ثالوث أعراض الإنفلونزا التقليدي هو الحمى المعتدلة والصداع وتعب الجسم، وغالباً ما يميلُ المرضى إلى تشخيص أنفسهم تلقائياً -وخاصةً في ظل وجود تاريخ لمخالطة أحد مرضى الإنفلونزا- دون اللجوء للطبيب، ظنّاً منهم أن أعراض الإصابة بالإنفلونزا واضحة.
إلّا أن هذا ليس صحيحاً من الناحية الطبية، حيث تختلف كل حالة من حالات الإنفلونزا حسب المريض وصحته ومناعته، لهذا قد تكون الإنفلونزا العابرة التي تمر مرور الكرام عند البعض مُهددة لحياة آخرين.
اقرأ أيضاً: لماذا تنتشر الإنفلونزا في الطقس الدافئ؟
ما الزمن المتوقع لاستمرار الإنفلونزا في الحالة الطبيعية؟
فترة حضانة فيروس الإنفلونزا قصيرة ولا تتجاوز 1-4 أيام، وفترة الحضانة هي الفترة التي تفصل بين دخول العامل الممرض إلى الجسم وظهور الأعراض. ونظراً لقصر فترة الحضانة من غير المُستغرب أن تشعر بأنك بخير في يوم من الأيام، ثم تشعر بأنك غير قادر على الذهاب للعمل في اليوم التالي.
تستمر الأعراض الشديدة مثل الحرارة والتعب الشديد أول 2-3 أيام وتتراجع بعد ذلك، لهذا يُنصح خلال هذه الفترة بملازمة السرير والراحة. وبما يخصُّ الأعراض الأخرى فعادةً ما تستمر 3-7 أيام أو 10 أيام كحد أقصى، وبشكلٍ عام تختفي أعراض الإنفلونزا تماماً في غضون أسبوعين، وبعد هذه المدة نستطيع القول إن الجسم قد قاوم العدوى بنجاح واكتسب مناعة لعدة أشهر ضد فيروس الإنفلونزا.
كل ما ذُكِر أعلاه ينطبق على إصابة عادية بالإنفلونزا، لكن من جهة أخرى قد يُصاب البعض بالإنفلونزا العالية الخطورة، والتي تستمر أعراضها أكثر من أسبوعين وتستهدف مجموعة معينة من الأفراد.
اقرأ أيضاً: قد تُودي الإنفلونزا بحياتك إذا لم تحصل على اللقاح
ما المجموعات الأكثر تعرضاً للإصابة بالإنفلونزا العالية الخطورة؟
يتعرض بعض الأفراد لخطر الإصابة بحالة شديدة ومتقدمة من الإنفلونزا، ومنهم نذكر:
- الحوامل أو النساء في الفترة التي تلي الولادة، وخاصةً خلال الأسبوعين التاليين لها.
- الأطفال الذين لم يبلغوا العامين بعد.
- كبار السن ممن تجاوزوا الـ 65 عاماً.
- مرضى الاضطرابات العصبية أو العصبية العضلية.
- مرضى الاضطرابات التنفسية كمرضى الربو أو الداء الرئوي الانسدادي المزمن أو التليف الكيسي.
- مرضى القلب.
- المرضى ذوو تاريخ الإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض الكليتين أو اضطرابات الدم مثل الداء المنجلي أو مرضى التمثيل الغذائي والسمنة الشديدة واضطراب الغدد الصم كداء السكري.
- المرضى المضعفون مناعياً مثل مرضى الإيدز والمرضى المعالجين بالأدوية الشعاعية أو الكيميائية أو المرضى الذين يتناولون الأدوية المُثبطة مناعياً، كما عند الإصابة بالأمراض المناعية الذاتية أو مرضى زرع الأعضاء.
هل أنت مصاب بإنفلونزا لا تزول خلال أسبوعين؟ لنبحث عن المضاعفات
يتعافى معظم مرضى الإنفلونزا في غضون أيام قليلة لا تتجاوز الأسبوعين، أمّا عند استمرارها أطول من ذلك فنكون عندئذٍ أمام إنفلونزا عالية الخطورة. أكثر المضاعفات شيوعاً التي تحدث هي الالتهاب الرئوي أو ذات الرئة التي تكون إمّا فيروسية وإمّا جرثومية، وتعتبر الإنفلونزا الجرثومية أخطر ومُهددة للحياة في حال أُهمل تدبيرها بدرجة أعلى.
أما أكثر المضاعفات اعتدالاً فهي التهابات الجيوب الأنفية عند البالغين أو التهاب الأذن عند الأطفال، والتي تتسبب بارتفاع حرارة مستمر وصداع يدوم لفترة أطول مقارنةً بالإنفلونزا العادية.
