في كثير من الحالات لا يتعدى الشرى، أو ما يُسمى بحساسية الأرتكاريا أكثر من كونه مشكلة مؤقتة يمكن تخفيفها باستخدام أدوية الحساسية أو قد تزول وتتراجع من تلقاء نفسها. ولكن بنفس الوقت، يترافق التحريض المتكرر للشرى مع حدوث رد فعل تحسسي شديد وما يترتب عليه من مخاوف طبية لتطوير حالات أكثر خطورة، فما هي أنماط الشرى وكيف تدبر هذه الحساسية؟
كيف يحدث الشرى؟
عادةً ما ينتج الشرى عن رد فعل تحسسي تجاه مادة معينة تمت ملامستها أو تناولها، تحرض هذه المادة السبل التحسسية في الجسم ويبدأ الجسم عندئذ بإفراز الهيستامين، وهو عبارة عن مادة كيميائية ينتجها الجسم في محاولة منه للدفاع عن نفسه ضد الأجسام الغريبة.
وبنفس الطريقة التي تتحرض بها معظم أنماط الحساسية الجلدية، كالتي تنجم عن التعرض لحبوب اللقاح أو الأدوية أو الطعام أو وبر الحيوانات أو لدغات الحشرات، يتسبب الهيستامين في حدوث تبدلات جلدية واضحة لحظة التماس مع المادة المحرضة، إذ يوسع الأوعية الدموية ويزيد من نفوذيتها ومن التدفق الدموي للجلد، ما يساعد في وصول باقي المواد الكيميائية المحرضة للالتهاب والتحسس مثل السيتوكينات، والتي بدورها تكون مسؤولة عن احمرار الجلد وتورمه وتحريض الشعور بالحكة.
يتميز الشرى عن باقي الأمراض التحسسية بأنه يتحرض أيضاً نتيجة عوامل لا تتعلق بالحساسية كالضغط والإجهاد والتعرق، يعتبر تنوع وتعدد أسباب تحريض الشرى ووجود العديد من المحفزات المحتملة، عقبة تجعل من تحديد السبب النوعي والفعلي لحدوث الشرى صعباً في كثير من الأحيان.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل للتعرف إلى كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية
ما هي صفات الطفح الجلدي المرافق للشرى؟
تعتبر الانتبارات دليلاً على الإصابة بالشرى، والانتبار هو توذم مرتفع قليلاً عن سطح الجلد، يكون أحمر أو وردي اللون وحاكاً وواضح الحدود، يظهر خلال مدة تتراوح بين 0.5-24 ساعة من التعرض للمحرضات.
وقد يكون الانتبار مشابهاً للون البشرة، وقد يظهر على شكل حلقات صغيرة ومستديرة أو كبيرة وذات حدود غير منتظمة. تظهر هذه الانتبارات على شكل أفواج متتالية على سطح الجلد بدءاً من أول نقطة تماس مع المادة المحرضة، أو في مناطق متعددة من الجسم في حال تم تناول المادة المحرضة أو عند التحرض بفعل عوامل غير تحسسية، وتتصف هذه الأفواج بأنها سريعة الانتشار كما يزداد حجمها ويتغير شكلها سريعاً كما يتحول لونها إلى الأبيض عند الضغط عليها.
أنواع الشرى
على الرغم من أن الآلية المرضية التي يحدث بها الشرى هي ذاتها، فإن تظاهرات أنواع الشرى تختلف باختلاف السبب وراء حدوثه.
الشرى التحسسي
وهو أشيع أنواع الشرى، والذي يحدث نتيجة التعرض لمادة مُحسسة لا تألفها الخلايا الذاكرة في الجهاز المناعي للجسم، ومن هذه المواد نذكر:
- الأطعمة وعلى رأسها المكسرات والحليب والبيض.
- وبر الحيوانات.
- حبوب اللقاح.
- الغبار.
- لدغات الحشرات ولسعاتها.
- الأدوية وعلى رأسها الصادات الحيوية وأدوية السرطان ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
عادةً ما تُعالج الحالات الخفيفة من الشرى التي تسببها الحساسية بالأدوية المضادة للحساسية قصيرة الأمد أو مديدة التأثير إضافةً إلى تجنب المادة المحرضة.
اقرأ أيضاً: ما هي حساسية السمك وما مسبباتها وطرق علاجها؟
الشرى الناجم عن الحساسية المفرطة
هذا النوع من الشرى مهدد للحياة ويترافق مع صعوبة في التنفس وغثيان وإقياء وتورم شديد ودوار، يتوجب على المرافق نقل المريض إلى الإسعاف لتقديم التدبير الصحيح بأسرع ما يمكن، وغالباً ما يُعالج هؤلاء المرضى بقلم الأدرينالين أو تسريب النورأدرينالين الوريدي.
