هل يمكنك تخيل أن تُصاب بشرتك بالتجاعيد العميقة والتصبغات الجلدية في عمر العشرين مثلاً؟ هذه واحدة من مخاطر التعرض المفرط لأشعة الشمس دون حماية. ومع ذلك، يروّج مؤثرون على بعض منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، لفكرة "حروق الشمس"؛ وهي الاحمرار الشديد للبشرة الذي يحدث بعد تعرضها للشمس فترة طويلة كوسيلة لتحسين صحة الجلد أو علاج حب الشباب على حد قولهم، وهو اتجاه يزداد انتشاراً عبر هذه المنصات.
من بين هؤلاء المؤثرين مَن يشجّع على الامتناع عن وضع المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، واستخدام مستحضرات منزلية الصنع بدلاً منها، ما يمكن أن يعرّض متابعيهم إلى مخاطر جسيمة، خصوصاً من الفئات العمرية الأصغر التي تعتمد على نحو كبير على وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً للمعلومات الصحية. فهل الامتناع عن وضع المستحضرات الواقية من أشعة الشمس يمكن أن يفيد البشرة حقاً أم أن هذه الظاهرة تمثّل خطراً على الصحة العامة؟
في هذا المقال، نستعرض هذه الظاهرة وأسباب امتناع البعض عن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، والآثار السلبية الممكنة لذلك، والأدلة العلمية وآراء الخبراء حول الأمر.
اقرأ أيضاً: كيف تحمي بشرتك وعينيك من أشعة الشمس؟
ما هي المستحضرات الواقية من أشعة الشمس؟
تحتوي المستحضرات الواقية من أشعة الشمس على مكونات تساعد على حماية الجلد من التأثيرات الضارة لأشعة الشمس فوق البنفسجية (UV). وتنقسم هذه الأشعة إلى نوعين رئيسيين؛ الأشعة فوق البنفسجية أ (UVA) والأشعة فوق البنفسجية ب (UVB). تسهم الأولى في ظهور علامات الشيخوخة المبكرة والتجاعيد، بينما تُعدّ الثانية السبب الرئيسي في حدوث الحروق الشمسية، وتؤدي دوراً في تطور سرطان الجلد. تقول أخصائية الجلدية والتجميل والليزر، أسماء أسامة في تصريحها لـ «بوبيولار ساينس»، إنه يمكن تصنيف المستحضرات الواقية من أشعة الشمس لنوعين؛ المستحضرات الكيميائية، وتعمل على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية وتحويلها إلى حرارة، بمعنى أنها تمتصها داخل الجلد، ثم تحوّلها إلى حرارة تخرج من الجسم، والنوع الثاني هو المستحضرات الفيزيائية، وتتميز بأنها لا تحتوي على أي مواد عضوية، وتعمل هذه الأنواع على حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية دون امتصاصها.
لماذا يختار بعض الأشخاص الامتناع عن وضع المستحضرات الواقية من أشعة الشمس؟
تتراوح الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يختارون الامتناع عن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس ما بين مخاوف صحية أو رغبة في العودة إلى الطبيعة. تتضمن بعض هذه الأسباب:
- المكونات الكيميائية: يشعر بعض الناس بالقلق من التأثيرات الضارة المحتملة لبعض المكونات الكيميائية الموجودة في المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، مثل الأوكسيبنزون Oxybenzone والأفوبنزون avobenzone. ووفقاً لدراسة نشرتها دورية جاما "JAMA"، كشف الباحثون عن أن بعض المكونات الكيميائية يمكن أن تمتصها البشرة وتصل إلى مجرى الدم. لكن تشير أسامة إلى أن المواد الكيميائية الموجودة في واقيات الشمس آمنة على البشرة ولا تسبب ضرراً، لكن قد تحتوي واقيات الشمس الكيميائية على بعض المواد العضوية المضافة، مثل الكربون. لذلك، تنصح باختيار واقيات الشمس التي لا تحتوي على مواد عضوية. وتوضّح أسامة أن واقيات الشمس الفيزيائية أكثر أماناً، وتتكون من أوكسيد الزنك zinc oxide وثاني أوكسيد التيتانيوم titanium dioxide فقط، لكن عند دهنها، قد يظهر لونها أبيض قليلاً، كذلك لا تُناسب الاستخدام فترات طويلة أو في الأماكن التي تحتوي على الماء، لأن واقيات الشمس الكيميائية أكثر مقاومة للماء.
