هل تكفي عطسة واحدة من شخصٍ مصابٍ لتسبب إصابة من في مواجهته أو بالقرب منه بالمرض؟ أي هل هي بالفعل كافية لأن تنقل عدوى بالإنفلونزا أو كوفيد-19 وغيرها من الأمراض القابلة للانتشار عبر الهواء، أم إنها لن تُحدث ذلك بسبب مرة واحدة؟ إليك ما يقوله العلم.
اقرأ أيضاً: هل من الممكن أن نعطس في أثناء النوم؟
هل تكفي عطسة واحدة لإصابتك بالمرض؟
الجواب ليس مطلقاً في هذه الحالة، فهناك عدة عوامل تدخل في الاعتبار لحدوث العدوى؛ منها انتشار الرذاذ من شخص مريض واستنشاقه من قبل شخص سليم، وعدم قدرة الجهاز المناعي للشخص السليم على التصدي للعدوى بفيروس أو بكتيريا موجودة في الرذاذ المستنشَق. فاحتمال الإصابة بالعدوى بعد التعرض لعطسة واحدة هو ممكن بالفعل، لكن بشرط أن يكون الشخص الذي استنشق الرذاذ المعدي ذا مناعة ضعيفة، وأن تكون جرعة الفيروسات كافية للتضاعف وإحداث العدوى والتغلب على مناعة المضيف.
هناك أيضاً طريقة غير مباشرة يمكن للعطاس بها أن يسبب العدوى، وهي نشر الفيروس على الأسطح، إذ يمكن لبعض الفيروسات أن تبقى فاعلة عدة ساعات، ما يعني أن العطاس قد سبب العدوى بطريقة أخرى غير انتشارها في الجو، وبالإضافة لما سبق، يمكن للزفير العادي أن ينشر الفيروس المعدي في الجو حتى دون السعال والعطاس.
هل ينفعك حبس أنفاسك عندما يعطس شخص مريض بالقرب منك لتتفادى العدوى؟
لا يعد ذلك مفيداً، فالرذاذ قد يبقى معلقاً في الهواء بالغرف المغلقة دقائق أو ساعات، ما يعني أنك سوف تستنشق الرذاذ عاجلاً أم آجلاً، بالإضافة لذلك حتى لو ابتعدت عن موقع العطاس، سيكون الرذاذ الممتلئ بالفيروسات المعدية قد علق على ملابسك التي قد تلمسها لاحقاً، ومن ثم تلمس عينيك أو فمك.
اقرأ أيضاً: كيف تحمي نفسك من الأمراض في التجمعات الكبيرة مثل أولمبياد باريس؟
كيف يحدث العطاس؟
يحدث العطاس عندما يتحفز "مركز العطاس" الموجود في الجزء السفلي من جذع الدماغ، حيث يرسل إشارة لإغلاق الحلق والعينين والفم بإحكام، وانقباض عضلات الصدر والضغط على الرئتين بالترافق مع ارتخاء عضلات الحلق، ثم يندفع الهواء بقوة وعلى نحو مفاجئ مع اللعاب والمخاط إلى خارج الأنف والفم، وتنتج عملية العطاس ما يصل إلى 40 ألف قطرة رذاذ، وبعضها ينطلق بسرعة تزيد على 160 كيلومتراً في الساعة، ويكون حجم معظم القطرات أقل من 100 ميكرون (تقريباً مقدار عرض شعرة الإنسان)، وهناك قطرات صغيرة لدرجة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
تسقط أغلب القطرات الأكبر حجماً والأثقل وزناً بسرعة على الأرض تحت تأثير الجاذبية، أما الجزيئات الأصغر والأخف وزناً، مثل تلك التي يبلغ قطرها 5 ميكرونات أو أقل، فهي أقل تأثراً بالجاذبية ويمكنها أن تبقى معلقة في الهواء لعدة ساعات، حيث تنتشر عبر تدفق الهواء في الغرفة أو في البيئة، ومن الممكن أن تصل المسافة التي يقطعها رذاذ العطاس إلى نحو 9 أمتار.
قد تسبب الحركة في الغرفة انتقال القطرات الثقيلة إلى الهواء مرة أخرى بعد سقوطها على الأرض أو على سطح آخر مثل قبضة الباب أو الطاولة، ومن الممكن أن يؤدي فتح الباب إلى تغيير تدفق الهواء في الغرفة بدرجة كبيرة وانتشار الفيروسات، وحتى المشي في الغرفة قد يؤدي إلى إعادة انتشار القطرات. قد تحتوي قطرات الرذاذ عند سعال المرضى على عدد يصل إلى 200 مليون جزيء فيروسي في المرة الواحدة، ويختلف العدد تبعاً لشدة العدوى وقوة الجهاز المناعي للمريض ومرحلة المرض. يكون المريض عادة أكثر قابلية لنقل العدوى عند ظهور الأعراض الأولى، وتقل قدرته على نقل العوامل الممرضة بعد عمل الجهاز المناعي وقضائه على الفيروس.
