دراسة جديدة تكشف العلاقة بين دهون البطن والتدهور المعرفي لدى الرجال في منتصف العمر

3 دقيقة
دراسة جديدة تكشف العلاقة بين دهون البطن والتدهور المعرفي لدى الرجال في منتصف العمر
حقوق الصورة: shutterstock.com/donikz
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا تعتبر دهون البطن مصدرَ قلقٍ تجميلياً فحسب، بل تمثّل خطراً على الصحة أيضاً. وفقاً لدراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة روتجرز (Rutgers University)، فإن الرجال في منتصف العمر، الذين لديهم دهون زائدة في البطن (كرش)، هم أكثر عرضة للإصابة بآلزهايمر المبكر.

ارتفاع الدهون في البطن يرتبط بالتدهور المعرفي

أُجري البحث المنشور في فبراير/شباط عام 2024 في مجلة البدانة (Obesity)، على 204 بالغين من الأفراد الأصحاء في منتصف العمر، ممن يمتلكون تاريخاً عائلياً للإصابة بآلزهايمر، وكانت نسبة الإناث ضمن المشاركين 60%.

خضع المشاركون للتصوير بالرنين المغناطيسي لقياس كلٍّ من:

  • كمية الدهون الحشوية في البنكرياس والكبد والبطن ودهون تحت الجلد.
  • حجم المادة الرمادية في الدماغ، حيث تحتوي المادة الرمادية في الدماغ على غالبية خلايا الدماغ التي تخبر الجسم بما يجب عليه فعله.

بتحليل البيانات توصل الباحثون إلى أنه كلما زادت كمية الدهون في منطقة البطن في مجموعة المشاركين الذكور، وليس الإناث، انخفض إجمالي حجم المادة الرمادية في الدماغ، وهو ما ارتبط بتراجع الإدراك وشيخوخة الدماغ. واستنتجوا أيضاً أن الرجال في منتصف العمر ممن لديهم كميات دهون أكبر في منطقة البطن، معرضون لخطر الإصابة بمرض آلزهايمر.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في معهد روتجرز لصحة الدماغ ميشال شنايدر بيري (Michal Schnaider Beeri): “لا نعرف لماذا كان الارتباط أقوى لدى الرجال، لكن لديهم مستويات أعلى من الدهون البنكرياسية مقارنة بالنساء”.

قدمت الدراسة دليلاً على وجود صلة خاصة بالذكور بين صحة الدماغ وكمية دهون البطن، بحيث يمكن اعتبار السمنة من عوامل خطر انخفاض الأداء الإدراكي وارتفاع خطر الإصابة بالخرف.

كما وضّح بيري أنه وبما أن مرض السكري وما قبل السكري يحدث بسبب تراجع وظيفة البنكرياس، لذا قد يوجد ارتباط بين زيادة خطر الإصابة بالخرف وكمية دهون البنكرياس.

اقرأ أيضاً: قد يرتبط تراكم دهون البطن بزيادة مخاطر الوفاة المبكر

كيف تؤثّر دهون البطن في صحة الدماغ؟

تُقسّم دهون البطن ما بين دهون تحت الجلد ودهون حشوية. تحيط الدهون الحشوية بأعضاء الجسم وتعمل على حمايتها عند مستويات صحية، لكن في حال تجاوزها حداً معيناً فإنها قد تسبب بعض المشكلات الصحية مثل:

  • مرض قلبي.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • السكتة الدماغية.
  • مرض الكبد الدهني.
  • بعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون.

اقرأ أيضاً: علماء يتمكنون من تحديد شكل وبنية البروتين الأساسي المرتبط بداء ألزهايمر

يعتقد الأستاذ الباحث في مؤسسة اكتشاف أدوية مرض آلزهايمر (ADDF)، يوكو هارا، أن كمية الدهون الكبيرة المحيطة بالبنكرياس قد تسبب انخفاض إفراز الإنسولين الذي ينظّم نسبة سكر الغلوكوز في الدم، ودخوله إلى الخلايا، بما في ذلك الخلايا العصبية في الدماغ. ويُضيف أن زيادة نسبة الدهون المحيطة بالبنكرياس يمكن أن تؤدي أيضاً إلى مقاومة الإنسولين، ما قد يسبب الإصابة بالسكري من النوع الثاني. حيث يُعدُّ السكري من النوع 2 عاملَ خطرٍ رئيسياً للإصابة بالخرف.

بحثت الدراسات السابقة عن الرابط ما بين وزن الجسم غير الصحي ومخاطر الخرف، حيث توصلت دراسة نُشِرت في أغسطس/آب 2023 في دورية الشيخوخة والأمراض (Aging and Disease)، إلى أن المشاركين (متوسط ​​العمر 53 عاماً) الذين لديهم كميات أكبر من دهون البطن الحشوية وتحت الجلد، تقل لديهم الأنسجة الدماغية في مناطق الدماغ المشاركة في التفكير والذاكرة وأداء المهام اليومية.

كما أشارت دراسة أخرى نُشِرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في الاجتماع السنوي للجمعية الإشعاعية لأميركا الشمالية (Radiological Society of North America) إلى ارتباط الدهون الحشوية في البطن بمستويات أعلى من بروتين الأميلويد المتعلق بمرض آلزهايمر، بحيث يمكن أن تحدث الإصابة حتى قبل 15 عاماً قبل التشخيص، وفيها أشار الخبراء إلى أن الدهون الحشوية تسهم في عملية التمثيل الغذائي، وقد ترسل إشارات تؤدي إلى مقاومة الإنسولين. لذا كلما ارتفعت كمية الدهون الحشوية زادت مقاومة الجسم للإنسولين، ما يزيد من حدوث الالتهابات في الجسم والدماغ.

اقرأ أيضاً: وزنك يؤثّر في عمرك.. ولكن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك

تقييم دور مؤشر كتلة الجسم في المخاطر المعرفية

وفقاً لجمعية آلزهايمر (Alzheimer’s Society)، ترتبط السمنة في السن ما بين 35-56 عاماً بخطر الإصابة بالخرف في مراحل الحياة المتقدمة بنسبة 30%، إلّا أن ذلك كان بالاعتماد على مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتقدير الإصابة بالسمنة، وهو المؤشر ذاته الذي اعتمدته الدراسات السابقة. لكن الباحثين في الدراسة الحالية لم يستخدموا هذا المؤشر مقياساً أساسياً لتقييم المخاطر المعرفية المرتبطة بالسمنة، وسلّطوا الضوءَ إلى أنه لا يأخذ بعين الاعتبار الفروق بين الجنسين، ولا يمثّل التوزيع الصحيح للدهون في الجسم، ما يشير إلى أن مستودعات الدهون في البطن، وليس مؤشر كتلة الجسم، هي عامل الخطر لانخفاض الأداء الإدراكي وارتفاع خطر الإصابة بالخرف.

اقرأ أيضأً: 2.2 مليار شخص يعانون السمنة والمرض.. ولكننا ما زلنا نستخدم معيار قياس خاطئاً

يمكن لهذه النتائج أن تمهّد الطريق للكشف المبكر عن مرض آلزهايمر بين السكان المعرضين للخطر.