هل يساعد الصيام على التقليل من مقاومة الإنسولين؟

3 دقيقة
هل يساعد الصيام على التقليل من مقاومة الإنسولين؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/InnaLu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُدرَس الصيام كنهج غذائي نظراً لدوره الإيجابي بما يتعلق بالصحة الأيضية، وأبرز أدواره التي سُلِّط الضوء عليها هي “تأثيره في مقاومة الإنسولين“، فهل يساعد الصيام على إعادة ضبط حساسية الجسم للإنسولين؟ إليك الإجابة عن ذلك في هذا المقال.

اقرأ أيضاً: إليك كيف يؤثّر صيام شهر رمضان يوماً بيومٍ في جسمك

ما هي مقاومة الإنسولين؟

مقاومة الإنسولين هي حالة استقلابية لا يستجيب فيها الجسم للإنسولين المُفرز، ما يدفعه لإفراز المزيد من الإنسولين للتغلب على ذلك، الذي يترتب عليه تراكم الإنسولين في الدم وارتفاع مستوياته. فعند حدوث مقاومة الإنسولين، تنخفض قدرة الإنسولين في تسهيل امتصاص خلايا الجسم الغلوكوز. فعلى الرغم من وجود الإنسولين في الدم، فإن عضلات الجسم والدهون وخلايا الكبد تكون أقل استجابة لامتصاص الغلوكوز من مجرى الدم للحصول على الطاقة أو التخزين.

يدفع عدم الكفاءة في العمل هذا البنكرياس إلى إنتاج المزيد من الإنسولين. ولأن الغلوكوز الموجود في الدم يفشل في الدخول إلى الخلايا، فترتفع مستوياته في الدم، ما يزيد خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني ومتلازمة التمثيل الغذائي التي تشتمل على حدوث ارتفاع ضغط الدم واضطراب شحوم وكوليسترول الدم وزيادة الدهون الحشوية حول الخصر، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم. هذه العوامل بدورها أيضاً ترفع من خطر الإصابة بالاضطرابات الصحية مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري النمط الثاني.

الخبر السار هو أن جزءاً من إدارة مقاومة الإنسولين يركّز على “تعديل نمط الحياة”، ويعتبر الصيام أحد أهم الخطوط العلاجية الأولى التي يبدأ مقدمو الرعاية الصحية بها لكونها تقرّبنا خطوة من تحسين الحساسية على الإنسولين، فكيف ذلك؟

كيف يمكن للصيام أن يتصدى لمقاومة الإنسولين؟

يخضع الجسم في أثناء الصيام لعدة تغييرات للتكيُّف مع قلة تناول الطعام. في البداية، يستخدم الغلوكوز المخزن في الكبد للحصول على الطاقة، وبمجرد استنفاد مخازن الغليكوجين في الكبد -التي تحدث عادةً بعد 12 إلى 36 ساعة من الصيام- يبدأ الجسم بالانتقال إلى حالة تُسمَّى “الكيتوزية”. في هذه المرحلة، يبدأ الجسم باستخدام الدهون للحصول على الطاقة، والذي بدوره يؤدي إلى فقدان الوزن وخسارة النسيج الدهني، بالإضافة إلى انخفاض في مستويات سكر وكوليسترول الدم.

تتم العمليات التي ذُكِرت أعلاه جميعها من خلال مجموعة من العمليات البيولوجية بما في ذلك الالتهام الذاتي والتكيّفات الهرمونية وتحسين استخدام الدهون. ففي الصيام تتنشط عملية الالتهام الذاتي والتي تنظّف من خلالها خلايا الجسم المكونات التالفة، ما يحسّن الوظيفة الخلوية ويرتبط بنتائج صحية أفضل تشمل تحسين حساسية الإنسولين عن طريق إزالة مستقبلات الإنسولين والخلايا الأخرى المكونات الضرورية لاستقلاب الغلوكوز.

اقرأ أيضاً: مقاومة الإنسولين: نذير الخطر وسهل العلاج

الآلية الأخرى هي التكيُّف الهرموني، التي تشتمل على إعادة التوازن بين هرمونات الجوع والشبع، أي بين الليبتين والغريلين، والذي بدوره ينعكس إيجاباً على حساسية الإنسولين. من جهةٍ أخرى، يعزز الصيام المتقطع قدرة الجسم على استخدام الدهون للحصول على الطاقة بدلاً من الغلوكوز، الذي لا يسهم في فقدان الوزن فحسب وإنما يحسّن من الحساسية للإنسولين، حيث يصبح الجسم أكثر مهارة في استخدام الغلوكوز والأحماض الدهنية المتاحة كوقود.

دراسة تؤكد أن الصيام يحسّن من مقاومة الإنسولين

هدفت دراسة نُشِرت في دورية “المكتبة الوطنية للطب” إلى تحديد تأثير الصيام خلال شهر رمضان في مقاومة الإنسولين وعملية التمثيل الغذائي في الجسم. شارك في هذه الدراسة 27 بالغاً ممن صاموا شهر رمضان كاملاً، وجُمِعت بيانات هؤلاء المشاركين قبل البدء بالصيام وفي اليوم الثالث للصيام وقبل انتهاء الصيام بثلاثة أيام، ومن بين البيانات المُجمعة، ركّز الباحثون على قياس مؤشر كتلة الجسم لدى المشاركين وتركيز هرمون الليبتين والأديبونيكتين في الدم، كما حرص الباحثون على تشابه النظام الغذائي بين المشاركين حتى لا يؤثّر العامل التغذوي في صحة النتائج.

وبعد مقارنة النتائج، تبين أن الصيام أدّى إلى انخفاضٍ واضحٍ في وزن الجسم ومؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر، وهذا النقصان في الوزن كان على حساب النسيج الدهني والنسيج العضلي، إذ لم يمارس أي من المشاركين أي تمارين رياضية، كما انخفضت نسبة استهلاك الطاقة بسبب الصيام ساعات طويلة، ولكن لم يلحظ أي اختلاف يُذكر في نسبة غلوكوز الدم.

بيّنت النتائج أيضاً علاقة بين هذا التبدل في وزن الجسم وتركيز هرمون الليبتين في الدم، فمن المعروف أن إفراز الليبتين ينخفض استجابةً لخسارة الوزن وفقدان الدهون، إلى جانب أن هرمون الليبتين في الدم على علاقة إيجابية مع الإنسولين في الدم. من جهةٍ أخرى، تظهر الدراسة أن مستويات الأديبونيكتين في الدم ظلت ثابتة، ما يُعطي فكرة عامة أن مخازن الطاقة في الجسم في حالة من الاستقرار.

اقرأ أيضاً: ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟

بكلماتٍ أخرى، أثبتت هذه الدراسة أن للصيام خلال شهر رمضان دوراً في خسارة الوزن وخاصة الدهون حول البطن والتي تعتبر أحد أبرز العوامل التي تؤدي إلى حدوث مقاومة الإنسولين، كما أنه يحقق التوازن بين هرمونات الجوع والشبع ويعمل على إعادة تنظيم الاعتماد على مصادر الطاقة، والتي بدورها تؤثّر إيجاباً في حساسية الإنسولين في نهاية المطاف.