كشفت الفنانة المصرية هند عبد الحليم في فيديو لها نشرته عبر صفحتها على إنستغرام، أنها تعرضت لوعكة صحية دخلت على إثرها إلى المستشفى، حيث شخّص الأطباء إصابتها بشلل المعدة المؤقت نتيجة استخدامها لحقن التنحيف مدة نحو 40 يوماً. أثارت حالة الممثلة تساؤلات بالغة الأهمية حول المخاطر المحتملة المرتبطة بمثل هذه الحقن، وتأثيرها على صحة الجهاز الهضمي. فهل تسبب حقن التنحيف، أو أدوية التنحيف عموماً، شلل المعدة حقاً؟ وكيف ذلك؟
اقرأ أيضاً: ما هي أسباب زيادة الوزن في الشتاء؟ وكيف يمكن التحكم فيه؟
كيف تعمل حقن التنحيف؟
لتوضيح الطريقة التي قد تسبب بها أدوية التنحيف الإصابة بشلل المعدة، لا بد من توضيح آلية عملها.
تتضمن حقن التنحيف المعتمَدة حالياً عقار سيماغلوتيد الذي يُباع تجارياً بأسماء ويغوفي وأوزمبيك، وعقار ليراغلوتيد المسمى تجارياً ساكسيندا أو فيكتوزا، وتيرزيباتيد المسمى تجارياً مونجارو وزيباوند.
تعمل هذه الأدوية من خلال محاكاة هرمون طبيعي في الجسم يُدعى "الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1" (Glucagon-like peptide-1)، وتُعرف بناهضات جي إل بي ون (GLP-1).
في الحالة الطبيعية، يساعد هرمون جي إل بي ون (GLP-1)، الذي تفرزه الأمعاء الدقيقة، على التحكم في نسبة السكر في الدم من خلال تحفيز البنكرياس على إفراز الإنسولين لدى ارتفاع مستوى السكر في الدم، والحد من إفراز هرمون الغلوكاغون الذي يعمل في الحالة الطبيعية على تكسير السكريات والدهون المخزنة ورفع مستوى السكر في الدم.
تعمل هذه الأدوية بالآلية ذاتها على نحو أساسي لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أنها تُستخدم لإنقاص الوزن من خلال:
- تنشيط مستقبلات جي إل بي ون (GLP-1) في الدماغ، وخاصةً في المناطق المشارِكة في تنظيم الشهية، ما يساعد على تقليل الشعور الجوع وزيادة الشعور بالشبع.
- إبطاء معدل إفراغ المعدة لمحتوياتها في الأمعاء الدقيقة، وهذا يطيل الشعور بالشبع بعد تناول الطعام، ويقلل الرغبة في تناول الطعام.
- تحفيز إفراز الإنسولين استجابةً لمستويات السكر المرتفعة في الدم ومنع إطلاق الغلوكاغون، ما يساعد على استقرار مستويات السكر في الدم ويؤثر بصورة غير مباشرة في الشهية والرغبة بتناول الطعام.
ومع ذلك، قد يكون تباطؤ حركة الطعام في المعدة كبيراً، ما يؤدي إلى الإصابة بشلل المعدة الناتج عن استهلاك عقار أوزمبيك، أو ما يماثله من أدوية التنحيف.
اقرأ ايضاً: هل يكون دواء السكري أوزمبيك هو الحل السحري لإنقاص الوزن؟
ما هو شلل المعدة الأوزمبي؟
يشير مصطلح شلل المعدة الأوزمبي (Ozempic Stomach Paralysis) إلى حالة فقدان المعدة قدرتها على الانقباض ودفع الطعام خارجها وعلى طول مسار الجهاز الهضمي؛ بسبب استهلاك دواء أوزمبيك، وغيره من الأدوية المماثلة التي تعمل من خلال إبطاء وقت تفريغ المعدة. ويترافق بالأعراض التالية:
- تقيؤ قطع الطعام الكاملة التي جرى تناولها قبل ساعات أو أكثر.
- الغثيان.
- حرقة المعدة أو الارتجاع الحمضي.
- انتفاخ وألم في البطن، وخاصة في الجزء العلوي منه.
- الشعور بالشبع بعد تناول بضع قضمات فقط، ولفترة طويلة.
- فقدان الشهية.
- تغيرات غير عادية في نسبة السكر في الدم.
- إمساك.
- طعام غير مهضوم في البراز.
وفي حالات أشد خطورة قد يسبب شلل المعدة الأوزمبي مضاعفات مثل:
- سوء التغذية.
- الجفاف.
- تصلب الطعام المتبقي في شكل كتل صلبة تسمى البازهر(Bezoar)، والتي قد تسبب الغثيان والقيء، وفي حالات نادرة الموت.
من المفترض أن تتراجع شدة هذه الأعراض تدريجياً بعد شهر من تعاطي أدوية التنحيف، ومع ذلك فقد أثبتت بعض تقارير الحالة استمرار هذه الأعراض لفترات طويلة وحتى بعد التوقف عن الدواء.
