بعد أن انتهت مباراة كرة القدم التي التهبت فيها حبالك الصوتية من التهليل والصراخ والصياح، قد تلاحظ الآن أنك لا تسمع جيداً كما كنت سابقاً، فلا تسمع الهمسات أو أن الصوت يبدو مكتوماً أو تسمع طنيناً في أذنيك. وعلى الرغم من أن السمع الطبيعي قد يعود في غضون بضع ساعات إلى بضعة أيام، فثمة مخاطر كبيرة من التعرض المتكرر للضوضاء العالية مثل تلك الموجودة في مباريات كرة القدم. فما مدى تأثير صوت التشجيع والضوضاء في الملعب على الأذن وكيف تحمي نفسك؟
اقرأ أيضاً: ما الإصابات التي تزعج الرياضيين خاصةً لاعبي كرة القدم؟
ما مدى تأثير صوت التشجيع والضوضاء في الملعب على الأذن؟
تتواجد ملاعب كرة القدم في جميع أنحاء العالم ولها أشكال وأحجام مختلفة، ويمكن أن تستوعب عدداً من الجماهير يتراوح ما بين 5000 إلى 100,000 متفرج، وكلما ازداد حجم الملعب وشهرته ازداد عدد الجماهير، بالتالي ارتفعت شدة الضوضاء والضجيج جداً.
بشكل عام، يتراوح معدل شدة الضوضاء في بعض المباريات ما بين 80-90 ديسيبلاً، وهو نطاق عالٍ وخطير، وقد تصل شدة الضوضاء في بعض المباريات إلى أكثر من 100 ديسيبل، مع العلم أن التعرض لمستوى ضوضاء يبلغ 85 ديسيبلاً لمدة تتراوح نحو 8 ساعات متتالية قد يسبب صمماً مؤقتاً، وقد يتحول إلى صمم دائم عند تكرار التعرض لهذا الضجيج.
في الواقع، يحدث الصمم المكتسب عند التعرض مرة واحدة لصوت عالٍ تبلغ شدته 120 ديسيبلاً، أو التعرض المتكرر لصوت تبلغ شدته 85 ديسيبلاً لمدة 8 ساعات متتالية. بالإضافة إلى ذلك، يشار إلى أن مقدار الخطورة يتضاعف عند ارتفاع شدة الصوت بمقدار 3 ديسيبل إضافية، أي أنه عند ارتفاع شدة الضوضاء إلى 88 ديسيبلاً يكفي التعرض لها لمدة 4 ساعات فقط حتى تؤثر على حاسة السمع.
علاوةً على ذلك، فإن التعرض للضوضاء العالية جداً مثل تلك الموجودة في مباريات كأس العالم لكرة القدم حتى ولو كان لفترة قصيرة قد يسبب بالإضافة إلى الصمم المؤقت طنيناً في الأذنين، أو حصول بعض التغيرات المرضية في الأذن الداخلية مثل تحولات في عتبة السمع، أو تسريع حصول الصمم المرتبط بالعمر أو ما يعرف بالصمم الشيخوخي (Presbycusis).
ما يزيد الوضع سوءاً هو التصميم الحديث للملاعب، والذي يعمل على تضخيم صوت الجماهير من خلال تصغير حجم الملعب، مع تصميم الأسطح بشكل يساعد في تضخيم الصوت وارتداده إلى المدرجات، ما يؤدي إلى خلق ضوضاء كبيرة جداً، حيث يظن المصممون أن هذا يزيد من حماس الجماهير ويحفّز اللاعبين على اللعب بأفضل ما لديهم.
اقرأ أيضاً: ما الإصابات التي قد تنهي مسيرة لاعب كرة القدم؟
ما آلية تأثير صوت التشجيع والضوضاء في الملعب على الأذن؟
تؤثر الضوضاء بشكل رئيسي على الأذن الداخلية (القوقعة)، فقد يؤدي التعرض لأصوات عالية جداً لمرة واحدة أو لأصوات عالية لمرات متتالية أو لمدة طويلة إلى الصمم، وذلك إما نتيجة تلف الخلايا والأغشية الموجودة في الأذن الداخلية دفعة واحدة، وإما إرهاق الخلايا الشعرية (Hair cells) ما قد يؤدي إلى موتها في النهاية. يتطور الصمم في حال استمر التعرض للضوضاء، وقد تستمر التأثيرات الضارة حتى بعد توقف الضوضاء. إذ وبشكل عام، فإن الضرر الذي يلحق بالأذن الداخلية أو الجهاز العصبي السمعي يكون دائماً.
