هناك إجماع يقول إن حاسة الشم هي أقل الحواس أهمية في الجسم، لكن بعد انتشار كوفيد-19 وفقدان المصابين به حاسة الشم أو حدوث خلل بها، تغير نمط حياتنا بدرجة ملحوظة؛ إذ لم نعد نستطيع شم رائحة رغيف الخبز الساخن أو المأكولات الشهية بشكلٍ مؤقت. ولكن الخطورة تكمن في وجود بعض الحالات التي نعتمد فيها على حاسة الشم لاستشعار تهديد معين مثل وجود تسرب الغاز وغيرها، لذا إليك أهم أسباب فقدان حاسة الشم وطرق علاجه المختلفة.
تأثيرات فقدان حاسة الشم
قد يسبب فقدان حاسة الشم التعرض للحالات التالية:
- فقدان الشهية والإصابة بسوء التغذية نظراً لارتباط حاسة الشم بالتذوق بشكل وثيق.
- استهلاك الأطعمة الحامضة أو الفاسدة عن طريق الخطأ لعدم القدرة على شم رائحة الفساد والعفن.
- عدم إدراك رائحة الهواء السام أو الملوث.
- عدم القدرة على كشف وجود تسرب بالغاز المنزلي، لأن شركات الغاز تزوده بمادة رائحتها مميزة للكشف عنه.
- عدم شم الدخان عند حدوث الحرائق.
- فقدان الشعور بالنظافة الشخصية.
اقرأ أيضاً: حاسة الشم لدى البشر أقوى مما يتصورون
أسباب فقدان حاسة الشم
من الممكن أن يحدث فقدان حاسة الشم نتيجة عدة أسباب، وقد يكون مؤقتاً أو دائماً، ومن المحتمل أن يصيب الحاسة بشكل كلي أو جزئي، ويمكن تلخيص أهم أسباب فقدان حاسة الشم كما يلي:
-
فقدان الشم الموروث
وهي حالة وراثية نادرة تحدث بمعدل أقل من واحد من كل مليون شخص وتظهر أعراضها منذ الولادة.
-
الشيخوخة
تتراجع حاسة الشم عند التقدم بالعمر وهذه الظاهرة طبيعية، إذ قد يفقد الناس القدرة على التمييز بين الروائح المختلفة، ومن المتوقع أن يحدث ذلك للأسباب التالية:
- انخفاض عدد الألياف العصبية والمستقبلات في البصيلة الشمية الدماغية المسؤولة عن معالجة الرائحة.
- فقدان الخلايا الحسية الأنفية.
- تراجع كفاءة وظائف المعالجة الإدراكية للجهاز العصبي المركزي.
-
أمراض الجيوب الأنفية المزمنة
قد ينشأ فقدان حاسة الشم عن وجود حالة مزمنة من أمراض الجيوب التي تؤثر على تدفق الهواء في الأنف، أو وجود خلل وظيفي في المسار العصبي الحسي الشمي، ومن أشهر هذه الحالات التهاب الجيوب التحسسي.
-
التعرض للسموم المستنشقة
من المحتمل أن يؤدي التعرض المباشر لمواد سامة مستنشقة أو التعرض طويل المدى لتراكيز خفيفة من هذه المواد السامة إلى فقدان الشم في مراحل لاحقة من العمر، ومن أبرز المواد السامة التي تسبب هذه الحالة نذكر ما يلي:
- دخان السجائر.
- المخدرات.
- الأبخرة السامة الصناعية.
- المبيدات الحشرية والمذيبات.
-
الأمراض والمتلازمات
ومن أهم الحالات المرضية المؤقتة والمزمنة التي تسبب فقدان حاسة الشم ما يلي:
-
- كوفيد-19: وغالباً تكون حالة مؤقتة تزول بعد أسبوع لدى معظم المصابين.
- ارتفاع ضغط الدم: يؤثر سلباً على الحواس كافة وليس فقط حاسة الشم.
- متلازمة كالمان: وهي متلازمة وراثية تجمع بين ضعف حاسة الشم واضطراب هرموني يؤخر البلوغ أو يمنعه.
- داء ألزهايمر: إذ يعد فقدان الشم من أهم العلامات المبكرة للإصابة بداء ألزهايمر.
- عرض لتناول بعض الأدوية: مثل المضادات الحيوية ومضادات الهيستامين.
- التصلب اللويحي: إذ يعاني ربع المصابين بالتصلب اللويحي بخلل أو فقدان لحاسة الشم.
