تغييرات الهرمونات بعد سن الأربعين: كيف تحقق توازناً وتخفف من الأعراض غير المرغوب فيها؟

تغييرات الهرمونات بعد سن الأربعين: كيف تحقق توازناً وتخفف من الأعراض غير المرغوب فيها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ SewCreamStudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تخيل معي: أنت تحتسي قهوتك الصباحية، مستعداً للانطلاق لعملك واستلام منصبك الجديد الذي سعيت لأجله طوال سنوات الثلاثينيات من عمرك. لكن فجأة، ومن العدم، تُصاب بموجة من الإحباط واليأس. يبدو لك السعي في الحياة مضيعة للوقت، ثم تتحول بنظرك لترى تلك الغرامات الزائدة من الدهون المتشبثة بمحيط خصرك، فتبدو حملاً ثقيلاً لا تعرف كيف تزيحه.

ترى ما الذي يحدث؟ ما هذه التقلبات المزاجية والأفكار المراهقة؟ هل هذا طبيعي؟ إنه سن الأربعين يرحّب بك بطريقته الخاصة.

يعاني العديد من الأشخاص اختلال توازن الهرمونات في سن الأربعين وما يصاحبه من تغييرات جسدية ونفسية. لحسن الحظ يمكن لعدة نصائح أن تحقق التوازن وتقلل الأعراض غير المرغوب فيها. سواء كنت رجلاً أو امرأة، تابع معي.

ما التغيرات الهرمونية التي تحدث في سن الأربعين لدى النساء؟

ما نُطلق عليه اختلال التوازن الهرموني في سن الأربعين يمكن وصفه بلعبة الدومينو؛ فما أن يتغير هرمون واحد، حتى يُطلق سلسلة من التغيرات الهرمونية في الجسم.

بالنسبة للنساء، تخضع أجسامهن لتأثير التغيرات الهرمونية التالية:

  • ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، فترتفع معه مستويات هرمون الإنسولين، وتزداد معه الرغبة في تناول السكر.
  • انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية المسؤول عن تنظيم درجات حرارة الجسم، والتمثيل الغذائي، وإدارة مستويات الطاقة، والتحكم في الوزن والمزاج.
  • تضاؤل إنتاج الأستروجين والبروجيسترون.
  • ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون.
  • ارتفاع مستويات هرمون منبه الجريب (FSH).

أعراض التغييرات الهرمونية لدى النساء وعلاجها

وفقاً للدكتورة ثايس علي آبادي (Thais Aliabadi)، طبيبة أمراض النساء والتوليد، تترافق التغيرات الهرمونية لدى النساء مع أعراض غير مرغوب فيها، مثل:

تباطؤ التمثيل الغذائي

يترافق انخفاض إنتاج هرمون الغدة الدرقية بتباطؤ التمثيل الغذائي، وانخفاض كفاءة إنتاج الطاقة، ما يؤدي إلى زيادة في الوزن بسبب تحول السعرات الحرارية غير المحترقة إلى دهون.

العلاج:

يبدأ الحل بإحداث تغييرات في النظام الغذائي تتضمن تناول المزيد من الألياف والبروتين الخالي من الدهون، والفواكه والخضروات، وتقليل استهلاك الدهون غير الصحية والكربوهيدرات، بالإضافة إلى أن ممارسة التمارين الرياضية تساعد في الحفاظ على مستويات الطاقة والوزن ضمن الحدود الصحية.

اقرأ أيضاً: لماذا يزداد الوزن بعد سن الأربعين؟ وكيف يمكن السيطرة عليه؟

تساقط شعر

يؤدي انخفاض إنتاج الأستروجين إلى تساقط شعر فروة الرأس، مقابل ظهور الشعر في مناطق غير مرغوب فيها بالجسم مثل الذقن والمفاصل وأصابع القدم بسبب ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون.

