ملخص: يُصيب انقطاع النفس النومي ما يصل إلى مليار شخص حول العالم، يكون الشخص مصاباً بهذا الاضطراب إذا استمرت التوقفات في تدفق الهواء مدة 10 ثوانٍ على الأقل وحدثت 5 مرات على الأقل كل ساعة، وله شدات مختلفة. وقد اكتشف العلماء في الدراسات ارتباطاً بينه وارتفاع خطر الإصابة بالتدهور المعرفي ومرض آلزهايمر والسرطان وأمراض القلب وحتى "الوفاة العامة". من مسبباته السمنة، واستهلاك الكحول، أو تناول الأدوية المهدئة قبل النوم. أما الأعراض الأساسية له فهي اعتيادية وتنطبق أحياناً على الجميع. تشمل الشخير والتعب وتقلّب المزاج. من الأعراض التي يجب تقييمها جيداً الشخير، والنعاس. تشمل الأعراض الرائجة الأخرى ارتفاع ضغط الدم والتبول المتكرر ليلاً والانفعالية وضعف الإدراك والاستيقاظ مع شعور بالفزع على نحو روتيني وفقدان الرغبة الجنسية والصداع. من العلاجات المتاحة جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر أو الأجهزة الفموية التي تسحب الفك إلى الأمام، كما أن الجراحة التي تتضمن زرع جهاز تحفيز تحت لساني للعصب فعّالة أيضاً. بالإضافة إلى الامتناع عن استهلاك الكحول وتخفيض الوزن.
انقطاع النفس النومي هو أحد أكثر اضطرابات النوم شيوعاً، لكن الأبحاث تشير إلى أن له عواقب صحية واسعة النطاق وتشخيصه قد يكون صعباً، كما أن الأفكار الخاطئة حوله قد تمنع المصابين من السعي للحصول على العلاج. سنتحدث في هذا المقال عن المعلومات التي يجب أن تعرفها عن هذا الاضطراب وفقاً لخبراء طب النوم.
اقرأ أيضاً: 8 أسباب للشعور بالنعاس المستمر والنوم الطويل وكيفية علاجها
ما هو انقطاع النفس النومي؟
تعني كلمة "Apnea" انقطاع التنفّس المؤقت. يكون الشخص مصاباً بهذا الاضطراب إذا استمرت هذه التوقفات في تدفق الهواء مدة 10 ثوانٍ على الأقل وحدثت 5 مرات على الأقل كل ساعة. يحدد الخبراء شدة حالة انقطاع النفس النومي من خلال عدد حالات انقطاع النفس التي تحدث في الساعة. وفقاً لأستاذة الطب في جامعة بنسلفانيا وعضو مجلس إدارة الأكاديمية الأميركية لطب النوم، إنديرا غوروبهاجافاتولا، تكون الحالة معتدلة الشدّة إذا تراوح هذا العدد بين 5 و15 مرة، بينما تكون متوسطة الشدة إذا تراوح بين 15 و30 مرة، في حين أن الحالة تكون شديدة إذا زاد عدد مرات انقطاع النفس على 30 مرة.
يستيقظ المصابون بهذا الاضطراب عدة مرات إذا توقف التنفّس على نحو متكرر، كما أنهم يستيقظون أحياناً وهم يلهثون، ويصبح النوم لديهم متقطعاً. يؤدي انقطاع النفس النومي أيضاً إلى انخفاض نسب الأوكسجين في الدم، ما يدفع الجسم إلى إفراز دفعة من الأدرينالين في محاولة لاسترداد النسب الملائمة. تقول غوروبهاجافاتولا لبوبيولار ساينس إن الأدرينالين قد يجعل العودة إلى النوم صعبة، وإنه يتسبب أيضاً بإجهاد القلب والدماغ وأعضاء أخرى بمرور الوقت.
يقول أستاذ طب النوم في جامعة بنسلفانيا، آلان باك: "لهذا السبب، يجب أن ننظر إلى انقطاع النفس النومي على أنه اضطراب جهازي؛ إذ إنه يؤثّر في الأنسجة جميعها وقد يكون له العديد من العواقب الحقيقية".