الشرى المزمن
هو ظهور طفح الشرى بشكل متكرر وبدون أي سبب، حيث يبقى الطفح لمدة 6 أسابيع حتّى عدة أشهر وقد يمتد الأمر لسنوات. يتداخل هذا النمط من الشرى مع نمط الحياة حيث تعيق أعراضه المزعجة وتظاهراته الجلدية من ممارسة أبسط النشاطات اليومية، على الرغم من أن هذا النوع غير خطير ولا يُشكل تهديداً للحياة.
اقرأ أيضاً: حساسية الفول السوداني: كل ما يهمك معرفته حول هذه الحساسية المميتة
الشرى المرافق للأمراض
لمعظم الأمراض الهضمية والقلبية والرثوية تظاهرات جلدية، فأهمية طب الجلدية لا تقتصر على العناية بالبشرة وحسب، بل نستدل على حدوث طيف واسع من الأمراض من خلال معاينة تبدلات الجلد والشعر والأظافر، ومن الأمراض التي تتظاهر بطفح الشرى نذكر:
- الأمراض الهضمية كعدم تحمل اللاكتوز وحساسية الغلوتين.
- الذئبة الحمامية الجهازية.
- السكري من النمط الأول.
- التهاب المفاصل الرثوي.
- أمراض الغدة الدرقية.
- كتوبية الجلد (شرى يتظاهر مكان حك الجلد).
ويعتبر هذا النوع من الشرى خفيفاً، وعلى الرغم من أنه يظهر فجأة وبشكل حاد إلا أنه لا يلبث أن يتراجع.
الشرى الحروري
في بعض الأحيان، تؤدي تغيرات درجة الحرارة إلى حدوث الشرى عند الأشخاص ذوي الاستعداد التحسسي الصريح، ويحدث ذلك نتيجة التعرض للهواء أو الماء البارد أو الساخن.
كما يحدث جراء التعرق المفرط والذي يرافق العيش في المناطق الاستوائية ذات درجات الحرارة والرطوبة العالية وعند التعرض لأشعة الشمس المباشرة وأجهزة التسمير. ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ تتحرض بعض الأنماط نتيجة التعرق الناجم عن ممارسة الرياضة وخاصةً أن الإجهاد الشديد يعتبر عاملاً محرضاً آخر.
الشرى الناجم عن الإنتان
تحرض بعض الإنتانات حدوث الشرى الجلدي، إذ تُحدث الفيروسات والجراثيم المتهمة التهاباً في الشرايين والذي ينتشر ليصيب الشرايين والأوعية الجلدية. ومن أشيع الإنتانات الجرثومية المسؤولة عن الشرى إنتانات المسالك البولية والتهابات الحلق. ومن الإنتانات الفيروسية المُتهمة نذكر إنتان وحيدات النوى الخمجي والتهاب الكبد الفيروسي وفيروسات الإنفلونزا.
ما هي الخيارات العلاجية للشرى؟
الخطوة الأولى في الحصول على العلاج هي إثبات الإصابة، ويتم ذلك بمساعدة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك عن طريق إجراء فحص بدني شامل متضمناً القيام بكامل الاختبارات التحسسية في محاولة منه لتحديد العوامل المسؤولة.
اقرأ أيضاً: الربيع قادم بأمراضه التحسسية: كيف تأخذ الأدوية المضادة للحساسية بالطريقة الأمثل؟
يتضمن العلاج تجنب العوامل المحرضة بشكل مطلق، بالإضافة إلى الراحة أثناء حدوث الاندفاعات واستخدام الأدوية المضادة للتحسس، بالإضافة إلى الالتزام بمجموعة من القواعد وهي:
- تناول الأدوية المضادة للهيستامين مثل ديفينيل هيدرامين في الحالات الخفيفة أو استخدام الستيروئيدات القشرية السكرية أو الأدرينالين في الحالات الشديدة والمهددة للحياة.
- تجنب ترطيب الجلد الزائد أو تركه جافاً بشكل زائد قدر الإمكان.
- تجنب حك الجلد أو خدشه.
- تجنب الغسيل والاستحمام بالماء الساخن أو الماء شديد البرودة.
- استخدام ماء فاتر أثناء الاستحمام ويمكن إضافة دقيق الشوفان أو بيكربونات الصوديوم إلى ماء الاستحمام حيث تقلل هذه المواد من تهيج الجلد وحساسيته.