ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟

4 دقيقة
ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ TanyaJoy
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أعرب خبراء دوليون عن دعمهم الصيام المتقطع وصيام رمضان، مستندين إلى حقيقة أن الامتناع عن تناول الطعام ولو فترات قصيرة يمكن أن يساعد على تخفيف الآثار السلبية لمجموعة من المشكلات الصحية. حيث أكد الخبراء خلال مؤتمر دولي عقدته كلية العلوم الصحية في جامعة الشارقة الفوائد الصحية للصيام؛ إذ إنهم قدّموا أبحاثاً بنتائج واعدة تُبيّن أن الصيام يمكن أن يخفّض خطر الإصابة بمرض السكري ويساعد على تخفيف الوزن ويطيل العمر ويقي من تفاقم أمراض التمثيل الغذائي.

حضر علماء من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وعُمان وتونس والمملكة العربية السعودية ومصر والصين والمملكة المتحدة وماليزيا والكويت وقطر والأردن وتركيا وباكستان والإمارات العربية المتحدة هذا الاجتماع، الذي حمل اسم “المؤتمر الدولي الأول لأبحاث الصيام”.

عُقِد هذا المؤتمر الذي استمر يومين قبل أيام قليلة من استعداد نحو ملياري مسلم حول العالم لقدوم شهر رمضان لعام 2024؛ وهو شهر الصيام المبارك الذي يمتنع فيه المسلمون عن تناول الطعام والشراب من الفجر حتى غروب الشمس.

اقرأ أيضاً: إليك كيف يؤثّر صيام شهر رمضان يوماً بيومٍ في جسمك

أبحاث كثيرة تدعم فوائد الصيام

هناك عدد كبير من الأبحاث حول الصيام المتقطع الذي يمتنع فيه الصائمون عن تناول الطعام خلال فترات طويلة خلال اليوم. تختلف الساعات التي يصوم فيها المسلمون في اليوم الواحد باختلاف المناطق التي يعيشون فيها حسب خط العرض الذي يقع فيه الموقع وطبقاً لمدار الأرض حول الشمس.

قدّر أستاذ التغذية السريرية في جامعة الشارقة، معز الإسلام عزت فارس، أن 1.6 مليار مسلم يلتزمون بصيام شهر رمضان كل عام. مع ذلك، فإن أغلبية الأبحاث المنشورة عن علم الصيام تأتي من خارج العالم الإسلامي.

وقال: “تأتي أغلبية المنشورات العلمية المتعلقة بالصيام من أميركا الشمالية أو أوروبا، ويأتي العدد الأقل منها من الدول العربية الإسلامية”، وأضاف قائلاً إن الأبحاث العلمية التي تتناول الصيام حصدت أكثر من 26 ألف استشهاد؛ إذ تبلغ نسبة نمو المنشورات المتعلقة بشهر رمضان 9% سنوياً.

ودعا أستاذ الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، إيلي عقل، إلى إجراء المزيد من المشروعات التعاونية بين علماء الصيام في الشرق الأوسط الذين قال إنهم يؤلّفون 20% من الأبحاث المتعلقة بالصيام سنوياً. ووفقاً للعلماء المشاركين في المؤتمر، يتحول الصيام حالياً إلى مجال علمي وموضوع يحظى باهتمام الأكاديميين في مجال البحث العلمي.

اقرأ أيضاً: ما تأثير صيام رمضان في مستويات الكوليسترول؟

صيام رمضان ومرض السكري

تحدّث الأستاذ في كلية هارفارد للطب والمتحدّث الرئيس في المؤتمر، أسامة حمدي، عن بزوغ فجر حقبة جديدة لعلم الصيام واصفاً إياها بالحقبة العلمية الجديدة، سيكون فيها علم الصيام موضوعاً ذا مكانة كبيرة في مجال البحث في المستقبل، فالصيام يطيل العمر ويؤخّر سنوات الشيخوخة الصحية. وقد أثبت العلماء مراراً وتكراراً أن تقييد النظام الغذائي عموماً يخفف شدّة آثار العديد من المشكلات الصحية مثل متلازمة التمثيل الغذائي (الأيض) ومرض السكري والسرطان وغيرها.

لخّص حمدي الأنواع المختلفة من الصيام المتقطع، وخصوصاً الصيام المقيّد بالوقت والصيام المتناوب وطريقة الصيام 5:2 (حيث يتبع الشخص نظاماً غذائياً عادياً لخمسة أيام في الأسبوع، ويصوم عن الطعام مدة يومين في الأسبوع، وصيام شهر رمضان، وربط الصيام المتقطع عموماً بمجموعة من الفوائد الصحية.