وفقاً لمالهوترا، اكتشف العلماء في الدراسات ارتباطاً بين انقطاع النفس النومي غير المعالج وارتفاع خطر الإصابة بالتدهور المعرفي ومرض آلزهايمر والسرطان وأمراض القلب وحتى "الوفاة العامة". يرتبط هذا الاضطراب أيضاً بمرض السكري من النمط الثاني وهو من عوامل الخطورة الرئيسية لارتفاع ضغط الدم وارتفاع خطر الإصابة باضطرابات الصحة النفسية مثل القلق أو الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية.
هناك نوعان من انقطاع النفس النومي؛ النوع الأكثر شيوعاً بكثير هو انقطاع النفس الانسدادي النومي، وهو انقطاع النفس الناجم عن انسداد مادي في المجاري الهوائية. يحدث ذلك غالباً لأن العضلات والأنسجة في الجزء الخلفي من الحلق تسترخي وتتدلّى في أثناء النوم، ما يؤدي إلى انقباض مجرى الهواء أو انسداده بالكامل. في المقابل، انقطاع النفس المركزي النومي أندر بكثير؛ إذ إنه يُصيب أقل من 1% من البالغين، ويحدث بسبب فقدان التنسيق بين الدماغ والجهاز التنفسي.
يعتقد الخبراء أن نسبة المصابين بانقطاع النفس الانسدادي النومي تتراوح بين 10% و30% من البالغين، وتعتمد الإصابة على عوامل مثل مكان السكن والعِرق والجنس. هذا الاضطراب أكثر شيوعاً بكثير بين الرجال ويزداد خطر الإصابة به مع التقدم في السن وزيادة الوزن. نسبة الأشخاص المصابين بالسمنة الذي يعانون انقطاع النفس الانسدادي النومي أعلى بكثير من غيرهم. يقول مالهوترا إن نحو 60% إلى 70% من المصابين بانقطاع النفس الانسدادي النومي يعانون السمنة، وهي نسبة كبيرة. تناول الكحول هو عامل بالغ الأهمية. يزيد تناول مشروب كحولي قبل النوم احتمال حدوث اضطراب في التنفس في أثناء الليل. تقول غوروبهاجافاتولا إن المهدئات مثل الكحول (أو حتى بعض الأدوية الموصوفة طبياً) يمكن أن تثبّط نشاط العصب الذي يتحكم في اللسان، ما يؤدي إلى انسداد المجرى التنفسي أكثر.
اقرأ أيضاً: إليك تقنيات التنفس الصحيحة في أثناء ممارسة التمارين الرياضية وفوائدها الصحية
ما هي علامات انقطاع النفس النومي وأعراضه؟
قد تبدو الأعراض الأساسية لانقطاع النفس النومي اعتيادية وتنطبق أحياناً على الجميع. تشمل هذه الأعراض الشخير والتعب وتقلّب المزاج. مع ذلك، هناك طرق لتقييم المخاطر وتحديد إن كان هناك ما يدعو للقلق.
وفقاً لغوروبهاجافاتولا، الشخير ليس عرضاً لانقطاع النفس النومي دائماً، لكن هذا الاضطراب يرتبط غالباً بالشخير العالي والمزعج والمتسق. تقول غوروبهاجافاتولا إن الكثيرين يشخرون من وقتٍ لآخر بسبب الاحتقان أو الحساسية الموسمية أو استهلاك الكحول، لكن يصبح التحقيق في سبب الشخير ضرورياً إذا كان هذا الأخير متكرراً.
على نحو مشابه، قد يكون الشعور بالنعاس على نحو متسق إشارة تحذيرية إذا لم يكن ناتجاً عن الإعياء العرضي. يستدعي الغفو على نحو منتظم في أثناء ممارسة الأنشطة النهارية استشارة الطبيب، وكذلك مواجهة صعوبة في الحفاظ على اليقظة. يقول باك إن الإعياء المرتبط بانقطاع النفس قد يكون خطيراً بصورة خاصة إذا ترافق بفقدان التركيز في أثناء القيادة. ارتفاع خطر وقوع حوادث السيارات هو أحد العواقب اللاحقة العديدة لانقطاع النفس النومي.
