هل يمكن حقاً تغيير لون العينين جراحياً بأمان؟

5 دقيقة
هل يمكن حقاً تغيير لون العينين جراحياً بأمان؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/New Africa

ملخص: لقد أثّرت وسائل التواصل الاجتماعي في المعايير والجماليات المجتمعية، مثل لون العيون، ما دفع البعض إلى السعي إلى تغيير لون العينين بشكلٍ دائم. يتحكم في لون العيون أكثر من 50 جيناً، من حيث إنتاجها للصبغات مثل الميلانين والفيوميلانين والإيوميلانين، التي قد تمتزج لتمنح العيون لونها الفريد. تتوفر إجراءات لتغيير لون العين الدائم، لكنها محفوفة بالمخاطر. وتشمل أولاً تصبغ القرنية (وشم القرنية)، ويتضمن الإجراء حقن صبغة في القرنية وهي الجزء الشفاف الذي يعلو القزحية، ومن مخاطره تلف القرنية والحساسية للضوء والالتهابات. ثانياً، إزالة التصبغ بالليزر، وفيه يستخدم المختص الليزر لإزالة الميلانين، وكشف الألوان الأساسية. تشمل المخاطر المحتملة التهاب العنبية وحساسية الضوء والنتائج غير المتوقعة. ثالثاً، جراحة زرع القزحية، أي استبدال القزحية الطبيعية بقزحية اصطناعية من السيلكون، وهي عمل جراحي خطير قد يسبب فقدان البصر والزرق (الغلوكوما) وإعتام عدسة العين والالتهاب.

مع آلاف من الصور والقصص والأخبار، وساعات من التصفح، تمكّنت وسائل التواصل الاجتماعي من فرض معايير مجتمعية وجماليات مثالية جديدة، دفعت الناس إلى إعادة تقييم مظهرهم سلباً، بما في ذلك لون العينين. وفي حين توفّر العدسات اللاصقة حلاً مؤقتاً لتغيير لون العيون، فإن البعض يسعى إلى خيارات أكثر ديمومة. فما هي الإجراءات الشائعة المتاحة لتغيير لون العيون؟ وما مدى أمانها؟ وقبل ذلك، كيف تكتسب العيون لونها؟

اقرأ أيضاً: هل يرتبط لون العيون بقدراتنا البصرية؟

كيف تكتسب العيون لونها؟

لون العيون هو سمة وراثية تحددها جينات من الأب والأم، وتتحكم بها عملية معقدة، تتأثر بأكثر من 50 جيناً، ما يجعل من الصعب التنبؤ أو التحكم بها. عموماً الذي يحدد لون قزحية العين (الجزء الملون من العين) ما إذا كان بنياً أو عسلياً أو أخضر أو رمادياً أو أزرق أو مجموعة متنوعة من هذه الألوان، هو مزيج من الصبغات، وهي:

  • الميلانين هو صبغة صفراء-بنية تحدد أيضاً لون البشرة.
  • الفيوميلانين هو صبغة برتقالية حمراء مسؤولة عن اللون الأحمر، وتحدد أيضاً الشعر الأحمر. توجد هذه الصبغة غالباً لدى الأشخاص ذوي العيون الخضراء والعسلية.
  • اليوميلانين هو صبغة سوداء-بنية توجد بكثرة في العيون الداكنة، وهي تحدد مدى شدة اللون.

على سبيل المثال، تحتوي العيون البنية على الميلانين بكمية أكبر من العيون الخضراء أو العسلية، وتحتوي العيون الزرقاء على القليل جداً من الميلانين، علاوة على ذلك فإنها تشتت الضوء بحيث تعكس الضوء الأزرق مرة أخرى، بأسلوب مماثل للطريقة التي نرى بها لون السماء، أما غياب الميلانين تماماً فهو حالة تُعرف بمهق العيون وتسبب لون العيون الشاحب.

