هل تؤدي الجينات دوراً في حدوث الأكزيما؟

هل تؤدي الجينات دوراً في حدوث الأكزيما؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Orawan Pattarawimonchai
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُصيب الأكزيما 1 من كل 5 أطفال و1 من كل 50 بالغاً، وهي حالة جلدية مزمنة يلتهب فيها الجلد ويجف ما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الحكة وما يرافقها من خدوش ناجمة عن حك الجلد. الشكلُ الأكثر شيوعاً للأكزيما هو “التهاب الجلد التأتبي”، إلا أن لها أنماطاً متعددة تشمل كلاً من الأكزيما التعرضية وأكزيما خلل التعرض والأكزيما الدهنية.

تبدأ الأكزيما بالظهور عادةً خلال مرحلة الرضاعة المبكرة أو الطفولة، ومع ذلك قد تتظاهر أعراضها لأول مرة في سن المراهقة، إذ لا يمكن التنبؤ بالوقت الذي تتفاعل فيه العوامل البيئية مع العوامل الوراثية مسببةً الأعراض التي تشبه أعراض الحساسية.

وعلى الرغم من أن العامل البيئي يؤدي الدور الأكبر في الإصابة على ما يبدو، فمن الواضح أن النوب تتحرض بمجرد حدوث التماس مع المواد المُحسسة، فإن العامل الوراثي لا يقل أهمية؛ حيث تزيد إصابة أحد الوالدين أو الأشقاء بالأكزيما من فرص الإصابة بالأكزيما إلى حدٍ كبير، وجاءت مجموعة من الدراسات التي بحثت في الاستعداد الوراثي للأكزيما والدور الذي تؤديه الجينات في الإصابة لتثبت صحة ذلك.

اقرأ أيضاً: الدليل الشامل للتعرف على كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية

ماذا تقول الدراسات عن العلاقة بين الأكزيما والعامل الوراثي؟

في دراسة نُشرت في دورية “المكتبة الوطنية للعلوم الطبية” الأميركية اهتمت بالبحث في نتائج تحليل الجينوم البشري، والتي ترأستها الطبيبة جوسلين بياجيني، وهي أخصائية في علوم الأوبئة الجزيئية وذات أبحاث عديدة في الأمراض التحسسية كالربو، تم التوصل إلى أن عدداً من الجينات المسؤولة عن تركيب الجلد ووظائفه كانت قد اختلفت بشكلٍ كبير عند الأشخاص المصابين بالأكزيما مقارنةً بالأصحاء. 

وبالوقت، نفسه تم كشف وجود تباين في بعض الجينات المسؤولة عن صحة الجهاز المناعي عند المصابين بالأكزيما، ما يُفسّر تبدل الاستجابات التحسسية والالتهابية للجلد بين صفوف المصابين، فما هذه الجينات؟

ما الجينات المسؤولة عن سلامة الجلد والتي يُصيبها الخلل عند مرضى الأكزيما؟

يوجّه جين يُدعى (FLG) الخلايا الجلدية لإنتاج بروتين يُدعى فلاغرين الذي يتمركز في الطبقة الخارجية للجلد أي في البشرة. 

وتم ربط طفرات هذا الجين مع زيادة حدوث الأكزيما التأتبية، إذ يعاني 20-30% من المصابين بالأكزيما التأتبية طفرة في جين (FLG)، والذي بدوره يؤدي إلى تراجع إنتاج الفلاغرين ما يؤدي إلى تراجع صحة البشرة ويزيد من خسارتها للماء وبالتالي جفافها.

جين آخر يوجّه الخلايا الجلدية لإنتاج البروتينات الضرورية لسلامة وصحة الجلد هو (SPINK5)، الذي تم ربط وجود طفراته في بعض الحالات بحدوث الأكزيما، إلا أن هذه النتيجة تتطلب المزيد من البحث لفهم آلية تأثير الطفرة في ظهور الأكزيما.