- داء باركنسون: يعد ضعف الشم وفقدانه من السمات المميزة لداء باركنسون، إذ تشير دراسة هاينز هاميل المنشورة عام 2014 في دورية داء باركنسون (Parkinson disease journal) إلى أن نسبة المُشخصين بمرض باركنسون الذين يفقدون حاسة الشم تتجاوز 90%.
- متلازمة كلاينفيلتر: وهي حالة وراثية نادرة يكون فيها لدى الذكور كروموسوم (X) إضافي في معظم خلاياهم.
- ذهان كورساكوف (Korsakoff's Syndrome): عبارة عن اضطراب دماغي ناجم عن نقص الثيامين.
- متلازمة شوغرن: يبدو أن هناك ارتباطاً بين درجة فقدان حاسة الشم في متلازمة شوغرن وزيادة شدة المرض.
- الإنفلونزا والرشح: وهي أكثر حالات فقدان الشم المؤقت شيوعاً.
-
بعد القيام بعمل جراحي
يحدث فقدان حاسة الشم أحياناً بعد القيام بإحدى العمليات الجراحية التالية:
-
- الجراحة التجميلية للأنف: وتصيب هذه الحالة نحو 87% من الأشخاص الخاضعين لهذه العملية، لكنها غالباً ما تكون مؤقتة وتعود حاسة الشم بعد مضي عدة أسابيع.
- الجراحة الدماغية: إذ يمكن أن تؤثر أحياناً على مركز الشم في الدماغ.
تقرأ أيضاً: نصائح لتحسين حاستيّ الشم والتذوق
-
نقص الزنك
حيث يرتبط نقص الزنك من الوارد الغذائي مع الخلل في حاستي الشم والتذوق، وبالوقت ذاته قد يؤدي التسمم بالزنك إلى فقدان حاسة الشم أيضاً، وذلك نظراً لأن الإنزيمات الأساسية المسؤولة عن حاسة الشم تعتمد على عنصر الزنك في فعاليتها.
-
الناميات وانحراف الوتيرة
وهي حالات تشوه تقوم بسد مجرى التنفس ما يسبب تراجعاً ملحوظاً في كفاءة حاسة الشم.
-
فقدان الشم مجهول السبب
ويُشخص المصابون به عندما لا يستطيع الأطباء تحديد السبب.
تشخيص فقدان حاسة الشم
يقوم طبيب الأذن والأنف والحنجرة بتشخيص فقدان حاسة الشم، ويتضمن التشخيص الاستقصاءات التالية:
-
- أخذ القصة السريرية: إذ يقوم الطبيب بسؤال المريض عدة أسئلة حول فقدان حاسة الشم، لمعرفة كيف نشأت وحصر احتمالات أسباب حدوثها.
- اختبار حاسة الشم: ويتضمن تقديم عدة روائح واختبار قدرة المريض على شمها.
- التصوير بالأشعة المقطعية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
- الفحص بمنظار الأنف.
علاج فقدان حاسة الشم
عادةً يتم علاج حالات فقدان حاسة الشم بالاعتماد على تحديد المسبب الأولي لحدوث الحالة وعلاجه، ومن أشهر هذه الطرق العلاجية ما يلي:
- العلاجات الجينية والخلوية للأشخاص المصابين بالأمراض الوراثية.
- تناول مكملات غلوكونات الزنك أو تدريب حاسة الشم بعد التعرض لإصابة في الرأس، ويتضمن التدريب على الرائحة استنشاق أربع روائح مختلفة بشكل مكثّف مرتين يومياً لعدة ثوانٍ على مدى 4 أشهر على الأقل.
- اللجوء للعمل الجراحي أو إعطاء الستيروئيدات القشرية للأشخاص الذين يعانون فقدان حاسة الشم الناتج عن اضطرابات الجيوب الأنفية أو انحراف الوتيرة ووجود الناميات.
- الشفاء قد يكون تلقائياً دون علاج في معظم حالات فقدان حاسة الشم.
- بعض الحالات لا يمكن علاجها وتبقى ملازمة للمريض مدى الحياة.
اقرأ أيضاً: كيف تتفادى الإصابة بالرشح والإنفلونزا؟
ختاماً، لا يمكن الاستخفاف بدور حاسة الشم، سواء احتجنا لها لشم عطر وردة عبقة أو لاستشعار وجود خطر معين فهي مهمة وضرورية، لذا من المحبذ دائماً الانتباه من التعرض لمسببات فقدان حاسة الشم المكتسب وتفاديها، والحرص على ديمومتها مع العمر الطويل.