فالإنسان الطبيعي يمتلك نحو 16,000 خلية شعرية داخل قوقعة الأذن، وهذه الخلايا مسؤولة عن اكتشاف الأصوات. تكمن مشكلة فقدان هذه الخلايا هي أنه عندما يبدأ الشخص بملاحظة ضعف السمع أو يتمكن من قياس التغيرات في السمع عبر اختبار السمع، تكون حينها نحو 30-50% من الخلايا قد تضررت أو تلفت، أي أنه وبحلول الوقت الذي تلاحظ فيه ضعف السمع، تكون العديد من الخلايا الشعرية قد تلفت ولا يمكن إصلاحها.
يمكن أن تسبب الضوضاء أيضاً تلف العصب السمعي الذي ينقل معلومات الأصوات إلى الدماغ، وقد لا يظهر التلف المبكر في اختبار السمع. كما يمكن أن تسبب الضوضاء ما يسمى "الصمم الخفي" حيث يعاني الشخص من صعوبة فهم الكلام في الأماكن الصاخبة. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الضوضاء العالية بمرور الوقت على جودة السمع في وقت لاحق من الحياة حتى بعد توقف التعرض للضوضاء.
اقرأ أيضاً: ما أكثر الإصابات شيوعاً عند لاعبي كرة القدم؟
كيف تعلم أن الضوضاء قد أثّرت على حاسة السمع الخاصة بك؟
في حال كنت تشاهد إحدى المباريات في المدرج، يتوجب عليك الخروج مباشرة في حال شعرت بأحد الأعراض التالية:
- الشعور بألم في الأذنين.
- سماع طنين في إحدى الأذنين أو كليهما.
- ضعف حاسة السمع والتحدث بصوت عالٍ مع الأشخاص.
تعد هذه العلامات مؤشرات مؤقتة لتأثير الضجيج على الأذن، ومن الممكن أن تتحول لتأثيرات دائمة. وفي حال استمرت الأعراض لأكثر من أسبوع يجب عليك استشارة الطبيب مباشرة.
اقرأ أيضاً: التواء الكاحل: تعرّف إلى الإصابة التي يخشاها لاعبو كرة القدم
كيف تحمي نفسك من ضوضاء الملاعب؟
ثمة العديد من النصائح التي يمكن تنفيذها للتقليل من تأثير الضجيج على الأذن منها
- وضع سدادات واقية للأذنين: تعد من أبسط الطرق لحماية أذنيك أثناء وجودك في الملعب، حيث يمكن استخدام سدادات الأذن أو غطاء الأذن، وتعد من الخيارات الفعّالة ومنخفضة التكلفة في نفس الوقت، كما أن حجمها صغير وسهلة الاستخدام.
- استخدام سماعات إلغاء الضوضاء: عبارة عن سماعات رأس يمكن استخدامها أثناء الأحداث الرياضية الاحترافية التي يكون فيها مستوى الصخب والضجيج عالياً جداً، وهي تؤمّن حماية الأذنين تلقائياً مع إمكانية ضبطها بحيث تستطيع متابعة الحدث بشكل كامل.
- أخذ استراحة من الضوضاء: كما ذكرنا سابقاً، فإن التعرض المستمر للضجيج من هتافات وصافرات يكون مؤذياً بشدة، لذلك فالحل الأمثل هو الخروج كل فترة إلى منطقة أكثر هدوءاً لمنح نفسك قسطاً من الراحة. يمكنك تحديد الوقت المناسب للخروج من خلال بعض الإشارات التي تظهر على الجسم كآلام الرأس أو طنين الأذنين.
- التقليل من التعرض للضوضاء: إذا كنت ممن يشاهدون المباريات داخل الملعب بشكل منتظم أو تمتلك بطاقات حضور موسمية، فعليك التقليل من حضور المباريات لأن الحضور المستمر كل أسبوع يؤدي إلى حدوث ضرر كبير في السمع، لهذا سيكون من الأفضل إذا سمحت لأذنيك بأخذ استراحة ومشاهدة اللعبة في منزلك كل فترة.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز مخاطر ارتداء سماعات الأذن؟ وكيف تحافظ على سلامة أذنك؟
ختاماً، يمكن القول إن تأثير الضجيج على الأذن قد يكون فورياً أو تراكمياً، وفي كلتا الحالتين هو أمر خطير جداً ويجب الانتباه إليه، والأخذ بعين الاعتبار جميع الوسائل التي من شأنها تخفيف تأثير صوت التشجيع والضوضاء في الملعب على الأذن.