تعرّف إلى أضرار مستحضرات التجميل وأخطر مكوناتها وكيف تحمي نفسك

7 دقيقة
تعرّف إلى أضرار مستحضرات التجميل وأخطر مكوناتها وكيف تحمي نفسك
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يستخدم ملايين البشر مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية يومياً، وغالباً ما تُشترى هذه المنتجات دون مراعاة لسلامتها، بل حتى أولئك الذين يقرؤون قوائم المكونات لن يجدوا في كثيرٍ من الأحيان أي ذِكر لمواد كيميائية مضرة.

ومع ذلك، وجدت دراسة منشورة في مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا (Environmental Science and Technology) عام 2021، أن بعض مستحضرات التجميل الشائعة تحتوي على مستويات عالية من المُركّبات التي ترتبط بمشكلات الخصوبة والسرطانات الشائعة وضعف الجهاز المناعي وغيرها، والأخطر من ذلك أن بعضاً من هذه المواد الكيميائية لم تكن مذكورة على ملصقات المنتجات. لذلك، دعونا في هذا المقال نتعرّف إلى مضار مستحضرات التجميل على البشرة والجهاز التنفسي وأجزاء الجسم الأخرى، ونلقِ نظرة على أخطر المواد الكيميائية الموجودة فيها، وكيف يمكن التقليل من أضرارها.

اقرأ أيضاً: تحتوي 12 مادة كيميائية ضارة: هل من الممكن أن تكون مستحضرات التجميل سامة؟

ما أضرار مستحضرات التجميل المحتملة على الجلد؟

ذكرت دراسة منشورة في المجلة المصرية للرعاية الصحية (Egyptian Journal of Health Care) عام 2022، نفذتها مجموعة من الباحثين بقيادة أستاذة كلية التمريض في جامعة المنصورة، فاطمة الإمام، أن الاستخدام المتكرر لمستحضرات التجميل يسبب تأثيرات سلبية في الجلد؛ إذ أبلغ نحو 84.7% من الطالبات عن تعرضهن لعرَض جلدي سلبي واحد على الأقل ناتج عن استخدام مستحضرات التجميل المشتراة من المتاجر المحلية.

ونوهت الدراسة بأن التأثيرات قد تشمل الالتهاب، والطفح الجلدي، وحب الشباب، ونقص التصبغ أو فرط التصبغ، بالإضافة إلى الحكة، وتآكل فروه الرأس، وتساقط الشعر. علاوة على ذلك، ذكرت الدراسة أيضاً أن بعض المستحضرات مثل مزيلات التعرق وغيرها من المنتجات التي تحتوي على أحماض ألفا وبيتا هيدروكسي، قد تزيد حساسية الجلد للأشعة الفوق البنفسجية ما قد يسبب حروق الشمس وعواقب أخرى.

عموماً، تتراوح المشكلات التي قد تسببها المستحضرات التجميلية من الطفح الجلدي البسيط إلى ردود الفعل التحسسية الكاملة، وقد تبدأ الأعراض مباشرة بعد استخدام منتَج جديد أو بعد سنوات من استخدام منتَج دون أي مشكلات.

في الواقع، ثمة نوعان من ردود الفعل الجلدية تجاه منتجات التجميل؛ الأول هو التهاب الجلد التماسي المهيَّج؛ وهو طفح جلدي يظهر عند لمس مادة معينة تسبب تلف الطبقة الواقية من الجلد أو نتيجة التفاعل معها، ومن أعراضه الاحمرار والحكة وجفاف البشرة وتشققها وظهور قشور عليها، كما قد يسبب الشعور بالاحتراق أو الوخز أو ظهور البثور.

أمّا النوع الآخر، فيُسمَّى التهاب الجلد التماسي التحسسي، وهو ينطوي على استجابة الجهاز المناعي لمسببات الحساسية الموجودة في مستحضرات التجميل، ما قد يؤدي إلى أعراض تشمل الاحمرار والتورم والحكة والشرى، ويمكن أن تُصاب أي منطقة من الجسم برد الفعل التحسسي هذا وليس فقط في المكان الذي يلامس المادة، على الرغم من أنه يحدث غالباً على الوجه والشفتين والعينين والأذنين والرقبة.