العلاج:

لتخفيف تساقط الشعر يمكنك تقليل عدد مرات غسل الشعر، ما يمنح الزيوت الطبيعية التي تنتجها فروة الرأس القدرة على حماية الشعر. عامة، يمكنك تقليل تصفيف الشعر الذي يعتمد على الحرارة، أو المعاملة بالمواد الكيميائية مثل صبغ الشعر. يمكن اللجوء للعلاج بالمينوكسيديل، إلّا أنه يُفضّل زيارة طبيب الجلدية لاختيار العلاج المناسب.

بالنسبة للشعر الزائد يمكن إخفاؤه بالتبييض أو التخلص منه باستخدام الشمع، أو بالليزر، أو التحليل الكهربائي، أو كريم إزالة الشعر الموصوف طبياً.

اقرأ أيضاً: ما طرق علاج تساقط الشعر بعد الولادة؟

ضبابية الدماغ

هل حدث أن دخلتِ المطبخ وفتحتِ باب الثلاجة ثم وقفتِ أمامها محاولةً تذكر ماذا تريدين بالضبط من الثلاجة؟ أو ربما خبأتِ آخر قطعة من الشوكولاتة دون أن تتذكري أين وُضِعت؟

اللوم هنا يقع على الأستروجين أيضاً. تقع مستقبلات هرمون الأستروجين لدى النساء في المنطقة من الدماغ التي تتحكم بالذاكرة، وعندما ينخفض ضخ المبيضين للهرمون تحدث تغيرات هيكلية ذات تأثير سلبي على الذاكرة، وتسبب حالات النسيان المتكررة.

العلاج:

لا تعتمد الكفاءة التشغيلية للدماغ على الأستروجين فحسب، بل على كمية الأوكسجين التي ترده مع الدم إلى حد أكبر. لذا يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات:

  • ممارسة التمارين الذهنية مثل الكلمات المتقاطعة أو قراءة الكتب أو العزف على آلة موسيقية، إذ يمكنها تحفيز المرونة العصبية للدماغ، أي قدرة المخ على تجديد توصيلاته وإنشاء استجابة جديدة للتعلم والتحفيز.
  • تناول غذاء صحي، حيث يمكن لبعض الأغذية تحسين وظائف الدماغ، مثل الأسماك الدهنية الغنية بأحماض أوميغا 3 (التونة والرنجة والسردين)، والشوكولاتة والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، والمكسرات والبذور.
  • ممارسة التمارين الرياضية.

وعامة يتكيّف الدماغ مع مستويات الأستروجين الجديدة.

اقرأ أيضاً: نصائح صحية لحياة أفضل بعد سن الأربعين

جفاف المهبل

 مرة أخرى، يؤدي تراجع مستويات الأستروجين إلى انخفاض سماكة جدران المهبل، فتصبح رقيقة وجافة، ما يؤدي إلى الجماع المؤلم (عسر الجماع) وفقدان الرغبة.

العلاج:

يمكن علاج عسر الجماع الناتج عن الجفاف المهبلي باستخدام مواد تشحيم أو الترطيب المهبلي التي لا تستلزم وصفة طبية أو زيت جوز الهند العضوي. إذا لم يكن ذلك كافياً، يمكن استشارة مقدم الرعاية الطبية حول استخدام حلقة أو كريم موضعي.

سلس البول: فقدان السيطرة على المثانة

يتسبب تراجع مستويات الأستروجين بضعف العضلات التي تدعم المثانة والإحليل، لذا فإن أي انقباض مفاجئ للحجاب الحاجز، مثل الضحك أو العطس، قد يتسبب بالتسرب من المثانة.

العلاج:

هناك العديد من العلاجات الفعّالة لسلس البول؛ بدءاً من التخلص من بعض الوزن الزائد، وتقليل تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، إلى ممارسة التمارين الرياضية مثل تمارين كيجل.

