لماذا يُعد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي سيئاً على صحتك؟

4 دقائق
التأثير السيء لوسائل التواصل الاجتماعي
حقوق الصورة: شترستوك.

هل تبحث عن الدافع لتكون بصحة جيدة في العام الجديد؟ قد تميل إلى تشغيل هاتفك والتوجه إلى تطبيق الوسائط الاجتماعية المفضل لديك للحصول على الإلهام. لكن ذلك قد يودي بك إلى علاقة غير صحية مع الطعام ومع جسمك والأشخاص الآخرين.

إليك السبب في أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست المكان الأمثل للحصول على الإلهام الذي تبحث عنه.

الأثر السيئ للمقارنة

لا مشكلة في البحث عن الإلهام بلا شك. لكن وسائل التواصل الاجتماعي تحفز المرء على مقارنة نفسه (أو المقارنة الذاتية) مع الآخرين، الأمر الذي من شأنه أن يضر بصحتك. تقول رينيه إنجلن، أخصائية علم النفس التي تدرس في جامعة نورث وسترن وتدير مختبر الجسد والوسائط الذي يبحث في صورة الجسد والممارسات الثقافية التي تؤثر على علاقات النساء بأجسادهن: «النظر إلى الآخرين عبر الإنترنت ومقارنة أنفسنا بهم طبيعةٌ بشرية، إنها غريزة لا يمكننا كبحها. وهذه المقارنة سريعة وتلقائية».

درست إنجلن وغيرها من علماء النفس نظرية المقارنة الاجتماعية على نطاق واسع لشرح آثار وسائل التواصل الاجتماعي على أدمغة الناس وأفعالهم.

كان ليون فيستجر أول من صاغ نظرية المقارنة الاجتماعية في خمسينيات القرن الماضي، وهو صاحب نظرية «التنافر المعرفي» أيضاً، والتي تفترض أن صورة الناس الذاتية ورفاههم يعتمدان إلى حد كبير على قياس أنفسهم بالآخرين.

وفقاً لنظرية المقارنة الاجتماعية، يميل الناس إلى مقارنة أنفسهم مع الآخرين من خلال ثلاث طرق: إلى أعلى، مع الأشخاص الذين يعتبرونهم أعلى (أفضل)؛ وإلى الأسفل، مع الناس الذين يرون أنهم أقل شأناً؛ وأفقياً، مع النظراء المتساويين المفترضين. تمنحنا وسائل التواصل الاجتماعي، والتي توفر وصولاً فورياً إلى عدد لا يحصى من الأشخاص من الفئات الثلاث، المزيد من الفرص للمقارنة الذاتية أكثر من السابق.

اقرأ أيضاً: لماذا تفشل بعض الحميات الغذائية في تحقيق أهدافها؟

سبع دقائق من عدم الرضا عن الجسد

من المغري البحث عن الهاشتاغات الملهمة أو الاطلاع على الملفات الشخصية التي تركز على اللياقة البدنية لمنح تطلعاتك الصحية دفعة بسيطة. لكن استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي يلهم بطبيعة الحال المقارنة- وكل هذه الأحكام يمكن أن تضر باحترام الذات. في دراسة أجريت عام 2020، وجدت إنجلن وزملاؤها أن قضاء 7 دقائق فقط على إنستقرام قلل من رضا الطالبات الجامعيات عن أجسادهن، وأن النساء اللواتي يستخدمن إنستقرام أجرين المزيد من المقارنات لصور أجسادهن وفكرن في مظهرهن أكثر مما كان يحدث عند استخدامهن الفيسبوك. وافترض الفريق بناءً على ذلك أن النمط القائم على الصور والمحتوى المكثّف على انستقرام هما وراء هذه المقارنات ويشجعهانها. 

لكن عدم الرضا عن الجسد بسبب ما تتم مشاهدته على انستقرام ليس سوى قمة جبل الجليد. تبحث باميلا كيل، عالمة نفس من جامعة فلوريدا، في اضطرابات الأكل والعوامل الاجتماعية التي تؤثر في الجسم. وجدت كيل وزملاؤها في دراسةٍ أُجريت عام 2020 أن الأشخاص الذين ينشرون صوراً معدلة لأنفسهم يظهرون سلوكاً مضطرباً في الأكل أكثر من أولئك الذين لا ينشرون مثل تلك الصور.

ونظراً لتعبير مجموعة من المشاركين الذين تم اختيارهم عن اعتقادهم بأن تعديل صورهم أمر جيد، فمن المحتمل أن يكونوا أكثر اهتماماً وقلقاً بشأن أجسادهم من المتوسط في المقام الأول. لمعرفة كيفية تفاعل هذه العوامل، شكل الباحثون عدة مجموعات من المشاركين، قام أفراد الأولى بتحرير صور ونشرها، وقامت الثانية بتحرير الصور ولكن لم تنشرها، والأخيرة نشروا صور دون تعديل أو لم ينشروا أي صورة. أفاد الأشخاص الذين قضوا خمس دقائق في تعديل صورهم ثم نشروها بوجود مخاوف بشأن وزنهم وشكلهم أكثر من أفراد أي مجموعة أخرى.

