صحة قلب أفضل تعني صحة دماغ أفضل وحماية أكبر من الخرف وفقاً لدراسة حديثة

3 دقيقة
صحة قلب أفضل تعني صحة دماغ أفضل وحماية أكبر من الخرف وفقاً لدراسة حديثة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Chizhevskaya Ekaterina

وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2021، يُصيب الخرف 57 مليون شخص حول العالم، ويُقدّر ازدياد هذا العدد سنوياً بمقدار 10 ملايين حالة، ويؤثّر الخرف في الشخص المُصاب به وعلى عائلته والمجتمع الذي يعيش به وعلى كامل النظام الصحي. لذلك، يحاول الباحثون في المراكز الصحية والجامعات إيجاد أسباب وطرق وقاية وعلاج لهذه الظاهرة، وتبين في دراسة من المركز الطبي لجامعة راش منشورة في مارس/آذار 2025، أن الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية يسهم في تقليل خطر تنكس الدماغ والإصابة بالخرف ومرض آلزهايمر، وتساعد نتائج الدراسة على ابتكار طرق وقائية جديدة يمكن أن تُغيّر حياة الملايين من الناس نحو الأفضل. إليك تفاصيل الدراسة وفوائدها التطبيقية في هذا المقال.

اقرأ أيضاً: 14 نصيحة من العلماء لحماية نفسك من الخرف

كيف يمكن للقلب السليم أن يسهم في الحفاظ على دماغ سليم؟

ناقشت الدراسة الأميركية من جامعة راش والمنشورة في دورية جاما هذا السؤال من خلال رصد نمط ارتباط صحة القلب بوقاية الدماغ من التنكس العصبي الذي يحدث في حالات الخرف وآلزهايمر وإبطاء شيخوخة الدماغ، واعتمدت الدراسة على بيانات مستخلصة من مشروع صحي يُدعى "مشروع شيكاغو للصحة والشيخوخة" (CHAP)، وهو دراسة سكانية طويلة الأمد تهدف إلى تحديد عوامل خطر الإصابة بالخرف ومرض آلزهايمر. حيث شملت الدراسة 10,802 مشارك أميركي تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر، وجمعوا بياناتهم الطبية والديموغرافية ومعلومات نمط حياتهم على مدى عقود، ثم اختاروا عينة من 1,327 مشاركاً لقياس مستويات البروتينات البيولوجية المرتبطة بالتنكس العصبي بالدماغ كما في حالة آلزهايمر والخرف، بما في ذلك سلسلة الخيوط العصبية الخفيفة (NfL) وبروتين تاو الكلي (t-tau)، واستخدم الباحثون مقياساً يُدعى "لايف سيمبل 7" (Life's Simple 7) الذي طوّرته جمعية القلب الأميركية لتقييم صحة القلب والأوعية الدموية (CVH) بناءً على 7 معايير رئيسية تشمل ما يلي: 

  1. النظام الغذائي الصحي.
  2. النشاط البدني.
  3. مؤشر كتلة الجسم الطبيعي.
  4. عدم التدخين.
  5. إدارة اضطرابات شحميات الدم.
  6. وجود حالة مرض سكري.
  7. ارتفاع ضغط الدم. 

قسّم الباحثون المشاركين إلى 3 مجموعات بناءً على درجاتهم في صحة القلب والأوعية الدموية، وحللوا البيانات باستخدام نماذج إحصائية متقدمة، لتحديد العلاقة بين صحة القلب والعلامات الحيوية للتنكس العصبي، وأظهرت النتائج أن الأفراد الذين حصلوا على درجات عالية في اختبار صحة القلب والأوعية الدموية (بمعدل 10-14 نقطة) كانوا يمتلكون تراكيز أقل بكثير من سلسلة الخيوط العصبية الخفيفة (NfL) في مصل الدم مقارنة بأولئك الذين حصلوا على درجات منخفضة في المعيار (بمعدل 0-6 نقاط)، علماً بأن سلسلة الخيوط العصبية الخفيفة هي بروتين يُطلق عند تلف الخلايا العصبية، وبالتالي يعكس انخفاض مستوياته صحة دماغية أفضل من ارتفاعها. بالإضافة إلى ذلك، ارتبطت درجات صحة القلب والأوعية الدموية المرتفعة بتباطؤ معدل الزيادة السنوية في مستويات الخيوط العصبية الخفيفة مع تقدم العمر، ما يشير إلى وجود تأثير إيجابي طويل الأمد لصحة القلب في الدماغ. 