ومن المضاعفات الخطيرة أيضاً كل من التهاب العضلة القلبية أو التهاب الدماغ، وقد يصل الالتهاب إلى العضلات أيضاً مسبباً التهاباً عضلياً أو انحلالاً عضلياً. وأبعد من ذلك، إذ من المحتمل أن يحدث فشل أعضاء متعدد كفشل الجهاز التنفسي والكلوي، وتشيع هذه المضاعفات عند المرضى المضعفين مناعياً على وجه الخصوص. كما أن إنتان الدم أحد المضاعفات الأخرى للإنفلونزا الشديدة الخطورة، وفيها تحدث استجابة التهابية شديدة في الجسم تُفاقم الحالة الصحية.
ومن أهم المضاعفات التي ينبغي تسليط الضوء عليها عند الأطفال على وجه الخصوص هي التهاب السحايا، الذي يترافق مع حدوث صداع شديد مستمر لا يستجيب للمسكنات، وتيبس في الرقبة وحساسية ضوئية، وينبغي تدبير هذه الحالة إسعافياً لأنها مهددة لحياة الطفل.
اقرأ أيضاً: كيف يموت الناس من الإنفلونزا؟
كيفية علاج الإنفلونزا العالية الخطورة
لا يوجد علاج نوعي للإنفلونزا، وإنما توجد مجموعة من الإجراءات التي يمكننا القيام بها لتخفيف الأعراض وتسريع الشفاء، كالحفاظ على رطوبة الجسم عن طريق تزويد الجسم بالمشروبات الدافئة. فالجسم يخسر السوائل نتيجة التعرق وارتفاع درجة الحرارة وتسرع التنفس، والبعض يشكو من إسهال وقيء مرافق للإنفلونزا، ما يجعل إعطاء السوائل ضرورياً لمحاربة العدوى بشكلٍ أسرع وخاصةً عند الأطفال.
كما أن الحصول على قسط كافٍ من الراحة مهم للغاية، حيث تكون مستويات الطاقة أخفض عند المرض وبالتالي يحتاج الجسم إلى وقت أطول للراحة لاستجماع قواه وإصلاح نفسه، وبهذا الخصوص يُنصح أيضاً بتجنب الذهاب إلى العمل أو المدرسة خلال فترة المرض.
لا تتضمن الخطة العلاجية للإنفلونزا في الحالة الطبيعية أي أدوية، وقد يقتصر الأمر على تناول خافضات الحرارة كالسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية كالإيبوبروفين، التي تُعالج الحُمى وتخفف من آلام العضلات.
ولكن بما يتعلق بالإنفلونزا العالية الخطورة، قد يتطلب الأمر استخدام بعض الأدوية الإضافية، على رأس هذه الأدوية المستخدمة نذكر مضادات الفيروسات مثل الأسايكلوفير، والتي تحارب الإنتان الفيروسي إلى جانب خطوط الدفاع المناعية للجسم، حيث يُساعد هذا الدواء على تقليل مدة الإصابة وتجنب حدوث المضاعفات. تُستخدم مضادات الفيروسات لعلاج الإنفلونزا ومضاعفاتها فيروسية المنشأ حصراً، مثل التهاب العضلية القلبية أو التهاب الدماغ أو التهاب الأذن أو التهاب السحايا.
بينما تزداد الحاجة إلى استخدام الصادات الحيوية فقط عند حدوث المضاعفات الجرثومية كالتهاب السحايا الجرثومي أو الالتهاب الرئوي الجرثومي المنشأ. ومع ذلك، تبقى الإجابة عن السؤال حول ما إذا كان يجب البدء بمضادات الفيروسات أم الصادات لدى الأفراد ذوي الخطورة العالية كأحد أشكال الوقاية أم الانتظار لحين حدوثها وبدء العلاج، حيث يتعلق الخيار بالحالة الصحية لكل فرد ويقرره الطبيب المشرف.
اقرأ أيضاً: كيف تتفادى الإصابة بالرشح والإنفلونزا؟
وفي الحالات الأشد، تتطلب الإصابة بالإنفلونزا دخول المستشفى في أسرع وقت إذا بدا على المرضى خلال 24-48 ساعة من ظهور أعراض المرض العلامات التالية، والتي تشير إلى وجود حالة صحية كامنة، ومنها نذكر:
- صعوبة في التنفس.
- ألم شديد وغير محمول في العضلات كافٍ يمنع المريض من المشي.
- تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية وخاصة عند الأطفال.
- سماع صوت تنفس عالٍ عند الرضع أو سحب للعضلات أثناء التنفس.
- حدوث نوبة اختلاجية.
- اضطراب في الحالة الذهنية.