هل تهدد مشروبات الطاقة صحة القلب؟ دراسة جديدة تُجيب

5 دقيقة
هل تهدد مشروبات الطاقة صحة القلب؟ دراسة جديدة تُجيب
حقوق الصورة: shutterstock.com/Uswa KDT

إذا كنت تستعد لإجراء امتحان أو تتطلع لتحسين أدائك الرياضي أو تحتاج إلى العمل حتى ساعات متأخرة، فقد تلجأ إلى احتساء القهوة. لكن قد يرغب البعض في نكهة أقوى وتأثير أسرع مما يُقدّمه فنجان القهوة العادي، وهنا قد تبدو مشروبات الطاقة خياراً مُغرياً وسريعاً يمكن أن يُعطي دفعة إضافية للأداء والتركيز. لكن هل تُدرك حقاً ما الذي يحتوي عليه مشروب الطاقة الذي تتناوله؟ وهل يحقق المنافع المرجوة منه مثلما تروِّج الشركات التجارية؟ فبحسب دراسة جديدة، يمكن لتناول مشروبات الطاقة أن يسبب سكتات قلبية مفاجئة.

لذلك قبل أن تُقبل على تناول مشروبات الطاقة، إليك بعض الحقائق التي يجب أن تعرفها عن مخاطرها المحتملة، والبدائل الأكثر أمناً.

اقرأ أيضاً: مشروبات الطاقة: ماذا تحتوي؟ وهل تمثّل خطراً على صحتك؟

مشروبات الطاقة خطر يهدد صحة القلب

تحتوي مشروبات الطاقة عادة على كميات كبيرة من الكافيين والسكر ومضافات أخرى ومنشطات مثل الغوارانا guarana، وهو مستخلص عشبي يحتوي على الكافيين يُستخدم غالباً في مشروبات الطاقة لخصائصه المنشطة، إلى جانب التورين taurine الذي يُستخدم لتعزيز الأداء البدني والوظائف الإدراكية. لكن لا تخضع هذه المواد لرقابة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، حيث تُصنَّف مشروبات الطاقة على أنها مكملات غذائية والتي لا تخضع لرقابة إدارة الغذاء والدواء الأميركية كذلك.

وتُشير الدراسة التي أجراها باحثون في مايو كلينك الأميركية ونشرتها مجلة إيقاع القلب العلمية (Heart Rhythm)، إلى أن المواد المنشطة في مشروبات الطاقة قد تزيد معدل ضربات القلب وضغط الدم، ما يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب، وحدوث السكتات القلبية.

أُجريت الدراسة على 144 ناجياً من سكتات قلبية مفاجئة (SCA)، ووجد الباحثون أن 7 أشخاص من هؤلاء كانوا قد تناولوا مشروبات طاقة قبل التعرض لهذه السكتات.

ومع أن الدراسة لا تؤكد على نحو قاطع تسبب مشروبات الطاقة في عدم انتظام ضربات القلب والتعرض إلى السكتات القلبية المفاجئة، إلى جانب أن نسبة مَن تناولوا مشروبات الطاقة وتعرضوا بعدها لسكتة قلبية مفاجئة تُعدّ قليلة، حيث تبلغ نحو 5% من المشاركين في الدراسة، لكن تحذّر الدراسة من المخاطر المحتملة عند تناول هذه المشروبات على صحة القلب، وتدعو إلى مزيدٍ من الدراسات لتوضيح مدى انتشار هذه المخاطر، وتحديد أضرار مشروبات الطاقة على نحو أدق.

ويحذّر الباحث الرئيس في الدراسة وطبيب أمراض القلب الوراثية في ​​​​مايو كلينك، مايكل ج. أكرمان Michael J. Ackerman، من استهلاك مشروبات الطاقة، خاصةً من قِبل الذين يعانون أمراض القلب الوراثية.

اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة تناول مشروبات الطاقة؟

مخاطر تناول مشروبات الطاقة على صحتك

يرى عشاق مشروبات الطاقة أنها ليست أسوأ من القهوة، خاصة عندما تُقارن مشروب طاقة يحتوي على 80 ملغ من الكافيين بكوب قهوة يحتوي على 100 ملغ من الكافيين. ومع إن تركيزات الكافيين في بعض مشروبات الطاقة يمكن أن تصل إلى 300 ملغ في العلبة الواحدة، إلّا أن الكافيين ليس المكون الوحيد؛ فهناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار. فمع أن المكونات الأخرى المُنشطة الموجودة بهذه المشروبات قد تقدّم بعض الفوائد الصحية مثل زيادة اليقظة والانتباه وتحسين الطاقة والتركيز، إلى جانب خصائصها التي قد تعمل كمضادات للأكسدة والالتهابات، إلّا أن إضافة هذه المواد مع الكافيين والسكر في مشروبات الطاقة قد تؤدي إلى مضاعفات صحية عديدة مثل عدم انتظام ضربات القلب، والسكتات الدماغية والقلبية، والقلق والاكتئاب والهلوسة وتقلبات المزاج، إلى جانب الصداع والإسهال والغثيان والأرق والجفاف وتسوس الأسنان وزيادة الوزن.

ووفقاً لتقديرات أعداد زيارات أقسام الطوارئ في المستشفيات الأميركية في الفترة من عام 2007 حتى عام 2011، تضاعفت أعداد زيارات المرضى لغرف الطوارئ لأسباب تتعلق بتناول مشروبات الطاقة؛ حيث يمكن لمشروبات الطاقة أن تسبب السكتة الدماغية، وتُسمَّى الحالة التي تُسبب السكتة بعد تناول مشروب الطاقة بـ "متلازمة تضيق الأوعية الدماغية العكوسة" (RCVS)، وتُدعى كذلك متلازمة كول فليمنغ (Call-Fleming)، حيث يؤدي هذا التشنج المفاجئ للأوعية الدموية في الدماغ إلى تقليل تدفّق الدم أو التسبب بنزيف.

إلى جانب ما سبق، قد يعطيك السكر في هذه المشروبات دفعة طاقة مؤقتة، لكن يتبعها انخفاض في هذه الطاقة والشعور بالتعب، ما يمكن أن يُؤثّر في المزاج ويزيد الشعور بالجوع. علاوة على ذلك، لا يُعدّ الشعور بالقلق أو التوتر بعد تناول الكافيين وحسب أمراً غريباً، لكن عندما تُستهلك كميات زائدة من الكافيين مع مضافات مُنشّطة، مثل الغوارانا، تتفاقم هذه التأثيرات النفسية والعصبية السلبية، كما أن مشروبات الطاقة تُستهلك عادةً مثل المشروبات الغازية بدلاً من الاستمتاع بها ببطء، مثل فنجان القهوة، ما يزيد تأثيرات المشروب السلبية، كما تؤثّر المُحلِّيات الصناعية المضافة إلى هذه المشروبات سلباً في صحة الأمعاء، وخاصة الميكروبيوم المعوي المهم لصحة الجسم وعمليات الهضم.

ومع أن بعض العلامات التجارية تُروّج لمشروبات طاقة "صحية" خالية من السكر أو منخفضة السكر ومنخفضة السعرات الحرارية، وقد تحوي بعض الفيتامينات والمعادن، لكن لا يوجد ما يثبت فوائد تناولها من الناحية الصحية.

على الجانب الآخر، قد يؤثّر تناول مشروبات الطاقة في فاعلية بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية القلق أو مميعات الدم، فيمكن لمكونات هذه المشروبات أن تتفاعل مع الأدوية وتفاقم تأثيرها أو تقلله بطريقة غير متوقعة.

يؤكد طبيب الأمراض الباطنية، أحمد محفوظ، أن أضرار مشروبات الطاقة تفوق بكثير أي فوائد محتملة، ويشير إلى أن هذه المشروبات قد تهدد حيوات متناوليها. ويوضّح أن الأشخاص الذين يتناولون مشروبات الطاقة بصفة دورية ويرغبون في فقدان الوزن لن يتمكنوا من ذلك بسبب كمية السكر العالية في هذه المشروبات.

