ما هي أسباب زيادة الوزن في الشتاء؟ وكيف يمكن التحكم فيه؟

5 دقيقة
ما هي أسباب زيادة الوزن في الشتاء؟ وكيف يمكن التحكم فيه؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Sinica Kover

تتكرر المأساة مع نهاية كل فصل شتاء؛ فعندما يأتي الصيف وملابسه، ترى بضع مئات من الغرامات الزائدة في محيط خصرك وحول أردافك. عليك أن تعلم أنك لست وحدك من يعاني، حيث وجدت دراسة نشرتها المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة (International Journal of Environmental Research and Public Health) عام 2020، أن وزن الجسم يزداد في الشتاء مقارنة بالخريف. فما أسباب هذه الزيادة؟ وكيف تتحكم في وزنك خلال الشتاء بحيث تتجنب شراء ملابس جديدة بمقاسات أكبر في الصيف؟

ما هي أسباب زيادة الوزن في الشتاء؟

ثمة العديد من العوامل التي تؤدي إلى زيادة الوزن في فصل الشتاء، إليك أهمها:

العوامل البيولوجية

طوّر جسم الإنسان طريقة للتكيف مع بيئته بأسلوب مشابه لما يحدث لوظائف بعض الحيوانات التي تذهب إلى "السُّبات الشتوي"، ففي دراسة نشرتها دورية نيتشر (Nature)، تبين أنه مع الانخفاض في درجات الحرارة تنشط مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة المهاد في الدماغ وتُعرف بالنواة الخنجرية (xiphoid nucleus)، ويؤدي نشاطها إلى زيادة الرغبة في تناول الطعام، حيث يخزن الجسم الطاقة الزائدة على شكل دهون لعزل نفسه عن البرد والحفاظ على الدفء، ما يسهم في زيادة الوزن.

اقرأ أيضاً: 6 أسباب غير شائعة للسمنة

تغيرات أيضية

يؤدي قصر النهار، وقلة ساعات الشمس التي يتعرّض لها الفرد في الشتاء إلى نقص فيتامين د. وفقاً للدراسة المنشورة في دورية تقارير البدانة الحالية (Current Obesity Reports)، توجد علاقة عكسية بين زيادة الوزن ونقص فيتامين د، حيث يؤدي نقصه إلى زيادة الوزن للأسباب التالية:

  • تباطؤ عملية التمثيل الغذائي.
  • تراجع النشاط البدني والشعور بالتعب.

الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي

الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، هو نوع من الاكتئاب يحدث في أوقات معينة من العام، وعادة في الخريف والشتاء عندما تكون ساعات النهار أقصر (التعرض للضوء). تشمل الأعراض الشعور بالحزن أو الاكتئاب، وفقدان الاهتمام بالأنشطة أو الهوايات وزيادة التعب والانسحاب الاجتماعي، والنوم أكثر من المعتاد، والرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات، والأطعمة المصنعة، كآلية للتكيف ومكافحة الأعراض.

تغيرات نمط الحياة الموسمية

ما هو سهل في الصيف غالباً ما يصبح تحدياً في الشتاء، فبينما من الممتع التنزه والسباحة وركوب الدراجة في الصيف، تجعل درجات الحرارة المنخفضة من ممارسة الرياضة مشقة مضنية، إضافة إلى أن الليل الطويل يغريك بالاستلقاء على الأريكة ساعات طويلة والاستمتاع بوجبة دهنية عوضاً عن السلطات والفواكه، التي غالباً ما تكون أقل توافراً في الشتاء، وهذا من شأنه أن يقلل كمية السعرات الحرارية التي تحرقها، ويسبب زيادة الوزن.

انخفاض التعرض لأشعة الشمس

توصل فريق من الباحثين في جامعة ألبرتا الكندية، في دراسة نشرتها دورية التقارير العلمية (Scientific Reports)، إلى أن أشعة اللون الأزرق في ضوء الشمس، تسبب انكماش الخلايا الدهنية القريبة من الجلد وتخزين كمية أقل من الدهون، لذا فإن التعرّض المحدود لأشعة الشمس في الشتاء يسمح لهذه الخلايا الدهنية تحت الجلد بتخزين المزيد من الدهون، ما يؤدي إلى زيادة الوزن. ومع ذلك، لم يتمكن الباحثون من تحديد مقدار ضوء الشمس اللازم لتحفيز انكماش الدهون. 