في دراسة تعد الأولى من نوعها، لتقييم العلاقة بين استخدام أدوية التنحيف المعروفة بناهضات جي إل بي ون، وخطر الإصابة بشلل المعدة، نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية (Journal of the American Medical Association)، قارن فريق الباحثين بيانات أكثر من 5000 مريض في الولايات المتحدة، من غير المصابين بداء السكري من النوع الثاني، لإلغاء احتمال إصابتهم بشلل المعدة الناتج عن السكري، وممن وصفت لهم أدوية التنحيف التالية:
- ليراغلوتيد لنحو 4100 مريض.
- سيماغلوتيد لنحو 600 مريض.
- بوبروبيون نالتريكسون، وهو ليس من ناهضات جي إل بي ون، لنحو 650 مريضاً.
وجد الباحثون أن الأفراد الذين تعاطوا أدوية التنحيف من فئة ناهضات جي إل بي ون كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس وانسداد الأمعاء وشلل المعدة مقارنة بالأشخاص الذين يتناولون عقار بوبروبيون نالتريكسون. على وجه التحديد، بيّنت النتائج الإصابة بشلل المعدة بمعدل 10 حالات من بين كل 1000 مستخدم للسيماغلوتيد، وبمعدل 7 حالات من بين كل 1000 مستخدم لليراغلوتيد.
وفي تحذير أصدرته الجمعية الأميركية لأطباء التخدير (American Society of Anesthesiologists)، يجب على المرضى، الذين يتناولون أدوية إنقاص الوزن، التوقف عن تناولها قبل أسبوع على الأقل من إجراء أي جراحة اختيارية؛ تجنباً لخطر الإقياء أو ارتجاع الطعام في أثناء التخدير.
ومع ذلك، أشارت مختصة الغدد الصماء والمتحدثة باسم جمعية السمنة، الطبيبة بيفرلي تشانغ (Beverly Tchang)، إلى أنه على الرغم من وجود خطر متزايد، فإن نسبته لا تزال منخفضة إلى حد ما.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر أدوية تخفيف الوزن الرائجة؟
كيف يتم علاج شلل المعدة الأوزمبي؟
قد يختفي شلل المعدة الأوزمبي بمجرد التوقف عن تعاطي أدوية التنحيف، أو بعد أن يتعود الجسم عليها. ومع ذلك، لا يوجد علاج لشلل المعدة الأوزمبي بخلاف خطة لإدارة الأعراض، وتتضمن:
تغيرات في النظام الغذائي
قد يوصي الطبيب بتغيرات وتشمل:
- تعويض الجسم بالفيتامينات المتعددة يومياً تجنباً لسوء التغذية.
- شرب السوائل التي تحتوي على الغلوكوز والإلكتروليتات.
- تقليل الأطعمة الدهنية، واستبدال الألياف بها لأنها أسهل في الهضم.
- تقليل حجم الوجبة وزيادة عدد الوجبات إلى نحو 6 وجبات صغيرة في اليوم عوضاً عن 3 وجبات.
- تناول الأطعمة الطرية والمطبوخة جيداً، كما يمكن تجربة تناول الأطعمة المهروسة.
- مضغ الطعام جيداً قبل ابتلاعه.
- تجنب المشروبات الغازية أو الكحولية.
- الامتناع عن التدخين.
- الامتناع عن تناول الفواكه والخضروات الغنية بالألياف، مثل البرتقال والبروكلي، لأنها قد تسبب البازهرات.
- شرب نحو لتر ونصف من الماء يومياً.
- تجنب الاستلقاء مباشرة بعد تناول الطعام نحو ساعتين من الزمن، ومحاولة ممارسة نشاط بدني خفيف، مثل المشي الخفيف، بعد الوجبات للمساعدة على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي.
اقرأ أيضاً: 6 أسباب غير شائعة للسمنة
الأدوية
بعض الأدوية التي تساعد على انقباض عضلات المعدة قد تسهم في علاج شلل المعدة الأوزمبي. مثل:
- ميتوكلوبراميد الذي يُباع تحت المسمى التجاري بريمبران: يحفز هذا الدواء زيادة انقباض عضلات المعدة ودفع الطعام عبر المسار الهضمي. علاوة على ذلك، قد يساعد على التخفيف من الغثيان والإقياء.
- إريثرومايسين الذي يُصرف تحت المسمى التجاري الشائع إريثرومايد: وهو مضاد حيوي لكنه يساعد أيضاً على زيادة انقباض عضلات المعدة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام مضادات الإقياء ومضادات الاكتئاب الموصوفة؛ لإدارة أعراض شلل المعدة مثل الغثيان والإقياء والألم.
كما يمكن استخدام مسكنات الألم لعلاج آلام المعدة، ومع ذلك ينبغي الحذر من استخدام المسكنات الأفيونية، لأنها تؤدي إلى تفاقم المشكلة.