اقرأ أيضاً: لمَ عليك ألّا تستهلك مشروبات الطاقة؟

6 بدائل صحية لمشروبات الطاقة

إذا كنت تشعر بالتعب أو ترغب في أن تبدأ يومك بنشاط، إليك هذه البدائل الأكثر أمناً من مشروبات الطاقة:

  1. القهوة: يمكن لاستهلاك الكافيين بِكميات معقولة، بمقدار أقل من 400 مليغرام يومياً وهو الحد الأقصى للشخص البالغ السليم، أن يُفيد صحتنا، ويُزيد الشعور باليقظة. تُعدّ القهوة مصدراً مهماً للكافيين ولمضادات الأكسدة كذلك، وقد تُقلّل خطر التدهور المعرفي والسرطان وأمراض الكبد.
  2. الشاي الأسود: مفيد للصحة ويحتوي على كمية كافية من الكافيين يمكن أن تعزز طاقتك.
  3. الشاي الأخضر: قد يساعد على محاربة السرطان وأمراض القلب ويُقلّل ضغط الدم والكوليسترول ويساعد على إنقاص الوزن.
  4. ماء جوز الهند: غني بالمعادن ومضادات الأكسدة والإلكتروليتات، ومناسب لتعزيز طاقتك بعد التمرين.
  5. الكومبوتشا: وهو شاي أسود مُخمر يحتوي على البروبيوتيك التي تعزز عملية الهضم.
  6. المشروبات الرياضية: قد تحتوي على نسبة عالية من السكر والسعرات الحرارية، لكنها يمكن أن تعوض الإلكتروليتات والأملاح التي يفقدها الجسم، والتي لا تُقدّمها مشروبات الطاقة الأخرى. لكن تجنّب الإفراط في استخدامها، وفي العادة لا يحتاج معظم الناس إلى شربها بانتظام.

4 نصائح إضافية لتشعر بالحيوية دون الحاجة إلى مشروبات الطاقة والمنبهات

إذا كنت معتاداً على تناول هذه المشروبات، فقد تساعدك بعض التغييرات في نمط الحياة على التوقف عن شربها:

  1. اشرب الكثير من الماء: يُعدّ الجفاف مشكلة كبيرة؛ فالكافيين مُدرّ للبول، ويمكن أن يزيد خطر الجفاف، لذلك احرص على شرب الماء، ولا تكثر من شرب السوائل المحتوية على الكافيين لحمايتك من الجفاف والحفاظ على طاقتك.
  2. احصل على ما يكفي من النوم: يساعد النوم الكافي على تحسين مزاجك ويُقلّل اعتمادك على الكافيين.
  3. تناول وجبات صحية: يساعدك تناول الوجبات المتوازنة التي تحتوي على البروتين الخالي من الدهون، والفواكه والخضروات، والحبوب الكاملة على التحكم في مستويات السكر في الدم ويُشعرك بالشبع فترة أطول.
  4. مارِس الرياضة: تُعزّز الرياضة مستويات طاقتك وتحسّن مزاجك وصحتك العامة.

اقرأ أيضاً: كيف يهدد الكافيين جودة نومك؟

وبصفةٍ عامة، قد لا يكون استهلاك الأشخاص الأصحاء مشروبات الطاقة من حين لآخر مُضراً، لكن تناولها بانتظامٍ قد يزيد خطر التعرض إلى المخاطر الصحية السابق ذكرها، خاصةً لمَن يعانون حالات طبية مثل السكري بسبب ما تحتويه هذه المشروبات من كميات كبيرة من السكر المُكرّر والمُحلِّيات الصناعية.

وتنصح أخصائية التغذية العلاجية، نهى عمر، بالامتناع التام عن تناول مشروبات الطاقة لمَن هم أقل من 18 عاماً أو أكبر من 40 عاماً، كذلك يجب على النساء الحوامل ومَن يعانون حالات صحية مثل أمراض القلب أو الكلى، أو مَن يتناولون الأدوية بانتظام لعلاج حالات صحية معينة تجنب تناول مشروبات الطاقة نهائياً.