هل يسبب داء الجيارديات فقدان الوزن؟

بالنسبة للبعض ممن نجحوا أخيراً بفقدان الوزن على المدى الطويل، قد يكون الأمر مدعاة للفرح بالنسبة لهم. ولكن أولئك الذين يفقدون بضعة كيلوغرامات في وقت قصير جداً دون القيام بأي شيء، فقد تكون تلك علامة تحذير وتنبيه بضرورة زيارة الطبيب بأقصى سرعة. فهل الإصابة بداء الجيارديات هي أحد مسببات فقدان الوزن والنحافة المفاجئة، والتي قد تستدعي تدخلاً طبياً؟ لنرى ما يقوله العلم.

داء الجيارديات

داء الجيارديات هو مرض معوي، ينتج عن طفيلي مجهري يدعى جيارديا لامبليا (Giardia lamblia). ينتمي طفيلي الجيارديا المعوية إلى مملكة الحيوان، وهو أكبر بكثير من البكتيريا. يوجد في شكلين:

نشط (trophozoite): بحيث يمكنه أن يعلق نفسه على بطانة الأمعاء الدقيقة عند الإنسان، ويمنع امتصاص الجسم للدهون والكربوهيدرات من الأطعمة المهضومة.
نائم (كيسات): يخرج مع البراز.

ينتشر المرض في جميع أنحاء العالم، لكنه أكثر شيوعاً في البلدان النامية والفقيرة، والتي تعاني من سوء الصرف الصحي، لأن طفيلي الجيارديا يفضل العيش في المياه الملوثة.

مصادر التلوث بطفيلي الجيارديا

خلال دورة حياة طفيلي الجيارديا يشكل كيسات أو خراجات، تخرج مع براز الأشخاص أو الحيوان المصاب، وبالتالي أي شيء يلامسها يمكن أن يصبح سبباً للعدوى، وهذا يتضمن:

مياه الشرب الملوثة بأكياس الجيارديا، وبشكل رئيسي نتيجة ملامستها لمياه الصرف الصحي.
تناول الفاكهة أو الخضروات غير المطهية، والتي تم غسلها بمياه ملوثة، أو تسميد تربتها باستخدام الأسمدة الملوثة.
لمس البراز أو الحفاضات أو أي شيء ملوث بالبراز، ثم عدم غسل اليدين بما يكفي.
الاتصال المباشر بشخص أو حيوان مصاب، ثم عدم غسل اليدين بالشكل المناسب.

كما يمكن لطفيلي الجيارديا البقاء على قيد الحياة في الماء البارد المكلور لمدة تصل إلى شهرين، وقد حدثت فاشيات في إمدادات المياه البلدية.

أعراض داء الجيارديات

غالباً ما تتراوح فترة الحضانة، وهي الفترة ما بين الإصابة بالعدوى وظهور المرض، ما بين 7-10 أيام، وقد تصل في بعض الحالات إلى نحو 25 يوماً. في بداية المرض، يصاب المريض غالباً بالإسهال المائي الشديد، ويشكو المصابون من الأعراض التالية لداء الجيارديات:

آلام في البطن.
انتفاخ وتقلصات في البطن.
الغثيان.
البراز الدهني.
التعب.
الغازات المفرطة.
فقدان الشهية.

اقرأ ايضاً: كل ما تود معرفته عن «إسهال المسافرين»

مضاعفات داء الجيارديات

تستمر الأعراض عادة ما بين 2- 4 أسابيع، ويتعافى العديد من الأشخاص دون علاج، لكن البعض الآخر قد تستمر إصابته بالإسهال لأسابيع أو شهور، ما ينتج عنه:

براز رخو.
سوء امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء، مثل الدهون واللاكتوز وفيتامين أ وفيتامين ب 12.
حمى.
التهاب المفاصل التفاعلي.
متلازمة القولون العصبي.
تطور مؤقت لحساسية اللاكتوز.
تأخر النمو البدني والعقلي عند الأطفال.

غالباً ما تنحسر العدوى الحادة في غضون 2-6 أسابيع. ومع ذلك، يحمل العديد من المرضى الطفيليات لفترة طويلة دون ظهور أي أعراض، مشكلين خطراً للإصابة بالعدوى للآخرين، خاصة عندما لا يدركون أنهم مصابون.

هل تسبب الجيارديا فقدان الوزن؟

على الرغم من أن فقدان الوزن لا يُدرج عادةً كأحد الأعراض الشائعة لداء الجيارديا، فإنه قد يكون أحد الآثار الجانبية المحتملة للعدوى وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (Centers for Disease Control and Prevention).

على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة العدوى في البلدان النامية (The Journal of Infection in Developing Countries)، أن الأطفال المصابين بالجيارديا يكون وزنهم أقل بشكل ملحوظ مقارنة بالأطفال غير المصابين من الفئة العمرية نفسها. ووجدت الدراسة أيضاً أن فقدان الوزن كان أكثر شيوعاً عند الأطفال المصابين بداء الجيارديات الحاد مقارنةً بالأطفال المصابين بعدوى خفيفة أو متوسطة.

وجدت دراسة أخرى نشرت في مجلة أمراض الجهاز الهضمي والتغذية لدى الأطفال (Journal of Pediatric Gastroenterology & Nutrition) أن الجيارديا مرتبط بانخفاض تناول الطعام وسوء امتصاص العناصر الغذائية، ما قد يسهم في إنقاص الوزن.

من المهم ملاحظة أن فقدان الوزن يمكن أن يكون ناتجاً عن العديد من العوامل الأخرى غير الجيارديات، مثل التغييرات في النظام الغذائي أو عادات التمرين، أو الآثار الجانبية للأدوية، والتي قد ترافق المصاب خلال العدوى. إذا كنت تعاني من فقدان الوزن غير المبرر أو أعراض أخرى لأمراض الجهاز الهضمي، فمن المهم استشارة مقدم الرعاية الصحية للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين.