بعد الولادة ببضعة أشهر، تبدأ الأم بالتعوّد على الحياة الجديدة وتنظيم روتينها اليومي والحصول على قسط كافٍ من النوم غالباً، ثم فجأة وحينما يبدو أن كل شيء يأخذ منحاه الطبيعي، يبدأ شعرها بالتساقط بشكل مفرط وغير طبيعي، إذ قد تظهر خصل من الشعر على الفرشاة أو الوسادة أو الأرضية وحتى على الملابس. فهل هذه الحالة طبيعية وما أسباب حدوثها؟ وهل يمكن علاجها؟
اقرأ أيضاً: لماذا يتساقط الشعر؟ وما العلاج الأنسب لهذه الحالة لكل من الرجال والنساء؟
ما هو تساقط الشعر بعد الولادة؟
تساقط الشعر بعد الولادة حالة طبيعية جداً وشائعة، تنتج عن التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل وبعده. ولتوضيح ما يحدث بالضبط لا بُدّ من ذكر مراحل نمو الشعر؛ فشعر الرأس ينمو من البصيلات وهي مسام صغيرة موجودة في جلد فروة الرأس، وهو ينمو ويتساقط باستمرار وفق دورة منتظمة تتكرر طوال الحياة، وتتألف من 3 مراحل هي:
- طور التنامي (Anagen phase): هي مرحلة نمو الشعر، وتستمر ما بين 2 إلى 6 سنوات. غالباً ما يكون معظم الشعر أي نحو 85% إلى 90% من الشعر ماراً في هذه المرحلة في أي وقت تنظر إليه.
- مرحلة التراجع عن النمو (Catagen phase): مرحلة انتقالية قصيرة حيث تنكمش بصيلات الشعر ويتباطأ نمو الشعر، وغالباً ما يكون 5% من الشعر ماراً بهذه المرحلة في أي وقت تنظر إليه.
- طور الانتهاء (Telogen phase): وهي مرحلة راحة تستمر نحو 3 أشهر، وفي نهايتها تطلق البصيلات الشعر فيتساقط، وقد تسمى هذه المرحلة أيضاً بمرحلة تساقط الشعر الكَربيّ (Telogen effluvium). غالباً ما يكون 10% إلى 15% من الشعر ماراً في هذه المرحلة. تبدأ مرحلة التساقط عندما يبدأ الشعر الجديد في التكون داخل البصيلات. في المرحلة الأخيرة من طور الانتهاء والتي يسميها بعض العلماء بمرحلة التساقط (Exogen phase)، يكون فقدان ما بين 50-100 شعرة يومياً أمراً طبيعياً.
عادةً ما تحتوي فروة الرأس على 80,000 إلى 120,000 شعرة، تتساقط منها طبيعياً ما يصل إلى 100 شعرة يومياً، أما في حالة تساقط الشعر بعد الولادة، تفقد الأمهات الجدد ما يصل إلى 300 شعرة يومياً.
اقرأ أيضاً: لماذا يتساقط شعر النساء في الخريف؟ وكيف يمكن علاجه؟
لماذا يحصل تساقط الشعر بعد الولادة؟
تؤدي التغيرات التي تحصل في مستوى هرمون الإستروجين أثناء الحمل وبعده إلى تساقط الشعر بعد الولادة. في الواقع، قد تلاحظ معظم النساء أن شعرهنّ يتحسن كثيراً أثناء الثُلث الأخير من الحمل، إذ إن ارتفاع مستويات الإستروجين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل يغيّر دورة نمو الشعر الطبيعية، فيُطيل طور النمو ويمنع الانتقال إلى مرحلة تساقط الشعر الاعتيادي. بالتالي، يصبح الشعر أكثف وأسمك خلال هذه الفترة.
لكن وبمجرد حصول الولادة، ينخفض مستوى هرمون الإستروجين إلى المستويات الطبيعية، فيعود الشعر إلى دورة النمو والراحة والتساقط، ما يؤدي إلى انتقال عدد كبير من الشعيرات من مرحلة النمو (طور التنامي) إلى مرحلة الراحة (طور الانتهاء) التي قد تستمر بضعة أشهر، ثم وبعد أن تكتمل مرحلة الراحة يبدأ الشعر في التساقط.
وعلى الرغم من أن تساقط الشعر بعد الولادة قد يكون أمراً محزناً ومفاجئاً، فإنه أمر مؤقت فقط، إذ يستمر التساقط لأقل من 6 أشهر وغالباً ما يستعيد الشعر امتلاءه الطبيعي عندما يبلغ الطفل عاماً واحداً من العمر.