وقد يكون من الصعب التمييز بين النوعين المذكورين؛ إذ قد يعاني الشخص مزيجاً منهما، وغالباً ما يقع اللوم على العطور والمواد الحافظة في إثارة رد الفعل التحسسي الجلدي، 

يذكر أنه حتى المنتجات التي تبدو غير معطَّرة، غالباً ما تحتوي على عطر ما لتغطية الروائح الكيميائية، ما قد يسبب رد فعل تحسسي.

اقرأ أيضاً: إليك الأعراض الجانبية الشائعة بعد العمليات التجميلية

ما أضرار مستحضرات التجميل على أجزاء الجسم الأخرى؟

على الرغم من أن الجلد هو طريق التعرض الرئيسي لمعظم مكونات مستحضرات التجميل، فقد وُجِد أن استنشاق بعض المركبات مثل الأيروسول أو العطور أو المواد الحافظة الموجودة في المستحضرات قد يسبب مشكلات تنفسية؛ مثل تهيج الشعب الهوائية أو تراجع وظائف الرئة.

كما وُجِد أن الأطفال الذين يتعرضون للمواد الكيميائية الموجودة عادة في منتجات العناية الشخصية، خصوصاً الفثالات والبارابين والمواد المفلورة (PFAS) يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بتلف الرئة في وقتٍ لاحق من مراحل حياتهم.

ومع ذلك، ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم تأثير مكونات مستحضرات التجميل في صحة الجهاز التنفسي، خصوصاً أن البعض يجادل أنه من غير المرجح أن تلحق مستحضرات التجميل ضرراً بالرئتين، نتيجة حجم الجسيمات وأوقات التعرض المنخفضة.

عموماً، عادة ما تنشأ التأثيرات الأكثر خطورة الناتجة عن مستحضرات التجميل مثل السرطان والتغيرات الهرمونية ومشكلات الخصوبة نتيجة الاستخدام المنتظم الطويل الأمد للمنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية مضرة، في حين أن الاستخدام العرضي لأحمر الشفاه أو العطور، حتى لو احتوت على تلك المواد، ينبغي ألّا يسبب مشكلات صحية كبيرة. 

يذكر أن دراسة حللت 50 مستحضراً تجميلياً تجارياً في 6 دول أوروبية ونُشِرت في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة (International Journal of Environmental Research and Public Health) في 2023، وجدت أن المنتجات المختبَرة جميعها تحتوي على مواد مسرطنة محتملة؛ مثل البارابين ومطلقات الفورمالديهايد ومشتقات الإيثانولامين والمركبات الإيثوكسيلية وغيرها. واقترح الباحثون إجراء المزيد من الدراسات لفهم التأثيرات الطويلة الأمد لهذه المركبات عند استخدامها في مستحضرات التجميل، بالإضافة إلى تطبيق معايير وقوانين أكثر صرامة لتنظيم وجود هذه المواد المسرطنة ونشاطها في مستحضرات التجميل بهدف تعزيز سلامة المستهلك.

ما المواد الكيميائية الأكثر سمية الموجودة في مستحضرات التجميل؟

مستحضرات التجميل لا تشمل فقط ما يوضع على الوجه؛ بل تشمل أيضاً العديد من المنتجات التي توصف بأنها “منتجات العناية الشخصية”؛ مثل مرطبات البشرة ومزيلات التعرق ومعاجين الأسنان وصبغات الشعر والعطور والشامبو والمنتجات الأخرى التي لا تُستخدَم لعلاج حالة جلدية ما. ومن المثير للاهتمام أن منتجات التجميل ومكوناتها لا تخضع لموافقة إدارة الغذاء والدواء قبل تسويقها، وهذا يعني أن مسؤولية التأكد من سلامة منتجاتها ومكوناتها تقع على عاتق شركات التصنيع والإنتاج والتسويق.

اقرأ أيضاً: الآثار الجانبية والمضاعفات الناجمة عن حقن البوتوكس أو الفيلر

وعادة ما يضيف المصنعون العديد من المواد الكيميائية لأغراض متعددة؛ مثل خصائصها المضادة للميكروبات، أو تعزيز الديمومة، أو تحسين الرائحة، أو الوقاية من أضرار أشعة الشمس وغيرها. لكن بعض هذه المواد قد تتداخل مع عمل بعض أنظمة الجسم أو تعطلها. وثمة قائمة كبيرة من المكونات الكيميائية الضارة التي قد توجد في مستحضرات التجميل، منها:

  • البارابين: مادة حافظة تُستخدم لإطالة العمر الافتراضي للمنتج، لكنها تحاكي هرمون الإستروجين في الجسم، ويُعتقد أنها تسبب اضطرابات هرمونية وتسهم في تطور سرطان الثدي. الصيغ الأكثر شيوعاً للبارابين هي: ميثيل بارابين، وإيثيل بارابين، وبروبيل بارابين، وبوتيل بارابين، وقد توضع على المنتجات على هيئة E218، وE214، وE216، E209.

