كيف يؤثّر الصيام في المصابين بأمراض الكليتين؟

3 دقيقة
سبق علمي: الخنزير يصلح رئة الإنسان في جسده ثم يعيدها إليه
حقوق الصورة: shutterstock.com/Marko Aliaksandr
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تميلُ أمراض الكلى بشكلٍ عام لأن تكون مزمنة، وتتطلب تعديل نمط الحياة لأن العوامل البيئية والتغذوية تؤثّر فيها بشكلٍ عميق، لهذا كثيراً ما يتساءل المصابون بأمراض الكليتين عمّا إذا كان الصيام آمناً للكلى؟ وهل من الآمن الانقطاع عن شرب الماء عدة ساعات دون أن يؤثّر ذلك سلباً في صحتها؟

 يُجيب هذا المقال عن هذه التساؤلات ويُسلّط الضوء على بعض المشكلات التي قد ينبغي أخذها بعين الاعتبار.

اقرأ أيضاً: ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟

دراسة أولى من نوعها تدرس تأثير صيام رمضان في مرضى الكليتين

شملت هذه الدراسة التي نُشِرت في دورية “حوليات التغذية والتمثيل الغذائي” (Annals for Nutrition and Metabolism) مجموعة من المرضى الذين يعانون القصور الكلوي المزمن بمختلف درجاته، أي من الدرجة الثانية حتى الرابعة. وقُسِّم هؤلاء المرضى إلى مجموعتين؛ شملت الأولى 31 مريضاً صاموا طوال فترة شهر رمضان، بينما تكونت المجموعة الثانية من 26 مريضاً لم يصوموا، لتكون هذه المجموعة هي المجموعة الضابطة.

قبل البدء بالدراسة، قاسوا حالة ترطيب الجسم كما عايروا مستويات حمض البول والكرياتينين والببتيدات الدماغية المدرة للصوديوم، وأعادوا هذه التحاليل في الأسبوع الرابع من شهر رمضان وبعد مضي شهر على انتهائه، أي بعد 8 أسابيع من بدء الدراسة.

بيّنت النتائج أن مستويات حمض البول في الدم ارتفعت بشكلٍ ملحوظ خلال الأسبوع الأخير من الصيام وعادت إلى مستوياتها الأساسية بعد 4 أسابيع من نهاية شهر رمضان، كما لم يتباين معدل الترشيح الكبيبي بشكلٍ ملحوظ بين المجموعتين. من جهةٍ أخرى، انخفضت مؤشرات حالة ترطيب الجسم ومستويات الببتيدات الدماغية المُدرة للصوديوم في البلازما بشكلٍ ملحوظ عند الصيام، ولكن هذه القيم عادت إلى الحالة الطبيعية في الأسبوع الرابع.

ومن هذه النتائج يمكننا أن نستخلص أن الصيام آمن نسبياً عند مرضى القصور الكلوي المزمن المُصنفين على أنهم درجة ثانية أو ثالثة، بينما يكون هذا التغير الطفيف في النتائج أكثر خطورة لدى مرضى القصور الكلوي من الدرجة الرابعة.

هل يمكن للمصابين بالأمراض الكلوية الأخرى الصيام؟

كما ذُكِر في الدراسة أعلاه، هناك بعض الخصوصية بما يتعلق بصيام المصابين بالقصور الكلوي المزمن ممن تُصنف إصابتهم على أنها درجة رابعة، أو المرضى المصابين بالقصور المزمن من الدرجتين الثانية أو الثالثة ممن حالتهم غير مستقرة، وهذا يعود إلى أن كليتهم تفشل في الاحتفاظ بالمعدلات الطبيعية لسوائل الجسم ما يجعلهم عرضة لمزيدٍ من الخلل والتلف الكلوي، أمّا بما يتعلق بمرضى القصور الكلوي الحاد، فينبغي ألّا يصوموا حتى يتعافوا بشكلٍ تام.