المشاركون الذين قاموا بتحرير صورهم لم يفعلوا ذلك باستخدام أي طريقة قياسية، طُلب منهم ببساطة تعديلها كما يفعلون عادةً عندما ينشرون صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي حدا بهم إلى تطبيق مختلف أنواع الفلاتر الحديثة واستراتيجيات تعديل الصور الرقمية.

كما رصد الباحثون أعراض اضطراب الأكل لدى المشاركين، مثل الشعور بالذنب بعد الأكل واستخدام الملينات والمدرات وتجنب بعض الأطعمة والانشغال بالطعام والرغبة بالتقيؤ بعد الوجبات. لم يقضِ المشاركون الذين أظهروا أعراض اضطراب الأكل وقتاً على إنستقرام أطول من نظرائهم في الدراسة، لكنهم استخدموا إنستقرام بشكلٍ مختلف، حيث قارنوا أنفسهم بالآخرين وأظهروا اهتماماً أكبر بالإعجابات والتعليقات من نظرائهم.

اقرأ أيضاً: انفوجرافيك: الحميات الغذائية المنقوصة تقتل 11 مليون شخص حول العالم

معلومات مضرة بالصحة

في الواقع، لا يحميك تجنب مقارنة نفسك بالآخرين من جميع الأضرار المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي. قد تكون المعلومات التي تتعرض إليها مضللة وقد تؤدي إلى القلق وحتى اضطراب الأكل. لقد وجدت دراسةٌ أجريت عام 2020 وحللت أكثر من 1.2 مليون تغريدة حول «الأنظمة الغذائية الصحية» أن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين علقوا عليها كانوا من غير المتخصصين، وتبين أن ما يصل حتى 8.5% من المحتوى حول هذه التغريدات قد تم إنشاؤه بطريقة آلية أو بواسطة تطبيقات إرسال البريد العشوائي المعروفة.

نظراً لأن «الأفراد الذين يتأثرون بسهولة» هم الذين يولدون معظم الشائعات والحديث حول النظام الغذائي والصحة وفقاً للباحثين، فإن الكيانات التجارية تنظر إليهم على أنهم فريسةٌ ويقدمون لهم المنتجات والخدمات التي من المفترض أن تساعدهم.

تقول كيل إنه من المهم معرفة كيفية تقييم جودة المنشور أو الإعلان، لا سيما إذا كان يعد بمكاسب صحية أو تغييرات جمالية: «أي شيء يصور سلوكيات الأكل المضطربة أمراً طبيعياً أو يروج لها باعتبارها طرقاً فعالة لفقدان الوزن هو إشارة تحذير. تشمل العلامات التحذيرية الأخرى الترويج لمدرات البول أو المسهلات أو مثبطات الشهية أو الأنظمة الغذائية التي تستبعد مجموعات غذائية كاملة أو تروج للأطعمة المعجزة».

وتضيف: «أي إعلان يزعم أنه يمكنك أن تأكل كل ما تريده من مادة «X» طالما كنت لا تتناول أياً من المادة «Y» ليس مناسباً تماماً للاحتياجات الغذائية لجسم الإنسان».

اقرأ أيضاً: من يقرر ما هي المعلومات المضللة على الإنترنت؟

المؤثر النهائي: أنت

إذاً ماذا يجب أن تفعل إذا لم يكن لديك إلهام؟ تقترح إنجلن النظر في داخلك.

تقول إنجلن: «إذا كنت ستتخذ قراراً (وأنا آسفة، تشير الإحصائيات المجردة إلى أنك من المحتمل أن تتخلى عنه)، دع هذا القرار يسترشد بقيمك العميقة الراسخة. يتعلق الأمر بأن تصبح شخصاً تسترشد أفعاله بهذه القيم في كثير من الأحيان».

الخلاصة: من الأفضل أن تبحث عن الدافع في نفسك أكثر من الآخرين. لا مشكلة في البحث عن الأشخاص المشابهين لك، لكن لا تدع شخصاً آخر يقودك.

هل تريد التخلص من سموم محتوى الوسائط الاجتماعية المحبط؟ توصي إنجلن وزملاؤها المستخدمين بتقليل خلاصات إنستقرام وفيسبوك كخطوة أولى، فمن خلال التخلص من الحسابات التي تثير المقارنة (أو التي تلهمك الغيرة)، يمكنك مشاهدة المزيد من المحتوى المشجّع بدلاً من ذلك. هناك أيضاً حل أبسط: حذف التطبيق بالكامل، إذ قد يكون أخذ استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي مفيداً لصحتك العقلية.

تقول أنجلن: «عندما تدع الحياة المزيفة لشخصيات وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على أهدافك الخاصة، تصبح مهيئاً أكثر للفشل أو للإحباط على الأقل. القرارات المتعلقة بتغيير الطريقة التي تنظر بها للآخرين لا تستحق العناء».

المحتوى محمي