤدي إلى إزالة الغابات وتدمير الموائل، كما أنها تستهلك كميات كبيرة من المياه لأغراض الشرب والتنظيف وري المحاصيل اللازمة لإنتاج الأعلاف، دون أن ننسى تأثير فضلاتها، خصوصاً الدواجن، في تلويث مصادر المياه. فهل يمكن إذاً لتربية الثعابين بهدف استهلاك لحومها حل هذه المشكلات؟ لنرَ ما توصلت إليه الدراسات الحديثة.

اقرأ أيضاً: 7 خرافات عن التغذية ستجعلك تعيد النظر في نظامك الغذائي

دراسة جديدة: لحم الثعابين قد يكون مصدراً بروتينياً جيداً وصديقاً للبيئة

توصل باحثون من جامعة ماكواري الأسترالية في دراسة حديثة منشورة في دورية التقارير العلمية (Scientific Reports) في مارس/آذار عام 2024، إلى أن الثعابين تمتلك نسبة تحويل غذائي (نسبة تحويل الطعام المتناوَل إلى لحم) أكثر كفاءة مقارنة بسمك السلمون والخنازير والأبقار والدجاج والصراصير، وذلك بعد دراسة نحو 5000 ثعبان من الثعابين البورمية والشبكية في المزارع التجارية في فيتنام وتايلاند، على مدى عام كامل.  

وتعزى قدرة الثعابين المستزرعة على النمو السريع إلى أنها من ذوات الدم البارد، أي أن البيئة المحيطة هي ما تتحكم في درجة حرارة جسمها؛ بالتالي فهي لا تحتاج إلى إنتاج الحرارة للحفاظ على دفئها، فتكون أكثر كفاءة في تحويل طاقة الغذاء إلى كتلة جسم بنسبة 90% تقريباً مقارنة بذوات الدم الحار.

ومع ذلك، يمكن القول إن حساب كمية الطعام التي تُحول إلى لحم أمر صعب؛ إذ من الضروري أيضاً أن يؤخذ في الحسبان ما تأكله الحيوانات ومن أين يأتي؛ فالثعابين آكلة لحوم، أي أنها تأكل الحيوانات التي تأكل النباتات، في حين أن حيوانات المزرعة الأخرى تأكل النباتات مباشرة في الغالب، بالتالي إذا ما قُورنت الكتلة الإجمالية للمواد النباتية المطلوبة لكل كيلوغرام من المواشي، فقد لا تبدو الثعابين فعّالة تماماً.

لكن ومرة أخرى، ثمة ما يُميّز الثعابين في هذه النقطة؛ إذ يقول المؤلف الرئيسي في الدراسة دانيال ناتوش (Daniel Natusch)، إن ما يجعل لحوم الثعابين أكثر استدامة ليس كفاءة تحويل الغذاء فقط، بل لأنها تتغذى على لحوم من غير الممكن استخدامها لأغراض أخرى. ويُضيف أيضاً أن تربية الماشية التي تتغذى على المحاصيل المزروعة على أرض كانت موطناً طبيعياً ذات اليوم، هي أقل استدامة بكثير من اصطياد القوارض أو استخدام بروتين الجيف في تغذية الثعابين.

اقرأ أيضاً: إليك الوجه المظلم لأشهر الحميات الغذائية: ما لم يخبرك به خبراء التغذية

فضلاً عن أن الفضلات التي تنتجها الثعابين تكون على شكل يورات غير قابلة للذوبان في الماء بدلاً من اليوريا الأكثر تطايراً، يعني هذا أنها تنتج كميات أقل من الغازات الدفيئة مقارنة بالحيوانات الأخرى.

علاوة على ذلك كله، يمكن للثعابين أن تبقى لفترة طويلة دون تناول الطعام ودون أن تفقد الكثير من كتلة جسمها. في الواقع، صمدت الثعابين في الدراسة مدة تزيد على 4 أشهر دون طعام ودون أن تخسر سوى 0.004% من كتلة جسمها يومياً، ثم استأنفت النمو السريع بمجرد استئناف التغذية. معنى هذا الكلام أنه يمكن للمزارعين التوقف عن إطعامها لأسابيع أو أشهر عديدة دون عواقب واضحة، وذلك في حال حصول اضطرابات في سلاسل التوريد مستقبلاً.

من ناحية أخرى، تحتاج الثعابين إلى كميات قليلة جداً من الماء العذب؛ بل في الواقع، يمكنها أن تعيش على الندى الذي يتشكل صباحاً على حراشفها مدة طويلة، بالإضافة إلى أن تربية الثعابين، وفقاً لناتوش، أكثر أخلاقية من تربية الطيور أو الثدييات، إذ لا تتمتّع بالقدرة المعرفية ذاتها، وغالباً ما تختار البقاء في حالة خاملة عندما لا تحتاج إلى البحث عن طعامها، كما تتحمل المساحات الصغيرة والضيقة، ونادراً ما تُصاب بالفيروسات التي تصيب الماشية والدواجن.

لكن إحدى سلبيات تربية الثعابين وفقاً للباحثين أن عملية إطعامها تتطلب عمالة مكثّفة بسبب ضرورة إزالتها من حظائرها وإطعامها فرادى منعاً للمواجهات التي قد تحدث فيما بينها، لكن ومع ذلك، فهي تحتاج إلى عملية إطعام مرة واحدة فقط أسبوعياً. كما من السلبيات أن عملية تغذيتها تتطلب خبرة وقدرات فنية معينة.

اقرأ أيضاً: ما هو صيام الماء؟ وما تأثيره في صحتك؟

ما الفرق بين لحم الثعابين واللحوم الأخرى من وجهة نظر غذائية؟

كتب الباحثون أن لحوم الزواحف لا تختلف عن الدجاج، فهي غنية بالبروتين وقليلة المحتوى بالدهون المشبعة، ويمكن طهيها وفق خيارات متعددة، كما أنها غالباً ما تكون أقل تلوثاً بالمعادن الثقيلة وبقايا الأدوية البيطرية.

وبالطبع من المتوقع أن يخاف الناس من فكرة التسمم عند تناول لحوم الثعابين، لكن الأفاعي تكون خطرة إن قامت بحقن السم في مجرى الدم؛ لذلك ونظراً لأن غددها السامة تقع في الرأس، فإن إزالة الرأس تجعلها صالحة للأكل، وهذا بالنسبة للأفاعي السامة، في حين أن الثعابين المرباة تكون ثعابين غير سامة. بالإضافة إلى ذلك، ينصح الخبراء بتجميد لحوم الثعابين وطهيها جيداً قبل تناولها، وذلك للوقاية من الأمراض الناتجة عن الطفيليات والبكتيريا والفيروسات التي قد تحملها.