كما كشف أمام أعضاء المؤتمر عن نتائج أبحاث الصيام كما أوردها برنامج نتائج هدأة مرض السكري، والتي تمثل بداية جديدة في مجال علاج مرض السكري في مرحلة مبكرة جداً من خلال التغذية وممارسة التمرينات الرياضية فقط.

ووفقاً لحمدي، اعتمد البرنامج على نهج من مستويين مدة 12 أسبوعاً التزم فيها المشاركون بنظام غذائي تتراوح كمية السعرات الحرارية فيه بين 800 و1000 سعرة حرارية. قال حمدي: “طبقنا على المشاركين تركيبة خاصة بمرضى السكري؛ إذ إنهم صاموا مدة 16 ساعة وفقاً لنظام تناول الطعام المقيد بالوقت، ثم أوقفوا الصيام بتناول مشروب مخفوق وتناولوا وجبة عشاء تحتوي على 600-800 سعرة حرارية”.

انتقل المشاركون بعدها إلى مرحلة المداومة مدة 9 أشهر، عادوا فيها تدريجياً إلى اتباع نظام غذائي تتراوح كمية السعرات الحرارية فيه بين 1,500 و1,800 سعرة حرارية. انخفضت أوزان المشاركين بنسبة 8% تقريباً خلال هذه المرحلة. وانخفضت درجة اختبار أيه 1 سي (اختبار نسب السكر في الدم – A1C) من 6.4 إلى 6.1 دون تناول أي دواء، وهذا يعني دخول مرضى السكري في حالة الهدأة.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: هذا الصيام يخفض خطر الإصابة بالسكري

آثار إيجابية للصيام مع مراعاة بعض القواعد

ظل المشاركون في حالة الهدأة حتى بعد مرور عام، علاوة على أن جودة حياتهم تحسّنت. مع ذلك، بيّن العلماء أن تأثير الصيام المتقطع في رمضان قد يكون سلبياً إذا أفرط الصائمون في تناول الطعام عند الإفطار. على سبيل المثال؛ حذّر أستاذ الطب الرئوي وطب النوم في جامعة الملك سعود، أحمد باهمام، الصائمين في رمضان من الإفراط في تناول الطعام.

فشهر رمضان هو وقت مخصص لتناول الولائم بالنسبة إلى الكثيرين. على سبيل المثال، فإن وجبة الإفطار في دول الخليج أشبه بمأدبة باذِخة أغلبية الأطباق فيها سكرية.

قال باهمام: “لا تنطبق تأثيرات صيام شهر رمضان في نمط الحياة فقط؛ إذ إنها تنطبق أيضاً على توقيت الوجبات والساعة البيولوجية والتفاعل مع الإنسولين. كانت هذه الرحلة البحثية موسّعة للمدارك، كما أنها تدفع إلى التواضع؛ إذ إنها بيّنت كيف يمكن أن يساعدنا العلم على فهم التقاليد والصحة على حد سواء”.

اقرأ أيضاً: نصائح للمصابين بأمراض مزمنة لصيام شهر رمضان

وفقاً للأستاذ في هيئة الصحة بدبي، محمد حسنين، يحتاج المسلمون المصابون بالسكري إلى الحصول على استشارات ورعاية خاصّتين إذا قرروا الصيام في شهر رمضان، حيث يقدّر عدد المسلمين المصابين بمرض السكري من النوع الثاني بـ 150 مليون شخص على الأقل. ويجب الصيام في شهر رمضان وفق خطة محددة، والخيار الأفضل بالطبع هو أن يلجأ أي شخص مصاب بالسكري إلى مقدم الرعاية الصحية للحصول على التقييم الصحي المناسب قبل شهر رمضان.

قدّم حسنين تطبيقاً جديداً طوّره بالتعاون مع أحد زملائه بهدف تقدير عوامل الخطورة التي قد يواجهها مرضى السكري إذا قرروا الصيام خلال شهر رمضان. يحسب التطبيق الذي يحمل اسم “دي أيه آر أكاديمي” (DAR Academy) المخاطر المحتملة عندما يزوده المصابون بمرض السكري بالبيانات الصحية الشخصية مثل نسب السكر في الدم وطبيعة وظائفهم وساعات الصيام ومستوى الوهن والظروف الاجتماعية.

نصح حسنين مرضى السكري المسلمين باستشارة أطبائهم حتى يتمكّن هؤلاء من إرشادهم حول التمرينات الرياضية التي يجب أن يمارسوها ويراقبوا مستويات الغلوكوز في الدم ويعدّلوا توقيت تناول الأدوية وجرعاتها.