تغيرات هرمونية

أفادت دراسة منشورة في دورية آفاق في علم الأعصاب (Frontiers in Neuroscience)، بأن التغيرات الموسمية تسبب تغيرات في مستويات هرمونات التوتر (الغلوكوكورتيكويدات) وهرمون الغريلين (هرمون الجوع) واللبتين (هرمون الشبع)، ما يؤدي إلى تعزيز سلوكيات البحث عن الطعام، أي زيادة تناول الطعام خلال فصل الشتاء.

اقرأ أيضاً: بطرق منزلية بسيطة: إليك طرق علاج بحة الصوت في الشتاء

كيف يمكن تجنب زيادة الوزن في الشتاء؟

يتطلب الحفاظ على الوزن في الشتاء تعديل عاداتك الغذائية وأسلوب حياتك:

استمر في الحركة: مارس الرياضة الشتوية

مع الطقس البارد، قد تكون الأنشطة الخارجية أقل جاذبية، لذا يمكنك ممارسة التمارين الرياضية في الأماكن المغلقة مثل اليوغا أو البيلاتس أو التدريب المتقطع عالي الكثافة (HIIT). لكن إذا كنت من محبي الرياضات التقليدية في الهواء الطلق مثل الركض أو المشي أو ركوب الدراجات، يمكن اتباع النصائح التالية:

  • ارتدِ الملابس في عدة طبقات؛ لحماية الجسم من التعرض للرياح الباردة التي تسحب حرارة الجسم معها. يوصي طبيب الطب الرياضي ستيفن إريكسون (Steven Erickson) بالترتيب التالي لطبقات الملابس في أثناء ممارسة الرياضة في الشتاء: البدء بالأقمشة الصناعية، مثل البوليستر والنايلون والبولي بروبيلين، وتجنب ارتداء الأقمشة القطنية في الطبقة الملامسة للجلد، لأنها تمتص العرق وتبقى رطبة، تليها طبقة أثقل مثل الصوف لعزل الجسم وحبس الحرارة، ثم طبقة مقاومة لمياه الأمطار والثلوج وللتدفئة أيضاً. ومع ذلك، من الواجب التخلص من إحدى الطبقات بمجرد ارتفاع درجة حرارة الجسم، وارتداؤها لاحقاً إذا شعرت بالبرد مرة أخرى. على وجه العموم، يختلف عدد الطبقات الممكن ارتداؤها باختلاف طبيعة التمرين. على سبيل المثال، يحتاج العدّاؤون إلى طبقات أقل من المشاة لأنهم ينتجون حرارة أكثر. 
  • احمِ أطرافك الأربعة، لأن الدم يتحول عنها إلى القلب، ما يؤدي إلى انخفاض حرارتها ويزيد خطر الإصابة بقضمة أو لسعة الصقيع. لذا يوصي المدرب الرياضي ريان كونكل (Ryan Konkel) بارتداء قبعة تمتص الرطوبة، وقفازات رفيعة، يليها زوج من القفازات الثقيلة أو القفازات المبطنة بالصوف، إضافة إلى زوجين من الجوارب؛ أحدهما من النايلون والآخر من الصوف.
  • مارِس تمارين الإحماء لفترات أطول منها في الظروف الحرارية العادية؛ لتقليل تأثيرالبرودة، على أن تتضمن حركات منخفضة الشدة وتحاكي التمارين الأساسية التي أنت على وشك القيام بها، مثل القرفصاء (السكوات) والهرولة في المكان.
  • تنفَّس عبر وشاح، حيث يساعد الوشاح على حبس بخار الماء في الزفير، وترطيب الهواء خلال التنفس.
  •  توجه مع الرياح، ولا تقاوم بردها، واحتفظ بها خلف ظهرك، أي دعها تدفعك للأمام، لتجنب فقدان حرارة الجسم عندما تكون متعرقاً.

