ما مخاطر أدوية تخفيف الوزن الرائجة؟

ما مخاطر أدوية تخفيف الوزن الرائجة؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

على الأرجح أنك سمعت الكثير عن أوزمبيك وويغوفي، وهما عقارا السيماغلوتيد العجيبان لتخفيف الوزن. تسبب الازدياد الحديث العهد في شعبية العقارين بين مقدّمي الوصفات الطبية والصيدليات على الإنترنت بنقص عالمي فيهما. ويعاد استخدام الكثير من أدوية مرض السكري حالياً بهدف تخفيف الوزن؛ إذ وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 على استخدام دواء زيبباوند (Zepbound)، وهو نوع آخر من دواء مونجارو (Mounjaro)، للتحكّم الطويل الأمد بالوزن.

على الرغم من أن أوزمبيك وويغوفي يحتويان على مكونات مختلفة عن زيباوند ومونجارو، فهما يعتمدان على آلية عمل مشابهة. يحاكي مركّب سيماغلوتيد وظيفة هرمون يحمل اسم جي إل بي-1 (GLP-1)، الذي يُفرز عادة عندما يتحسس الجسم دخول الكربوهيدرات والبروتينات والدهون الأخرى بعد تناول الطعام. يؤدي ذلك إلى إرسال رسالة إلى الدماغ مفادها أن الطعام دخل إلى الجسم، ما يغير نشاط إشارات الجوع العصبية. عندما يعتقد الجسم أنه وصل إلى حالة الشبع، ينشّط هذا الهرمون أنظمة أخرى بهدف إبطاء تقلّصات العضلات التي تحرّك الطعام خارج المعدة عادة.

يبدو الحصول على حقنة كل أسبوع من هذه الأدوية خياراً ملائماً لتخفيف الوزن، ولكن يحذّر الأطباء من أن هذه الأدوية ليست حلاً مثالياً. يتسبب مركّب سيماغلوتيد بعدد من الآثار الجانبية المختلفة، من تلك التي تتسبب بإزعاجات إلى المهددة للحياة، التي يمكن أن تزداد شدّة عند استخدام الأدوية مثل ويغوفي وأوزمبيك لغير وظيفتها الأساسية.

الآثار الجانبية الرائجة لمركب سيماغلوتيد

تتعلّق أغلبية الآثار الجانبية لمركب سيماغلوتيد بالمعدة والأمعاء لأنه يؤثّر مباشرة في الجهاز الهضمي.

يقول جرّاح البدانة والمدير الطبي في مركز ميموريال كير الجراحي لتخفيف الوزن في ولاية كاليفورنيا الأميركية، مير علي: “إن نحو 50% من الأشخاص الذين يتناولون ويغوفي وأوزمبيك يعانون الغثيان”. تشمل الآثار الجانبية الرائجة الأخرى الإمساك والإسهال والتشنّجات. قد يعاني الأشخاص الذين يفرطون في تناول الطعام في أثناء تعاطي هذه الأدوية الغثيان الشديد وحتى التقيؤ.

بالإضافة إلى ذلك، يقول علي إن متعاطي دواء أوزمبيك قد يعانون الدوخة أيضاً، على الرغم من أنها ليست رائجة مثل الآثار الجانبية الأخرى المتعلقة بالجهاز الهضمي. قد تنجم هذه الآثار الجانبية عن أن هذا الدواء يخفض مستويات السكر في الدم.

يقول علي: “تميل هذه الأعراض إلى الزوال بمرور الوقت ومع استمرار المرضى في تناول الدواء؛ إذ إن الأجسام تتكيّف [معه]”. يضيف علي أن الأشخاص الذين وُصف لهم دواءا أوزمبيك أو ويغوفي يبدؤون بجرعة أخف ثم يرفعون الجرعة تدريجياً لتجنّب الآثار الجانبية المزعجة.

