ما هو صيام الماء؟ وما تأثيره في صحتك؟

4 دقيقة
ما هو صيام الماء؟ وما تأثيره في صحتك؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يتخلى النباتيون عن كل ما هو حيواني، ويمتنع آخرون عن الشوكولاتة والسكريات، بينما يركّز لاعبو كمال الأجسام على كل ما هو بروتيني، لكن تخيل حمية غذائية تخلو من كل ما سبق عدا الماء! إنه صيام الماء، وهو نظام غذائي يسمح بشرب الماء فقط دون أي طعام آخر نحو 1-3 أيام.

لكن ماذا لو استمر 7 أيام؟ ما التغييرات التي يُحدثها هذا الصيام في الجسم على المستوى الجزيئي؟ وهل نتائجه أكثر استدامة من غيره من أنواع الصيام؟ هذا ما حاول فريق من الباحثين الإجابة عنه في دراسة حديثة منشورة في 1 مارس/آذار 2024 في دورية نيتشر ميتابوليزم (Nature Metabolism)، وإليك ما توصلوا إليه.

اقرأ ايضاً: شائعات وحقائق: كيف يتأثر جسم الإنسان بالصيام؟

آثار صيام الماء 7 أيام

في الدراسة الحديثة، تابع باحثون من معهد أبحاث جامعة كوين ماري للرعاية الصحية في لندن والمدرسة النرويجية لعلوم الرياضة، حالة 12 متطوعاً (5 نساء و7 رجال)، في أثناء اتباعهم صيام الماء مدة 7 أيام وبعدها.

على وجه التحديد، راقب الباحثون التغيرات في مستوى البروتينات لتحديد كيفية استجابة الجسم لتقييد السعرات الحرارية، حيث تضمن البحث قياس نحو 3000 بروتين في البلازما قبل الصيام وفي أثنائه وبعده.

لاحظ الباحثون أن الجسم استغرق 72 ساعة (3 أيام) ليتحول من مصادر الغلوكوز إلى مخازن الدهون في الجسم، وبعد 7 أيام فقد المشاركون في المتوسط 5.7 كيلوغرام من كتلة الدهون وكتلة العضلات.

وبعد 3 أيام من العودة لأنماط الأكل الطبيعية، استعاد الجسم وزن كتلة العضلات بينما لم يستعد كتلة الدهون.

كما توصل الباحثون إلى أن مستويات البروتينات تغيرت في أعضاء مختلفة في الجسم، بما في ذلك البروتينات الموجودة في هياكل الخلايا العصبية في الدماغ.

الدراسة الأولى من نوعها: آثار صيام الماء في الجسم على المستوى الجزيئي 

درس الباحثون آثار صيام الماء في جسم الإنسان على المستوى الجزيئي، فتتبعوا التغيرات التي تصيب 212 بروتيناً خلال فترة الصيام، ودرسوا ما يقرب من 500 نتيجة صحية مختلفة تتعلق بهذه التغييرات، ووجدوا روابط بين بعض هذه البروتينات وحالات صحية معينة.

على سبيل المثال، اكتشف الباحثون وجود صلة بين البروتين المُسمّى (SWAP70) والتهاب المفاصل، ما قد يشير إلى أنه من الممكن أن يكون للتغيرات في هذا البروتين تأثيرات مفيدة للأفراد الذين يعانون التهاب المفاصل.

وبالمثل، وجد الباحثون رابطاً بين بروتين آخر يُعرف بـ (HYOU1) وأمراض القلب، وتوقعوا أن يكون للتغيرات في هذا البروتين آثار إيجابية محتملة في إدارة أمراض القلب أو الوقاية منها.

اقترح الباحثون أن التغييرات في بروتينات معينة في أثناء الصيام يمكن أن يكون لها فوائد صحية محتملة لحالات معينة، مثل التهاب المفاصل وأمراض القلب وغيرها من الحالات الصحية.

وقالت مديرة معهد أبحاث جامعة كوين ماري للرعاية الصحية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، كلوديا لانغنبيرغ (Claudia Langenberg): “للمرة الأولى، أصبحنا قادرين على رؤية ما يحدث على المستوى الجزيئي في مختلف أنحاء الجسم عندما نصوم”. وأضافت: “تقدّم نتائجنا دليلاً على الفوائد الصحية للصيام التي تتجاوز فقدان الوزن، إلّا أن هذه الفوائد لم تظهر إلّا بعد ثلاثة أيام من تقييد السعرات الحرارية الإجمالية، وهو وقت متأخر عما كنا نعتقد سابقاً”.

