من الطبيعي أن تشعر الحامل بقليل من التعب الإضافي، فاحتضان الجنين داخل الرحم عمل شاق، لهذا السبب نرى الحوامل يملن لأخذ قيلولات أكثر والاستغراق ساعات أطول في النوم نتيجة ازدياد حاجتهن للراحة. لكن متى يصبح النوم مفرطاً؟ وهل يؤثر ذلك على صحة الجنين؟
متى يصبح النوم مفرطاً؟
يختلف مقدار النوم الذي يُنصح به حسب العمر، وذلك وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية، وعادةً ما تكون 7-9 ساعات من النوم يومياً كافية لتلبية احتياجات الحامل.
النوم المفرط هو النوم لمدة تتجاوز 10 ساعات متواصلة بغياب الأرق أو أي أمراض صحية تسبب الاستيقاظ المتكرر خلال النوم، إذ يحتاج مرضى الأرق بشكل طبيعي البقاء في السرير مدة أطول ونيل أقساط أطول من الراحة.
يرافق الشعور بالتعب والإرهاق كلّاً من الثلثين الأول والثالث من الحمل، ففي الثلث الأول يزداد حجم الدم ومستويات البروجسترون ما يجعل الحامل أكثر استرخاءً وميلاً للنوم، أمّا في الثلث الثالث فيكون التعب ناجماً عن حمل وزن الجنين الإضافي، إضافة إلى القلق العاطفي المرافق لترقب الولادة.
اقرأ أيضاً: متى يشكل المغص خطراً حقيقياً على الحامل؟ وما هي أسباب حدوثه؟
دراسة تربط بين عدد ساعات نوم الأم وصحة الجنين
توجد فوائد جمة للحصول على قسط كافٍ من النوم عند الحامل، وعلى رأسها سلامة تطور الجنين وحصوله على التغذية والأكسجة الجيدة من المشيمة. في نفس الوقت، يمكن للنوم المفرط أن يضع الجنين في خطر حدوث الإملاص، وهو الموت داخل الرحم، فكيف أُثبت ذلك؟
أشارت دراسة نُشرت في دورية "بيرث" (Birth)، بقيادة "لويس أوبراين" وهي أستاذة باحثة في علوم الأعصاب وأخصائية في علوم النسائية والتوليد وجراحة متخصصة بجراحة الوجه والفم والفكين، أن الحوامل اللواتي نمن أكثر من 9 ساعات متواصلة يومياً كنَّ أكثر عرضة للإملاص.
حيث قام الباحثون بتحليل ومقارنة نتائج الاستقصاءات التي أرسلت عبر الإنترنت لـ153 أنثى ممن تعرضن لولادة جنين ميت خلال الشهر السابق للاستبيان ممن لم يكملن الأسبوع الـ28 من الحمل، مع 480 أخريات ممن أتممن حملهن ووضعن طفلاً طبيعياً خلال الشهر السابق للاستبيان.
وأشارت النتائج إلى وجود علاقة بين فرط النوم عند الحامل وولادة جنين ميت، والتي كانت مستقلة عن عوامل الخطر الأخرى. ومع ذلك أكد الباحثون وجود حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بشكل أفضل وما تعنيه بالنسبة للنساء الحوامل.
اقرأ أيضاً: كيف يتم علاج هبوط الضغط عند الحامل؟ وما هي أسبابه؟
قالت أوبراين: "على الرغم أن الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل قد يُثير قلق بعض النساء، فإنه يبدو كحماية في سياق الإملاص". وأوضحت أوبراين وجود حاجة لمزيد من الدراسات للتعمّق في الروابط بين نوم الأمهات وولادة جنين ميت، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تنظيم الجهاز العصبي اللاإرادي والهرموني أثناء النوم في أواخر الحمل، والنظر في كل تداخل محتمل قد يتسبب في حدوث موت الجنين داخل الرحم.
كيف فُسرت النتائج؟
يصل ضغط الدم إلى أدنى مستوى له أثناء النوم ليعود ويرتفع بشكل عابر عندما يستيقظ الفرد جراء تنشط الجهاز العصبي، هذه التبدلات في ضغط الدم أثناء النوم تعني الهبوط المستمر والمطوّل في ضغط الدم المرافق للنوم دون استيقاظ، حيث أكدت أوبراين أن هذا مهم للغاية لأن انخفاض ضغط الدم المستمر يرتبط بمشكلات نمو الجنين والولادة المبكرة والإملاص.
وأضافت أوبراين: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن نوم الأم يؤدي دوراً جوهرياً في صحة الجنين، نظراً لارتباط النوم بمجموعة من العوامل الهرمونية والعصبية وتبدلات ضغط الدم والتي بدورها تؤثر على الجنين". مشيرةً إلى أن نوم الأم "عامل خطر للإملاص يمكن التحكم فيه".
اقرأ أيضاً: نوم الراحة: ما هو؟ وهل تحصل على قسط كافٍ منه؟
يوجد جانب إيجابي لتحديد فرط النوم كعامل لحدوث الإملاص، ففي الوقت الذي لا يمكن تعديل العديد من عوامل خطر الإملاص المُثبتة بمجرد بدء الحمل، كالتدخين والسمنة وتقدم عمر الأم والسكري وتعاطي المخدرات، يمكن توعية الأمهات الحوامل أو من يخططن للحمل حول دور فرط النوم في حدوث الإملاص وتجنبه كونه أحد العوامل القابلة للعكس.
ومع ذلك، حذّرت أوبراين أنه لا ينبغي على الحامل أن توقظ نفسها ليلاً، إذ للنوم المضطرب نتائج وآثار سلبية واضحة على الحمل والتي تشمل كلاً من تقييد النمو والولادة المبكرة.