تنصح الشركة المصنّعة لأوزمبيك بتناول الطعام ببطء وتناول الأطعمة الخفيفة (أي اللينة والفقيرة بالبهارات والألياف) القليلة الدسم مثل البسكويت المملح والخبز المحمص غير المنكّه إذا شعرت بالغثيان في أثناء تعاطي الدواء. يجب أن يتناول متعاطو هذه الأدوية أيضاً الحساء والجيلاتين، وهي أطعمة تحتوي على كمية كبيرة من الماء، ويجب شرب المياه الشديدة البرودة وتجنّب الاستلقاء بعد الوجبات.

الآثار الجانبية الأكثر خطورة

وثّق الأطباء آثاراً جانبية أكثر إثارة للقلق منذ أن بدأ الكثيرون باستخدام مركّب سيماغلوتيد لتخفيف الوزن بدلاً من استخدامه لوظيفته الأساسية. كشف الباحثون في دراسة جديدة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية ارتباطاً بين تناول أوزمبيك والإصابة بخَزَل المعدة، وهي حالة مزمنة تضعف عضلات جدار المعدة بشدة، ما يجعل دفع الطعام إلى الأمعاء الدقيقة أصعب.

يمكن أن يؤخّر فقدان القدرة على إفراغ محتويات المعدة عملية الهضم ويتسبب بنوبات منتظمة من الغثيان والإسهال. وعلى الرغم من وجود طرق جراحية وغير جراحية للتعامل مع خزل المعدة، لا يوجد علاج لهذه الحالة في الوقت الحالي.

يقول علي إن خطر الإصابة بخزل المعدة بسبب تناول أوزمبيك منخفض نسبياً وإن هذه الحالة “ليست منتشرة بين المرضى”، وذلك لأن عدد الحالات الموثّقة للإصابة المترافقة مع استخدام هذا الدواء منخفض. ولكن قد يظهر المزيد من الحالات مع ارتفاع الطلب على هذا الدواء. إلى جانب خزل المعدة، تشمل الآثار الجانبية الأخرى المحدودة ولكن الشديدة لدواء أوزمبيك التهاب البنكرياس والمشكلات الكلوية والمتعلقة بالمرارة.

هل يمكن أن يؤدي تناول سيماغلوتيد إلى الأفكار الانتحارية؟

أبلغ عدد متزايد من الأشخاص من مختلف دول العالم عن ظهور الأفكار الانتحارية لديهم في أثناء تناول أوزمبيك. تراجع وكالة الأدوية الأوروبية بيانات السلامة الخاصة بدواء أوزمبيك بعد تلقي 150 تقريراً حول الأفكار الانتحارية وإيذاء النفس. وتراجع الوكالات المتخصصة في المملكة المتحدة أيضاً بيانات الأدوية المصنّفة على أنها منبهات لهرمون جي إل بي-1، ومنها أوزمبيك، بعد ارتفاع طفيف في حالات ظهور أفكار إيذاء النفس. أما في الولايات المتحدة، فأبلغ أفراد عن أنهم فكّروا في الانتحار في أثناء تناول أوزمبيك، على الرغم من أنهم لم يعرّضوا أنفسهم للأذى من قبل.

عموماً، ترتبط أغلبية حالات الأفكار الانتحارية بالتقارير الشخصية وهي نادرة نسبياً.

مع ذلك، هناك مبررات لبعض المخاوف المتعلقة بالصحة العقلية. تشترط إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن تحتوي عبوات أي دواء مخصص للتحكم الطويل الأمد في الوزن يؤثّر في الجهاز العصبي المركزي على تحذير حول السلوكيات والأفكار الانتحارية.

تحتوي عبوات دواء ويغوفي على تحذير حول هذه الأفكار، على عكس دواء أوزمبيك، المخصص فقط للتحكّم في نسب السكر في الدم لدى المصابين بمرض السكري من النمط الثاني. العلاقة بين هذه الأدوية والأفكار الانتحارية ليست واضحة، ولكن يفترض العلماء أن الآثار الجانبية العصبية النفسية تظهر عندما يتفاعل مركّب سيماغلوتيد مع الدماغ للتحكّم بالشهية.