- التحسس: إذ قد يعاني بعض الأشخاص حساسية تجاه بعض مكونات المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، ما يدفعهم إلى البحث عن بدائل، مثل بعض الزيوت الطبيعية، ومنها زيت جوز الهند، أو الامتناع تماماً عن استخدام هذه المستحضرات. لكن تؤكد أسامة أن استخدام الزيوت الطبيعية والكريمات المرطبة وما إلى ذلك، لا يغني عن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس.
- الثقافة: يشير الداعون إلى الامتناع عن وضع المستحضرات الواقية من أشعة الشمس إلى الفوائد المحتملة للتعرض إلى أشعة الشمس دون حماية، مثل زيادة إنتاج فيتامين د، لكن لا توجد أدلة كافية على أن استخدام المستحضرات الواقية يقلل إنتاج فيتامين د. ومع ذلك، توصي المؤسسات الصحية العالمية بالتوازن، حيث يمكن الحصول على فيتامين د من التعرض المعتدل إلى الشمس دون الحاجة للتعرض إلى أشعة الشمس الضارة.
اقرأ أيضاً: كل ما تحتاج إلى معرفته عن كريمات الوقاية من الشمس منزلية الصنع
الآثار السلبية للامتناع عن استخدام واقي الشمس
قد يؤدي الامتناع عن وضع واقي الشمس إلى تداعيات خطيرة على الصحة، ومن أبرز هذه المخاطر:
- زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد: إذ قد يزيد التعرض المفرط إلى الأشعة فوق البنفسجية خطر الإصابة بسرطان الجلد. فبحسب دراسة نشرتها دورية علم الأورام السريري "Journal of Clinical Oncology"، يقلل استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس بانتظام خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة تصل إلى 40%.
- شيخوخة مبكرة للبشرة: تعرُّض البشرة المستمر والمفرط إلى الأشعة فوق البنفسجية يؤدي إلى التشيخ الضوئي، وهي عملية تتسارع فيها علامات الشيخوخة مثل التجاعيد، والتصبغات الجلدية. لكن بحسب دراسة نشرتها دورية الأمراض الجلدية الاستقصائية "Journal of Investigative Dermatology"، يمكن لاستخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس أن يقلل هذه التأثيرات .
- الحروق الشمسية: تزداد مخاطر تعرض البشرة إلى الإصابة بالحروق الشمسية عند الامتناع عن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، هذه الحروق ليست مؤلمة وحسب، بل قد تؤدي إلى تلف دائم في الجلد، وتزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد.
ما تقوله الأدلة العلمية
تؤكد أسامة أنه عند تقييم فوائد المستحضرات الواقية من أشعة الشمس ومقارنتها بالسلبيات، فلا شك في أنها لا تُذكر مقارنة بفوائدها، إذا ما تم اختيارها بطريقة صحيحة، وفقاً لنوع كل بشرة.
فاستخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس يُعدّ من أكثر الطرق فاعلية لحماية البشرة من الأضرار الناتجة عن التعرض إلى الشمس. لذلك، تعدها منظمة الصحة العالمية (WHO)، جزءاً أساسياً في استراتيجية الحماية من الشمس، وتنصح باتباع النصائح الإضافية التالية خاصة في أوقات الذروة، عندما تكون الأشعة فوق البنفسجية في ذروتها.
- ارتداء الملابس التي تغطي الجسم: ارتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة، والقبعات الواسعة يقلل إلى حدٍّ ما تأثير الشمس، لكن توضّح أسامة أنها ليست فعّالة بقدر المستحضرات الواقية نفسه، ولا تُعدّ بديلاً عنها، ويجب استخدام هذه المستحضرات في الفترة بين 10 صباحاً و4 عصراً.
- البقاء في الظل: تجنُّب التعرض المباشر إلى الشمس، خاصة خلال ساعات الذروة، يُعدّ أحد أفضل الطرق للحماية من الأشعة الضارة.
اقرأ أيضاً: كيف تعالج حروق الشمس بمواد بسيطة موجودة في المنزل؟
قد تكون هناك مخاوف مشروعة بشأن بعض المكونات الكيميائية في المستحضرات الواقية من أشعة الشمس، لكن لا تقلل هذه المخاوف من أهمية الحماية التي توفّرها هذه المستحضرات للبشرة. ومن الضروري أن يعتمد الأشخاص على مصادر موثوقة وأن يتبعوا الإرشادات الصحية المناسبة بشأن استخدام المستحضرات الواقية من أشعة الشمس.