دراسة حديثة: هذا الصيام يخفض خطر الإصابة بالسكري

دراسة حديثة: هذا الصيام يخفض خطر الإصابة بالسكري
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Kattecat
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لتقييد الغذاء فوائد تتعدى فقدان الوزن إلى التحكم في مرض السكري وإدارة أعراضه، وثمة العديد من الأدلة حول ذلك. فقد أشارت دراسة أجراها باحثون في جامعة أديلايد (University Of Adelaide) ومعهد جنوب أستراليا للبحوث الصحية والطبية (SAHMRI)، إلى أن صيام التغذية المقيدة في وقتٍ مبكر يمكنه تقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 أكثر من النظام الغذائي منخفض السعرات الحرارية. فما نظام التغذية المقيدة في وقتٍ مبكر؟ وكيف يؤثّر في مرض السكري؟

مرض السكري

عند الإصابة بمرض السكري، يفقد الجسم قدرته على استخدام الطاقة التي يحصل عليها من سكر الغذاء، لأنه لا ينتج كمية كافية من الإنسولين أو لا يمكنه استخدامه بشكلٍ صحيح، فيتراكم الغلوكوز تدريجياً في الدم، ما يهدد بمشكلات صحية مثل أمراض القلب وتلف الأعصاب ومشكلات العيون. ومن أهم أنواعه:

  • داء السكري من النوع 1: وهو أحد أمراض المناعة الذاتية، وفيه يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس ويدمرها.
  • داء السكري من النوع 2: وهو أكثر أنواع السكري شيوعاً، وفيه لا ينتج الجسم ما يكفي من الإنسولين، أو لا يستجيب له (مقاومة الإنسولين).
  • مقدمات السكري: هو النوع الذي ترتفع فيه نسبة سكر الغلوكوز في الدم لكنها لا تصل إلى مستويات كافية لتُشخص الإصابة بالسكري من النوع 2. لحسن الحظ يمكن السيطرة عليه وعكسه باتخاذ بعض الخطوات الصحية.

اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟

تأثير التغذية المقيدة بوقتٍ مبكر في تنظيم نسبة السكر في الدم

لدراسة تأثير التغذية المقيدة في وقتٍ مبكر على مستويات السكر في الدم، قارن الباحثون في الدراسة التي نشرتها مجلة نيتشر ميديسن (Nature Medicine) بين الأكل المقيد في وقتٍ مبكر مع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، واستمرت الدراسة نحو 18 شهراً، وشارك فيها 209 أشخاص، وقُسم المشاركون إلى 3 مجموعات:

  • تقييد التغذية في وقتٍ مبكر: وهو نظام صيام يتضمن نافذة طعام تتراوح ما بين 6-8 ساعات، وتمتدُ من الـ 8 صباحاً حتى فترة ما بعد الظهر، ثم الصيام لبقية اليوم (نحو 20 ساعة). كرر المشاركون هذا النمط ثلاثة أيام غير متتالية في الأسبوع، بينما سمح لهم الباحثون بتناول الطعام بحرية في باقي الأيام.
  • تقييد السعرات الحرارية اليومية إلى نحو 70% من الاحتياجات اليومية.
  • نظام الرعاية القياسية لفقدان الوزن: وفيه تناول المشاركون 50% من السعرات الحرارية اليومية بعد الساعة 4 مساءً.

اختبر الباحثون تحمل الغلوكوز لدى المشاركين قبل الدراسة، وهو اختبار يمنحون فيه المريض الغلوكوز بنسبة معينة، ثم يحللون استجابة الجسم للغلوكوز من حيث الاستخدام والتخزين. أمّا خلال الدراسة، فقد ارتدى جميع المشاركين جهاز مراقبة الغلوكوز.

توصل الباحثون إلى أن الأشخاص الذين اتبعوا الصيام المقيد بالتغذية المبكرة لـ 3 أيام خلال الأسبوع، كانوا أكثر تحملاً للغلوكوز بعد 6 أشهر من أولئك الذين يتبعون نظاماً غذائياً منخفض السعرات الحرارية يومياً، ما يشير إلى أن تحمل الغلوكوز يبلغ ذروته في الصباح، ويتراجع بتقدم اليوم، ويوضّح أن الجسم يستخدم الطاقة من أطعمة الإفطار بشكلٍ أفضل من الطاقة التي تأتي من وجبة مسائية قبل النوم.