اقرأ أيضاً: هل أدوية تخفيف الوزن الجديدة آمنة على المدى الطويل؟

يقول المتخصص في الغدد الصماء والمدير الطبي المشارك في مستشفى بروفيدنس ميشن في ولاية كاليفورنيا، جوزيف باريرا: “السؤال هو: هل يجب أن تحتوي عبوات الدواء نفسه ولكن تحت اسم مختلف على التحذيرات نفسها المتعلقة بالأفكار الانتحارية؟”. وفقاً لباريرا، يبدو أن احتمال ظهور أفكار إيذاء النفس في أثناء تناول أوزمبيك يزداد لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب أو المشكلات العقلية الأخرى، وهو مصدر قلق يتعلق بالسلامة يجب النظر فيه لأن بعض الأطباء النفسيين يصف أوزمبيك لعلاج الاكتئاب حالياً.

عموماً، ترتبط أغلبية حالات الأفكار الانتحارية بالتقارير الشخصية وهي نادرة نسبياً. اعتباراً من سبتمبر/أيلول 2023، بلغ عدد التقارير حول ظهور الأفكار الانتحارية 144 تقريراً في حين وُثّقت حالتا وفاة بسبب الانتحار من بين 23,845 تقريراً عن الآثار الجانبية السلبية لتناول سيماغلوتيد في الولايات المتحدة. ويشير باريرا إلى أن عدد الحالات التي ارتبطت بتناول أوزمبيك أو ويغوفي من بين إجمالي هذه الحالات ليس واضحاً بعد.

العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تناول أوزمبيك أو ويغوفي لتخفيف الوزن

لدى باريرا نصيحة واحدة فقط للأشخاص الذين يريدون تناول أوزمبيك أو ويغوفي لأغراض مختلفة عن وظائفهما، هي الامتناع عن فعل ذلك تماماً. مخاطر تناول هذه الأدوية، التي تتضمن ظهور الأفكار الانتحارية، مرتفعة جداً. بالإضافة إلى ذلك، يحذّر باريرا من أن بعض الأفراد يدفع المال لمقدمي الخدمات والعيادات مقابل “السيماغلوتيد المركّب”، الذي يمكن الحصول عليه من خلال مزج عدة أدوية معاً. وفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، يستخدم الأشخاص الذين يحضّرون السيماغلوتيد المركب تركيبة ملحية منه، مثل سيماغلوتيد الصوديوم أو أسيتات سيماغلوتيد، لا تحتوي على المكوّن الفعال نفسه الذي تحتوي عليه الأدوية مثل أوزمبيك وويغوفي.

هناك عامل آخر يجب أخذه في الاعتبار هو القدرة على الاقتناء؛ إذ إنه من غير المرجح أن تغطّي شركات التأمين تكاليف استخدام أوزمبيك أو ويغوفي لغير أغراضهما الأساسية. يتطلّب تناول أوزمبيك الحصول على جرعات أسبوعية قد تكلّف نحو 900 دولار لكل حقنة، وذلك إن لم يغطّها التأمين. كما أن هذا الدواء مصمم بطريقة تتطلب تناوله على المدى الطويل، لذلك، يمكن أن يؤدي الامتناع عن تناوله مدة تصل إلى أسبوع إلى الشعور برغبة شديدة في تناول الطعام واكتساب الوزن.

عموماً، يمكن أن يكون مركب سيماغلوتيد مفيداً في التحكّم في الوزن وتحسين صحة المصابين بحالات مرضية مزمنة. يقول علي: “هذا المركب هو من الطرق التي تساعد الأشخاص على اتباع نمط حياة صحي، ومثل أي طريقة أخرى، فهو يعمل بفعالية إذا استُخدم على النحو الصحيح”.

ينصح علي الأشخاص الذين يستخدمون أدوية تخفيف الوزن بالتفكير فيها على أنها مكملات صحية بدلاً من بدائل لاتباع نظام غذائي وممارسة التمارين الرياضية. ويضيف أن الأشخاص لن يحصلوا على النتائج التي يسعون لتحقيقها دون المزج بين اتباع النظام الغذائي المناسب وممارسة التمارين. يقول علي: “هذه الأدوية أكثر فعالية من التي سبقتها، ولكنها ليست مثالية”.