أولى الأفكار التي تتبادر إلى ذهن كل حامل عند شعورها بآلام البطن هي "الإجهاض"، ولكن الحامل مثلها كأيّ إنسان آخر تملك جهازاً هضمياً وعضلياً هيكلياً، ولا يخلو الأمر من حدوث شكوى من أحد الأجهزة. فلندعو الأمهات الحوامل لعدم القلق والتعامل مع الموضوع بهدوء، إذ إن آلام وتقلصات المعدة شائعة أثناء الحمل، ولا داعي للقلق.
اقرأ أيضاً: كيف يحدث السكري الحملي؟ وهل يزول بعد الولادة؟
أسباب آلام أعلى البطن عند الحامل
عادة ما يكون ألم أعلى البطن في بداية الحمل، أي خلال الأسابيع الـ12 الأولى، ناجماً عن تمدد الرحم أو تمدد الأربطة مع نمو البطن، والتي عادةً ما تختفي من تلقاء نفسها. معظم أسباب آلام أعلى البطن حميدة ولا تنطوي على أي مخاطر مع وجود بعض الحالات النادرة التي يوجّهنا الألم الشديد إليها. نذكر أهم أسباب آلام أعلى البطن عند الحامل:
- نمو الجنين: يكون الألم الخفيف المستمر تحت الأضلاع دليلاً على نمو الجنين وارتفاع قعر الرحم وخاصة في الثُلث الثالث من الحمل.
- شد عضلات الرحم: والتي تتظاهر على شكل تقلصات تسمى "تقلصات براكستون هيكس" والتي تبدأ منذ الأسبوع الـ16 من الحمل وتزداد تدريجياً مع تقدم الحمل. عادة ما تكون خفيفة وغير مستمرة، ولذلك يتوجب الإحالة لمقدم الرعاية الصحية في حال ازدادت شدتها واستمرت لمدة أكثر من 10 دقائق، إذ تشير عندئذ إلى حدوث المخاض.
- تراكم الغازات: ترخي المستويات العالية من البروجسترون عضلات الأمعاء وتبطئ من عملية الهضم ما يتسبب في حدوث حالة من الكسل المعوي وتراكم للغازات.
- الإمساك: تعاني 75% من الحوامل من الإمساك، وللبروجسترون دورٌ أساسي في حدوث ذلك، كما يساهم النظام الغذائي قليل الألياف وشرب القليل من الماء وقلة ممارس التمارين الرياضية في ذلك أيضاً.
- القلس المعدي المريئي أو حرقة الفؤاد: تعاني 45% من الحوامل من حرقة المعدة، والسبب هو ارتخاء المعصرة العلوية للمعدة نتيجة لارتفاع مستويات البروجسترون، بالإضافة لكبر حجم البطن وضغطه باتجاه أسفل الصدر، ما يتسبب في ارتجاع بعض الأطعمة.
- شد الجلد أو عضلات البطن: يؤدي نمو البطن خاصة في الثُلثين الثاني والثالث إلى حدوث شد في الجلد، كما يمكن للوزن الإضافي أن يزيد الضغط على العضلات ويسيء للشد أكثر.
- أمراض الكبد والركودة الصفراوية: تتسبب التغيرات الهرمونية المرتبطة بالحمل في حدوث الركودة الصفراوي داخل الكبد، ويكون العرض الأول هو الحكة المترافقة مع ألم في الجزء العلوي من البطن، كما يحدث غثيان وقيء واصفرار العينين أو الجلد، ويتوجب تدبير هذه الحالة الصحية إذ تشكل مستويات البيليروبين المتراكمة خطراً على سلامة الحمل.
- التهاب المرارة: الألم النوبي الذي يتوضع تحت الأضلاع في الجانب الأيمن من البطن والمترافق مع غثيان وقيء وحساسية تجاه الأطعمة الدسمة هو ألم التهاب المرارة. تنجم بعض الحالات عن وجود حصيات مرارية والتي قد تسد القناة الصفراوية في حال تُركت دون علاج.
- حدوث الولادة المبكرة: عندما يحدث الألم قبل الأسبوع الـ37 من الحمل وخاصة في حال ترافق الألم مع آلام ظهر غير اعتيادية ومع تدفق سائل صافٍ وردي من المهبل أو زيادة الإفرازات المهبلية.
اقرأ أيضاً: كيف يتم علاج هبوط الضغط عند الحامل؟ وما هي أسبابه؟
- انفصال المشيمة: يحدث انفصال المشيمة بعد رضوض البطن وعند الحوامل ذوات سوابق حدوث انفصال في المشيمة، وعلى الرغم من أن النزيف المهبلي الحاد أقوى موجّه لحدوثه، فإن انفصال المشيمة يتظاهر بآلام بطن شديدة في بعض الأحيان.
- تسمم الحمل: يحدث ألم البطن المرافق لتسمم الحمل بشكل مفاجئ في الفترة حول الأسبوع الـ20 من الحمل، ويترافق مع زيادة تورم الوجه واليدين والقدمين وحدوث صداع شديد ومشكلات في الرؤية.
- الإجهاض: آلام البطن الشديدة والتقلصات المُعندة التي تحدث خلال الأسابيع الـ20 الأولى والمترافقة مع نزيف مهبلي دليلٌ على موت محصول الحمل وحدوث الإجهاض.
- الحمل خارج الرحم: تنغرس البيضة الملقحة خارج النسيج الرحمي في بعض الحالات ويتم الكشف عن الحمل خارج الرحم عن طريق حدوث آلام مبرحة مترافقة مع دوار شديد وإفرازات مهبلية مع حدوث ألم نوعي بين الكتفين والرقبة. أهم مؤشراته ارتفاع مستويات الهرمون المشيمائي البشري والذي يشير للحمل مع غياب وجود كيس الحمل عند التصوير بالأمواج فوق الصوتية.
متى تكون آلام أعلى البطن خطيرة عند الحامل؟
لا داعي للقلق بشأن معظم آلام وتشنجات المعدة أثناء الحمل، ولكن هناك بعض العلامات التي تشير إلى وجود خطورة كالألم الشديد والمستمر والألم الذي يظهر فجأة. ومن الأعراض التي توجه لوجود إلى مشكلة أكثر خطورة نذكر:
- ألم شديد أعلى البطن خاصةً إذا كان على الجانب الأيمن.
- آلام البطن المصحوبة بنزيف مهبلي أو إفرازات مهبلية غير اعتيادية.
- الآلام المترافقة مع ارتفاع درجة الحرارة أو الدوار الشديد أو صعوبة التنفس أو الصداع الشديد.
- وجود حكة أو اصفرار الجلد أو العينين.
- الألم المصحوب بالغثيان والقيء المُعند.
يُفضل إحالة الحامل إلى مقدم الرعاية الصحية للبحث في أسباب حدوث الألم البطني وتحديدها وعدم إهمالها، حتّى يتم تقديم العلاج النوعي المناسب ورَد أي خطر كامن على صحة الأم أو جنينها.