ما الأخطاء الطبية الأكثر شيوعاً التي تقف وراء حدوث الوفاة؟

ما الأخطاء الطبية الأكثر شيوعاً التي تقف وراء حدوث الوفاة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Billion Photos

تم تشخيص ليلى بورم سرطاني هائل في البطن، وخلال عام ونصف خضعت هذه الطفلة التي لم تبلغ عامها الثاني بعد إلى سلسلة من العمليات الجراحية والعلاجات من ضمنها العلاج الكيميائي قبل إعلان أنها خالية من السرطان. إلا أن أطباءها قد نصحوا بإعطائها جرعة علاج كيميائي أخيرة على مدار ثلاثة أيام قبل حلول عيد ميلادها الثاني، حرصاً على القضاء على كامل الخلايا الخبيثة.

اقرأ أيضاً: ما الفحوصات والاختبارات الطبية التي يجب إجراؤها في سن الـ 30 والـ 40 والـ 50 وما بعدها؟

وفي صباح اليوم الأخير من العلاج، حضّر فني الصيدلة الكيس الوريدي الذي يحتوي العلاج الكيميائي وملأه بأكثر من 20 ضعف الجرعة الموصى بها من كلوريد الصوديوم. وفي غضون ساعات كانت ليلى على أجهزة الإنعاش وأُعلن عن موت دماغها لتتوفى بعد 3 أيام.

مع الأسف، هذه الحالة ليست فريدة من نوعها ولم تحدث للمرة الأولى، ووفقاً لإحصائية أُجريت في جامعة جونز هوبكنز، قُدر عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأميركية بأكثر من 250 ألف وفاة كل عام نتيجة للأخطاء الطبية، ما يجعلها السبب الرئيسي الثالث للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان. ويُطرح بناءً على ذلك مجموعة من الأسئلة حول من المسؤول عن ذلك وأين يكمن الخطأ وكيف يمكن تجنب الأخطاء الطبية، وهذا المقال يُجيبك عن ذلك.

هل النظام الطبي هو المسؤول؟

بعد أن بحث فريق جامعة هوبكنز بقيادة الطبيب مارتن مكاري، وهو أستاذ في العلوم الجراحية في جامعة هوبكنز الأميركية، في الوفاة لأسباب وأخطاء طبية، وجدوا أنها قد تكون ناجمة إما عن موظفين غير مؤهلين ومُدربين بشكل كافٍ أو عن خطأ في التشخيص أو عن سوء الرعاية التالية للعمل الجراحي أو خلل في النظام الطبي.

كما تحملت أعطال أجهزة الحواسيب شيئاً من المسؤولية، وخاصةً أن الحواسيب باتت المرجع الأول لبيانات المرضى أو بيانات المُستشفى، كما يُشكل خلط الجرعات الدوائية التي يتم إعطاؤها للمرضى والمضاعفات الجراحية التي لا يتم تشخيصها، نسبة من وفيات المرضى لأسباب طبية.

ويقول مكاري بهذا الخصوص: "إن اللوم يقع على عاتق النظام أكثر من الأفراد، فالعاملون في مجال الرعاية الطبية مخلصون ويهتمون بالناس لكنهم بشرٌ في النهاية والبشر يخطئون".

اقرأ أيضاً: ما هو الطب الشخصي، وهل يغيّر وجه الطب التقليدي؟

أكثر الأخطاء الطبية التي تتسبب بحدوث الوفاة

الأخطاء الطبية المُتعلقة بالأدوية تحدث بشكل متكرر في المستشفيات وبصورة تجعلها أكثر الأخطاء الطبية التي تحدث، وعلى الرغم من أنها لا تؤدي جميعها إلى حدوث ضرر فعلي، فإن الثمن في الحالات التي يحدث فيها ذلك يكون مكلفاً. تُشكل الأخطاء الطبية المُتعلقة بالأدوية والتي يمكن الوقاية منها 2% من الحالات، ومع أن النسبة التي نتحدث عنها بسيطة نوعاً ما، إلا أن فكرة أنها قابلة للوقاية منها تُوقع على عاتق النظام الطبي والكادر الطبي مسؤولية إنقاذ أرواح، وإن كانت النسبة تشمل وفاة شخص واحد لخطأ طبي يمكن الوقاية منه فهذا الرقم كافٍ للحث على إجراء تغييرات. وإلى جانب ذلك، تعتبر الأخطاء الطبية المُتعلقة بالأدوية مُكلفة مادياً لأي مُستشفى، وهي نقطة مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار أيضاً.

تشتمل الأخطاء الطُبية المُسببة للوفاة على المُضاعفات التالية للإجراءات الطبية أو العمليات الجراحية، فعلى الرغم من أن المُضاعفات تحدث بشكل دائم وطبيعي فإنها نادراً ما تُكلف الحياة. ويعود السبب في ذلك غالباً لخطأ في الإجراء الجراحي نفسه أو لإهمال في تقديم الرعاية الطبية اللازمة التالية له. حيث يمكن الوقاية من 20% من وفيات المرضى بشكل وسطي نتيجة لاحتشاء عضلة القلب أو الحوادث الوعائية الدماغية التالية للجراحة بمجرد مراقبة المريض الحثيثة في الـ 24-48 ساعة التالية للجراحة، وبيّن باحثو جامعة هوبكنز أنه من بين 44 ألف مريض خضعوا لعمليات جراحية بين عامي 1077-1990، عانى 5.4% منهم من مضاعفات، وعُزيت نسبة 7.5% من أسباب الوفاة بهذه المضاعفات للخطأ الطبي.

من جهة أخرى، كانت وفيات المرضى نتيجة لأخطاء طبية مُتعلقة بالتخدير العام أثناء الجراحة محوراً للعديد من الدراسات على مدار العقود القليلة الماضية، فالتخدير محور مهم من محاور الطب يؤدي إلى عمل الأطباء في هدوء، ناهيك عن دوره في تسكين آلام المرضى، وقد انصب التركيز على تركيب أدوية تخدير أكثر أماناً وتصميم أنظمة وبروتوكولات لطبيب التخدير في محاولةٍ للحد من الحوادث المؤسفة التي يمكن الوقاية منها. 

كيف يساعد المرضى في تجنب وقوع الأخطاء الطبية؟

يمكن للمرضى أو يؤدوا دوراً في الوقاية من حدوث الأخطاء الطبية، وذلك من خلال "عدم التردد في طرح الأسئلة"، فمن المهم تكوين فكرة واضحة عن الإجراء الطبي والحصول على أكبر قدر ممكن من المعرفة من مقدم الرعاية الصحية، من الفوائد إلى الآثار الجانبية للأدوية أو أي إجراء طبي موصى به، وسؤالك هذا سيسمح للطبيب أيضاً بمراجعة كل ما يخص الدواء أو الإجراء الطبي بشكل أفضل، ما يُقلل من فرص حدوث الأخطاء الطبية الناجمة عن قلة المعرفة. 

اقرأ أيضاً: لماذا يجب ألّا يُعتمد على محرك البحث جوجل عند البحث عن الأعراض الطبية؟

كما أن "طلب رأي ثاني" عندما يستدعي الموقف ذلك أو في حالة وجود شكوك من حقك، إذ يرحب الطبيب الجيد الواثق باستشارة طبيب آخر لتأكيد تشخيصه، ولن يقاوم جهود المريض لتعلم المزيد عن حالته الصحية.

المحتوى محمي