يقول المؤلف الأول للدراسة شياو تونغ تيونغ (Xiao Tong Teong): “هذه أكبر دراسة في العالم حتى الآن والأولى التي تعمل على تقييم كيفية معالجة الجسم للغلوكوز واستخدامه بعد تناول وجبة، وهو مؤشر أفضل لخطر الإصابة بمرض السكري من اختبار الصيام”.

اقرأ أيضاً: هل ارتفاع السكر في الدم يعني بالضرورة الإصابة بمرض السكري؟

كيف تعمل التغذية المقيدة في وقتٍ مبكر؟

صاغ الباحث ساتشين باندا مصطلح تقييد الأكل بالوقت، لتصميم طريقة صيام تتماشى مع إيقاع الجسم اليومي. بعبارةٍ أخرى، الصوم خلال فترات راحة الجسم، واستهلاك السعرات الحرارية عندما يكون الجسم مهيأً لاستخدامها.

يتحدد الإيقاع اليومي للجسم من خلال ساعة في الدماغ تعتمد على ضوء النهار لإدارة دورة (الاستيقاظ/ النوم)، بالمقابل تعمل أعضاء الجسم وفقاً لساعة أخرى تتحكم بها إشارات تناول الطعام. على سبيل المثال، يستيقظ الجهاز الهضمي ويبدأ العمل عندما نتناول الطعام، ما يساعد على امتصاص الطاقة وتخزينها وإطلاقها. ومع ذلك، تدخل هذه الأعضاء بحالة سكونٍ تدريجي مع تقدم اليوم. بالنتيجة، يتعامل الجسم بكفاءة أكبر مع الأغذية التي نتناولها في بداية اليوم من الأغذية التي نتناولها في وقتٍ لاحق من اليوم.

إذاً، يستطيع الجسم الاستفادة من السعرات الحرارية وحرق الدهون بكفاءة أكبر من خلال مزامنة فترة تناول الطعام مع الوقت المبكر من اليوم.

الأكل المقيد في وقتٍ مبكر وحساسية الإنسولين

أشار كبير الباحثين في جامعة أديلايد، ليوني هيلبرون (Leonie Heilbronn)، إلى أن المشاركين في الدراسة الذين اتبعوا صيام التقييد الغذائي في وقتٍ مبكر ازدادت لديهم حساسية الإنسولين، وشهدوا انخفاضاً أكبر في نسبة الدهون في الدم، مقارنة بمَن اتبعوا نظاماً غذائياً منخفض السعرات الحرارية.

وفي دراسة سابقة نُشرت في دورية سيل ميتابوليزم (Cell Metabolism) حول تأثير التغذية المقيدة المبكرة على مستويات الإنسولين، استهلك 8 رجال مصابين بداء السكري كامل احتياجاتهم من السعرات الحرارية قبل الساعة الـ 3 مساءً. بالنتيجة تحسن أداء البنكرياس المنتج للإنسولين، وكذلك حساسية الإنسولين، أي يمكن للتغذية المقيدة في وقتٍ مبكر التحكم بمستويات السكر في الدم بسرعة أكبر بعد الوجبات الغذائية، بالإضافة إلى فقدان الوزن لاستهلاك الجسم وقتاً أطول في حرق الدهون وتخزينها.

اقرأ أيضاً: كيف تتسبب البدانة في حدوث داء السكري؟

يقول يونغ: “تُضيف نتائج هذه الدراسة إلى مجموعة الأدلة المتزايدة حول تأثير توقيت الوجبة والصيام في الفوائد الصحية لنظام غذائي محدود السعرات الحرارية”. ومع ذلك، يشير الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من البحث حول تأثير إطالة فترة تناول الطعام في إدارة السكري، ما قد يجعل النظام الغذائي أكثر استدامة على المدى الطويل.