يقول باك: "85% من حالات انقطاع النفس النومي غير مكتشفة، ولا يبلغ عنها الناس لأنهم يعتقدون أن الشخير طبيعي وناجم عن التعب، ما يدفهم إلى تجاهله. لكن عدم تجاهل هذا الاضطراب مهم للغاية".
تشمل الأعراض الرائجة الأخرى ارتفاع ضغط الدم والتبول المتكرر في أثناء الليل (إذ يغيّر إجهاد الأوكسجين آلية معالجة الجسم للماء والصوديوم) والانفعالية وضعف الإدراك والاستيقاظ مع شعور بالفزع على نحو روتيني وفقدان الرغبة الجنسية والصداع. تقول غوروبهاجافاتولا إنه في حالات نادرة، قد يشهد المصابون بانقطاع النفس النومي الكوابيس أو يعانون صرير الأسنان، كما أنهم قد يتحدثون أو يصرخون في أثناء النوم. يستطيع الأشخاص المتزوجون كشف علامات انقطاع النفس النومي لدى شركائهم والإبلاغ عنها بأنفسهم. تقول غوروبهاجافاتولا: "قد تقول الزوجة لزوجها إنها تلاحظ أن نمط التنفس لديه لا يبدو مطمئِناً أو تخبره بأن نفسه ينقطع في أثناء النوم"، على سبيل المثال.
في النهاية، إذا كنت تعاني الأعراض ولديك أي شك في أنك مصاب بانقطاع النفس النومي، من المحبّذ أن تستشير طبيباً متخصصاً. يقول مالهوترا: "كل من الشخير والإعياء رائج، لكن انقطاع النفس الانسدادي النومي رائج للغاية أيضاً. الخلاصة هي أنه عليك استشارة الطبيب إذا كنت تشك بأنك مصاب". الخبر السار هو أن اختبار الكشف عن انقطاع النفس النومي سهل وأن هذا الاضطراب قابل للعلاج للغاية.
ما هي العلاجات المتاحة؟
الخطوة الأولى هي الخضوع لاختبار انقطاع النفس النومي. يمكن أحياناً الخلط بين هذا الاضطراب والمشكلات الصحية الأخرى مثل الأرق أو الحرمان الجزئي المزمن من النوم، علماً بأن التشخيص الدقيق بالغ الأهمية. تطلّب إجراء دراسات النوم الهادفة لكشف انقطاع النفس النومي في الماضي الإقامة طوال الليل في مراكز النوم أو المستشفيات. لكن الآن، يمكن إجراء العديد من الاختبارات في المنزل باستخدام أجهزة محمولة أقل تدخلاً تراقب التنفس ومعدل ضربات القلب ونسب الأوكسجين. تقول غوروبهاجافاتولا إن المراقبة خلال ليلة أو ليلتين كافية عادة للحصول على إجابة واضحة.
إذا كشف الاختبار أن الشخص مصاب بانقطاع النفس النومي، فستتضمن الخطوة العلاجية الأولى غالباً استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، وهو مضخة تحافظ على ضغط المجاري الهوائية مرتفعاً بما يكفي للوقاية من انقباضها. يتطلب استخدام هذا الجهاز في أثناء النوم ارتداء قناع أنفي فموي متصل بمضخة إلى جانب السرير. تشير غوروبهاجافاتولا إلى أن استخدام هذا الجهاز قد لا يناسب البعض، لدرجة أن يؤدي إلى تجنب الحصول على تشخيص في المقام الأول.
مع ذلك، يقول مالهوترا إن أجهزة ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر هي علاج فعّال للغاية ومنقذ للحياة لدرجة أن الكثيرين يتكيّفون معها بدرجة أعلى مما كانوا يتوقعون. يُضيف مالهوترا قائلاً إن تحديد الإعداد الأنسب واستكشاف المشكلات الأولية وحلها قد يتطلب تدخل المتخصصين، لكن "أغلبية المرضى يعتادون على هذه الأجهزة على نحو جيد".