كيف يمكن تغيير لون العيون بشكل دائم؟

من المهم أن تدرك أن تغيير لون العيون الدائم عملية ممكنة ولكنها محفوفة بالمخاطر، ومن الضروري استشارة طبيب عيون مؤهل لفهم المخاطر والفوائد المحتملة، قبل التفكير في أي إجراء لتغيير لون العين.

ومن الإجراءات الشائعة لتغيير لون العيون:

1. تصبغ القرنية (وشم القرنية)

القرنية هي الطبقة الشفافة فوق القزحية، ويظهر لون القزحية من خلالها. تتضمن عملية صبغ القرنية، والتي تُعرف بـ "وشم القرنية" الخطوات التالية:

  • تخدير العين بمخدر موضعي (قطرات).
  • حفر أنفاق دائرية ضمن القرنية وليس القزحية، باستخدام الليزر.
  • حقن الصبغة الملونة في الأنفاق، بما يضمن توزيع اللون بالتساوي.

يستمر الإجراء نحو 45 دقيقة، بينما تمتد مرحلة التعافي إلى نحو 1-3 أيام، يعاني فيها الفرد حساسية للضوء الساطع وقد يحتاج إلى ارتداء نظارة شمسية.

أشار طبيب العيون عبد العزيز إبراهيم الراجحي، إلى أن هذه الطريقة لا تغيّر لون القزحية ولكنها تُضيف لوناً إلى القرنية لإخفاء اللون الطبيعي للقزحية، وعادة ما تُجرى لمَن لديه ندبات في القرنية أو عيوب في شكل القزحية بحيث يحجب الوشم الأماكن المفقودة منها، وعموماً لا ينصح الراجحي بهذا الإجراء لتغيير  لون العيون.

وأفادت المراجعة المنشورة في دورية العين (Eye)، بأن هذه التقنية كانت تستخدم سابقاً الإبر عوضاً عن الليزر لعلاج مشكلات وظيفية في العين، وإدارة الخلل البصري المتوسط ​​إلى الشديد بسبب عيوب القزحية، مثل:

  • غياب القزحية "أنيريديا" (Aniridia) أو ضمورها.
  • ثلم القزحية، هي حالة تتميز بوجود ثغرة أو نقص في نسيج القزحية، وذلك بهدف تقليل تشتت الضوء ولحالات الحساسية للضوء.
  • ازدواجية الرؤية.

ومع ذلك، فإن التقنية الحديثة باستخدام الليزر توفّر توزيعاً متجانساً للألوان مقارنة بتقنيات "وخز الإبرة" القديمة.

اقرأ أيضاً: ما سبب اختلاف لون العين لدى البشر؟

مخاطر تقنية وشم القرنية

حذّرت الأكاديمية الأميركية لطب العيون (American Academy of Ophthalmology)، من بعض المخاطر المرتبطة بتقنية وشم القرنية لتغيير لون العين، وتتضمن:

  • أضرار في القرنية، بما فيه الغشاوة وتسرّب السوائل وفقدان الرؤية.
  • الحساسية للضوء، بسبب الانكسار غير الطبيعي للضوء عند ارتداده عن الحواف المعتمة للقرنية المعالجة.
  • التفاعل مع الصبغة، ما قد يؤدي إلى حالة تُعرف بالتهاب العنبية، وهي التهاب الطبقة الوسطى من العين، أو تكوين أوعية دموية جديدة في القرنية.
  • عدوى العين البكتيرية أو الفطرية، والتي قد ينجم عنها تندب القرنية وفقدان الرؤية.
  • لون العين غير المتناسق، بسبب التوزيع غير المتساوي للصبغة.
  • شحوب لون العين بسبب تسرب الصبغة إلى القرنية.

اقرأ أيضاً: دليلك الشامل للتعرف إلى الفرق بين الماء الأزرق والأبيض في العين وكيفية علاج كل منهما

2. إزالة التصبغ بالليزر

على عكس الطريقة السابقة، يتضمن هذا الإجراء لتغيير لون العيون إزالة صبغة القزحية بالليزر، وهو إجراء يُعرف باسم تجميل القزحية، ويستخدم ليزراً منخفض الطاقة يستهدف الخلايا التي تنتج الميلانين لإزالة الصبغة من العين، ما يحوّل العيون البنية إلى زرقاء أو خضراء (يكشف اللون الموجود أسفلها).