ماذا عن الجينات التي تُشفر لوظيفة الجهاز المناعي؟

هناك العديد من الجينات التي تُشفر للجهاز المناعي والتي ترتبط طفراتها بالإصابة بالأكزيما، وعلى رأس ذلك طفرات الجينات المسؤولة عن إنتاج الإنترلوكين 4 و5، حيث تعزز هذه الطفرات الالتهاب التحسسي وتكون مسؤولة عن انخفاض وظيفة حاجز الجلد وفاعلية استجابة الجهاز المناعي لمسببات الأمراض.

اقرأ أيضاً: دليلك الشامل للتعرف على مسببات حساسية الإبط وكيفية علاجها والوقاية من حدوثها

ومن الجينات الأخرى نذكر (CARD11) المسؤول عن تركيب بروتينات تسهم في تنظيم عمل الخلايا اللمفاوية، حيث وجد أن طفرات هذا الجين تؤدي إلى حدوث الأكزيما، ويعود ذلك لما يُسببه تثبط فاعلية الجين من حدوث ضعف في الخطوط المناعية وتراجع نوعية تصدي الخط الدفاعي اللمفاوي.

وأخيراً، تؤدي طفرات جين (KIF3A) دوراً في تطور الأكزيما، حيث يُشفر هذا الجين بروتيناً يسهم في نقل إشارات خلايا، وبذلك تُحدث طفرة جين (KIF3A) ضعف قدرة الجلد على الاحتفاظ برطوبته ما يؤدي لخسارة الماء عبر الجلد وحدوث الجفاف.

بصرف النظر عن علم الوراثة، ما الذي يسبب الأكزيما أيضاً؟

هناك العديد من الأسباب المحتملة المرتبطة بتطوير الأكزيما، وفي بعض الحالات تقف عدة أسباب مجتمعة وراء حدوث الأكزيما ما يزيد من شدة الإصابة، وعلى رأس هذه الأسباب نذكر:

  • التعرض لمستويات عالية من التوتر والضغط النفسي. 
  • تعرض الأم الحامل وجنينها لدخان السجائر في أثناء الحمل. 
  • أمراض المناعة الذاتية وما يرافقها من زيادة نشاط الجهاز المناعي.
  • أمراض نقص المناعة وما يرافقها من ضعف خطوط الدفاع المناعية.
  • اضطرابات الغدد الصم كما يحدث في فرط نشاط الدرق.
  • جفاف البشرة المزمن.
  • الأمراض التي تؤثّر على بروتينات الجسم والتي بدورها تؤدي إلى تراجع إنتاج بروتين الفيلاغرين.
  • التعرض لمواد مُهيجة مثل العطور ومواد التنظيف.

ما الذي يمكنك فعله للوقاية من حدوث الأكزيما؟

حجر أساس الوقاية من حدوث الأكزيما هو الحفاظ على ترطيب البشرة، وخاصة في ظل وجود بيئة جافة كما يحدث خلال فصلي الشتاء والخريف، ويساعد الحفاظ على الهواء رطباً داخل المنزل في تقليل شدة الأكزيما.

اقرأ أيضاً: ما الشكل الأكثر خطورة للحساسية؟ وما الإسعافات الأولية للحساسية المهددة للحياة؟

من جهة أخرى، يحتاج المصاب بالأكزيما إلى مراقبة المواد التي تُحفّز حساسيته، خاصةً بما يتعلق بالأدوات الشخصية والعطور والمستحضرات التجميلية والصابون وأقمشة ملابسه، وذلك لتحديد العوامل المحرضة وتجنبها قدر الإمكان.

ونظراً لمساهمة سوء الحالة النفسية في تحريض نوب الأكزيما، تساعد إدارة التوتر والقلق على تخفيض خطر حدوث نوب الأكزيما والحد من شدتها إلى حد كبير، وتشمل استراتيجيات إدارة التوتر كلاً من التأمل واليوغا والتنزه.

ختاماً، ولأن الأكزيما حالة مزمنة، يلجأ الكثيرون إلى طرق طبيعية بديلة لتدبيرها والوقاية منها مثل القيام بحمامات تبريد أو العلاج بالعسل الطبيعي أو الوخز بالإبر، بينما يلجأ البعض إلى اعتماد طرق العلاج التقليدية مثل تناول الستيروئيدات القشرية السكرية وتطبيق العلاجات الضوئية.