عموماً يُستخدم البارابين بمستويات منخفضة جداً، لكن ومع ذلك من الأفضل التحول إلى المنتجات الخالية منها، خصوصاً أن المواد الحافظة الطبيعية لا تزال فعّالة.

  • مواد فوق ومتعددة فلورو الألكيل PFAs: ثمة أكثر من 5000 مادة من هذه المواد تُستخدَم على نحو شائع في مستحضرات التجميل بوصفها موادَّ مضادة للالتصاق؛ أي تصد الشحوم والأوساخ والزيوت، ونظراً لأنها من المواد الكيميائية الأبدية، فقد رُبِطت بالعديد من المشكلات الصحية؛ مثل السرطانات المختلفة والعقم وانخفاض أوزان المواليد وآثار سلبية على الجهاز المناعي. 

وقد وجدت الدراسة المذكورة في المقدمة المنشورة في مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا أن 82% من الماسكرا المقاومة للماء و63% من كريمات الأساس و62% من أحمر الشفاه السائل تحتوي على مستويات عالية من منتجات الفلور، في حين لم تكن هذه المواد مدرجة على لائحة المكونات.

  • المواد الحافظة التي تُطلق الفورمالديهايد: تُستخدَم في بعض منتجات التنظيف؛ مثل الشامبو أو الصابون السائل، بالإضافة إلى طلاء الأظافر ولاصق الرموش الاصطناعية ومنتجات تمليس الشعر. لكن وعلى الرغم من أن الفورمالديهايد قد صُنِف مادة مسرطنة ومن غير المرجح أن تجده في قوائم المكونات، فثمة العديد من المكونات التي قد تطلقه؛ مثل كواتيرنيوم-15 (Quaternium-15)، والبرونوبول (Bronopol)، وديازوليدينيل يوريا (Diazolidinyl urea).
  • التولوين: يُستخدم بمثابة مادة مثبِّتة ومضادة للأكسدة في طلاء الأظافر أو مرطبات البشرة أو منتجات المكياج ذات القوام الكريمي؛ مثل كريم الأساس وغيرها. وعلى الرغم من أن سمية التولوين منخفضة، فإنه مهيّج للجلد، كما أن التعرض المنتظم أو الطويل الأمد أو التعرض لمستويات عالية منه قد يسبب مشكلات في الجهاز التنفسي، ويؤثّر في وظائف المناعة، وقد يؤدي إلى الإصابة ببعض السرطانات مثل سرطان الغدد الليمفاوية.
  • الرصاص والمعادن الثقيلة: ذكرت دراسة حديثة منشورة في ندوات الجزيئات الكبيرة (Macromolecular Symposia) في فبراير/شباط عام 2024، أن العديد من مستحضرات التجميل ذات الأساس المعدني تحتوي على المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكروم والنيكل والكادميوم، إمّا نتيجة إضافتها عمداً أو نتيجة التلوث خلال مراحل الإنتاج، وشددت على أهمية مراقبة هذه المواد خصوصاً في المنتجات التي لا تحمل علامة تجارية، أو في البلدان التي لا تحتوي على لوائح السلامة الخاصة بتقييم منتجات التجميل؛ إذ يمكن أن تتراكم المعادن السامة في الجسم وتسبب ردود فعل حساسية وتهيج الجلد وأضراراً عصبية مع مرور الوقت.
  • السيلوكان والسيليكون: تُستخدمان لإضفاء ملمس ناعم على المستحضرات، أو إعطاء لمعان في المرطبات، أو ملمس حريري في بلسم الشعر، وعلى الرغم من أنها لا تُمتَص كثيراً من خلال الجلد، فقد رُبطت باضطراب الغدد الصماء.