لا يحدث تغير في لون العين بعد إزالة الصبغة بالليزر على الفور. فقد يستغرق الأمر ما يصل إلى أربعة أسابيع حتى يمتص الجسم الطبقة البنية مرة أخرى ويكشف بالكامل عن اللون الأزرق أو الأخضر الأساسي.

إنه إجراء غير مؤلم، ويحتاج إلى عدة جلسات، وقد تستغرق فترة التعافي نحو 4 أسابيع، حتى يمتص الجسم الطبقة البنية ويكشف عن اللون الأساسي للعين.

مخاطر تقنية إزالة التصبغ بالليزر

على الرغم من أن إزالة التصبغ هي إجراء غير جراحي، لكن لم توافق بعد عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، ويعتبره العديد من المتخصصين في صحة العيون محفوفاً بالمخاطر مثل:

  • التهاب القزحية، والذي عادة ما يكون خفيفاً وقصير الأمد.
  • الحساسية للضوء، بسبب الاتساع المؤقت في حدقة العين.
  • لون العين غير المرغوب فيه، إذ لا يمكن تحديد ما هو اللون الذي سيظهر إلّا بعد إزالة الطبقة البنية الغامقة اللون.

يُمنع استخدام إزالة التصبغ بالليزر للأشخاص المصابين بالجلوكوما.

3. جراحة زراعة القزحية

تتضمن جراحة زراعة القزحية استبدال القزحية الطبيعية بقزحية صناعية. كان أول استخدام لهذه التقنية عام 1956 لأسباب طبية، مثل تصحيح القزحية التالفة أو عيوب القزحية الناجمة عن عدوى أو إصابة أو عيوب خلقية مثل المهق العيني. ومع ذلك، يمكن للأشخاص الذين يرغبون في تغيير لون عيونهم، اللجوء لهذا الإجراء أيضاً.

يشرح المتحدث الرسمي باسم الأكاديمية الأميركية لطب العيون، طبيب العيون جيمس تساي (James Tsai)، حول خطوات جراحة زراعة القرنية:

  1. التخدير الموضعي.
  2. إجراء شق صغير في القرنية.
  3. طي قزحية اصطناعية مصنوعة من السيليكون.
  4. إدخال القزحية الاصطناعية في الشق.
  5. فتح القزحية وتعديلها لتغطية القزحية الطبيعية.

تتراوح مدة التعافي ما بين 2-8 أسابيع، وقد يعاني المريض خلال الأسبوع الأول منها حكة في العين والحساسية للضوء والعيون الدامعة والرؤية الضبابية.

مخاطر زراعة القزحية

عموماً، غالباً ما تكون المضاعفات أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يلجؤون لزرع القزحية لأغراض تجميلية، أي لديهم قزحية طبيعية، مقارنة بمَن يعانون مشكلات وظيفية أو عيوباً خلقية في القزحية. ومن مخاطرها:

  • ضعف الرؤية أو العمى.
  • الإصابة بالغلوكوما، بسبب ارتفاع ضغط العين.
  • إعتام عدسة العين.
  • إصابة القرنية الشفافة، والتي تعمل على تركيز الضوء، ما قد يجعل الرؤية غير واضحة، وفي حالات أشد خطورة قد تكون هناك حاجة إلى عملية زرع القرنية.
  • التهاب القزحية أو المناطق المحيطة بها، ما يؤدي إلى الألم وعدم وضوح الرؤية والدموع.

عندما تحدث مضاعفات، غالباً ما يتعين إزالة الغرسات من خلال عملية جراحية إضافية، والتي تحمل في طياتها مخاطر إتلاف العين. في إحدى الدراسات، احتاج تسعة من أصل 14 مريضاً إلى إزالة الغرسات الخاصة بهم.

المحتوى محمي