ما علاج تساقط الشعر بعد الولادة؟
في الواقع، لا يمكن منع عملية تساقط الشعر بعد الولادة، فهي جزء طبيعي من عملية التعافي من الحمل، وللأسف لم يثبت حتى اليوم وجود علاج فعّال يمنع أو يبطئ تساقط الشعر الكربي، لكن ثمة مجموعة من النصائح التي قد تساعد على جعل الشعر يبدو أكثر صحة وكثافة مثل:
- بدايةً، إذا استمر تساقط الشعر بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الطفل عاماً واحداً وبدا أنّه لا ينمو مرة أخرى، فينبغي مناقشة الأمر مع الطبيب للتقصي عن وجود مشكلة صحية أخرى تسبب تساقط الشعر مثل فقر الدم أو أمراض الغدة الدرقية.
- الاعتماد على نظام غذائي صحي متوازن: إذ إن إدخال مجموعة متنوعة من الخضروات والفواكه والبروتينات الصحية في النظام الغذائي هو أفضل طريقة للتأكد من حصول الجسم على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها. بالإضافة إلى ذلك، ثمة مجموعة من الأطعمة التي قد تحسّن صحة الشعر مثل الخضر الورقية الداكنة الغنية بالحديد وفيتامين سي، والبطاطا الحلوة والجزر لمحتواها من البيتا كاروتين، والبيض لمحتواه من فيتامين د، والأسماك لمحتواها من أحماض أوميغا 3 والمغنيزيوم.
- تناول المكملات الغذائية كالفيتامينات: لا يجوز أن تكون الفيتامينات بديلاً عن النظام الغذائي المتنوع خصوصاً عندما تكون المرأة أمّاً جديدة ولديها طفل لتعتني به، لكن هذه الفيتامينات قد تعمل كمكمل غذائي في حال كان النظام الغذائي غير متوازن. وغالباً ما يُنصَح بمواصلة تناول فيتامينات ما قبل الولادة خاصةً في حالة الإرضاع الطبيعي.
- تجنب تعريض الشعر للحرارة المرتفعة: قد يؤدي تجفيف الشعر بمجفف الشعر أو تصفيفه باستخدام آلات تجعيد الشعر أو تسبيله إلى جعله يبدو خفيفاً ورقيقاً، لذلك يفضل الامتناع عن هذه الأدوات وترك الشعر يجف طبيعياً في الهواء ريثما تنتهي مرحلة التساقط. بالإضافة إلى ذلك، قد يسبب التمشيط الشديد أيضاً تساقط كتل أكبر من الشعر، لذلك قد يكون من الأفضل أن يُمشَّط بشكل ألطف مرة واحدة في اليوم.
- استخدام شامبو مكثّف للشعر: قد تضيف شامبوات ومنتجات تكثيف الشعر قواماً أفضل الشعر وتساعد في إعطائه مظهراً أكثر امتلاءً.
- تجنب استخدام الشامبو المرطب: إذ قد يحتوي على بعض المركبات التي قد تجعل الشعر يبدو رقيقاً وضعيفاً.
- استخدام البلسم المصمم للشعر الخفيف: إذ يحتوي على تركيبات أخف لن تثقل الشعر، وينبغي استخدام البلسم بشكل أساسي على أطراف الشعر وليس على فروة الرأس.
- تجربة تسريحة شعر جديدة: تجعل بعض القصّات الشعر يبدو أكثر امتلاءً، ويمكن لمصمم الشعر المتمرس أن يقترح بعض التصميمات المناسبة.
اقرأ أيضاً: هل كثرة نوم الحامل تضر بالجنين؟
الانتباه من عاصبة الشعر
تحدث عاصبة الشعر (Hair Tourniquet) عندما تلتف شعرة أو خصلة من الشعر حول أصبع من أصابع الطفل، سواء في يديه أو قدميه أو حتى حول الأعضاء التناسلية، وقد تلتف هذه الشعرة بإحكام شديد بحيث تقطع الدورة الدموية وتسبب الأذى. قد يزيد حدوث هذه الحالات عند الأطفال الصغار بسبب التساقط الكبير لشعر الأمهات في هذه المرحلة. لذلك وفي حال كان الطفل يبكي باستمرار دون أي سبب واضح، ينبغي البحث عن شعرة ملتفة حول أصبع القدم أو اليد أو أي جزء آخر من الجسم وإزالتها، أو اللجوء إلى المساعدة الطبية في حال عدم القدرة على إزالة الشعرة الملتفة بشدة.