لكن لم ترصد الدراسة علاقة واضحة بين معيار صحة القلب والأوعية الدموية ومستويات بروتين تاو الكلي (t-tau) المرتبط بحالة مرض آلزهايمر عند الأشخاص الذين ليس لديهم جينات تؤهّبهم للإصابة بمرض آلزهايمر، وخصوصاً الطفرة في جين "أيه بي أوه إي إي4" (APOE e4) المرتبط بخطر الإصابة بمرض آلزهايمر، وتبين أن الفوائد الوقائية لصحة القلب والأوعية الدموية كانت أوضح من الناحية الإحصائية لدى حاملي النمط الطافر والممرض من هذا الجين، ما يشير إلى أن تعزيز صحة القلب قد يكون استراتيجية فعّالة لحماية هذه الفئة الأكثر عرضة للخطر.

أظهرت الدراسة أيضاً أن الفروق الاجتماعية والاقتصادية تؤدي دوراً في تقليل خطر الإصابة بالخرف، فمستوى التعليم الأعلى ارتبط بزيادة صحة القلب والأوعية الدموية، وأن مستويات الدخل المنخفضة أثّرت سلباً في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والموارد الغذائية المناسبة، ما يسهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وبدوره التنكس العصبي.

اقرأ أيضاً: علامات مبكرة على الخَرَف يجب الانتباه إليها

كيف يمكن الاستفادة من تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية لتقليل خطر الخرف وآلزهايمر؟

تشير نتائج دراسة جامعة راش إلى أهمية تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية كجزء من استراتيجيات الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية وإبطاء شيخوخة الدماغ المبكرة، ويمكن للأفراد تحسين صحتهم القلبية من خلال ما يلي:

  • اتباع نظام غذائي متوازن.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • الحفاظ على وزن صحي.
  • إدارة الحالات الصحية المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. 

كما يمكن للمسؤولين الصحيين والمؤسسات الطبية استخدام هذه النتائج لتطوير سياسات عامة تشجّع على تبني نمط حياة صحي منذ سن مبكرة، ما يسهم في تحسين صحة المجتمع بشكلٍ عام.

اقرأ أيضاً: التعرض للضوضاء المرورية يرتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بالخرف

ما هي نقاط ضعف الدراسة من جامعة راش التي تربط صحة القلب بصحة الدماغ؟

تواجه الدراسة من جامعة راش بعض القيود، من أبرزها ما يلي:

  • الاعتماد على بيانات مصل الدم فقط، ما قد يحد من فهم الصورة الكاملة للتنكس العصبي والبروتينات المتراكمة في الدماغ وعدم مراقبة النشاط العصبي الدماغي بالتصوير الشعاعي. 
  • اعتمدت الدراسة على عينة محدودة من السكان، وهذا يعني أن النتائج قد لا تكون قابلة للتعميم على المجتمعات كلها أو الفئات العمرية.
  • لم يحلل الباحثون تأثير العوامل النفسية والاجتماعية مثل التوتر والاكتئاب التي قد تؤدي دوراً مهماً في صحة الدماغ.

تحتاج هذه الدراسة إلى استكمالها بأبحاث مستقبلية تحاول تضمين أساليب تحليل أكثر شمولية، مثل تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي لفهم الآثار المباشرة لصحة القلب على الجهاز العصبي، وتوسيع نطاق الدراسة ليشمل مجموعات سكانية متنوعة، وتحليل تأثير التدخلات الصحية المختلفة مثل تناول الأدوية على صحة الدماغ.

اقرأ أيضاً: 5 مهن تزيد خطر الإصابة بالخرف

يشارك الدكتور أسامة أبو الخير، استشاري المخ والأعصاب من مصر، عبر قناته على اليوتيوب، مقطع فيديو يعطي به نصيحة بسيطة للوقاية من الخرف من خلال النشاط البدني اليومي.

المحتوى محمي