هل بذور الفاكهة آمنة للابتلاع؟

هل بذور الفاكهة آمنة للابتلاع؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ isara studio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا سيحدث إذا تناولت بذور ثمار الفاكهة مثل التفاح أو العنب أو البطيخ؟ حسناً إن حموضة معدتك لن تسمح لها بالإنبات، لكنها تحتوي على العديد من المكونات والمُركّبات النشطة حيوياً. فإلى أي مدى عليك القلق من تناول هذه الأجنة النباتية الصغيرة؟ وهل هناك أي مخاطر على الصحة لابتلاعها؟ لنكتشف معاً في هذا المقال.

ما الفرق بين البذور والثمار؟

من وجهة نظر نباتية، الثمار أو الفاكهة هي المبيض الناضج اللحمي أو الجاف للنباتات المزهرة، والأجزاء المرتبطة فيه. تحيط الفاكهة بالبذور التي تطورت من البويضة بعد الإخصاب. في الواقع تعمل الفاكهة بمثابة وعاء يحيط بالبذور ويحميها. في المقابل، البذرة هي نبات جنيني مغلف داخل قشرة واقية، وجاهز للإنبات في ظل الظروف المناسبة.

هل تناول بذور الفاكهة ضار؟

إن تناول بذور الفاكهة ليس ضاراً، بل قد يكون في بعض الأحيان مفيداً وذا فوائد صحية للجسم، لكن تحتوي بذور الفواكه ذات النوى مثل فواكه عائلة الورديات (Rosaceae)، والتي تشمل التفاح واللوز والمشمش والخوخ والكرز، على مُركّب يُدعى بالأميغدالين، فعندما يتم مضغ البذور أو تلفها بطريقة أخرى، يتحلل الأميغدالين إلى سيانيد الهيدروجين، وهو مادة سامة وقاتلة بجرعات كبيرة.

 ومع ذلك، أشار المركز الوطني للسموم في الولايات المتحدة (National Capital Poison Center) إلى أن استهلاكها عن طريق الخطأ يبقى آمناً بكميات صغيرة، كما أنه لا يمكن لابتلاع هذه البذور بأكملها أن يتسبب في أي أعراض، لأنها مغلفة بغلاف يحميها من الإنزيمات الهضمية، فتمر عبر الجهاز الهضمي دون أن تتلف ولا يتحرر منها السيانيد. علاوة على ذلك، يمكن لحرارة التحميص أن تبطل تأثير سيانيد الهيدروجين لأنه مادة غير مستقرة حرارياً.

أشار المعهد الوطني الأميركي للصحة (National Institutes of Health) إلى أن جسم البالغ الذي يصل وزنه إلى نحو 60 كيلوغراماً، يحتاج إلى استهلاك أكثر من 703 مليغرامات من سيانيد الهيدروجين يومياً قبل أن يبدأ المعاناة من أي آثار سيئة.

إذاً، قد يكون تناول البذور ضاراً إذا تناولت بكميات كبيرة وبشكلٍ مستمر على مدى فترة من الزمن، ويؤدي التسمم المعتدل بالسيانيد بسبب أكل أو شرب مركبات النبات السيانوجينية إلى:

  • قلق.
  • صداع.
  • دوار.
  • ارتباك.

بينما يؤدي التسمم الحاد إلى انخفاض الوعي وارتفاع ضغط الدم والشلل والغيبوبة، وفي حالات قصوى الموت. لذا قد يكون من المهم التمييز بين البذور المفيدة وتلك التي ينبغي تجنبها.

بذور الفواكه الممكن تناولها 

تشترك البذور جميعها في شيء واحد، وهو أنها محملة بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها النبات الجديد للنمو فيما إذا توفرت الظروف المناسبة للبذرة للإنبات. هذا ما يجعل بعضها إضافة غنية للنظام الغذائي، مثل:

1. نوى التمر

ربما لا يمكنك إحصاء عدد بذور التمر التي رميتها بعد أن تناولت الثمار الحلوة اللذيذة. في الواقع تُعدُّ بذور التمر من أغنى الأنواع بالألياف الغذائية، حيث أفادت دراسة منشورة في دورية آفاق في النظم الغذائية المستدامة (Frontiers in Sustainable Food Systems) بأن كل 100 غرام من بذور التمر تحتوي على 60-80 غراماً من الألياف، بالإضافة إلى محتواها من الكربوهيدرات ومضادات الأكسدة والبروتين والبوليفينول. لذا، تُعدُّ بذور التمر مفيدة لصحة الجهاز الهضمي وإدارة الوزن، وضبط نسبة سكر الدم ومقاومة الأمراض.

لاستهلاك بذور التمر يمكن تحميصها وطحنها، واستخدام المسحوق بديلاً خالياً من الكافيين للقهوة، أو في المخبوزات مثل الكعك والبسكويت.

2. بذور الرمان

تحاط بذور الرمان بنسيج عصيري شفاف مائل للأحمر، يُدعى بالآريلس، يجذب الكائنات لتناولها ونشر البذور. تُعدُّ البذور صالحة للأكل ومفيدة للجسم لغناها بالفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الحيوية، ومحتواها المنخفض من السعرات الحرارية؛ حيث يحتوي كل 100 غرام من البذور على 83 سعرة حرارية، ويحتوي نصف كوب من بذور الرمان يعادل وزنه 87 غراماً على:

لاستهلاك بذور الرمان يُفضَّل تناول ثماره الناضجة والنيئة مباشرة أو بإضافتها إلى السلطات والحلويات.