هناك خيارات أخرى يستطيع الأشخاص الذين فشلوا في التكيُّف مع هذه الأجهزة اتباعها. قد تكون الأجهزة الفموية التي تسحب الفك إلى الأمام مفيدة، كما أن الجراحة التي تتضمن زرع جهاز تحفيز تحت لساني للعصب فعّالة أيضاً. حتى الإجراءات مثل تغيير وضعية النوم قد تكون مفيدة في الحالات المعتدلة الشدة، لأن النوم على الظهر قد يؤدي إلى تفاقم انسداد مجرى الهواء. يقول باك إن هناك أدوات وعلاجات متاحة تساعد المرضى على الاعتياد على النوم على جانبهم، "لكن الأطباء لا يستخدمونها سريرياً بكثرة".
تقول غوروبهاجافاتولا إن الامتناع عن تناول الكحول قد يحسّن جودة النوم بسبب الارتباط بين استهلاكه وانقطاع النفس النومي. بالمثل، مناقشة الآثار الجانبية للأدوية الموصوفة مع الطبيب مهمة في تتبع الصحة العامة.
أخيراً، علينا تناول عامل الوزن. قد تخفّض جراحة علاج السمنة شدة انقطاع النفس الانسدادي النومي بدرجة كبيرة، كما أنها قد تعالجه تماماً في بعض الحالات. توصل الباحثون في دراسة جديدة كان مالهوترا الباحث الرئيسي فيها إلى أن أدوية الببتيد الشبيه بالغلوكاغون 1 ( GLP-1، أو جي إل بي 1 اختصاراً) مثل مونجارو (Mounjaro) وزيباوند (Zepbound) وويغوفي (Wegovy) وأوزمبيك (Ozempic) قد تخفّض أيضاً شدة انقطاع النفس النومي المتوسط والشديد لدى الكثيرين، وذلك لأنها تؤدي إلى انخفاض كبير في الوزن.
اقرأ أيضاً: تناول الكافيين بعد نوم قليل يفاقم الآثار السلبية الناتجة عن قلة النوم وإليك التفاصيل
مع ذلك، تخفيف الوزن ليس حلاً شاملاً دائماً. يقول مالهوترا إن أدوية جي إل بي 1 عالجت نحو 30% من المشاركين في هذه الدراسة من انقطاع النفس النومي على مدار عام كامل، ما يعني أن النسبة المتبقية عانت أعراضاً مرضية باقية. التفصيل الأهم هو أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية لم تمنح الموافقة على استخدام هذه الأدوية لعلاج انقطاع النفس النومي، كما أن هذه الأدوية، وكذلك عمليات جراحة علاج السمنة، قد تمثّل تدخلات مكلفة لها مخاطر وآثار جانبية تجب مناقشتها مع الأطباء.
يؤكد مالهوترا أن تخفيف الوزن ليس حلاً بسيطاً فعّالاً دون الإعانة الطبية، أي أنه صعب وغير قابل للتحقيق بالنسبة للكثيرين. من المرجّح أن الإصابة بانقطاع النفس النومي بحد ذاتها تجعل تخفيف الوزن أصعب بكثير.
يقول مالهوترا إنه في الطب، "أحد المبادئ التي نؤمن بها هي أن الركائز الثلاث للصحة هي النظام الغذائي والتمرينات الرياضية والنوم، وإذا تجاهلت إحداها، سيؤدي ذلك إلى عواقب متعلقة بالركيزتين الأُخريين". يصبح كل من تناول الطعام الصحي وممارسة التمرينات الرياضية أصعب إذا لم تحصل على قسط كافٍ من الراحة.
تقول غوروبهاجافاتولا إن هذا وجه آخر للفوائد الكبيرة للحصول على قسط كافٍ من الراحة، وربما استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر. تُضيف غوروبهاجافاتولا قائلة إنه إذا كنت تعاني انقطاع النفس النومي، "قد تفضّل يوماً ما استخدام هذا الجهاز دائماً عندما تلاحظ فوائد النوم المرتفع الجودة وتأثيره في حياتك على المدى البعيد".