اقرأ أيضاً: ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟

الفوائد الصحية لصيام الماء

على الرغم من الدراسات المحدودة حول صيام الماء، فإنها قد ربطته بمجموعة من الفوائد الصحية، بما في ذلك:

  1. تعزيز الالتهام الذاتي: يحفّز صيام الماء نحو 3 أيام عملية الالتهام الذاتي التي تتضمن التخلص من الخلايا أو أجزائها التالفة واستبدال خلايا أكثر صحة بها. قد يساعد الالتهام الذاتي على الحماية من أمراض مثل السرطان والقلب وآلزهايمر.
  2. خفض ضغط الدم: وجدت دراسة أجريت على أفراد مصابين بالسمنة، ونُشِرت في دورية المغذيات  (Nutrients)، أن صيام الماء (مدة 10 أيام صيام ثم 5 أيام من إعادة التغذية)، تحت إشراف طبي أدّى إلى انخفاض ضغط الدم الانبساطي، بالإضافة إلى ضبط مستويات الكوليسترول المنخفض الكثافة الضار.
  3. السيطرة على نسبة السكر في الدم: حيث يعزز حساسية الجسم لهرمون الإنسولين ما يعزز كفاءته في خفض نسبة السكر في الدم.
  4. إدارة الوزن: تزداد حساسية الجسم لهرمون اللبتين (هرمون الجوع) في صيام الماء، ما قد يساعد الجسم على معالجة إشارات الجوع وفهمها بكفاءة أكبر، ويقلل خطر السمنة.
  5. تقليل عوامل خطر الأمراض المزمنة: يقلل صيام الماء من المستويات الإجمالية للالتهاب في الجسم، ويعزز وظيفة جهاز المناعة، ما يقلل من خطر الإصابة بـ:
    • أمراض القلب: فقد أفادت الدراسة المنشورة في دورية “المغذيات”، بأنه يحمي القلب من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة.
    • السرطان: حيث وجدت دراسة أجريت على البشر والحيوانات، ونُشِرت في دورية “نيتشر ريفيوز كانسر” (Nature Reviews Cancer)، أنه يمكن لصيام الماء تثبيط الجينات التي تساعد الخلايا السرطانية على النمو.
    • مرض السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي.
    • التهاب المفاصل الروماتويدي.

اقرأ أيضاً: هل يساعد الصيام على التقليل من مقاومة الإنسولين؟

مَن يجب عليه تجنب صيام الماء؟

وضّحت مختصة التغذية السريرية لاكشيتا جاين (Lakshita Jain)، أنه في اليوم الأول من صيام الماء تبدأ عملية تنظيف الجسم، وفي اليوم التالي قد تشعر ببعض الخفة لأن الجسم يستنزف احتياطي الغليكوجين في الكبد والعضلات، ثم يتحول في اليوم الثالث نحو مخازن الدهون فيه، فيدخل في حالة تباطؤ لتنظيم الحصول على الطاقة.

تشير جاين إلى أنه من المهم الاستماع إلى جسمك خلال هذه المدة؛ إذا كان جسمك على ما يرام، يمكنك الاستمرار في الصيام، أما إذا شعرت بالتوعك، فمن الضروري التوقف عن الصيام.

على وجه العموم، تختلف استجابة كل جسم للصيام، إذ قد لا يكون صيام الماء آمناً للجميع، لذا يوصى دائماً بصيام الماء تحت إشراف الطبيب المختص لضمان السلامة.

قد يمنع الطبيب بعض الأفراد ممن يعانون الحالات الطبية التالية من صيام الماء:

  • مرض كلوي.
  • النقرس.
  • اضطرابات الأكل.
  • اختلال توازن الإلكتروليتات.
  • هبوط ضغط الدم الانتصابي.
  • الحمل.
  • الرضاعة الطبيعية.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر الصيام في المصابين بأمراض الكليتين؟

مخاطر صيام الماء

يرتبط صيام الماء ببعض المخاطر، مثل:

  • الإصابة بالجفاف: على الرغم من أن الماء هو المادة الوحيدة المسموح بها خلال صيام الماء، فإن غياب الخضروات والفواكه قد يحرم الجسم من أحد المصادر الأساسية للترطيب.
  • انخفاض ضغط الدم الانتصابي: هو انخفاض الضغط المفاجئ الذي قد يصيبك لدى تغيير الحركة السريع مثل الوقوف، ويترافق بدوار وخفة في الرأس وفي حالة خاصة قد يسبب الإغماء.
  • تفاقم بعض الحالات الطبية: تبين أن صيام الماء قد يزيد إنتاج حمض اليوريك في الجسم، ما قد يزيد من خطر نوبات النقرس. علاوة على ذلك، يزيد حمض اليوريك من الضغط على الكليتين، لذا يمنع الأفراد المصابون بالنقرس وأمراض الكلى من ممارسة صيام الماء.