غذِّ جسمك بطريقة صحية

تقدم مختصة التغذية لبانة حسين، مجموعة من النصائح التي تقي من زيادة الوزن في الشتاء، إليك أهمها:

  • الحفاظ على الترطيب وشرب ما يكفي من الماء، إذ بينما قد لا يشعر البعض بالعطش في درجات الحرارة المنخفضة، فإن الجسم يفقد السوائل خلال العرق والتنفس، ولا بُدَّ من تعويضها بشرب الماء والسوائل، خاصة في أثناء التمرين.
  • تضمين البروتين في الوجبات، مثل البيض ولحم الدجاج واللحوم الحمراء الخالية من الدهون والبقوليات والحليب. يساعد البروتين على منح شعور مطول بالشبع، لأنه يزيد إنتاج هرمونات الشبع، ويقلل مستويات هرمون الغريلين، ما يسهم في تنظيم الشهية والتحكم في كمية الطعام المتناولة.
  • تناول الخضراوات بما يعادل نصف كمية الطعام المتناولة في كل وجبة، بالإضافة إلى تناوله ما بين الوجبات. ومن الخضراوات الشتوية المفيدة الملفوف والخضروات الجذرية.
  • استبدال الألياف بالنشويات، مثل البرغل بالأرز، والفواكه بالعصير، وخبز الحبوب الكاملة بالخبز الأبيض. أشارت الدراسة المنشورة في دورية مراجعات نقدية في علوم الغذاء والتغذية (Critical Reviews in Food Science and Nutrition) إلى أن الألياف الغذائية، خاصة الألياف القابلة للذوبان، تعدّ من أقوى مثبطات الشهية الطبيعية. تمتصُّ الألياف القابلة للذوبان الماء في المعدة، وتشكّل مادة هلامية تزيد حجم الطعام، وتبطئ عملية الهضم، ما يزيد الشعور بالامتلاء فترة أطول ويقلل الرغبة في تناول المزيد من الطعام. يُعزى هذا التأثير إلى قدرة الألياف على زيادة لزوجة الطعام في المعدة، ما يُبطئ عملية تفريغ المعدة، ويُطيل الشعور بالشبع. 
  • تجنب الوجبات الخفيفة الغنية بالسعرات الحرارية، مثل رقائق البطاطس والعصائر، واستبدال الوجبات الخفيفة المغذية بها، مثل الجزر مع الليمون، والفشار، وحفنة من المكسرات.

اقرأ أيضاً: 13 غذاءً نباتياً تؤدي إلى زيادة الوزن

تعديلات في نمط الحياة

تساعد بعض التعديلات على نمط الحياة في تثبيط الشهية، والحد من زيادة الوزن، مثل:

النوم الكافي: مع زيادة عدد ساعات الليل قد تضطرب أنماط النوم لدى البعض، ويتداخل النهار مع الليل، ما يؤدي إلى قلة النوم. يؤدي الحرمان من النوم إلى تعطيل إفراز هرمون اللبتين، ما يجعل الدماغ يتجاهل إشارات الشبع، فضلاً عن أن ليلة واحدة من قلة النوم تكفي لرفع مستويات هرمون الجوع (الغريلين) إلى مستويات عالية، ما يجعلك تشعر بالجوع أكثر. لذا ينبغي الحصول على قسط كافٍ من النوم يتراوح ما بين 7-9 ساعات من النوم المتواصل كل ليلة، وتجنب المنبهات قبل النوم، مثل الكافيين أو التدخين أو تصفح الأجهزة الإلكترونية والتعرّض لأشعّتها الزرقاء، لتنظيم الشهية والتحكم في الوزن. 

التحكم في التوتر: يعاني المصابون بالاضطراب العاطفي الموسمي، أو التوتر والاكتئاب الموسمي، من زيادة في الشهية تدفعهم إلى تناول الوجبات الغنية بالدهون والكربوهيدرات، حيث تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى زيادة الرغبة في تناول الأطعمة الدهنية والسكرية. لذلك يمكن ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا والتنفس العميق، وتخصيص وقت لممارسة الهوايات والأنشطة الممتعة، للتحكم في التوتر وتقليل الرغبة في الأكل.

الأكل اليقظ: في الشتاء تزداد الجلسات المنزلية على حساب النزهات وممارسة الأنشطة الخارجية، لذا قد يعاني البعض من تناول الطعام غير الواعي، وتجاوز حد الشبع. يساعد الأكل اليقظ على إدراك إشارات الشبع وتجنب الإفراط في تناول الطعام، ولممارسته يُنصح بما يلي:

  • تجنب أي مشتتات في أثناء تناول الطعام، مثل التلفاز أو الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي أو محادثة الأصدقاء، والتركيز على مذاقه ورائحته وملمسه.
  • مضغ الطعام جيداً وتناوله ببطء.
  • اختيار أواني طعام أصغر في أثناء تناول الطعام؛ ما يخلق خداعاً بصرياً للدماغ بأن الكمية أكبر.

المحتوى محمي