عموماً، يُنصح بتجنب أي منتج يحتوي على أيٍّ مادة مما يلي؛ إذ ما زالت الدراسات لم تحدد مخاطرها طويلة المدى:

  • مكونات ذات أصل حيواني مثل شحوم أو غيرها.
  • الزرنيخ.
  • بوتيل هيدروكسيانيسول (Butylated hydroxyanisole).
  • حمض البيوريك (Boric acid) وبورات الصوديوم (Sodium borate).
  • أصباغ الشعر بقطران الفحم والمكونات ذات الصلة؛ مثل أمينوفينول (Aminophenol)، ديامينوبنزن (Diaminobenzene)، فينيلينيديامين (Phenylenediamine).
  • عطور.
  • هيدروكينون (Hydroquinone).
  • ميثيل أيزوثيازولينون (Methylisothiazolinone).
  • ديبوتيل فثالات (Dibutyl phthalates).
  • ريسورسينول (Resorcinol).
  • كبريتات لوريث الصوديوم (Sodium laureth sulfate).
  • المكونات ذات الصلة بالديثانولامين (Diethanolamine).
  • الفازلين.
  • مُركّبات البولي إيثيلين غليكول (Polyethylene glycols). 
  • التريكلوسان (Triclosan).

كيف تحمي نفسك من المواد السامة الموجودة في مستحضرات التجميل؟

في حين أن المخاطر المرتبطة بمستحضرات التجميل قد تبدو كبيرة، فإن ثمة خطوات عملية يمكن للمستهلكين اتخاذها لحماية أنفسهم، مثل:

  • قراءة الملصقات بعناية: اقرأ قائمة المكونات جيداً قبل شراء أي منتج تجميلي، وتجنّب المنتجات التي تحتوي على مواد كيميائية مضرة معروفة مثل البارابين والفورمالدهيد والتولوين.
  • اختيار المستحضرات التي تحتوي على منتجات طبيعية أو عضوية: اختر مستحضرات التجميل التي تحمل علامة طبيعية أو عضوية أو خالية من المواد الكيميائية القاسية، وراجع قائمة المكونات بدقة أيضاً.
  • البحث عن المنتجات التي تحتوي على عدد أقل من المكونات: فهذا يقلل فرصة حدوث رد فعل تحسسي، بالإضافة إلى اختيار المنتجات الخالية من العطور. وينصح أيضاً بأن توضع العطور دائماً على الملابس وليس على الجلد من أجل تقليل خطر ردود الفعل التحسسية، وتقليل خطر التفاعل بين العطر والمكونات الموجودة في المنتجات الأخرى.

اقرأ أيضاً: كيف تتجنب مركبات بير وبولي فلورو ألكيل السامة الموجودة في كل مكان حولنا؟

  • مراقبة تفاعلات الجلد: الانتباه إلى كيفية تفاعل البشرة مع المنتجات المختلفة، والتوقف عن استخدام أي مستحضرات تجميل تسبب الحكة أو الاحمرار أو التورم أو غيرها من ردود الفعل التحسسية. كما يمكن أيضاً إجراء اختبار بسيط قبل استخدام أي منتج؛ وذلك بوضع كمية صغيرة على الجزء الداخلي من المرفق والانتظار من 48-72 ساعة، ثم وفي حال تشكل احمرار أو تورم أو حكة أو حرقان، فينبغي عدم استخدام هذا المنتَج. كما ينبغي إجراء هذه التجربة حتى لو احتوى المنتج على ملصق يقول “لا يسبب الحساسية” أو “اختبره أطباء الجلدية” أو “غير مهيج” أو غير ذلك.
  • تقليل الاستخدام وتنظيف بقايا المستحضرات يومياً: تجنّب الاستخدام المفرط لمستحضرات التجميل، خصوصاً تلك التي تحتوي على مكونات ثقيلة أو مكونات قد تسبب تهيجاً، مع الحرص على تنظيف البشرة بانتظام في نهاية كل يوم.
  • البقاء على اطلاع: الاطلاع الدائم على أحدث الأبحاث والمعلومات المتعلقة بسلامة مستحضرات التجميل، وقراءة المصادر ذات السمعة الطيبة، مع استشارة متخصصي الرعاية الصحية أو أطباء الجلدية في حال وجود مخاوف محددة.

استخدام منتجات طبيعية: يمكن استخدام بعض المواد الطبيعية في الترطيب والتنعيم مثل زيت اللوز أو زيت الورد أو بعض المرطبات مثل الصبار أو الغلسرين أو غيرها. استشِر الطبيب قبل استخدام أي منتج أو زيت ذات مصدر طبيعي.