اقرأ أيضاً: هل الطائرات مليئة فعلاً بالجراثيم المسببة للأمراض؟
ما هي فائدة العطاس؟
يعد العطاس آلية يستخدمها الجسم لتنظيف الأنف والسبيل التنفسي العلوي، حيث يدفع العطاس الماء والمخاط والهواء من الأنف بقوة كبيرة لتنظيفه وفتح الطرق التنفسية المسدودة. يحدث العطاس عند استنشاق جزيئات غريبة أو مهيجات أو جراثيم، إذ توجَّه أجهزة الاستشعار الموجودة في الأنف الأهداب لطرد المهيجات من خلال تحركها وجرفها للجزيئات نحو الخارج أو نحو الحلق ومنها للأمعاء. عندما لا تُطرد المواد المهيجة مثل حبوب اللقاح أو الغبار من الجسم من خلال هذه الآلية، يحفز الأنف منعكس العطاس في الجهاز العصبي فيطردها بطريقة مباشرة وقوية.
هل يجب كتم العطاس لتفادي انتشار العدوى؟
يجب عدم كتم العطاس، فالعطاس جزء من آليات الجسم للدفاع عن نفسه ضد الأجسام الغريبة، وقد يؤدي حبس العطاس في حالات نادرة إلى تمزق بعض الأوعية الدموية في العين، أو تمدد الأوعية الدموية في الدماغ، أو تمزق طبلة الأذن أو حدوث مشكلات في الحجاب الحاجز، ومن الممكن أن يحدث كسر في الأضلاع عند كبار السن. لذا تعد تغطية الفم عند العطاس بمنديل أو بالمرفق وسيلة أكثر أماناً على الشخص الذي يعطس، وعلى الآخرين حوله.
كيف يمكن تقليل احتمالات نشر العدوى بالعطاس؟
يمكن تقليل احتمال نشر العدوى بسبب العطاس أو الرذاذ الناجم عنه باتباع خطوات بسيطة:
- استخدام منديل لتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطاس.
- استخدام الِمرفق للسعال أو العطاس في حال عدم توفر منديل، ومن المهم عدم العطاس في اليدين مباشرة أو في الهواء الطلق.
- إبعاد الوجه عن الأشخاص عند العطاس.
- وضع المناديل المستعملة عند العطاس في سلة المهملات على الفور.
- غسل اليدين بالماء والصابون أو استخدام مطهر لليدين يحتوي على الكحول بنسبة 60-95% على الأقل بعد السعال أو العطاس.
- عدم لمس الفم أو الأنف أو العينين بأيدٍ غير مغسولة.
- تطهير الأسطح التي تعرضت للسعال أو العطاس، أو التي لمسها شخص مريض.
- الامتناع عن المصافحة أو التقبيل أو العناق، وتجنب الاحتكاك مع الآخرين في حال مرضك أو مرضهم.
- البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتقليل خطر نشر العدوى لزملائك في العمل، وأخذ قسط من الراحة للتعافي.
اقرأ أيضاً: ما أسباب السعال؟ وكيف تتصرف إذا أصابتك نوبة سعال شديدة؟
يشارك استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي والطبقي في الرياض، الدكتور خالد النمر، منشوراً عبر حسابه على منصة إكس، يتحدث فيه عن ضرورة الابتعاد عن الزحام لتجنب المرض، فالزفير يحتوي عشرات الجزيئات من الرذاذ المحمل بآلاف الوحدات الفيروسية، بينما العطاس ينشر مئات الآلاف من جزيئات الرذاذ الموبوء بالملايين من الفيروسات.
رجاءً ممن يعاني الانفلونزا أو الزكام أن يبتعد قدر الإمكان عن أماكن تجمع الناس: مساجد،اسواق،مدارس لتقليل إنتشار الفيروس لأن مريض الإنفلونزا ينشر الفيروس حوله ١٨٠ سم بمجرد التنفس العادي... اما في حالة العطاس فينشره لمسافةٍ أبعد وكميةِ رذاذٍ أكبر ب ٥٠٠ ضعف !! شاهد على إكس
— الدكتور خالد النمر (@ALNEMERK) November 3, 2023