لماذا ينام البعض بعمق بينما آخرون نومهم خفيف؟

لماذا ينام البعض بعمق بينما آخرون نومهم خفيف؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

الإجابة عن هذا السؤال تندرج تحت عنوان عريض يُدعى "حساسية النوم"، حيث تتأثر حساسية النوم لأي فرد بمجموعة من العوامل؛ منها اضطرابات النوم غير المشخصة، ونمط الحياة، وعلم الوراثة، وعدم التوازن الهرموني، وتباين مستويات نشاط الدماغ. ومع ذلك لا يملك المختصون سوى أنصاف إجابات حول أسباب كون نوم البعض سطحياً بينما يكون عميقاً بالنسبة لآخرين. 

اقرأ أيضاً: نوم الراحة: ما هو وهل تحصل على قسط كافٍ منه؟

هل "مدة النوم" هي العامل الحاسم الذي يُفسّر السبب وراء النوم السطحي للبعض والعميق للبعض الآخر؟

بدايةً عند الحديث عن "حساسية النوم"، من المهم التنويه بعدم صحة إلقاء اللوم على "مدة النوم"، بمعنى في حال اشتكى أحدهم من أن نومه كان خفيفاً فليس التعليل الصحيح تماماً هو أنه نام حتماً في ساعة متأخرة أو لم يحصل على قسط كافٍ من النوم، إذ إن جوهر حساسية النوم ينطوي على سهولة التأثر بالعوامل الخارجية.

مغازل النوم هي التي تحدد النوم السطحي والنوم العميق

وجدت دراسة نُشرت في دورية كارنت بيولوجي (Current Biology) بحثت في أسباب حساسية النوم، أن مغازل النوم -وهي نوع من الأمواج الدماغية- هي التي تؤثّر في قدرتنا على البقاء نائمين حتى عند تعرضنا لمحفزات خارجية. شارك في هذه الدراسة 12 شخصاً، واستخدم الباحثون مخطط كهربية الدماغ لتتبع الأمواج الدماغية لدى كل منهم في أثناء نومه، ووجد الباحثون أنه كلما ازداد عدد مغازل النوم التي ينتجها دماغ الشخص، قل احتمال التأثر بالتغيرات المفاجئة في الوسط المحيط من ضوء أو صوت أو رائحة.

توصل الباحثون أيضاً إلى أن مغازل النوم كانت نشطة خصوصاً خلال مرحلة النوم الثانية، أي مباشرة قبل الدخول في النوم العميق، الأمر الذي يُفسّر معاناة الأشخاص ذوي النوم السطحي في الحصول على الراحة للنوم العميق. وباتت الخطوة التالية التي يطمح إليها الباحثون هي إيجاد طريقة لزيادة عدد مغازل النوم لدى الأفراد ذوي النوم السطحي لدرجة تساعدهم على تجاوز وعبور المرحلة التي تفصل بين المرحلة الثانية للنوم والنوم العميق.

اقرأ أيضاً: ما هي أنماط النوم المفيدة للصحة؟

ومن خلال هذه الدراسة أيضاً، تبين أن مقدار النوم العميق الذي يحصل عليه الشخص لا يرتبط بالضرورة بمقدار إجمالي النوم الذي يحصل عليه في كل ليلة، فالشخص الذي يحصل على 8 ساعات من النوم في الليلة على سبيل المثال، لا يعني أنه بالضرورة سيقضي وقتاً أطول في المرحلة الثالثة من النوم -وهي النوم العميق- إذ من الممكن لشخص آخر يحصل على ست ساعات فقط في الليلة أن يقضي وقتاً أطول في المرحلة الثالثة.

أسباب أخرى تقف وراء النوم السطحي للبعض

إلى جانب هذه النتائج، ينبغي عدم إهمال النظر في العوامل التي قد تقف بيننا وبين الحصول على نوم عميق، مثل استهلاك الكحول في وقتٍ قريب جداً من وقت النوم أو بكميات كبيرة، إذ يُسهم ذلك في تعطل دورات النوم الصحية المتسقة.

من جهةٍ أخرى، يؤدي بعض اضطرابات النوم مثل انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم إلى الحرمان من النوع العميق، لأنه يتسبب في الاستيقاظ المتكرر طوال الليل نتيجة عدم انتظام التنفس، كما للعامل الوراثي ونمط الحياة المليء بالإثارة يدٌ أيضاً في التأثير على نوعية النوم. 

التأثيرات السلبية للنوم المتقطع

جداول النوم غير المنتظمة والحصول على أقل من 6 ساعات من النوم العميق يزيد من خطر الإصابة بطيف من الحالات الصحية، وعلى رأسها الاكتئاب واضطرابات المزاج.

كما أن النوم المتقطع والسطحي يرتبط بحدوث اضطراب استقلابي في الجسم، يزيد بدوره من ارتفاع سكر الدم وتراكم الدهون في منطقة البطن وزيادة مقاومة الإنسولين، ما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسكري النمط الثاني.

اقرأ أيضاً: كيف تحصل على نوم عميق صحي؟

من جهةٍ أخرى، تحمل اضطرابات النوم مخاطر تطول صحة القلب والأوعية الدموية، حيث تنخفض نسبة الكوليسترول الجيد وترتفع مستويات الشحوم الثلاثية كما يرتفع ضغط الدم بشكل ٍمتزايد كلما كان النوم سطحياً، لأن النوم السطحي وعدم الحصول على الراحة الكافية يجعلان الجسم في حالة من الاستنفار وترتفع مستويات كلٍّ من هرموني الكورتيزول والأدرينالين نتيجة لذلك.

المحتوى محمي