اقرأ أيضاً: دليلك إلى هرمون الإستروجين المتهم في أمراض النساء 

التغييرات الهرمونية عند الرجال بعد الأربعين

يعاني الرجال التغيرات الهرمونية المرتبطة بالعمر على نحو أقل وتيرة بكثير من النساء، لذا تكون التغيرات المرتبطة بها تدريجية الحدوث وتكاد تكون غير ملحوظة في سن الأربعين. على وجه العموم، ومع التقدم بالعمر، تقل قدرة الرجل على إنتاج هرمون ديهيدرو ايبي آندروستيرون (DHEA) والتستوستيرون، وكذلك الأندروجينات الأخرى.

ينخفض مستوى هرمون التستوستيرون لدى الرجال بمعدل 1% سنوياً، في الفترة ما بين سن الثلاثين والأربعين، بحيث يبقى ضمن المستويات الطبيعية بين 2.7-17.3 نانوغرام/ مليلتر للذكور البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20-49 عاماً.

ومع ذلك قد يعاني بعض الرجال من تغيرات هرمونية وانخفاض ملحوظ في مستويات التستوستيرون لأسباب غير مرتبطة بالعمر، مثل السمنة والسكري والالتهابات الخطيرة وأمراض الكلى والكبد والاضطرابات الهرمونية الأخرى والآثار الجانبية لبعض الأدوية.

أعراض التغيرات الهرمونية لدى الرجال في سن الأربعين

تترافق التغيرات الهرمونية لدى الرجال في سن الأربعين بمشكلات جسدية ونفسية تزداد تدريجياً مع التقدم في السن، وقد تشمل:

  • انخفاض الطاقة.
  • الاكتئاب أو الحزن.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.
  • انخفاض الثقة بالنفس.
  • صعوبة التركيز.
  • الأرق أو صعوبة النوم.
  • زيادة الدهون في الجسم.
  • انخفاض كتلة العضلات والشعور بالضعف البدني.
  • التثدي.
  • انخفاض كثافة العظام.
  • ضعف الانتصاب.

اقرأ أيضاً: إليك أبرز الحقائق حول إصابة الرجال بالتثدي وسرطان الثدي

كيف تُخفَّف أعراض التغيرات الهرمونية لدى الرجال؟

 على الرغم من الظهور التدريجي لأعراض اختلال التوازن الهرموني لدى الرجال بعد الأربعين، فقد تكون ملحوظة ومزعجة بالنسبة للبعض. ينصح الأطباء الرجال على وجه العموم باتباع نمط حياة أكثر صحة، بما في ذلك:

  •  ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
  • اتباع نظام غذائي صحي.
  • إدارة الإجهاد.
  • النوم الكافي.

بالإضافة إلى ما سبق، إذا كنت تعاني أعراض اكتئاب متقدم، فقد يصف لك الطبيب المختص مضادات الاكتئاب.

العلاج بالهرمونات البديلة

بما أن كل ما يحدث في مرحلة الأربعين، بالنسبة للرجال والنساء، سببه تراجع في إنتاج الهرمونات، قد يتساءل البعض: لماذا لا نلجأ للعلاج بالهرمونات البديلة، ونعوّض احتياجات الجسم من هذه الهرمونات؟

تحذّر الدكتورة علي آبادي من العلاج التعويضي الهرموني لارتباطه بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي وأمراض القلب والسكتة الدماغية. فلا يلجأ له الأطباء إلّا في حالات نادرة، بحيث يتم تحت إشراف طبي دقيق.

وبالنسبة للذكور، فقد تحفّز جرعات التستوستيرون نمو البروستاتا النقيلي وسرطان الثدي، وتزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.

إلّا أنه في بعض الحالات التي تكون فيها الخصوبة مهمة، مثل سرطان الثدي أو البروستاتا أو انقطاع النفس الانسدادي النومي الحاد غير المعالج، قد يوصي الطبيب ببدء علاج بالتستوستيرون.