اقرأ أيضاً: القلب ومحاربة السرطان: 13 فائدة علاجية لفاكهة الرمان

3. بذور العنب

من المفيد تناول بذور العنب، حتى إن بعض الأنواع يُستخلص محتوى بذوره لصنع مكمل غذائي. تحتوي البذور في شكلها الطبيعي:

  • 35 % ألياف.
  • 3 % معادن.
  • 11% بروتين.
  • 20 % زيوت.

بالإضافة إلى مضادات الأكسدة مثل فيتامين إي وفيتامين سي، وحمض اللينولينيك، وبيتا كاروتين، والبروسيانيدينات الفينولية ومركبات فينولية أخرى، ما يجعلها مفيدة في:

  • التحكم في ضغط الدم.
  • إنتاج كولاجين البشرة.
  • إصلاح الأوعية الدموية.
  • تعزيز وظيفة الجهاز المناعي لمحاربة مسببات الأمراض، مثل البكتيريا والفيروسات.
  • خفض نسبة الكوليسترول في الدم.
  • تقليل الوذمة بعد الجلوس لفترات طويلة، لغناها بمجموعات البروانثوسيانيدين الأوليغوميرية.
  • الوقاية من السرطان.

اقرأ أيضاً: فاكهة الصيف الشهية: إليك أبرز فوائد العنب

4. بذور البطيخ

قد تكون بذور البطيخ مزعجة في أثناء تناول النسيج العصيري الأحمر اللذيذ، إلّا أنها في الواقع كنز من العناصر الغذائية.

تُعدُّ هذه البذور مصدراً غنياً للعديد من المعادن والعناصر الغذائية، بما في ذلك:

  • المغنيزيوم: أشارت الدراسة المنشورة في المجلة الدولية للغدد الصماء (International Journal of Endocrinology) إلى أن المغنيزيوم يقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل مرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والصداع النصفي، والربو القصبي، وهشاشة العظام، وتسمم الحمل.
  • الزنك: ضروري لتعزيز المناعة، ويعزز صحة الجهاز الهضمي والعصبي ونمو الخلايا.
  • الحديد: مهم لإنتاج هيموغلوبين الدم.
  • الدهون الصحية: توفّر كل 4 غرامات من بذور البطيخ 0.3 غرامات من من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة و1.1 غرام من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة. تفيد الأحماض الدهنية الصحية في خفض الكوليسترول، والوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

يمكن مضغ بذور البطيخ في أثناء تناول الثمار، أو يمكن الحصول على مذاق أفضل عبر تحميصها وإضافتها إلى الأطباق والحلويات أو الزبادي.

5. بذور القنب

القنب والماريجوانا هما شقيقان من نوع نباتي واحد ينتمي إلى العائلة القنبية (Cannabaceae). لا يمكن التمييز بينها شكلياً، إلّا أن القنب لا يحتوي على كميات تُذكر من مادة رباعي هيدروكانابينول (THC)، التي تسبب التأثير المخدر للماريجوانا، ما يجعله مفيداً صحياً.

تكمن فائدته الأساسية في بذوره التي تحتوي على الأحماض الأمينية التسعة الأساسية التي لا يمكن للجسم تصنيعها، بالإضافة إلى محتواها العالي من الألياف والزنك والمغنزيوم والثيامين والدهون الصحية. يمكن لزيت بذور القنب المساعدة على علاج الأكزيما، كما يمكن لتناول البذور تخفيف الآثار الجانبية لانقطاع الطمث، وتعزيز صحة القلب وتحسين عملية الهضم.

بذور نباتية يجب ألّا تتناولها

بذور الفاكهة التي ينبغي ألّا تتناولها هي بذور تحمل العديد من عناصر غذائية مفيدة، إلّا أنها تحتوي على مُركّبات قد تكون سامة، ومن هذه البذور:

  • بذور التفاح: تحتوي بذور التفاح إلى جانب الكمثرى والمشمش والخوخ وغيرها من عائلة الورديات، على الأميغدالين بنحو 1-4 مليغرامات، ما يعادل 0.6 مليغرامات من سيانيد الهيدروجين السام.
  • بذور فاصولياء الكلاوي: تحتوي هذه البذور النيئة بكميات كبيرة على بروتين فايتوهيماغلوتين السام، بحيث يمكن لـ 4-5 حبات منها أن تسبب خلال بضع ساعات إسهالاً وإعياءً وغثياناً وآلاماً في البطن، إلّا أنها غير مميتة، ويمكن أن تتبدد بعد 3-4 ساعات من بدء الأعراض. لحسن الحظ يمكن لنقع هذه البذور بالماء قبل نحو 5 ساعات من استخدامها، ثم تصفيتها وغليها بالماء لأكثر من 30 دقيقة عند درجة حرارة 100 درجة مئوية، أن يساعد على التخلص من المادة السامة.
  • بذور الليتشي: تحتوي الفاكهة الآسيوية اللذيذة في بذورها على مادتين سامتين هما ميثيلين سيكلوبروبيل ألانين (MCPA) وميثيلين سيكلوبروبيل غلايسين (MCPG). يرتبط هذان السمّان وفقاً لدراسة منشورة في دورية المغذيات (Nutrients)، بالاعتلال الدماغي الناتج عن نقص السكر في الدم، أي تعوق الجسم عن إنتاج الغلوكوز. يمكن لتناول بذور الليتشي على معدة فارغة أن يكون مميتاً.
  • بذور الخروع: تنتشر زراعة هذا النبات حول العالم لتصنيع زيت الخروع، إلّا أنه ينبغي التعامل بحذر معه لأن بذوره تحتوي على مادة الريسين المميتة.