علاوةً على ذلك، يلجأ الكثير من المصابين بالأمراض الكلوية لغسيل الكلى، وأحياناً ثلاث مرات في الأسبوع، وفي أثناء جلسة الغسيل يُوضع المريض على السوائل الوريدية، لذلك لا يمكن لهؤلاء المرضى الصيام في هذه الأيام بينما يكون صيامهم في الأيام الأخرى سليماً، وذلك بالطبع بعد استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بهم.

يُنصح مرضى زراعة الكلى بالامتناع عن الصيام لحاجتهم إلى الالتزام بجرعات الدواء، حيث يتعامل الجسم مع الكلية المزروعة على أنها جسم غريب، لهذا يضطر المرضى لتناول الأدوية المُثبطة لجهاز المناعة لتخفيف حدة وشدة الاستجابة المناعية.

اقرأ أيضاً: ما هي متلازمة الشرق الأوسط “التنفسية”؟ وكيف تتعامل مع المصاب بها؟

ما النصائح التغذوية المتعلقة بصيام المصابين بالأمراض الكلوية؟

أهم النصائح التي توجَّه للمصابين بالأمراض الكلوية ممن يرغبون في صيام شهر رمضان هي ضرورة عدم تفويت وجبة السحور، لأن تفويتها سيُفقد الجسم قوته ويزيد من ضعفه وخاصةً لأن مرضى الكليتين يحتاجون إلى سعرات حرارية أكثر من الأشخاص الذين يتمتّعون بصحة جيدة.

من جهةٍ أخرى، ينبغي على مرضى الكليتين الحذر من استهلاك كميات كبيرة من الصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور، لأن الإفراط في هذه الشوارد قد يكون ذا عواقب وخيمة على صحة الكليتين. لهذا يُنصحون بتقليل ملح الطعام لاختصار الوارد من الصوديوم وتجنب بعض الخضروات مثل الطماطم والبطاطس والبامية والخضار الورقية الخضراء وكذلك بعض الفاكهة، بما في ذلك الموز والبرتقال والمانجو والتمر والمشمش والخوخ والشمام لتقليل الوارد من البوتاسيوم. وبما يتعلق بالفوسفور، فإنه يتوفر بكثرة في البقوليات وعلى رأسها الفول بالإضافة إلى المشروبات الغازية والمكسرات ومنتجات الألبان. 

ينبغي على المصابين بأمراض الكليتين أيضاً الحرص على الالتزام بنظام غذائي القليل البروتين لتجنب فرض عبء إضافي على الكليتين؛ فالإفراط في مدخول البروتين يرفع من نسبة حمض البول في الدم. كما ينبغي تقليل وحدّ الوارد من الأغذية الغنية بالسكر والدهون، لأن مرضى الكلى أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من سواهم.

وبما يتعلق بشرب الماء، فيعتمد الأمر على الحالة العامة للفرد وعلى كمية البول التي يطرحها الجسم، فإن كانت هذه الأخيرة ضمن معدلها الطبيعي فينبغي استهلاك 1.5-2 لتر من الماء بشكلٍ موزعٍ طوال فترة الإفطار حتى لا تُجهَد الكليتان. أمّا عندما ينخفض معدل البول، فينبغي تقليل تناول السوائل لتجنب احتباس الماء الذي قد يؤثّر في القلب والرئتين.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مريض القصور الكلوي المزمن؟

والقاعدة الأهم بما يتعلق بالصيام عند المصابين بالأمراض الكلوية أو أي حالة صحية هي “اعرف متى تتوقف عن الصيام”، مع ضرورة الجاهزية للتعامل مع أي أعراض تواجه المريض بطريقة صحيحة وضرورة فحص مستويات سكر الدم في الدم، وخاصةً إذا كان المريض مصاباً أيضاً بداء السكري، والاستعداد للإفطار إذا كانت مستويات سكر الدم أقل من 70 ملغ/ديسيلتر.